منتدى حكماء رحماء الطبى

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

    من الشيخ مصطفى العزيزي الى الوزير عبد الله الكبورلي

    avatar
    حكماء
    Admin


    عدد المساهمات : 2700
    تاريخ التسجيل : 30/12/2013

    من الشيخ مصطفى العزيزي الى الوزير عبد الله الكبورلي Empty من الشيخ مصطفى العزيزي الى الوزير عبد الله الكبورلي

    مُساهمة من طرف حكماء الخميس 22 فبراير 2018 - 3:30

    من الشيخ مصطفى العزيزي الى الوزير عبد الله الكبورلي Tarek411

    بّسم الله الرّحمن الرّحيم
    مكتبة التاريخ
    عجائب الآثار
    الجزء الأول
    من الشيخ مصطفى العزيزي الى الوزير عبد الله الكبورلي 1410
    { الفصل الثاني }
    في ذكر حوادث مصر وولاتها وتراجم اعيانها
    ووفياتهم ابتداء من ظهور امر الفقارية

    ومات الامام العلامة والبحر الفهامة شيخ مشايخ العصر ونادرة الدهر الصالح الزاهد الورع القانع الشيخ مصطفى العزيزي الشافعي ذكره الشيخ محمد الكشناوي في آخر بعض تآليفه بقوله وكان الفراغ من تأليفه في شهر كذا سنة ست واربعين وذلك في ايام الاستاذ زاهد العصر الفخر الرازي الشيخ مصطفى العزيزي وناهيك بهذه الشهادة
    وسمعت وصفه من لفظ الشيخ الوالد وغيره من مشايخ العصر من انه كان ازهد اهل زمانه في الورع والتقشف في المأكل والملبس والتواضع وحسن الاخلاق ولا يرى لنفسه مقاما
    وكان معتقدا عند الخاص والعام وتأتي الاكابر والاعيان لزيارته ويرغبون في مهاداته وبره فلا يقبل من احد شيئا كائنا ما كان مع قلة دنياه لا كثيرا ولا قليلا واثاث بيته على قدر الضرورة والاحتياج
    وكان يقرأ دروسه بمدرسة السنانية المجاورة لحارة سكنه بخط الصنادقية بحارة الازهر ويحضر دروسه كبار العلماء والمدرسين ولا يرضىللناس بتقبيل يده ويكره ذلك فاذا تكامل حضور الجماعة وتحلقوا حضر من بيته ودخل الى محل جلوسه بوسط الحلقة فلا يقوم لدخوله احد
    وعندما يجلس يقرأ المقري واذا تم الدرس قام في الحال وذهب الى داره وهكذا كان دأبه
    توفي سنة اربع وخمسين واقام عثمان بك ذا الفقار وصيا على ابنته
    ومات الامام العمدة المتقن الشيخ رمضان بن صالح بن عمر بن حجازي السفطي الخانكي الفلكي الحيسوني اخذ عن رضوان افندي وعن العلامة الشيخ محمد البرشمسي وشارك الجمال يوسف الكلارجي والشيخ الوالد وحسن افندي قطة مسكين وغيرهم واجتهد وحسب وحرر وكتب بخطة كثيرا جدا وحسب المحكمات وقواعد المقومات على اصول الرصد السمرقندي الجديد وسهل طرقها بادق ما يكون واذا نسخ شيئا من تحريراته رقم منها عدة نسخ في دفعة واحدة فيكتب من كل نسخة صفحة بحيث يكمل الاربع نسخ او الخمسة على ذلك النسق فيتم الجميع في دفعة واحدة
    وكان شديد الحرص على تصحيح الارقام وحل المحلولات الخمسة ودقائقها الى الخوامس والسوادس وكتب منها عدة نسخ بخطه وهو شيء يعسر نقله فضلا عن حسابه وتحريره
    ومن تصانيفه نزهة النفس بتقويم الشمس بالمركز والوسط فقط والعلامة باقرب طريق واسهل ما اخذ واحسن وجه مع الدقة والامن من الخطا وحرر طريقة اخرى على طريق الدر اليتيم يدخل اليها بفاضل الايام تحت دقائق الخاصة ويخرج منها المقوم بغاية التدقيق لمرتبة الثوالث في صفحات كبيرة متسعة في قالب الكامل واختصرها الشيخ الوالد في قالب النصف ويحتاج اليها في عمل الكسوفات والخسوفات والاعمال الدقيقة يوما يوما
    ومن تآليفه كفاية الطالب لعلم الوقت وبغية الراغب في معرفة الدائر وفضله والسمت والكلام المعروف في اعمال الكسوف والخسوف والدرجات الوريفة في تحرير قسي العصر الاول وعصر ابي حنيفة وبغية الوطر في المباشرة بالقمر ورسالة عظيمة في حركات افلاك السيارة وهيآتها وحركاتها وتركيب جداولها على التاريخ العربي على اصول الرصد الجديد وكشف الغياهب عن مشكلات اعمال الكواكب ومطالع البدور في الضرب والقسمة والجذور وحرك ثلثمائة وستة وثلاثين كوكبا من الكواكب الثابتة المرصودة بالرصد الجديد بالاطوال والابعاد ومطالع الممر ودرجاته لاول سنة 1139 والقول المحكم في معرفة كسوف النير الاعظم ورشف الزلال في معرفة استخراج قوس مكث الهلال بطريقي الحساب والجدول
    واما كتاباته وحسابياته في اصول الظلال واستخراج السموت والدساتير فشيء لا ينحصر ولا يمكن ضبطه لكثرته وكان له بالوالد وصلة شديدة وصحبة اكيدة ولما حانت وفاته اقامة وصيا على مخلفاته وكان يستعمل البرشعثا ويطبخ منه في كل سنة قزانا كبيرا ثم يملأ منه قدورا ديدفنها في الشعير ستة اشهر ثم يستعمله بعد ذلك ويكون قد حان فراغ الطبخة الاولى وكان يأتيه من بلده الخانكة جميع لوازمه وذخيرة داره من دقيق وسمن وعسل وجبن وغير ذلك ولا يدخل لداره قمح الا لمؤنة الفراخ وعلفهم فقط واذا حضر عنده ضيوف وحان وقت الطعام قدم لكل فرد من الحاضرين دجاجة على حدته
    ولم يزل حتى توفي ثاني عشر جمادي الاولى سنة 1158 يوم الجمعة ودفن بجوار تربة الشيخ البحيري كاتب القسمة العسكرية بجوار حوش العلامة الخطيب الشربيني
    ومات قاضي قضاة مصر صالح افندي القسطموني
    كان عالما بالاصول والفروع صوفي المشرب في التورع ولي قضاء مصر سنة 1154 وبهامات سنة 1155 ودفن عند المشهد الحسيني
    ومات السيد زين العابدين المنوفي المكب احد السادة المشهورين بالعلم والفضل توفي سنة 1151
    ومات اسيد الشريف حمود بن عبد الله ابن عمرو النموي الحسيني المكي احد اشراف آل نمي كان صاحب صدارة ودولة واخلاق رضية ومحاسن مرضية حسن المذاكرة والمطارحة لطيف المحاضرة والمحاورة
    توفي ايضا سنة 1151
    ومات الاجل الفاضل المحقق احمد افندي الواعظ الشريف التركي كان من اكابر العلماء امارا بالمعروف ولا يخاف في الله لومة لائم وكان يقرأ الكتب الكبار ويباحث العلماء على طريق النظار ويعظ العامة بجامع المرداني فكانت الناس تزدحم عليه لعذوبة لفظه وحسن بيانه وربما حضره بعض الاعيان من امراء مصر فيسبهم جهرا ويشير الى مثالهم وربما حنقوا منه وسلطوا عليه جماعة من الاتراك ليقتلوه فيخرج عليهم وحده فيغشى الله على ابصارهم
    مات في حادي عشري الحجة سنة 1161
    ومات القطب الكامل السيد عبد الله بن جعفر بن علوى مدهر باعلوى نزيل مكة ولد بالشحر وبها نشأ ودخل الحرمين وتوجه الى الهندي ومكث في دهلي مدة تقرب من عشرين عاما ثم عاد الى الحرمين واخذ عن والده واخيه العلامة علوي ومحمد بن احمد بن علي الستاري وابن عقيلة وآخرين
    وعنه اخذ الشيخ السيد وشيخ والسيد عبد الرحمن العيدروس
    وله مؤلفات نفيسة منها كشف اسرار علوم المقربين ولمح النور بباء اسم الله يتم السرور واشرق النور وسناه من سر معنى الله لا نشهد سواه والاصل اربعة ابيات للقطب الحداد واللآلىء الجوهرية على العقائد البنوفرية وشرح ديوان شيخ بن اسمعيل الشحري والنفحة المهداة بانفاس العيدروس بن عبد الله والايفا بترجمة العيدروس جعفر بن مصطفى وديوان شعر ومراسلات عديدة وله كرامات شهيرة
    توفي بمكة سنة 1160
    ومات السيد الاجل عبد الله بن مشهور بن علي بن ابي بكر العلوي احد السادة اصحاب الكرامات والاشراقات كان مشهورا برؤية الخضر ادركه السيد عبد الرحمن العيدروس وترجمه في ذيل المشرع واثنى عليه وذكر له بعض كرامات
    توفي سنة 1144
    ومات الاستاذ النجيب الماهر المتفنن جمال الدين يوسف بن عبد الله الكلارجي الفلكي تابع حسن افندي كاتب الروزنامة سابقا
    قرأ القرآن وجود الخط وتوجهت همته للعلوم الرياضية كالهيئة والهندسة والحساب والرسم فتقيد بالعلامة الماهر رضوان افندي واخذ عنه واجتهد وتمهر وصار له باع طويل في الحسابيات والرسميات وساعده على ادراك مأمولة ثروة مخدومه فاستنبط واخترع ما لم يسبق به والف كتابا حافلا في الظلال ورسم المنحرفات والبسائط والمزاول والاسطحة جمع فيه ما تفرق في غيره من اوضاع المتقدمين بالاشكال الرسمية والبراهين الهندسية والتزم المثال بعد المقال والف كتابا ايضا في منازل القمر ومحلها وخواصها وسماها كنز الدرر في احوال منازل القمر وغير ذلك
    واجتمع عنده كتب وآلات نفيسة لم تجتمع عند غيره ومنها نسخة الزيج السمرقندي بخط العجم وغير ذلك
    توفي سنة 1153
    ومات الامام العلامة والعمدة الفهامة مفتي المسلمين الشيخ احمد بن عمر الاسقاطي الحنفي المكنى بابي السعود تفقه على الشيخ عبد الحي الشرنبلالي والشيخ علي العقدي الحنفي البصير وحضر عليه المنار وشرحه لابن فرشته وغيره والشيخ احمد النفراوي المالكي والشيخ محمد بن عبد الباقي الزرقاني والشيخ احمد ابن عبد الرزاق الروحي الدمياطي الشناوي والشيخ احمد الشهير بالبناء واحمد بن محمد بن عطية الشرقاوي الشهير بالخليفي والشيخ احمد بن محمد المنفلوطي الشافعي الشهير بابن الفقيه والشيخ عبد الرؤوف البشبيشي وغيرهم كالشيخ عبد ربه الديوي ومحمد بن صلاح الدين الدنجيهي والشيخ منصور المنوفي والشيخ صالح البهوتي ومهر في العلوم وتصدر لالقاء الدروس الفقيهة والمعقولية وافاد وافتى والف واجاد وانتفع الناس بتآليفه ولم يزل يملي ويفيد حتى توفي سنة 1159
    ومات الاستاذ الكبير والعلم الشهير صاحب الكرامات الساطعة والانوار المشرقة اللامعة سيدي عبد الخالق بن وفا قطب زمانه وفريد اوانه وكان على قدم اسلافه وفيه فضيلة وميل للشعر وامتدحه الشعراء واجازهم الجوائز السنية وكان يحب سماع الآلات
    توفي رحمه الله في ثاني عشر ذي الحجة سنة 1161
    ومات الاستاذ شيخ الطريقة والحقيقة قدرة السالكين ومربي المريدين الامام المسلك السيد مصطفى بن كمال الدين المذكور في منظومة النسبة لسيدي عبد الغني النابلسي كما ذكره السيد الصديقي في شرحه الكبير على ورده السحري البكري الصديقي الخلوتي نشأ ببيت المقدس على اكرم الاخلاق واكملها رباه شيخه الشيخ عبد اللطيف الحلبي وغذاه بلبان اهل المعرفة والتحقيق ففاق ذلك الفرع الاصل وظهرت به في افق الوجود شمس الفضل فبرع فهما وعلما وابدع نثرا ونظما ورحل الى جل الاقطار لبلوغ اجل الاوطار كما دأب على ذلك السلف لما فيه من اكتساب المعالي والشرف
    ولما ارتحل الى اسلامبول لبس فيها ثياب الخمول ومكث فيها سنة لم يؤذن له بارتحال ولم يدر كيف الحال
    فلما كان آخر السنة قام ليلة فصلى على عادته من التهجد ثم جلس لقراءة الورد السحري فاحب ان تكون روحانية النبي صلى الله عليه و سلم في ذلك المجلس ثم روحانية خلفائه الاربعة والائمة الاربعة والاقطاب الاربعة والملائكة الاربعة
    فبينما هو في اثنائه اذ دخل عليه رجل فشمر عن اذياله كأنه يتخطى اناسا في المجلس حتى انتهى الى موضع فجلس فيه ثم لما ختم الورد قام ذلك الرجل فسلم عليه ثم قال ماذا صنعت يا مصطفى فقال له ما صنعت شيئا
    فقال له الم ترني اتخطى الناس قال بلى انما وقع لي اني احببت ان تكون روحانية من ذكرناهم حاضرة
    فقال له لم يتخلف احد ممن اردت حضوره وما اتيتك الا بدعوة والآن أذن لك في الرحيل وحصل الفتح والمدد والرجل المذكور هو الولي الصوفي السيد محمد التافلاتي ومتى عبر السيد في كتبه بالوالد فهو السيد محمد المذكور وقد منحه علوما جمة
    ورحل ايضا الى جبل لبنان والى البصرة وبغداد وما والاهما وحج مرات وتآليفه تقارب المائتين واحزابه واوراده اكثر من ستين واجلها ورده السحري اذ هو باب الفتح وله عليه ثلاثة شروح اكبرها في مجلدين
    وقد شاد اركان هذه الطريقة واقام رسومها وابدى فرائدها واظهر فوائدها ومنحه الله من خزائن الغيب ما لا يدخل تحت حصر
    قال الشيخ الحنفى انه جمع مناقب نفسه فىمؤلف نحو اربعين كراسا تسويدا فى الكامل ولم يتم وقد راى النبى صلى الله عليه و سلم فى النوم وقال له من اين لك هذا المدد فقال منك يارسول الله فأشار ان نعم ولقى الخضر عليه السلام ثلاث مرات وعرضت عليه قطبانية المشرق فلم يرضها وكان اكرم من السيل وامضى فى السر من السيف واوتى مفاتيح العلوم كلها حتى اذعن له اولياء عصره ومحققوه فى مشارق الارض ومغاربها واخد على على رؤساء الجن العهود وعم مدده سائر الورود ومناقبه تجل عن التعداد وفيما اشرنا اليه كفاية لمن اراد
    واخذ عنه طريق السادة الخلوتية الاستاذ الحفني وارتحل لزيارته والاخذ عنه الى الديار الشامية كما سيأتي ذلك في ترجمته وحج سنة احدى وستين ثم رجع الى مصر وسكن بدار عند قبة المشهد الحسيني وتوفي بها في ثاني عشر ربيع الثاني 1162 ودفن بالمجاورين ومولده في آخر المائة الالف بدمشق الشام
    ومات العلامة الثبت المحقق المحرر المدقق الشيخ محمد الدفري الشافعي اخذ العلم عن الاشياخ من الطبقة الاولى وانتفع به فضلاء كثيرون منهم العلامة الشيخ محمد المصيلحي والشيخ عبد الباسط السنديوني وغيرهما
    توفي سنة 1161
    ومات الاجل المكرم عبد الله افندي الملقب بالانيس احد المهرة في الخط الضابط كتب على الشاكري وغيره واشتهر امره جدا وكان مختصا بصحبة مير اللواء عثمان بك ذي الفقار امير الحاج وكتب عليه جماعة ممن رأيناهم ومنهم شيخ الكتبة بمصر اليوم حسن افندي مولى الوكيل المعروف بالرشدي وقد اجازه في مجلس حافل
    توفي سنة 1159
    ومات الامام الفقيه المحدث شيخ الشيوخ المتقن المتفنن المتجر الشيخ احمد بن مصطفى بن احمد الزبيري المالكي الاسكندري نزيل مصر وخاتمة المسندين بها الشهير بالصباغ ذكر في ذكر شيوخه انه اخذ عن ابراهيم بن عيسى البلقطري وعلي بن فياض والشيخ محمد النشرتي الزرقاني واحمد الغزاوي وابراهيم الفيومي وسليمان الشبرخيتي ومحمد زيتونه التونسي نزيل الاسكندرية وابي العز العجمي واحمد بن الفقيه والكبنكسي ويحيى الشاوي وعبد الله البقري وصالح الحنبلي وعبد الوهاب الشنواني وعبد الباقي القليني وعلي الرميلي واحمد السجيني وابراهيم الكتبي واحمد الخليفي ومحمد الصغير والوزراري وعبده الديوي وعبد القادر الواطي واحمد بن محمد الدرعي
    ورحل الى الحرمين فاخذ عن البصري والنخلي والسندي ومحمد اسلم وتاج الدين القلعي ووالسيد سعد الله
    وكان المترجم اماما علامة سليم الباطن معمور الظاهر قد عم به الانتفاع
    روى عنه كثيرون من الشيوخ وكان يذهب في كل سنة الى تغر الاسكندرية فيقيم بها شعبان ورمضان وشوالا ثم يرجع الى مصر يملي ويفيد ويدرس حتى توفي في سنة 1162 ودفن بتربة بستان المجاورين بالصحراء

    ذكر من مات في هذه السنين
    من الامراء المشهورين والاعيان

    مات الامير علي بك ذو الفقار وهو مملوك ذي الفقار بك وخشداش عثمان بك ولما دخلوا على استاذه وقت العشاء وقتلوه كما تقدم كان هو إذ ذاك خازنداره كما تقدم فقال المترجم باعلى صوته الصنجق طيب هاتوا السلاح فكانت هذه الكلمة سببا لهزيمة القاسمية واخمادهم الى آخر الدهر وعد ذلك من فطانته وثبات جأشه في ذلك الوقت والحالة ثم ارسل الى مصطفى بك بلغيه فحضر عنده وجمع اليه محمد بك قطامش وارباب الحل والعقد وارسلوا الى عثمان بك فحضر من التجريدة ورتبوا امورهم وقتلوا القاسمية الذينن وجدوهم في ذلك الوقت
    ولما وقف العرب بطريق الحجاج في العقبة سنة سبع واربعين وكان امير الحاج رضوان بك ارسل الى محمد بك قطامش فعرفه ذلك فاجتمع الامراء بالديوان وتشاوروا فيمن يذهب لقتال العرب فقال المترجم انا اذهب اليهم واخلص من حقهم وانقذ الحجاج منهم ولا آخذ من الدولة شيئا بشرط ان اكون حاكم جرجا عن سنة ثمان واربعين فأجابوه الى ذلك والبسه الباشا قفطانا وقضى اشغاله في اسرع وقت وخرج في طوائفه ومماليكه واتباع استاذه وتوجه الى العقبة وحارب العرب حتى انزلهم من الحلزونات واجلاهم وطلع امير الحاج بالحجاج وساق هو خلف العرب فقتل منهم مقتلة عظيمة ولحق الحجاج بنخل ودخل صحبتهم ولما دخل ترت سافر الى ولاية جرجا فاقام بها اياما ومات هناك بالطاعون
    ومات الامير مصطفى بك بلغيه تابع حسن اغا بلغيه تقلد الامارة والصنجقية في ايام اسمعيل بك ابن ايواظ سنة 1135 ولم يزل اميرا متكلما وصدرا من صدور مصر اصحاب الامر والنهي والحل والعقد الى ان مات بالطاعون على فراشه سنة 1148
    ومات ايضا رضوان اغا الفقاري وهو جرجي الجنس تقلد اغاوية مستحفظان عندما عزل علي اغا المقدم ذكره في اواخر سنة 1118 ثم تقلد كتخدا الجاويشية ثم اغات جملية في سنة 1120 وكان من اعيان المتكلمين بمصر وفر من مصر وهرب مع من هرب في الفتنة الكبرى الى بلاد الروم ثم رجع الى مصر سنة خمس وثلاثين باتفاق من اهل مصر بعدما بيعت بلاده وماتت عياله ومات له ولدان
    فمكث بمصر خاملا الى سنة ست وثلاثين ثم قلده اسمعيل بك بن ايواظ آغاوية الجملية فاستقر بها نحو خمسين يوما
    ولما قتل اسمعيل بك في تلك السنة نفي المترجم الى ابي قير خوفا من حصول الفتن فاقام هناك ثم رجع الى مصر واستمر بها الى ان مات في الفصل سنة 1148
    ومات كل من اسمعيل بك قيطامس واحمد بك اشراق ذي الفقار بك الكبير وحسن بك وحسين بك كتخدا الدمياطي واسمعيل كتخدا تابع مراد كتخدا وخليل جاويش قباجيه وافندي كبير عزبان وحسن جاويش بيت مال العزب وافندي صغير مستحفظان واحمد اوده باشا المطرباز ومحمد اغا ابن تصلق اغات مستحفظان وحسن جلبي بن حسن جاويش خشداش عثمان كتخدا القازدغلي وغير ذلك مات الجميع في الفصل سنة ثمان واربعين
    ومات احمد كتخدا الخربطلي وهو الذي عمر الجامع المعروف بالفاكهاني الذي بخط العقادين الرومي بعطفة خوش وقدم وصرف عليه من ماله مائة كيس واصله من بناء الفائز بالله الفاطمي وكان اتمامه في حادي عشر شوال سنة 1148 وكان المباشر على عمارته عثمان جلبي شيخ طائفة العقادين الرومي وجعل مملوكه علي ناظر عليه ووصيا على تركته
    ومات المترجم في واقعة بيت محمد بك الدفتردار سنة 1149 مع من مات كما تقدم الالماع بذكر ذلك في ولاية باكير باشا
    ومات الامير عثمان كتخدا القازدغلي تابع حسن جاويش القازدغلي والد عبد الرحمن كتخدا صاحب العماير
    تنقل في مناصب الوجاقات في ايام سيده وبعدها الى ان تقلد الكتخدائية ببابه وصار من ارباب الحل والعقد واصحاب المشورة واشتهر ذكره ونما صيته وخصوصا لما تغلبت الدول وظهرت الفقارية
    ولما وقع الفصل في سنة ثمان واربعين ومات الكثير من اعيان مصر وامرائها غنم اموالا كثيرة من المصالحات والتركات وعمر الجامع المعروف بالازبكية بالقرب من رصيف الخشاب في سنة سبع واربعين وحصلت الصلاة فيه ووقع به ازدحام عظيم حتى ان عثمان بك ذا الفقار حضر للصلاة في ذلك اليوم متأخرا فلم يجد له محلا فيه فرجع وصلى بجامع ازبك
    وملأوا المزملة بشربات السكر وشرب منه عامة الناس وطافوا بالقلل لشرب من بالمسجد من الاعيان وعمل سماطا عظيما في بيت كتخداه سليمان كاشف برصيف الخشاب وخلع فى ذلك اليوم على حسن افندى ابن البواب الخطيب والشيخ عمر الطهلاوي المدرس وارباب الوظائف خلعا وفرق عل الفقراء دراهم كثيرة وشرع فى بناء الحمام بجواره بعد تمام الجامع والسبيل والكتاب وبنى زاوية العميان بالازهر ورحبة رواق الاتراك والرواق ايضا ورواق السليمانيه ورتب لهم مرتبات من وقفه وجعل مملوكه سليمان الجوخدار ناظرا ووصيا والبسه الضلمة
    ولم يزل عثمان كتخدا اميرا ومتكلما بمصر وافر الحرمة مسموع الكلمة حتى قتل مع من قتل ببيت محمد بك الدفتردار مع ان الجمعية كانت باطلاعه ورأية ولم يكن مقصودا بالذات فى القتل
    ومات الامير الكبير محمد بك قيطاس المعروف بقطاش وهو مملوك قيطاس بك جرجي الجنس وقيطاس بك مملوك ابراهيم بك ابن ذي الفقار بك تابع حسن بك الفقارى تولى الامارة والصنجقية فىحياة استاذه وتقلد امارة الحج سنة خمس وعشرين وطلع بالحج مرتين وتقلد ايضا امارة الحج سنة 1146 و 1148 ولما قتل عابدى باشا استاذه بقراميدان سنة 1126 كما تقدم ذكر ذلك عصى المترجم وكرنك فى بيته هو وعثمان بك بارم ذيله وطلب بثار استاذه ولم يتم له امر وهرب الى بلاد الروم فاقام هناك الى ان ظهر ذو الفقار فى سنة ثمان وثلاثين وخرج جركس هاربا من مصر فارسل عند ذلك اهل مصر يستدعون المترجم ويطلبون من الدولة حضوره الى مصر وارسلو الى مصر وانعموا عليه بالدفتردارية
    ولما وصل الى مصر لم يتمكن منها حتى قتل علي بك الهندى فعند ذلك تقلد الدفتردارية وظهر امره ونما ذكره وقلد مملوكه علي صنجقا وكذلك اشراقه ابراهيم بك
    ولما عزل باكير باشا تقلد المترجم قائمقامية وذلك سنة ثلاث واربعين
    وبعد قتل ذى الفقار بك صار المترجم اعظم الامراء المصرية وبيده النقض والابرام والحل والعقد وصناجقه علي بك ويوسف بك وصالح بك وابراهيم بك ولم يزل اميرا مسموع الكلمة وافر الحرمة حتى قتل في واقعة بيت الدفتردار كما تقدم وقتل معه ايضا من امرائه علي بك وصالح بك
    ومات معهم ايضا يوسف كتخدا البركاوي وكان اصله جربجيا بباب العزب وطلع سردار بيرق في سفر الروم ثم رجع الى مصر فأقام خاملا قليل الحظ من المال والجاه فلما حصلت الواقعة التي ظهر فيها ذو الفقار واجتمع محمد باشا وعلي باشا والامراء وحصرهم محمد بك جركس من جهات الرميلة من ناحية مصلى المؤمنين والحصرية وتلك النواحي وتابعوا رمي الرصاص على من بالمحمودية وباب العزب والسلطان حسن بحيث منعوهم المرور والخروج والدخول وضاق الحال عليهم بسبب ذلك فعندها تسلق المترجم وخاطر بنفسه ونط من باب العزب إلى المحمودية والرصاص نازل من كل ناحية وطلع عند الباشا والامراء وطلب فرمانا خطا بالكتخدا العزب بانه يفرد قايبر بمائة نفر واوده باشه ويكون هو سر عسكر ويطرد الذين في سبيل المؤمنين وهو يملك بيت قاسم بك ويفتح الطريق فاعطوه ذلك وفعل ما تقدم ذكره وملك بيت قاسم بك وجرى بعد ذلك ما جرى
    ولما انجلت القضية جعلوه كتخدا باب العزب وظهر شأنه من ذلك الوقت واشتهر ذكره وعظم صيته وكان كريم النفس ليس للدنيا عنده قيمة ولم يزل حتى قتل في واقعة بيت الدفتردار
    ومات الامير قيطاس بك الاعور وهو مملوك قيطاس بك الفقاري المتقدم ذكره تقلد الامارة في ايام استاذه ولما قتل استاذه كان المترجم مسافرا بالخزينة ونازلا بوطاقة بالعادلية وكان خشداشة محمد بك قطامش نازلا بسبيل علام فلما بلغه قتل استاذه ركب هو وعثمان بك بارم ذيله وأتيا اليه وطلباه للقيام معهما في طلب ثار استاذهم فلم يطاوعهما على ذلك وقال أنا معي خزينة السلطان وهي في ضماني فلا أدعها وأذهب معكما في الامر الفارغ وفيكم البركة
    وذهب محمد بك وفعل ما فعله من الكرنكة في داره ولم يتم له امر وخرج بعد ذلك هاربا من مصر ولحق بقيامطس بك المذكور وسافر معه الى الديار الرومية واستمر هناك الى ان رجع كما ذكر وعاد المترجم من سفر الخزينة فاستمر أميرا بمصر وتقلد امارة الحج سنة اثنتين واربعين وتوفي بمنى ودفن هناك
    ومات الامير علي كتخدا الجلفي تابع حسن كتخدا الجلفي المتوفي سنة 1124
    تنقل في الامارة بباب عزبان بعد سيده وتقلد الكتخدائية وصار من اعيان الامراء بمصر وارباب الحل والعقد ولما انقضت الفتنة الكبيرة وطلع اسمعيل بك بن ايواظ الى باب العزب وقتل عمر اغا استاذ ذي الفقار بك وامر بقتل خازنداره ذي الفقار المذكور استجار بالمترجم وكان بلديه وكان اذ ذاك خازندار عند سيده حسن كتخدا فأجاره وأخذه في صدره وخلص له حصة قمن العروس كما تقدم فلم يزل يراعي له ذلك حتى ان يوسف كتخدا البركاوي انحرف منه في ايام امارة ذي الفقار وأراد غدره واسر بذلك الى ذي الفقار بك فقال له كل شيء اطاوعك فيه الا الغدر بعلي كتخدا فانه كان السبب في حياتي وله في عنقي ما لا انساه من المنن والمعروف وضمانه علي في كل شيء
    وقلده الكتخدائية وسبب تلقبهم بهذا اللقب هو ان محمد اغا مملوك بشير اغا القزلار استاذ حسن كتخدا كان يجتمع به رجل يسمى منصور الزتاحرجي السنجلفي من قرية من قرى مصر تسمى سنجلف وكان متمولا وله ابنة تسمى خديجة فخطبها محمد اغا لمملوكه حسن اغا استاذ المترجم وزوجها له وهي خديجة المعروفة بالست الجلفية
    وسبب قتل المترجم ما ذكر في ولاية سليمان باشا بن العظم لما أراد ايقاع الفتنة واتفق مع عمر بك ابن علي بك قطامش على قتل عثمان بك ذي الفقار وابراهيم بك قطامش وعبد الله كتخدا القازدغلي والمترجم وهم المشار اليهم اذ ذاك في رياسة مصر
    واتفق عمر بك مع خليل بك واحمد كتخدا عزبان البركاوي وابراهيم جاويش القازدغلي وتكفل كل منهم بقتل احد المذكورين فكان احمد كتخدا ممن تكفل بقتل المترجم فأحضر شخصا يقال له لاظ ابراهيم من اتباع يوسف كتخدا البركاوي وأغراه بذلك فانتخب له جماعة من جنسه ووقف بهم في قبو السلطان حسن تجاه بيت آقبردي ففعل ذلك ووقف مع من اختارهم بالمكان المذكور ينتظر مرور علي كتخدا وهو طالع الى الديوان وارسل ابراهيم جاويش انسانا من طرفه سرا يقول لا تركب في هذا اليوم صحبة احمد كتخدا فانه عازم على قتلك
    وبعد ساعة حضر اليه احمد كتخدا فقام وتوضأ وقال لكاتبه التركي خذ من الخازندار الفلاني الف محبوب ندفعها فيما علينا من مال الصرة
    فاخذها الكاتب في كيس وسبقه الى الباب وركب مع احمد كتخدا وابراهيم جاويش وخلفهم حسن كتخدا الرزاز واتباعهم فلما وصلوا الى المكان المعهود خرج لاظ ابراهيم وتقدم الى المترجم كانه يقبل يده فقبض على يده وضربه بالطبنجة في صدره فسقط الى الارض واطلق باقي الجماعة ما معهم من آلات النار
    وعبقت الدخنة فرمح ابن امين البحرين وذهب الى بيته وطلع احمد كتخدا وصحبته حسن كتخدا الرزاز الى الباب
    ولما سقط علي كتخدا سحبوه الى الخرابة وفيه الروح فقطعوا راسه ووضعوها تحت مسطبة البوابة في الخرابة وطلعوا الى الباب وعندما طلع احمد كتخدا واستقر بالباب اخذ الالف محبوب من الكاتب وطرده واقترض من حسن كتخدا المشهدي الف محبوب ايضا وفرق ذلك على من الباب من أوده باشيه والنفر
    ومن مآثر علي كتخدا المترجم القصر الكبير الذي بناحية الشيخ قمر المعروف بقصر الجلفي وكان في السابق قصر صغيرا يعرف بقصر القبرصلي وأنشأ ايضا القصر الكبير بالجزيرة المعروفة بالفرشة تجاه رشيد الذي هدمه الامير صالح الموجود الآن زوج الست عائشة الجلفية في سنة 1202 وبااع أنقاضه وله غير ذلك مآثر كثيرة وخبرات رحمه الله
    ومات احمد كتخدا المذكور قاتل علي كتخدا المذكور ويعرف بالبركاوي لانه اشراق يوسف كتخدا البركاوي
    وخبر قتله انه لما تم ما ذكر ونزل احمد كتخدا من باب العزب بتمويهات حسين بك الخشاب وملكه اتباع عثمان بك ندم على تفريطه ونزوله وعثمان بك يقول لا بد من قتل قاتل صاحبي ورفيق سيدي قبل طلوعي الى الحج والا ارسلت خلافي وأقمت بمصر وخلصت ثار المرحوم
    وارسل الى جميع الاعيان والرؤساء بانهم لا يقبلوه وطاف هو عليهم بطول الليل فلم يقبله منهم احد فضاقت الدنيا في وجهه وتوفي في تلك الليلة محمد كتخدا الطويل فاجتمع الاختيارية والاعيان ببيته لحضور مشهده فدخل عليهم احمد كتخدا في بيت المتوفي وقال أنا في عرض هذا الميت
    فقال له اطلع الى المقعد واجلس به حتى نرجع من الجنازة
    فطلع الى المقعد كما أشاروا اليه وجلس لاظ ابراهيم بالحوش وصحبته اثنان من السراجين فلما خرجوا بالجنازة أغلقوا عليهم الباب من خارج وتركوا معهم جماعة حرسجية وأقاموا مماليك احمد كتخدا في بيته يضربون بالرصاص على المارين حتى قطعوا الطريق وقتلوا رجلا مغربيا وفراشا وحمارا
    فارسل عثمان بك الى رضوان كتخدا يأمره بارسال جاويش ونفر وقابجية بطلب محمد كتخدا من بيته ففعل ذلك فلما وصلوا الى هناك ويقدمهم ابو مناخير فضة وجدوا رمي الرصاص فرجعوا ودخلوا من درب المغربلين وأرادوا ثقب البيت من خلفه فأخبرهم بعض الناس وقال لهم الذي مرادكم فيه دخل بيت الطويل فاتوا الى الباب فوجدوه مغلوقا من خارج فطلبوا حطبا وأرادوا ان يحرقوا الباب فخاف الذين أبقوهم في البيت من النهب فقتلوا لاظ ابراهيم ومن معه وطلعوا الى احمد كتخدا فقتلوه ايضا وألقوه من الشباك المطل على حوض الداودية فقطعوا رأسه واخذوها الى رضوان كتخدا فأعطاهم البقاقيش وقطع رجل ذراعه وذهب بها الى الست الجلفية واخذ منها بقشيشا ايضا
    ورجع من كان في الجنازة وفتحوا الباب وأخرجوا لاظ ابراهيم ميتا ومن معه وقطعوه قطعا
    واستمر احمد كتخدا مرميا من غير رأس ولا ذراع حتى دفنوه بعد الغروب ثم دفنوا معه الرأس والذراع
    ومات الامير سليمان جاويش تابع عثمان كتخدا القازدغلي الذي جعله ناظرا ووصيا وكان جوخداره ولما قتل سيده استولى على تركته وبلاده ثم تزوج بمحظية استاذه الست شويكار الشهيرة الذكر ولم يعط الوارث الذي هو عبد الرحمن بن حسن جاويش استاذ عثمان كتخدا سوى فائظ اربعة اكياس لا غير
    وتواقع عبد الرحمن جاويش على اختيارية الباب فلم يساعده احد فحنق منهم واتسلخ من بابهم وذهب الى باب العزب وحلف انه لا يرجع الى باب الينكجرية ما دام سليمان جاويش حيا
    وكان المترجم صحبة استاذه وقت المقتلة ببيت الدفتردار فانزعج وداخله الضعف ومرض القصبة ثم انفصل من الجاويشية وعمل سردار قطار سنة احدى وخمسين وركب في الموكب وهو مريض وطلع الى البركة في تختروان وصحبته الطبيب فتوفي بالبركة وامير الحاج اذ ذاك عثمان بك ذو الفقار وكان هناك سليمان أغا كتخدا الجاويشية وهو زوج ام عبد الرحمن جاويش فعرف الصنجق بموت سليمان جاويش ووارثه عبد الرحمن جاويش واستأذنه في احضاره وان يتقلد منصبه عوضه فأرسلوا اليه وأحضروه ليلا وخلع عليه عثمان بك قفطان السردارية واخذ عرضه من باب العزب وطيب سليمان اغا خاطر الباشا بحلوان وكتب البلاد باسم عبد الرحمن جاويش واتباعه وتسلم مفاتيح الخشاخين والصناديق والدفاتر من الكاتب وجاز شيئا كثيرا وبرفي قسمه ويمينه
    ومات الامير محمد بك بن اسمعيل بك الدفتردار وقتل الامراء المتقدم ذكرهم في بيته ووالدته بنت حسن اغا بلغيه
    وخبر موته أنه لما حصل ما حصل وانقلب التخت عليهم اختفى المترجم في مكان لم يشعر به احد فمرضت والدته مرض الموت فلهجت بذكر ولدها فذهبوا اليه وقنعوه وأتوا به اليها من المكان المحتفي فيه بزي النساء فنظرت اليه وتأوهت وماتت ورجع الى مكانه
    وكانت عندهم امرأة بلانة فشاهدت ذلك وعرفت مكانه فذهبت الى اغات الينكجرية واخبرته بذلك فركب الى المكان الذي هو فيه في التبديل وكبسوا البيت وقبضوا عليه وركبوه حمارا وطلعوا به الى القلعة فرموا عنقه وكانوا نهبوا بيته قبل ذلك في أثر الحادثة وكان موته اواخر 1149
    ومات عثمان كاشف ورضوان بك امير الحاج سابقا ومملوكه سليمان بك فانهم بعد الحادثة وقتل الامراء المذكورين وانعكاس امر المذكورين اختفوا بخان النحاس في خان الخليلي وصحبتهم صالح كاشف زوج بنت ايواظ الذي هو السبب في ذلك فاستمروا في اخفائهم مدة ثم انهم دبروا بينهم رأيا في ظهورهم واتفقوا على ارسال عثمان كاشف الى ابراهيم جاويش قازدغلي فغطى راسه بعد المغرب ودخل الى بيت ابراهيم جاويش فلما رآه رحب به وسأله عن مكانهم فأخبره انهم بخان النحاس وهم فلان وفلان يدعون لكم ويعرفون همتكم وقصدهم الظهور على أي وجه كان
    فقال له نعم ما فعلتم وآنسه بالكلام الى بعد العشاء عندما اراد ان يقوم فقال له اصبر وقام كأنه يزيل ضرورة
    فأرسل سراجا الى محمد جاويش الطويل يخبره عن عثمان كاشف بانه عنده فأرسل اليه طائفة وسراجين وقفوا له في الطريق وقتلوه
    ووصل الخبر الى ولده ببيت ابي الشوارب فحضر اليه وواراه واخذ ولده المذكور ابراهيم جاويش وطلع في صبحها الى الباب فأخبر أغات مستحفظان فنزل وكبس خان النحاس وقبض على رضوان بك وصحبته ثلاثة فأحضرهم الى الباشا فقطع رؤوسهم
    واما صالح كاشف فانه قام وقت الفجر فدخل الى الحمام فسمع بالحمام قتل عثمان كاشف في حوض الداودية فطلع من الحمام وهو مغطى الرأس وتأخر في رجوعه الى خان الخليلي
    ثم سمع بما وقع لرضوان بك ومن معه فضاقت الدنيا في وجهه فذهب الى بيته وعبأ خرج حوايج وما يحتاج اليه وحمل هجينا وأخذ صحبته خداما ومملوكا راكبا حصانا وركب وسار من حارة السقايين على طريق بولاق على الشرقية وكلما أمسى عليه الليل يبيت في بلد حتى وصل عربان غزة
    ثم ذهب في طلوع الصيف الى اسلامبول ونزل في مكان
    ثم ذهب عند دار السعادة وكان اصله من اتباع والد محمد بك الدفتردار فعرفه عن نفسه فقال له انت السبب في خراب بيت ابن سيدي واستأذن في قتله فقتلوه بين الابواب في المحل الذي قتل فيه الصيفي سراج جركس فكان تحرك هؤلاء الجماعة وطلبهم الظهور من الاختفاء كالباحث على حتفه بظلفه
    ومات الامير خليل بك قطامش امير الحاج سابقا تقلد الامارة والصنجقية سنة تسع واربعين بالحج اميرا سنة ثمان وخمسين ولم يحصل في امارته على الحجاج راحة وكذلك على غيرهم
    وكان اتباعه يأخذون التبن من بولاق ومن المراكب الى المناخ من غير ثمن ومنع عوائد العرب وصادر التجار في اموالهم بطريق الحج
    وكانت اولاد خزنته ومماليكه اكثرهم عبيد سود يقفون في حلزونات العقبة ويطلبون من الحجاج دراهم مثل الشحاتين
    وكان الامير بك ذو الفقار يكرهه ولا تعجبه احواله ولما وقع للحجاج ما وقع في امارته ووصلت الاخبار الى مولاي عبد الله صاحب المغرب وتأخر بسبب ذلك الراكب عن الحج في السنة الاخرى ارسل مكتوبا الى علماء مصر واكابرهن ينقم عليهم في ذلك ويقول فيه وان مما شاع بمغربنا والعياذ بالله وذاع وانصدعت منه صدور اهل الدين والسنة اي انصداع وضاقت من اجله الارض على الخلائق وتحمل من فيه ايمان لذلك ما ليس بطائق من تعدى امير حجكم على عباد الله واظهار جرأته على زوار رسول الله فقد نهب المال وقتل الرجال وبذل المجهود في تعدية الحدود وبلغ في خبثه الغاية وجاوز في ظلمه الحد والنهاية فيالها من مصيبة ما اعظمها ومن داهية دهماء ما اجسمها فكيف يا امة محمد صلى الله عليه و سلم يهان او يضام حجاج بيت الله الحرام وزائرو نبينا عليه الصلاة و السلام وبسببها تأخر الركب هذه السنة لهنالك وافصحت لنا علماء الغرب بسقوطه لما ثبت عندهم ذلك فياللعجب كيف بعلماء مصر ومن بها من اعيانها لا يقومون بتغيير هذا المنكر الفادح بشيوخها وشبانها
    فهي والله معرة تلحقهم من الخاص والعام الى آخر ما قال فلما وصل الجواب واطلع عليه الوزير محمد باشا راغب أجاب عنه بأحسن جواب وأبدع فيما اودع من درر وغرر تسلب عقول اولي الالباب يقول فيه بعد صدر السلام وسجع الكلام ينهي بعد ابلاغ دعاء نبع من عين المحبة وسما وملأ بساط ارض الود وطما ان كتابكم الذي خصصتم الخطاب به الى ذوي الافاضة الجلية النقية سلالة الطاهرة الفاخرة الصديقية اخواننا مشايخ السلسلة البكرية تشرفت انظارنا بمطالعة معانية الفائقة والتقطت انامل أذهاننا درر مضامينه الكافية الرائقة التي ادرجتم فيها ما ارتكبه امير الحاج السابق في الديار المصرية في حق قصاد بيت الله الحرام وزوار روضة النبي الهاشمي عليه افضل الصلاة والسلام
    فكل ما حررتموه صدر من الشقي المذكور بل اكثر مما تحويه بطون السطور لكن الزارع لا يحصد الا من جنس زرعه في حزن الارض وسهله ولا يحيق المكر السيء الا باهله لان الشقي المذكور لما تجاسر الى بعض المنكرات في السنة الاولى حملناه الى جهالته واكتفينا بتهديدات تلين عروق رعونته وتكشف عيون هدايته فلم تفد في السنة الثانية الا الزيادة في العتو والفساد ومن يضلل الله فما له من هاد
    ولما تيقنا ان التهديد بغير الايقاع كالضرب في الحديد البارد أو كالسباخ لا يرويها جريان الماء الوارد هممنا باسقائه من حميم جراء افعاله لان كل أحد من الناس مجزى باعماله فوفقني الله تعالى لقتل الشقي المذكور مع ثلاثة من رفقائه العاضدين له في الشرور وطردنا بقيتهم بانواع الخزي الى الصحاري فهم بحول الله كالحيتان في البراري وولينا امارة الحج من الامراء المصريين من وصف بين أقرانه بالانصاف والديانة وشهد له بمزيد الحماية والصيانة
    والحمد لله حق حمده رفعت البلية من رقاب المسلمين خصوصا من جماعة ركبوا غارب الاغتراب بقصد زيارة البلد الامين
    فان كان العائق من توجه الركب المغربي تسلط الغادر السالف فقد انقضى أوان غدره على ما شرحناه وصار كرماد اشتدت به الريح في يوم عاصف والحمد لله على ما منحنا من نصرة المظلومين وأقدرنا على رغم أنوف الظالمين وصلى الله على سيدنا محمد خاتم النبيين والمرسلين والحمد لله رب العالمين تحريرا في سادس عشر المحرم افتتاح سنة 1161
    واجاب ايضا الاشياخ بجواب بليغ مطول اعرضت عن ذكره لطوله ومات خليل بك المذكور قتيلا في ولاية راغب باشا سنة 1160 قتله عثمان أغا ابو يوسف بالقلعة وقتل معه ايضا عمر بك بلاط وعلي بك الدمياطي ومحمد بك قطامش الذي كان تولى الصنجقية وسافر بالخزينة سنة سبع وخمسين عوضا عن عمر بك ابن علي بك ونزلت البيارق والعسكر والمدافع لمحاربة ابراهيم بك وعمر بك سليمان بك القطامشة فخرجوا بمتاعهم وعازقهم وهجنهم من مصر الى قبلى ونهبوا بيوت المقتولين والفارين وبعض من هم من عصبتهم
    ومات محمد بك المعروف باباظة وذلك انه لما حصلت واقعة حسين بك الخشاب وخروجه من مصر كما تقدم في ولاية محمد باشا راغب حضر محمد بك المذكور الى مصر وصحبته شخص آخر فدخلا خفية واستقرا بمنزل بعض الاختيارية من وجاق الجاويشية فوصل خبره الى ابراهيم جاويش فأرسل اليه اغات الينكجرية فرمى عليه بالرصاص وحاربه
    وحضر ايضا بعض الامراء الصناجق فلم يزل يحاربهم حتى فرغ ما عنده من البارود فقبضوا عليه وقتلوه في الداودية ورموا رقبة بباب زويلة
    ومات الاجل الامثل المبجل الخواجا الحاج قاسم بن الخواجا المرحوم الحاج محمد الدادة الشرايبي من بيت المجد والسيادة والامارة والتجارة وسبب موته انه نزلت بانثيية نازلة فاشاروا عليه بفصدها واحضروا له حجاما ففصده فيها بمنزله الذي خلف جامع الغورية
    ثم ركب الى منزله بالازبكية فبات به تلك الليلة وحضر له المزين في ثاني يوم ليغير له الفتيلة فوجد الفصد لم يصادف المحل فضربه بالريشة ثانيا فأصابت فرخ الانثيين ونزل منه دم كثير
    فقال له قتلتني انج بنفسك وتوفي في تلك الليلة وهي ليلة السبت ثاني عشر ربيع الاخر سنة 1147 فقبضوا على ذلك المزين وأحضروه الى اخيه سيدي احمد فأمرهم باطلاقه فأطلقوه وجهزوا المتوفى وخرجوا بجنازته من بيته بالازبكية في مشهد عظيم حضره العلماء وأرباب السجاجيد والصناجق والاغوات والاختيارية والكواخي حتى ان عثمان كتخدا القازدغلي لم يزل ماشيا امام نعشه من البيت الى المدفن بالمجاورين
    ومات الامير حسن بك المعروف بالوالي الذي سافر بالخزينة الى الديار الرومية فتوفي بعد وصوله الى اسلامبول وتسليمه الخزينة بثلاثة ايام ودفن باسكدار وألبسوا حسن مملوكه امارته وذلك في اوائل جمادى الاولى سنة 1148
    ومات الوزير المكرم عبد الله باشا الكبورلي الذي كان واليا في مصر في سنة 1143 وقد تقدم انه من ارباب الفضائل وله ديوان وتحقيقات وكان له معرفة بالفنون والادبيات والقراءات وتلا القرآن على الشهاب الاسقاطي وأجازه وعلى محمد بن يوسف شيخ القراء بدار السلطنة

    ● [ لهذا الجزء بقية فتابعها ] ●

    من الشيخ مصطفى العزيزي الى الوزير عبد الله الكبورلي Fasel10

    عجائب الآثار في التراجم والأخبار
    المؤلف : عبد الرحمن بن حسن الجبرتي
    مجلة نافذة ثقافية ـ البوابة
    من الشيخ مصطفى العزيزي الى الوزير عبد الله الكبورلي E110


      الوقت/التاريخ الآن هو الجمعة 22 نوفمبر 2024 - 11:16