من طرف حكماء الإثنين 6 يناير 2014 - 13:19
بّسم اللّه الرّحمن الرّحيم
من فتاوى دار الإفتاء لمدة مائة عام
الباب: من أحكام الحج وما يتعلق به.
رقم الفتوى: (42)
الموضوع:
الحج عن الغير بأمره.
المفتى:
فضيلة الشيخ عبد المجيد سليم. ذو القعدة 1354هجرية
المبادئ :
1 - إذا وجب الحج على شخص فأمره غيره بالحج عنه لعجزه عن أداء الفريضة بنفسه وكانت نفقة ذلك كلها أو أكثرها على الآمر ومن ماله ونوى المأمور الحج عن الآمر واستوفى بقية الشروط التى ذكرها فقهاء الحنفية فى حج الفرض عن الغير فلا نزاع عند الحنفية فى جواز ذلك وسقوط الحج به عن الآمر.
2- لا يشترط فى جواز الحج عن الغير أن يكون عجزه لا يرجى زواله عند الحنفية بل يجوز ولو كان يرجى زواله غير أنهم اشترطوا فى سقوط حج الفرض عن الآمر استمرار عجزه إلى وفاته فإذا برئ المريض وتمكن من الحج بنفسه وجبت عليه الإعادة إذا كان عجزه من الممكن البرء منه غالبا أما إذا كان لا يرجى زواله غالبا كأن كان لزمانه أو عمى فإنه يسقط الفرض ولا تجب الإعادة ولو زال ذلك.
3- لا يشترط فى جواز ذلك عند الحنفية أن يكون المأمور قد حج عن نفسه حجة الفرض غير أن الأفضل عندهم أن يكون قد حج عن نفسه ليكون عالما بمناسك الحج.
4- إذا وجب الحج على المأمور بتحقق قدرته مطلقا ولم يحج عن نفسه أولا. يكون حجه عن الغير مكروها كراهة تحريمية لأنه بتحقق قدرته تعين عليه الحج عن نفسه فى أول سنى الإمكان فيكون آثما بالترك.
5- ما ورد عن الرسول صلى اللّه عليه وسلم من أمره من كان يحج عن غيره أن يحج عن نفسه أولا محمول على ما إذا كان حجه عن نفسه قد وجب عليه.
6- لكل من الآمر والمأمور ثواب على فعله بلا شك.
سُئل :
ما قولكم دام فضلكم فى المسألة الآتية شخص موسر يبلغ من العمر زهاء الستين ويرغب فى تأدية فريضة الحج. ولكن صحته لا تمكنه من ذلك. ويريد أن ينيب عنه نجله متكفلا له بكافة نفقات الحج والزيارة فهل يصح هذا شرعا على هذا الوجه أو لا يصح. ولمن يكون أجر الحج وثواب الزيارة.
أجاب :
الحمد للّه وحده والصلاة والسلام على من لا نبى بعده. اطلعنا على هذا السؤال. ونفيد بأنه إذا وجب الحج على شخص فحج عنه غيره بأمره وكان الآمر عاجزا عن أداء فريضة الحاج بنفسه وكانت نفقة الحج من مال الآمر كلها أو أكثرها. ونوى المأمور الحج عن الآمر واستوفى بقية الشروط التى ذكرها فقهاء الحنفية فى حج الفرض عن الغير فلا نزاع حينئذ بين فقهاء الحنفية فى أنه يسقط الفرض عن الآمر. ولكن اختلفوا فى أنه هل يقع الحج المفروض عن الآمر أو يقع عن المأمور نفلا وللأمر ثواب النفقة كالنفل. فالظاهر من المذهب أنه يقع الحج المفروض عن الآخر وهو الصحيح لما يشهد بذلك من الآثار من السنة. ولا يشترط أن يكون العجز لا يرجى زواله عند الحنفية. بل يجوز الحج عن الغير لعجز يرجى زواله. كعجز لمرض يرجى البرء منه. غير أنه لا كلام عندهم فى أنه يشترط فى سقوط الفرض عن الآمر بهذا الحج وعدم وجوب الإعادة عليه استمرار العجز إلى الموت فإذا برئ المريض وتمكن من الحج وجب عليه الإعادة. أما إذا كان العجز لا يجرى زواله بأن كان لزمانة أو عمى مثلا فإنه يسقط الفرض عن الآمر ولا تجب عليه الإعادة إن زال هذا العجز على ما قالوا إنه الحق. ولا يشترط عند الحنفية أيضا أن يكون الحاج عن غيره قد حج عن نفسه حجة الإسلام نعم قالوا إن الأفضل احجاج الحر العالم بالمناسك الذى حج عن نفسه. ومقتضى النظر كما قال صاحب الفتح إن حج الضرورة ( وهو من لم يحج عن نفسه ) عن غيره إن كان بعد تحقق الوجوب عليه بملك الزاد والراحلة والصحة فهو مكروه كراهة تحريم لأنه يتعين عليه والحالة هذه فى أول سنى الإمكان فيأثم بتركه، وعلى هذا يحمل ما ورد عن النبى صلى اللّه عليه وسلم من أمره من كان يحج عن غيره أن يحج عن نفسه ثم يحج عن غيره هذا ولا شك أن للآمر ثوابا على هذا الحج. ولكن هل للمأمور ثواب أيضا. قال ابن عابدين وعلى القول بوقوع الحج عن الآمر لا يخلو المأمور من
الثواب. بل ذكر العلامة نحو عن مناسك القاضى حج الإنسان عن غيره أفضل من حجه على نفسه بعد أن أدى فرض الحج لأن نفعه متعد وهو أفضل من القاصر تأمل. انتهت عبارة ابن عابدين ومما قلنا ظهر الجواب عن السؤال حيث كان الحال كما ذكر به واللّه سبحانه وتعالى أعلم.