من طرف حكماء السبت 22 ديسمبر 2018 - 2:52
بّسم اللّه الرّحمن الرّحيم
مكتبة العلوم الشرعية
تحفة المودود بأحكام المولود
الباب السادس عشر : في فصول نافعة
في تربية الأطفال تحمد عواقبها عند الكبر
● [ فصل ] ●
ينبغي أن يكون رضاع المولود من غير أمه بعد وضعه يومين أو ثلاثة وهو الأجود لما في لبنها ذلك الوقت من الغلظ والأخلاط بخلاف لبن من قد استقلت على الرضاع وكل العرب تعتني بذلك حتى تسترضع أولادها عند نساء البوادي كما استرضع النبي في بني سعد
● [ فصل ] ●
وينبغي أن يمنع حملهم والطواف بهم حتى يأتي عليهم ثلاثة أشهر فصاعدا لقرب عهدهم ببطون الأمهات وضعف أبدانهم فصل وينبغي أن يقتصر بهم على اللبن وحده إلى نبات أسنانهم لضعف معدتهم وقوتهم الهاضمة عن الطعام فإذا نبتت أسنانه قويت معدته وتغذى بالطعام فإن الله سبحانه أخر إنباتها إلى وقت حاجته إلى الطعام لحكمته ولطفه ورحمة منه بالأم وحلمة ثديها فلا يعضه الولد بأسنانه
● [ فصل ] ●
وينبغي تدريجهم في الغذاء فأول ما يطعمونهم الغذاء اللين فيطعمونهم الخبز المنقوع في الماء الحار واللبن والحليب ثم بعد ذلك الطبيخ والأمراق الخالية من اللحم ثم بعد ذلك ما لطف جدا من اللحم بعد إحكام مضغه أو رضه رضا ناعما فصل فإذا قربوا من وقت التكلم وأريد تسهيل الكلام عليهم فليدلك ألسنتهم بالعسل والملح الاندراني لما فيهما من الجلاء للرطوبات الثقيلة المانعة من الكلام فإذا كان وقت نطقهم فليلقنوا لا إله إلا الله محمد رسول الله وليكن أول ما يقرع مسامعهم معرفة الله سبحانه وتوحيده وأنه سبحانه فوق عرشه ينظر إليهم ويسمع كلامهم وهو معهم أينما كانوا وكان بنو إسرائيل كثيرا ما يسمون أولادهم ب عمانويل ومعنى هذه الكلمة إلهنا معنا ولهذا كان أحب الأسماء إلى الله عبد الله وعبد الرحمن بحيث إذا وعى الطفل وعقل علم أنه عبد الله وأن الله هو سيده ومولاه
● [ فصل ] ●
فإذا حضر وقت نبات الأسنان فينبغي أن يدلك لثاهم كل يوم بالزبد والسمن ويمرخ خرز العنق تمريخا كثيرا ويحذر عليهم كل الحذر وقت نباتها إلى حين تكاملها وقوتها من الأشياء الصلبة ويمنعون منها كل المنع لما في التمكن منها من تعريض الأسنان لفسادها وتعويجها وخللها فصل ولا ينبغي أن يشق على الأبوين بكاء الطفل وصراخه ولا سيما لشربه اللبن إذا جاع فإنه ينتفع بذلك البكاء انتفاعا عظيما فإنه يروض أعضاءه ويوسع أمعاءه ويفسح صدره ويسخن دماغه ويحمي مزاجه ويثير حرارته الغريزية ويحرك الطبيعة لدفع ما فيها من الفضول ويدفع فضلات الدماغ من المخاط وغيره فصل وينبغي أن لا يهمل أمر قماطه ورباطه ولو شق عليه إلى أن يصلب بدنه وتقوى أعضاؤه ويجلس على الأرض فحينئذ يمرن ويدرب على الحركة والقيام قليلا قليلا إلى أن يصير له ملكة وقوة يفعل ذلك بنفسه
● [ فصل ] ●
وينبغي أن يوقى الطفل كل أمر يفزعه من الأصوات الشديدة الشنيعة والمناظر الفظيعة والحركات المزعجة فإن ذلك ربما أدى إلى فساد قوته العاقلة لضعفها فلا ينتفع بها بعد كبره فإذا عرض له عارض من ذلك فينبغي المبادرة إلى تلافيه بضده وإيناسه بما ينسيه إياه وأن يلقم ثديه في الحال ويسارع إلى رضاعه ليزول عنه ذلك المزعج له ولا يرتسم في قوته الحافظة فيعسر زواله ويستعمل تمهيده بالحركة اللطيفة إلى أن ينام فينسى ذلك ولا يهمل هذا الأمر فإن في إهماله إسكان الفزع والروع في قلبه فينشأ على ذلك ويعسر زواله ويتعذر فصل ويتغير حال المولود عند نبات أسنانه ويهيج به التقيء والحميات وسوء الأخلاق ولا سيما إذا كان نباتها في وقت الشتاء والبرد أو في وقت الصيف وشدة الحر وأحمد أوقات نباتها الربيع والخريف ووقت نباتها لسبعة أشهر وقد تنبت في الخامس وقد تتأخر إلى العاشر فينبغي التلطف في تدبيره وقت نباتها وأن يكرر عليه دخول الحمام وأن يغذى غذاء يسيرا فلا يملأ بطنه من الطعام وقد يعرض له انطلاق البطن فيعصب بما يكفيه مثل عصابة صوف عليها كمون ناعم وكرفس وأنيسون وتدلك لثته بما تقدم ذكره ومع هذا فانطلاق بطنه في ذلك الوقت خير له من اعتقاله فإن كان بطنه معتقلا عند نبات أسنانه فينبغي أن يبادر إلى تليين طبيعته فلا شيء أضر على الطفل عند نبات أسنانه من اعتقال طبيعته ولا شيء أنفع له من سهولتها باعتدال وأحمد ما تلين به عسل مطبوخ يتخذ منه فتائل ويحمل بها أو حبق مسحوق معجون بعسل يتخذ منه فتائل كذلك وينبغي للمرضع في ذلك الوقت تلطيف طعامها وشرابها وتجتنب الأغذية المضرة
● [ فصل في وقت الفطام ] ●
قال الله تعالى ( والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف لا تكلف نفس إلا وسعها لا تضار والدة بولدها ولا مولود له بولده وعلى الوارث مثل ذلك فإن أرادا فصالا عن تراض منهما وتشاور فلا جناح عليهما وإن أردتم أن تسترضعوا أولادكم فلا جناح عليكم إذا سلمتم ما آتيتم بالمعروف ) البقرة 233 فدلت الآية على عدة أحكام أحدها أن تمام الرضاع حولين وذلك حق للولد إذا احتاج إليه ولم يستغن عنه وأكدهما بكاملين لئلا يحمل اللفظ على حول وأكثر وثانيها أن الأبوين إذا أرادا فطامه قبل ذلك بتراضيهما وتشاورهما مع عدم مضرة الطفل فلهما ذلك وثالثها أن الأب إذا أراد أن يسترضع لولده مرضعة أخرى غير أمه فله ذلك وإن كرهت الأم إلا أن يكون مضارا بها أو بولدها فلا يجاب إلى ذلك ويجوز أن تستمر الأم على رضاعه بعد الحولين إلى نصف الثالث أو أكثر وأحمد أوقات العظام إذا كان الوقت معتدلا في الحر والبرد وقد تكامل نبات أسنانه وأضراسه وقويت على تقطيع الغذاء وطحنه ففطامه عند ذلك الوقت أجود له ووقت الاعتدال الخريفي أنفع في الطعام من وقت الاعتدال الربيعي لأنه في الخريف يستقبل الشتاء والهواء يبرد فيه والحرارة الغريزية تنشأ فيه وتنمو والهضم يزداد قوة وكذلك الشهوة
● [ فصل ] ●
وينبغي للمرضع إذا أرادت فطامه أن تفطمه على التدريج ولا تفاجئه بالفطام وهلة واحدة بل تعوده إياه وتمرنه عليه لمضرة الانتقال عن الإلف والعادة مرة واحدة كما قال بقراط في فصوله استعمال الكبير بغتة مما يملأ البدن أو يستفرغه أو يسخنه أو يبرده أو يحركه بنوع آخر من الحركة أي نوع كان فهو خطر وكلما كان كثيرا فهو معاد للطبيعة وكلما كان قليلا فهو مأمون فصل ومن سوء التدبير للاطفال أن يمكنوا من الامتلاء من الطعام وكثرة الأكل والشرب ومن أنفع التدبير لهم أن يعطوا دون شبعهم ليجود هضمهم وتعتدل أخلاطهم وتقل الفضول في أبدانهم وتصح أجسادهم وتقل أمراضهم لقلة الفضلات في المواد الغذائية قال بعض الأطباء وأنا أمدح قوما ذكرهم حيث لا يطعمون الصبيان إلا دون شبعهم ولذلك ترتفع قاماتهم وتعتدل أجسامهم ويقل فيهم ما يعرض لغيرهم من الكزاز ووجع القلب وغير ذلك قال فإن أحببت أن يكون الصبي حسن الجسد مستقيم القامة غير منحدب فقه كثيرة الشبع فإن الصبي إذا امتلأ وشبع فإنه يكثر النوم من ساعته ويسترخي ويعرض له نفخة في بطنه ورياح غليظة فصل وقال جالينوس ولست أمنع هؤلاء الصبيان من شرب الماء البارد أصلا لكني أطلق لهم شربة تعقب الطعام في أكثر الأمر وفي الأوقات الحارة في زمن الصيف إذا تاقت أنفسهم إليه قلت وهذا لقوة وجود الحار الغريزي فيهم ولا يضرهم شرب الماء البارد في هذه الأوقات ولا سيما عقيب الطعام فإنه يتعين تمكينهم منه بقدر لضعفهم عن احتمال العطش باستيلاء الحرارة
● [ فصل ] ●
ومما ينبغي أن يحذر أن يحمل الطفل على المشي قبل وقته لما يعرض في أرجلهم بسبب ذلك من الانفتال والاعوجاج بسبب ضعفها وقبولها لذلك واحذر كل الحذر أن تحبس عنه ما يحتاج إليه في قيء أو نوم أو طعام أو شراب أو عطاس أو بول أو إخراج دم فإن لحبس ذلك عواقب رديئه في حق الطفل والكبير
● [ فصل في وطء المرضع وهو الغيل ] ●
عن جذامة بنت وهب الأسدية قالت حضرت رسول الله في أناس وهو يقول لقد هممت أن أنهى عن الغيلة فنظرت في الروم وفارس فإذا هم يغيلون أولادهم فلا يضر أولادهم ذلك شيئا ثم سألوه عن العزل فقال ذلك الوأد الخفي. وهي ( وإذا الموؤدة سئلت ) التكوير 6 رواه مسلم في الصحيح وروى في صحيحه أيضا عن أسامة بن زيد أن رجلا جاء إلى رسول الله فقال إني أعزل عن امرأتي فقال له رسول الله لم تفعل ذلك فقال الرجل أشفق على ولدها أو على أولادها فقال رسول الله لو كان ذلك ضارا ضر فارس والروم وعن أسماء بنت يزيد قالت سمعت رسول الله يقول لا تقتلوا أولادكم سرا فو الذي نفسي بيده ليدرك الفارس فيدعثره قالت قلت ما يعني قالت الغيلة يأتي الرجل امرأته وهي ترضع رواه الإمام أحمد أبو داود وقد أشكل الجمع بين هذه الأحاديث على غير واحد من أهل العلم فقالت طائفة قوله لقد هممت أن أنهى عن الغيل أي أحرمه وأمنع منه فلاتنافي بين هذا وبين قوله في الحديث الآخر ولا تقتلوا أولادكم سرا فإن هذا النهي كالمشورة عليهم والإرشاد لهم إلى ترك ما يضعف الولد ويقتله قالوا والدليل عليه أن المرأة المرضع إذا باشرها الرجل حرك منها دم الطمث وأهاجه للخروج فلا يبقى اللبن حينئذ على اعتداله وطيب رائحته وربما حبلت الموطوءة فكان ذلك من شر الأمور وأضرها على الرضيع المغتذي بلبنها وذلك أن جيد الدم حينئذ ينصرف في تغذية الجنين الذي في الرحم فينفذ في غذائه فإن الجنين لما كان ما يناله ويجتذبه مما لا يحتاج إليه ملائما له لأنه متصل بأمه أتصال الغرس بالأرض وهو غير مفارق لها ليلا ولا نهارا وكذلك ينقص دم الحامل ويصير رديئا فيصير اللبن المجتمع في ثديها يسيرا رديئا فمتى حملت المرضع فمن تمام تدبير الطفل أن يمنع منها فإنه متى شرب من ذلك اللبن الرديء قتله أو أثر في ضعفه تأثيرا يجده في كبره فيدعثره عن فرسه فهذا وجه المشورة عليهم والإرشاد إلى تركه ولم يحرمه عليهم فإن هذا لا يقع دائما لكل مولود وإن عرض لبعض الأطفال فأكثر الناس يجامعون نساءهم وهن يرضعن ولو كان هذا الضرر لازما لكل مولود لاشترك فيه أكثر الناس وهاتان الأمتان الكبيرتان فارس والروم تفعله ولا يعم ضرره أولادهم وعلى كل حال فالأحوط إذا حبلت المرضع أن يمنع منها الطفل ويلتمس مرضعا غيرها والله أعلم
● [ فصل ] ●
ومما يحتاج إليه الطفل غاية الاحتياج الاعتناء بأمر خلقه فإنه ينشأ على ما عوده المربي في صغره من حرد وغضب ولجاج وعجلة وخفة مع هواه وطيش وحدة وجشع فيصعب عليه في كبره تلافي ذلك وتصير هذه الأخلاق صفات وهيئات راسخة له فلو تحرز منها غاية التحرز فضحته ولا بد يوما ما ولهذا تجد أكثر الناس منحرفة أخلاقهم وذلك من قبل التربية التي نشأ عليها وكذلك يجب أن يتجنب الصبي إذا عقل مجالس اللهو والباطل والغناء وسماع الفحش والبدع ومنطق السوء فإنه إذا علق بسمعه عسر عليه مفارقته في الكبر وعز على وليه استنقاذه منه فتغيير العوائد من أصعب الأمور يحتاج صاحبه إلى استجداد طبيعة ثانية والخروج عن حكم الطبيعة عسر جدا وينبغي لوليه أن يجنبه الأخذ من غيره غاية التجنب فإنه متى اعتاد الأخذ صار له طبيعة ونشأ بأن يأخذ لا بأن يعطي ويعوده البذل والإعطاء وإذا أراد الولي أن يعطي شيئا أعطاه إياه على يده ليذوق حلاوة الإعطاء ويجنبه الكذب والخيانة أعظم مما يجنبه السم الناقع فإنه متى سهل له سبيل الكذب والخيانة أفسد عليه سعادة الدنيا والآخرة وحرمه كل خير ويجنبه الكسل والبطالة والدعة والراحة بل يأخذه بأضدادها ولا يريحه إلا بما يجم نفسه وبدنه للشغل فإن الكسل والبطالة عواقب سوء ومغبة ندم وللجد والتعب عواقب حميدة إما في الدنيا وإما في العقبى وإما فيهما فأروح الناس أتعب الناس وأتعب الناس أروح الناس فالسيادة في الدنيا والسعادة في العقبى لا يوصل إليها إلا على جسر من التعب قال يحيى بن أبي كثير لا ينال العلم براحة الجسم ويعوده الانتباه آخر الليل فإنه وقت قسم الغنائم وتفريق الجوائز فمستقل ومستكثر ومحروم فمتى اعتاد ذلك صغيرا سهل عليه كبيرا فصل ويجنبه فضول الطعام والكلام والمنام ومخالطة الأنام فإن الخسارة في هذه الفضلات وهي تفوت على العبد خير دنياه وآخرته ويجنبه مضار الشهوات المتعلقة بالبطن والفرج غاية التجنب فإن تمكينه من أسبابها والفسح له فيها يفسده فسادا يعز عليه بعده صلاحه وكم ممن أشقى ولده وفلذة كبده في الدنيا والآخرة بإهماله وترك تأديبه وإعانته له على شهواته ويزعم أنه يكرمه وقد أهانه وأنه يرحمه وقد ظلمه وحرمه ففاته انتفاعه بولده وفوت عليه حظه في الدنيا والآخرة وإذا اعتبرت الفساد في الأولاد رأيت عامته من قبل الآباء
● [ فصل ] ●
والحذر كل الحذر من تمكينه من تناول ما يزيل عقله من مسكر وغيره أو عشرة من يخشى فساده أو كلامه له أو الأخذ في يده فإن ذلك الهلاك كله ومتى سهل عليه ذلك فقد استسهل الدياثة ولا يدخل الجنة ديوث فما أفسد الأبناء مثل تغفل الآباء وإهمالهم واستسهالهم شرر النار بين الثياب فأكثر الآباء يعتمدون مع أولادهم أعظم ما يعتمد العدو الشديد العداوة مع عدوه وهم لا يشعرون فكم من والد حرم والده خير الدنيا والآخرة وعرضه لهلاك الدنيا والآخرة وكل هذا عواقب تفريط الآباء في حقوق الله وإضاعتهم لها وإعراضهم عما أوجب الله عليهم من العلم النافع والعمل الصالح حرمهم الانتفاع بأولادهم وحرم الأولاد خيرهم ونفعهم لهم هو من عقوبة الآباء
● [ فصل ] ●
ويجنبه لبس الحرير فإنه مفسد له ومخنث لطبيعته كما يخنثه اللواط وشرب الخمر والسرقة والكذب وقد قال النبي يحرم الحرير والذهب على ذكور أمتي وأحل لإناثهم والصبي وإن لم يكن مكلفا فوليه مكلف لا يحل له تمكينه من المحرم فإنه يعتاده ويعسر فطامه عنه وهذا أصح قولي العلماء واحتج من لم يره حراما عليه بأنه غير مكلف فلم يحرم لبسه للحرير كالدابة وهذا من أفسد القياس فإن الصبي وإن لم يكن مكلفا فإنه مستعد للتكليف ولهذا لا يمكن من الصلاة بغير وضوء ولا من الصلاة عريانا ونجسا ولا من شرب الخمر والقمار واللواط فصل ومما ينبغي أن يعتمد حال الصبي وما هو مستعد له من الأعمال ومهيأ له منها فيعلم أنه مخلوق له فلا يحمله على غيره ما كان مأذونا فيه شرعا فإنه إن حمله على غير ما هو مستعد له لم يفلح فيه وفاته ما هو مهيأ له فإذا رآه حسن الفهم صحيح الإدراك جيد الحفظ واعيا فهذه من علامات قبوله وتهيئه للعلم لينقشه في لوح قلبه ما دام خاليا فإنه يتمكن فيه ويستقر ويزكو معه وإن رآه بخلاف ذلك من كل وجه وهو مستعد للفروسية وأسبابها من الركوب والرمي واللعب بالرمح وأنه لا نفاذ له في العلم ولم يخلق له مكنه من أسباب الفروسية والتمرن عليها فإنه أنفع له وللمسلمين وإن رآه بخلاف ذلك وأنه لم يخلق لذلك ورأى عينه مفتوحة إلى صنعة من الصنائع مستعدا لها قابلا لها وهي صناعة مباحة نافعة للناس فليمكنه منها هذا كله بعد تعليمه له ما يحتاج إليه في دينه فإن ذلك ميسر على كل أحد لتقوم حجة الله على العبد فإن له على عباد الحجة البالغة كما له عليهم النعمة السابغة والله أعلم
تحفة المودود بأحكام المولود
محمد بن أبي بكر ابن القيم الجوزية
منتدى ميراث الرسول - البوابة