من طرف حكماء الخميس 19 سبتمبر 2019 - 15:33
بّسم اللّه الرّحمن الرّحيم
مكتبة الفقه الإسلامي
منهاج الطالبين وعمدة المفتين
فقه على مذهب الإمام الشافعي
● [ كتاب الشفعة ] ●
لا تثبت في منقول بل في أرض وما فيها من بناء وشجر تبعا وكذا ثمر لم يؤبر في الأصح ولا شفعة في حجرة بنيت على سقف غير مشترك وكذا مشترك في الأصح وكل ما لو قسم بطلت منفعته المقصودة كحمام ورحى لا شفعة فيه في الأصح ولا شفعة إلا لشريك ولو باع دارا وله شريك في ممرها فلا شفعة له فيها والصحيح ثبوتها في الممر إن كان للمشتري طريق آخر إلى الدار أو أمكن فتح باب إلى شارع وإلا فلا وإنما تثبت فيما ملك بمعاوضة ملكا لازما متأخرا عن ملك الشفيع كمبيع ومهر وعوض خلع وصلح دم ونجوم وأجرة ورأس مال سلم ولو شرط في البيع الخيار لهما أو للبائع لم يؤخذ بالشفعة حتى ينقطع الخيار وإن شرط للمشتري وحده فالأظهر أنه يؤخذ إن قلنا الملك للمشتري وإلا فلا ولو وجد المشتري بالشقص عيبا وأراد رده بالعيب وأراد الشفيع أخذه ويرضى بالعيب فالأظهر إجابة الشفيع ولو اشترى اثنان دارا أو بعضها فلا شفعة لأحدهما على الآخر ولو كان للمشتري شرك في الأرض فالأصح أن الشريك لا يأخذ كل المبيع بل حصته ولا يشترط في التملك بالشفعة حكم حاكم ولا إحضار الثمن ولا حضور المشتري ويشترط لفظ من الشفيع كتملكت أو أخذت بالشفعة ويشترط مع ذلك إما تسليم العوض إلى المشتري فإذا تسلمه أو ألزمه القاضي التسلم ملك الشفيع الشقص وإما رضا المشتري بكون العوض في ذمته وإما قضاء القاضي له بالشفعة إذا حضر مجلسه وأثبت حقه فيملك به في الأصح ولا يتملك شقضا لم يره الشفيع على المذهب
● [ فصل ] ●
إن اشترى بمثلي أخذه الشفيع بمثله أو بمتقوم فبقيمته يوم البيع وقيل يوم استقراره بانقطاع الخيار أو بمؤجل فالأظهر أنه مخير بين أن يعجل ويأخذ في الحال أو يصبر إلى المحل ويأخذ ولو بيع شقص وغيره أخذه بحصته من القيمة ويؤخذ الممهور بمهر مثلها وكذا عوض الخلع ولو اشترى بجزاف وتلف امتنع الأخذ فإن عين الشفيع قدرا وقال المشتري لم يكن معلوم القدر حلف على نفي العلم وإن ادعى علمه ولم يعين قدرا لم تسمع دعواه في الأصح وإذا ظهر الثمن مستحقا فإن كان معينا بطل البيع والشفعة وإلا أبدل وبقيا وإن دفع الشفيع مستحقا لم تبطل شفعته إن جهل وكذا إن علم في الأصح وتصرف المشتري في الشقص كبيع ووقف وإجارة صحيح وللشفيع نقض ما لا شفعة فيه كالوقف وأخذه ويتخير فيما فيه شفعة كبيع بين أن يأخذ بالبيع الثاني أو ينقضه ويأخذ بالأول ولو اختلف المشتري والشفيع في قدر الثمن صدق المشتري وكذا لو أنكر الشراء أو كون الطالب شريكا فإن اعترف الشريك بالبيع فالأصح ثبوت الشفعة ويسلم الثمن إلى البائع إن لم يعترف بقبضه وإن اعترف فهل يترك في يد الشفيع أم يأخذه القاضي ويحفظه فيه خلاف سبق في الإقرار نظيره ولو استحق الشفعة جمع أخذوا على قدر الحصص وفي قول على الرؤس ولو باع أحد الشريكين نصف حصته لرجل ثم باقيها لآخر فالشفعة في النصف الأول للشريك القديم والأصح أنه إن عفا عن النصف الأول شاركه المشتري الأول في النصف الثاني وإلا فلا والأصح أنه لو عفا أحد شفيعين سقط حقه ويخبر الآخر بين أخذ الجميع وتركه وليس له الإقتصار على حصته وأن الواحد إذا أسقط بعض حقه سقط كله ولو حضر أحد شفيعين فله اخذ الجميع في الحال فإذا حضر الغائب شاركه والأصح أن له تأخير الأخذ إلى قدوم الغائب ولو اشتريا شقصا فللشفيع أخذ نصيبهما ونصيب أحدهما ولو اشترى واحد من اثنين فله أخذ حصة أحد البائعين في الأصح والأظهر أن الشفعة على الفور فإذا علم الشفيع بالبيع فليبادر على العادة فإن كان مريضا أو غائبا عن بلد المشتري أو خائفا من عدو فليوكل إن قدر وإلا فليشهد على الطلب فإن ترك المقدور عليه منهما بطل حقه في الأظهر فلو كان في صلاة أو حمام أو طعام فله الإتمام ولو أخر وقال لم أصدق المخبر لم يعذر ان أخبره عدلان وكذا ثقة في الأصح ويعذر أن أخبره من لا يقبل خبره ولو أخبر بالبيع بألف فترك فبان بخمسمائة بقي حقه وإن بان بأكثر بطل ولو لقي المشتري فسلم عليه أو قال بارك الله في صفقتك لم يبطل وفي الدعاء وجه ولو باع الشفيع حصته جاهلا بالشفعة الأصح بطلانها
● ● ● [ كتاب القراض ] ● ● ●
القراض والمضاربة أن يدفع إليه مالا ليتجر فيه والربح مشترك ويشترط لصحته كون المال دراهم أو دنانير خالصا فلا يجوز على تبر وحلي ومغشوش وعروض ومعلوما معينا وقيل يجوز على إحدى الصرتين ومسلما إلى العامل فلا يجوز شرط كون المال في يد المالك ولا عمله معه ويجوز شرط عمل غلام المالك معه على الصحيح ووظيفة العامل التجارة وتوابعها كنشر الثياب وطيها فلو قارضه ليشتري حنطة فيطحن ويخبز أو غزلا ينسجه ويبيعه فسد القراض ولا يجوز أن يشترط عليه شراء متاع معين أو نوع يندر وجوده أو معاملة شخص ولا يشترط بيان مدة القرض فلو ذكر مدة ومنعه التصرف بعدها فسد وإن منعه الشراء بعدها فلا في الأصح ويشترط اختصاصهما بالربح واشتراكهما فيه ولو قال قارضتك على أن كل الربح لك فقراض فاسد وقيل قراض صحيح وإن اقل كله لي فقراض فاسد وقيل إبضاع وكونه معلوما بالجزئية فلو قال على أن لك فيه شركة أو نصيبا فسد أو بيننا فالأصح الصحة ويكون نصفين ولو قال لي النصف فسد في الأصح وإن قال لك النصف صح على الصحيح ولو شرط لأحدهما عشرة أو ربح صنف فسد
● [ فصل ] ●
يشترط إيجاب وقبول وقيل يكفي القبول بالفعل وشرطهما كوكيل وموكل ولو قارض لعامل آخر بإذن المالك ليشاركه في العمل والربح لم يجز في الأصح وبغير أذنه فاسد فإن تصرف الثاني فتصرف غاصب فإن اشترى في الذمة وقلنا بالجديد فالربح للعامل الأول في الأصح وعليه للثاني أجرته وقيل هو للثاني وإن اشترى بعين مال القراض فباطل ويجوز أن يقارض الواحد اثنين متفاضلا متساويا والإثنان واحدا والربح بعد نصيب العامل بينهما بحسب المال وإذا فسد القراض نفذ تصرف العامل والربح للمالك وعليه للعامل أجرة مثل عمله إلا إذا قال قارضتك وجميع الربح لي فلا شيء له في الأصح ويتصرف العامل محتاطا لا بغبن ولا نسيئة بلا إذن وله البيع بعرض وله الرد بعيب تقتضيه مصلحة فإن اقتضت الإمساك فلا في الأصح وللمالك الرد فإن اختلفا عمل بالمصلحة ولا يعامل المالك ولا يشتري للقراض بأكثر من رأس المال ولا من يعتق على المالك بغير إذنه وكذا زوجه في الأصح ولو فعل لم يقع للمالك ويقع للعامل إن اشترى في الذمة ولا يسافر بالمال بلا إذن ولا ينفق منه على نفسه حضرا وكذا سفرا في الأظهر وعليه فعل ما يعتاد كطي الثوب ووزن الخفيف كذهب ومسك لا الأمتعة الثقيلة ونحوه وما لا يلزمه له الإستئجار عليه والأظهر أن العامل يملك حصته من الربح بالقسمة لا بالظهور وثمار الشجر والنتاج وكسب الرقيق والمهر الحاصلة من مال القراض يفوز بها المالك وقيل مال قراض والنقص الحاصل بالرخص محسوب من الربح ما أمكن ومجبور به وكذا لو تلف بعضه بآفة أو غصب او سرقة بعد تصرف العامل في الأصح وإن تلف قبل تصرفه فمن رأس المال في الأصح
● [ فصل ] ●
لكل فسخه ولو مات أحدهما أو جن أو أغمى عليه انفسخ ويلزم العامل الاستيفاء إذا فسخ أحدهما وتنضيض رأس المال إن كان عرضا وقيل لا يلزمه التنضيض إن لم يكن ربح ولو استرد المالك بعضه قبل ظهور ربح وخسران رجع رأس المال إلى الباقي وإن استرد بعد الربح فالمسترد شائع ربحا ورأس مال مثاله رأس المال مائة والربح عشرون واسترد عشرين فالربح سدس المال فيكون المسترد سدسه من الربح فيستقر للعامل المشروط منه وباقيه من رأس المال وإن استرد بعد الخسران فالخسران موزع على المسترد والباقي فلا يلزم جبر حصة المسترد لو ربح بعد ذلك مثاله المال مائة والخسران عشرون ثم استرد عشرين فربع العشرين حصة المسترد ويعود رأس المال إلى خمسة وسبعين ويصدق العامل بيمينه في قوله أربح أو لم أربح إلا كذا او اشتريت هذا للقراض أولى أولم تنهني عن شراء كذا وفي قدر رأس المال ودعوى التلف وكذا دعوى الرد في الأصح ولو اختلفا في المشروط له تحالفا وله أجرة المثل
● ● ● [ كتاب المساقاة ] ● ● ●
تصح من جائز التصرف ولصبي ومجنون بالولاية وموردها النخل والعنب وجوزها القديم في سائر الأشجار المثمرة ولا تصح المخابرة وهي عمل الأرض ببعض ما يخرج منها والبذر من العامل ولا المزارعة وهي هذه المعاملة والبذر من المالك فلو كان بين النخل بياض صحت المزارعة عليه مع المساقاة على النخل بشرط اتحاد العامل وعسر افراد النخل بالسقي والبياض بالعمارة والأصح انه يشترط أن لا يفصل بينهما وأن لا يقدم المزارعة وإن كثير البياض كقليله وأنه لا يشترط تساوي الجزء المشروط من الثمر والزرع وأنه لا يجوز أن يخابر تبعا للمساقاة فإن أفردت أرض بالمزارعة فالمغل للمالك وعليه للعامل أجرة عمله ودوابه وآلاته وطريق جعل الغلة لهما ولا أجرة أن يستأجره بنصف البذر ليزرع له النصف لآخر ويعيره نصف الأرض أو يستأجره بنصف البذر ونصف منفعة الأرض ليزرع النصف الآخر في النصف الآخر من الأرض
● [ فصل ] ●
يشترط تخصيص الثمر بهما واشتراكهما فيه والعلم بالنصيبين بالجزئية كالقراض والأظهر صحة المساقاة بعد ظهور الثمر لكن قبل بدو الصلاح ولو ساقاه على ودي ليغرسه ويكون الشجر لهما لم يجز ولو كان مغروسا وشرط له جزأ من الثمر على العمل فإن قدر له مدرة يثمر فيها غالبا صح وإلا فلا وقيل أن تعارض الإحتمالان صح وله مساقاة شريكه في الشجر إذا شرط له زيادة على حصته ويشترط أن لا يشرط على العامل ما ليس من جنس أعمالها وأن ينفرد بالعمل وباليد في الحديقة ومعرفة العمل بتقدير المدة كسنة أو أكثر ولا يجوز التوقيت بإدراك الثمر في الأصح وصيغتها ساقيتك على هذا النخل بكذا أو سلمته إليك لتتعهده ويشترط القبول دون تفصيل الأعمال ويحمل المطلق في كل ناحية على العرف الغالب وعلى العامل ما يحتاج إليه لصلاح المثمر واستزادته مما يتكرر كل سنة كسقي وتنقية نهر وإصلاح الإجاجين التي يثبت فيها الماء وتلقيح وتنحية حشيش وقضبان مضرة وتعريش جرت به عادة وكذا حفظ الثمر وجذاذه وتجفيفه في الأصح وما قصد به حفظ الأصل ولا يتكرر كل سنة كبناء الحيطان وحفر نهر جديد فعلى المالك والمساقاة لازمة فلو هرب العامل قبل الفراغ وأتمه المالك متبرعا بقي استحقاق العامل وإلا استأجر الحاكم عليه من يتمه وإن لم يقدر على الحاكم فليشهد على الإنفاق إن أراد الرجوع ولو مات وخلف تركه أتم الوارث العمل منها له أن يتم العمل بنفسه أو بماله ولو ثبتت خيانة عامل ضم إليه مشرف فإن لم يتحفظ به استؤجر من ماله ولو خرج الثمر مستحقا فللعامل على المساقي أجره المثل
منهاج الطالبين وعمدة المفتين
فقه على مذهب الإمام الشافعي
تأليف: أبي زكريا يحيى بن شرف النووي
منتديات الرسالة الخاتمة - البوابة