منتدى حكماء رحماء الطبى

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

    ضفحة رقم [ 3 ] من كتاب الصداقة والصديق

    avatar
    حكماء
    Admin


    عدد المساهمات : 2700
    تاريخ التسجيل : 30/12/2013

    ضفحة رقم [ 3 ] من كتاب الصداقة والصديق Empty ضفحة رقم [ 3 ] من كتاب الصداقة والصديق

    مُساهمة من طرف حكماء الجمعة 16 يوليو 2021 - 6:21

    ضفحة رقم [ 3 ] من كتاب الصداقة والصديق Sadaka10

    بّسم اللّه الرّحمن الرّحيم
    مكتبة ألأسرة الثقافية
    الصداقة والصديق
    ضفحة رقم [ 3 ] من كتاب الصداقة والصديق 1410

    قال يحيى بن أكثم: كنت أرى شيخاً يدخل على المأمون في السنة مرة، وكان يخلو به خلوة طويلة ثم ينصرف فلا نسمع له خبراً، ولا نرى له أثراً، لا نقدم على المسألة عنه فلما كان بعد قال لنا المأمون: واأسفاً على فقد صديق مسكون إليه، موثوق به، يلقى إليه العجر والبجر، ويقتبس منه الفوائد والغرر، قلنا وما ذاك يا أمير المؤمنين؟ قال: أما كنت ترى شيخاً يأتينا في الفرط، ونخلو به من دون الناس؟ قلت: بلى، قال: فإنه قد تأخر عن إبانه، وأظن أنه قد قضى، قلت: الله يمد في عمر أمير المؤمنين، وما في ذلك؟ قال: كان صديقي بخراسان، وكنت أستريح إليه استراحة المكروب، وأجد به ما يوجد بالولد السار المحبوب ولقد كنت أستمد منه رأياً أقوم به أود المملكة، وأصل به إلى رضاء الله في سياسة الرعية، وآخر ما قال لي عند وداعه أن قال: يا أمير المؤمنين إذا استقش ما بينك وبين الله تعالى فابلله، قلت: بماذا يا صاحب الخير؟ قال: بالاقتداء به في الإحسان إلى عباده، فإنه يحب الإحسان إلى عباده، كما تحب الإحسان إلى ولدك من حاشيتك، والله ما أعطاك الله القدرة عليهم إلا لتصر على إحسانك إليهم بالشكر على حسناتهم، والتغمد لسيئاتهم، وأي شيء أوجه لك عند ربك من أن تكون أيامك أيام عدل وإنصاف، وإحسان، وإسعاف، ورأفة، ورحمة، ومن لي يا يحيى بمثل هذا القائل، وأنى لي بمن يذكرني بما أنا إليه صائر.
    لما وقع الاختلاف بالمدينة خرج عروة بن الزبير إلى العقيق، واعتزل الناس، فعاتبه إخوانه فقال: رأيت ألسنتهم لاغية، وأسماعهم صاغية، وقلوبهم لاهية، فخفت أن تلحقني منهم الداهية، وكان لي فيما هنالك عنهم عافية.
    قال سويد الصامت:
    ألا رب من تدعو صديقاً ولو ترى ... مقالته بالغيب ساءك ما يفري
    مقالته كالشهد ما كان شاهداً ... وبالغيب صاب مستفيض من الثغر
    يسرك باديه وتحت أديمه ... نمية غش تلوها دبر الظهر
    تحدثني العينان ما القلب كاتم ... ولا جن بالبغضاء والنظر الشزر
    فرشني بخير طالما قد اردته ... فخير الموالي من يريش ولا يبري
    قال يحيى بن معاذ: بئس الصديق صديق تحتاج معه إلى المداراة، وبئس الصديق صديق تحتاج أن تقول له: أذكرني في دعائك، وبئس الصديق صديق يلجئك إلى الاعتذار.
    قال الأعمش: أدركت أقواماً كان الرجل منهم لا يلقى أخاه شهراً وشهرين فإذا لقيه لم يزده على كيف أنت، وكيف الحال، ولو سأله شطر ماله لأعطاه، ثم أدركت أقواماً لو كان أحدهم لا يلقى أخاه يوماً سأله عن الدجاجة في البيت، ولو سأله حبة من ماله لمنعه.
    كأن معالم الخيرات س ... دت دونها الطرق
    وخان الناس كلهم ... فما أدري بمن أثق
    فلا عقل ولا حسب ... ولا دين ولا خلق
    لقي رجل صاحباً له فقال له: إني أحبك، فقال: كذبت، لو كنت صادقاً ما كان لفرسك برقع وليس لي عباءة.
    وقيل لأبي العريب المصري: إذا كان الرجل يحب صاحبه، ويمنعه ماله، أيكون صادقاً؟ قال: يكون صادقاً في حبه، مقصراً في حقه.
    قال مالك بن دينار: إخوة هذا الزمان مثل مرقة الطباخ في السوق طيب الريح لا طعم له.
    قال الأحنف: خير الإخوان من إذا استغنيت لم يزدك في المودة، وإذا احتجت إليه لم ينقصك.
    قال أبو يعقوب: دخلنا على أبي المطيع القرباني نسأله الحديث فقدم إلينا طعاماً فأمسكنا عنه فقال: يا هؤلاء كانت المواساة بين الإخوان قبلنا بالضياع، والرباع، والبراذين، والمماليك، والدور والبدور، فصارت اليوم إلى هذا وهو مروؤتنا، فإن أمسكتم عن هذا أيضاً ذهب هذا القدر، وماتت سنة السلف فلا تفعلوا، فأقبلنا عليه وأكلنا.
    قال بلال بن سعد: أخ لك كلما لقيك ذكرك برؤيته ربك، خير لك من أخ كلما لقيك وضع في كفك ديناراً.
    قال يحيى بن معاذ: واشوقاه إلى حبيب إذا غضب عفا، وإذا رضي كفى.
    قلت لأبي سليمان: هل يلاث ما بين الصديقين، وهل يفضيان إلى هجر، وهل يفزعان إلى عتب؟ فقال: أما ما دامت الصداقة قاصرة عن درجتها القاصية، فقد يعرض هذا كله بينهما، لكنهما يرجعان فيه إلى أس المودة، وإلى شرائط المروءة، وإلى مالا يهتك سجف الفتوة، وأما الهجر فإن حدث حدث جميلاً، ولا مستمر لحوافز الشوق إلى المعهود، ومحركات النفس إلى التلاقي، وأما العتب فربما أصلح ورد الفائت، وشعب الصدع، ولم الشعث، والإكثار منه ربما عرض بالحقد، وأحدث نوعاً من النبو، وقد قيل: وما صافيت من لا تعاتبه، وربما كان العود إلى الصفاء بعد هذا الكدر فوق ما عهداه في الأول. وقال الأول:
    أناس أمناهم فنموا حديثنا ... فلما كتمنا السر عنهم تقولوا
    ولم يحفظوا الود الذي كان بيننا ... ولا حين هموا بالقطيعة أجملوا
    قلت فما الفرق بين الصداقة والعلاقة؟ فقال: الصداقة أذهب في مسالك العقل، وأدخل في باب المروءة، وأبعد من نوازي الشهوة، وأنزه عن آثار الطبيعة، وأشبه بذوي الشيب والكهولة، وأرمى إلى حدود الرشاد، وآخذ بأهداب السداد، وأبعد من عوارض الغرارة والحداثة.
    فأما العلاقة فهي من قبل العشق، والمحبة، والكلف، والشغف، والتتيم، والتهيم، والهوى، والصبابة، والتدانف، والتشاجي. وهذه كلها أمراض أو كالأمراض بشركة النفس الضعيفة، والطبيعة القوية، وليس للعقل فيها ظل، ولا شخص، ولهذا تسرع هذه الأعراض إلى الشباب من الذكران والإناث، وتنال منهم، وتملكهم، وتحول بينهم وبين أنوار العقول، وآداء النفوس، وفضائل الأخرق، وفوائد التجارب، ولهذا وأشباهه يحتاجون إلى الزواجر، والمواعظ، ليفيئوا إلى ما فقدوه من اعتدال المزاج، والطريق الوسط. على أن العشق والمحبة وما يحويهما فيهما كلام من نحو آخر. وأنشد أبو عبيدة:
    إن كنت لا تصحب إلا فتى ... مثلك لم تقرن بأمثالكا
    فأغض عينيك على ما ترى ... فالمسك قد يستصحب الرامكا
    يقال: رامك ورامك، سمعته من الحسن بن عبد الله الإمام السيرافي.
    عتب ابن ثوابة أبو العباس على سعيد بن حميد في شيء فكتب إليه سعيد:
    أقلل عتابك فالزمان قليل ... والدهر يعدل مرة ويميل
    لم أبك من زمن ذممت صروفه ... إلا بكيت عليه حين يزول
    والمنتمون إلى الإخاء جماعة ... إن حصلوا أفناهم التحصيل
    ولكل نائبة ألمت مدة ... ولكل حال أقبلت تحويل
    فلئن سبقت لتبكين بحسرة ... وليكثرن علي منك عويل
    ولتفجعن بمخلص لك وامق ... حبل الوفاء بحبله موصول
    ولئن سبقت، ولا سبقت، ليمضين ... من لا يشاكله لدي عديل
    وليذهبن جمال كل مروءة ... وليقفرن فناؤها المأهول
    ولذاك نكلف بالعتاب وودنا ... باق عليه من الوفاء دليل
    ود بدا لذوي الإخاء صفاؤه ... وبدت عليه بهجة وقبول
    ولعل أيام الحياة قصيرة ... فعلام يكثر عتبنا ويطول؟
    آخر:
    إذا ما أتت من صاحب لك زلة ... فكن أنت محتالا لزلته عذرا
    آخر:
    البس أخاك على تصنعه ... فلرب مفتضح على النص
    ما كدت أفحص عن أخي ثقة ... إلا ذممت عواقب الفحص
    آخر:
    احذر مودة ماذق ... مزج المرارة بالحلاوه
    يحصي الذنوب عليك ... أيام الصداقة للعداوه
    سعيد بن حميد:
    لقد ساءني أن ليس لي عنك مذهب ... ولا لك في حسن الضيعة مرغب
    أفكر في ود تقادم بيننا ... وفي دونه قربى لمن يتقرب
    وأنت سقيم الود رث حباله ... وخير من الود السقيم التجنب
    تسيىء وتأبى أن تعقب بعده ... بحسنى وتلقاني كأني مذنب
    واحذر إن جازيت بالسوء والقلى ... مقالة قوم، ودهم عنك أجنب
    أساء اختياراً أو عرته ملالة ... فعاد يسيء الظن أو يتعقب
    فخبت من الود الذي كنت أرتجي ... كما خاب راجي البرق، والبرق خلب
    وقال أعرابي: كثرة العتاب إلحاف، وتركه استخفاف.
    وحدثنا ابو السائب عتبة بن عبيد الله القاضي قال: كتب إلي أبو الشهم الحرمي أيام الشبيبة في خلافة المعتمد، والزمان موآت، والعيش رفيق، والأمل قوي، وطائر السعد مرنق، وغدير الأنس مغدودق: ما أحوجك أيها الفتى المقتبل، والصاحب المؤمل، إلى أخ كريم الأخوة، كامل المروة، إذا غبت خلفك، وإذا حضرت كنفك، وإن لقي صديقك استزاده لك من المودة، وإن لقي عدوك كف عنك غرب العادية، وإذا رأيته ابتهجت، وإذا باثثته استرحت. قال: فأجبته، هون عليك فليس هذا بأول متمنى فائت والسلام.
    أخبرني المرزباني، حدثنا الصولي، حدثنا المبرد، حدثنا أبو عمر قال الأصمعي: دخلت على الخليل وهو جالس على حصير صغير فقال: تعال واجلس، فقلت: أضيق عليك، فقال: مه فإن الدنيا بأسرها لا تسع متباغضين، وإن شبراً في شبر يسع متحابين!.
    قال بعض السلف: ضربة الناصح خير لك من تحية الشانىء، ولا فضل للمرائي بالود على مظهر الشنآن.
    قال أبو جعفر الشاشي: قد أصاب في الكلمة الأولى، فأما في الكلمة الثانية فهو مقصر، لأن المرائي له ظاهر يحمد وإن كان له باطن يذم، وليس كذلك الشنآن، فإنه ليس له باطن يحمد، ولا ظاهر يقبل، فقد بان فضل المرائي بالود على صاحبه. والمرائي قد يبلغ لك كثيراً من محابك، والرياء ستر سابغ، وليس بينه وبين الإخلاص إلا عقدنية، وضمير نفس، وصدق غيب، وصلاح سر.
    وسمعت ابن شاهين يروي عن رسول الله صلى الله عليه وآله: استعيذوا بالله من شرار الناس، وكونوا من خيارهم على حذر.
    شاعر:
    ثلاثة أصفيتهم إخائي ... كأنهم كواكب الجوزاء
    عطارديون يرون رأيي ... كأنما أهواؤهم أهوائي
    آخر:
    خلان لي أمرهما عجيب ... كل لكل منهما حبيب
    ما لي في نجواهما نصيب ... كأنني بينهما رقيب
    وقال الأول:
    قد ألبس المرء فيه العيب أعرفه ... ولا أحب إخاء الكاذب الملق
    حيناً وأطويه أستبقي ملولته ... طي الرداء على أثنائه الخرق
    آخر:
    لحى الله من لا ينفع الود عنده ... ومن حبله إن مد غير متين
    ومن هو إن تحدث له العين نظرة ... تقضت بها أسباب كل قرين
    ومن هو ذو لونين ليس بدائم ... على خلق، خوان كل أمين
    آخر:
    عاشر الناس بالجميل ... وسدد وقارب
    واحترس من أذى الكرام وج ... د بالمواهب
    لا يسود الجميع من ... لم يقم بالنوائب
    ويحوط الأدنى وير ... عى ذمام الأقارب
    فهم ذو فطانة ... عالم ذو تجارب
    لا تواصل إلا ال ... شريف الكريم الضرائب
    واجتنب وصل كل و ... غد دنىء المكاسب
    نيرب لا يزال يو ... قد نار الحباحب
    لا تبع عرضك المص ... ون بعرض المكالب
    أنا للشر كاره ... وله غير هائب
    آخر:
    بلاء ليس يشبهه بلاء ... عداوة غير ذي حسب ودين
    يبيحك منه عرضاً لم يصنه ... ويرتع منك في عرض مصون
    والذين ضجوا من إخوانهم الذين وثقوا بهم فخانوهم، وبكوا بالدموع الغزيرة على ما فاتهم منهم، وساءت ظنونهم بغيرهم، فكثير بثير لا يحصيهم إلا الله تعالى. هذا فرار بن سيار روى له ابن الأعرابي قوله:
    جزى الله عني مرة اليوم ما جزى ... شرار الموالي حيث يجزي المواليا
    إذا ما رأى من عن يميني أكلباً ... عوين عوى مستجلباً عن شماليا
    ويسألني أن كيف حالي بعده ... على كل شيء ساءه الدهر حاليا
    فحالي أني قد حللت ببلدة ... أصبت بها داراً لأهلي وماليا
    وحالي أني سوف أهدي له الخنا ... وأمشي له المشي الذي قد مشى ليا
    وهذا الأسود بن يعفر يقول:
    إن امرءاً مولاه أدنى داره ... فيما ألم وشره لك باد
    إن قلت خيراً قال شراً غيره ... أو قلت شراً مده بمداد
    فلئن أقمت لأظعنن لبلدة ... ولئن ظعنت لأرسين أوتادي
    كان التفرق بيننا عن ميزة ... فاذهب إليك فقد شفيت فؤادي
    آخر:
    إن يعلموا الخير يخفوه وإن علموا ... شراً أذاعوا، وإن لم يعلموا كذبوا
    آخر:
    إن يسمعوا ريبة طاروا بها فرحاً ... مني، وما سمعوا من صالح دفنوا
    فهذا باب طويل لا طمع في بلوغ آخره.
    وقال آخر:
    ما ودني أحد إلا بذلت له ... صفو المودة مني آخر الأبد
    ولا قلاني، وإن كنت المحب له ... إلا دعوت له الرحمن بالرشد
    ولا ائتمنت على سر فبحت به ... ولا مددت إلى غير الجميل يدي
    ولا أقول نعم يوماً فأتبعها ... منعاً ولو ذهبت بالمال والولد
    ولا أخون خليلي في حليلته ... حتى أغيب في الأكفان واللحد
    آخر:
    لله في الأرض أجناد مجندة ... أرواحها بيننا بالصدق تعترف
    فما تعارف منها فهو مؤتلف ... وما تناكر منها فهو مختلف
    وقال إبراهيم بن العباس الصولي الكاتب:
    من يشتري مني إخاء محمد ... بل من يريد إخاءه مجانا
    بل من يخلص من إخاء محمد ... وله رضاه كائناً من كانا؟
    آخر:
    قل لمن شط المزار به ... ليت شعري عنك ما خبرك
    أعلى حفظ لحرمتنا ... أم عفا من ودنا أثرك
    وكتب الحراني إلى صديق له:
    بسم الله الرحمن الرحيم
    إن كان ذهولك عن الدنيا اخضلت، وهطل عليك سماؤها، وأربت بك ديمها، فإن أكثر ما يجري في الظن بك، بل في اليقين منك، أملك ما يكون لغنانا أن يجمع بك، ولنفسك أن تستعلي عليك، إذا لانت لك أكنافها، وانقاد في كفك زمامها، لأنك لم تنل ما نلته خطفاً وخلساً، ولا عن مقدار أزحف إليك غير حقك، ومال إليك سوى نصيبك، فإن ذهبت إلى أن حقك قد يحتمل في قوته وسعته أن يضاف إليه الجفوة والنبوة، فيتضاءل في جنبه ويصغر عن كبيره، فغير مدفوع عن ذلك، وايم الله لولا ما منيت به النفس من الضن بك، وأن مكانك منها لا يسده غيرك لتنحيت عنك، وذهلت عن إقبالك وإدبارك، ولكان في جفائك ما يكسر من غربها، ويبرد من غليلها، ولكنه كما تكاملت النعمة لك، تكاملت الرغبة فيك.
    قال بشار:
    ربما يثقل الجليس وإن كا ... ن خفيفاً في كفة الميزان
    سمعت أحمد بن محمد الكاتب يحكي: قال العتابي: لا أحب رجلاً نقل إلي ما كرهت عن صديقي فغيرني له، ولا عن عدو فحملني على طلب الانتصار منه، ومع ذلك فلم يستحي بأن واجهني بما ساءني سماعه. أما قوله :
    قد كنت أبكي على ما فات من سلفي ... وأهل ودي جميعاً غير أشتات
    فاليوم إذ فرقت بيني وبينهم ... نوى: بكيت على أهل المودات
    فليس ما نحن فيه بسبيل، لأن الكلام في الصداقة على كرم العهد، وبذل المال، وتقديم الوفاء، وحفظ الذمام، وإخلاص المودة، ورعاية الغيب، وتوقر الشهادة، ورفض الموجدة، وكظم الغيظ، واستعمال الحلم، ومجانبة الخلاف، واحتمال الكل، وبذل المعونة، وحمل المؤونة، وطلاقة الوجه، ولطف اللسان، وحسن الاستنابة والثبات على الثقة، والصبر على الضراء، والمشاركة في البأساء، والعلاقة، وإن كانت تستعير من هذه الأبواب شيئاً فليس ذلك لأنه من عتادها وأساسها، ولا ما لا يتم إلا به، ولكن من أجل التحسن والتزين، وهذا الذي قاله هذا الشيخ كلام قصد، قريب، سليم، مقبول، ولسنا نتعقبه بنقص، ولا نقدح فيه باعتراض، لأن العاشق والمعشوق ليسا من الصديق والصديق، وإن كانوا يتشابهون ببعض الأخلاق، ويتلاقون في بعض الأحوال، فليكن هذا الرسم كافياً محفوظاً، فإن المغالطة قد تقع في هذا كثيراً، والإنصاف يقوم عليه دائماً.
    قال القرباني محمد بن يوسف: قلت للثوري: إني أريد الشام فأوصني قال: إن قدرت أن تنكر كل من تعرف فافعل، وإن استطعت أن تستفيد مائة أخ، حتى إذا خلصوا لك تسقط منهم تسعة وتسعين، وتكون في الواحد شاكاً فافعل.
    قد شدد هذا الشيخ كما ترى، ولست أرى هذا المذهب محيطاً بالحق، ولا معلقاً بالصواب، ولا داخلاً في الإنصاف، فإن الإنسان لا يمكنه أن يعيش وحده، ولا يستوي له أن يأوي إلى المقابر، ولابد له من أسباب بها يحيى، وبأعمالها يعيش، فبالضرورة ما يلزمه أن يعاشر الناس، ثم بالضرورة ما يصير له بهذه المعايشة، بعضهم صديقاً، وبعضهم عدواً، وبعضهم منافقاً، وبعضهم نافعاً، وبعضهم ضاراً، ثم بالضرورة يجب عليه أن يقابل كل واحد منهم بما يكون له مرد من دين، أو عقل، أو فتوة، أو نجدة، ويستفيد هو من ذلك كله ما يكون خاصاً به، وعائداً بحسن العقبي عليه، إما في العاجل، وإما في الآجل، ولعزة الحال في وجدان الصديق، وتعذر السلامة على القريب والبعيد، قال القائل:
    كن لثغر البيت حلسا ... وارض بالوحدة أنسا
    واغرس الناس بأرض ال ... زهد ما عمرت غرسا
    وليكن يأسك دو ... ن الطمع الكاذب ترسا
    لست بالواحد حراً ... أو ترد اليوم أمسا
    ما وجدنا أحداً س ... اوى على الخبرة فلسا
    قال علي بن عبيدة: إنه لا دواء لمن لا حياء له، ولا حياء لمن لا وفاء له، ولا وفاء لمن لا إخاء له، ولا إخاء لمن يريد أن يجمع هوى أخلائه له حتى يحبوا ما أحبل، ويكرهوا ما كره، وحتى لا يرى منهم زللاً ولا خللاً.
    بعث النضر بن الحارث إلى صديق له بعبادان نعلين مخصوفتين وكتب إليه: إني بعثت بهما إليك، وأنا أعلم أنك عنهما غني، لكني أحببت أن تعلم أنك مني على بال والسلام.
    فأجابه: ما أنا بغني عن برك الذي يحثني على شكرك، ويخرطني في سلكك، ويزيدني بصيرة بزيادة الله عندك ومحبتك لأن أعلم أني منك على بال لأن يقيني بذلك راسخ، وحمدي عليه غاد ورائح، لاعدمتك لي أخاً باراً، ولا عدمتني لك قائلاً ساراً.
    وقال الشاعر:
    تكثر من الإخوان ما استطعت إنهم ... كنوز إذا ما استنجدوا وظهور
    وما بكثير ألف خل وصاحب ... وإن عد منهم واحد لكثير
    وقيل: لو تكاشفتم ما تدافنتم.
    قال أبو غسان غناة بن كليب: اجتمعت أنا ومحمد بن النضر الحارثي وعبد الله بن المبارك، والفضييل ورجل آخر فصنعت لهم طعاماً فلم يخالف محمد بن النضر علينا في شيء، فقال له ابن المبارك: ما أقل خلافك فأنشد:
    وإذا صاحبت فاصحب ماجداً ... ذا حياء وعفاف وكرم
    قوله للشيء لا إن قلت: لا ... وإذا قلت: نعم قال: نعم
    وأنشد أبو حاتم:
    لعمري لقد ألفتني الهموم كما يألف الصاحب الصاحبا
    فأما السرور فمثل العدو إذا ما رآني نأى جانبا
    قيل لعبد الله بن أبي بكرة: أي شيء أمتع؟ قال: ممازحة محب، ومحادثة صديق، وأماني تقطع بها أيامك.
    وقال الشاعر:
    الناس أشباه السباع فانشمر ... فمنهم الذئب ومنهم النمر
    والضبع العثواء والليث المبر
    آخر:
    أخ لي يعطيني إذا ما سألته ... ولو لم أعرض بالسؤال ابتدانيا
    آخر:
    ومن نكد الدنيا على الحرأن يرى ... عدواً له ما من صداقته بد
    آخر:
    إذا أنت عاتبلت الخليل فلم يكن ... بودك لم يعتبك حين تعاتبه
    سمعت ابن كعب يقول: العتاب مذلة، وقل من بدأ به متظاهراً إلا وثاب عنه خاسراً، وربما أورث ما هو أضر مما عتب عليه، ومن نكده أنه يضطر إليه، وله ورد حلو، وصدر مر، ومأخذ سهل، ومترك صعب، على أن المودة كلما كانت أخلص، كانت أعراضها المفسدة أكثر، وقد قال الأول:
    وما أنا في عتبي بأول ذي هوى ... رأى بعض مالا يشتهي فتعتبا
    ولقد أحسن الآخر في قوله:
    إذا كنت في كل الأمور معاتباً ... صديقك لم تلق الذي لا تعاتبه
    فعش واحداً أوصل أخاك فإنه ... مقارف ذنب مرة ومجانبه
    آخر:
    وليس بمغن في المودة شافع ... إذا لم يكن بين الضلوع شفيع
    آخر:
    رأيتك تفرى للصديق نوافذاً ... عدوك من أوصابها الدهر آمن
    وتكشف أسرار الأخلاء مازحاً ... ويا رب مزح عاد وهو ضغائن
    سأحفظ ما بيني وبينك صائناً ... عهودك، إن الحر للعهد صائن
    فألقاك بالبشر الجميل مداهناً ... فلي منك خل، ما علمت، مداهن
    أنم بما استودعته من زجاجة ... ترى الشيء فيها ظاهراً وهو باطن
    آخر:
    عذيري من صديق لا يبالي ... أأعذر في الحوادث أم ألاما
    سرت نحوي نوائبه فرادى ... فلم أجفل بها فسرت تؤاما
    وأظمأني فلما رمت سقياً ... سقاني غير مكترث سماما
    آخر:
    لا تطفئن جوى بعتب إنه ... كالريح تغري النار بالإحراق
    آخر:
    ولا خير في ود امرىء متكاره ... عليك، ولا في صاحب لا توافقه
    آخر:
    ألا أن خير الود ود تطوعت ... به النفس، لا ود أتى وهو متعب
    آخر:
    إني إذا ما الخليل أحدث لي ... صرماً ومل الإخاء أو قطعا
    لا أحتسي ماءه على رنق ... ولا يراني لبينه جزعا
    سمع هذا ابن كعب فقال: ظلم، لم لا أحتسي ماءه على رنق، ولم لا أجزع لبينه، ولم لا أستصلحه، وأتلطف له، ولم أحرج عنه إذا أحدث لي صرماً؟ ولعل صرمه عارض، وملله عن غير عقيدة، وقطعه غلط، كأن الصديق مكسوب بسهولة، وموجود متى طلب، وهيهات! قال المأمون لعبد الله بن طاهر:
    أخي أنت ومولاي ... ومن أشكر نعماه
    وما أحببت من أمر ... فإني الدهر أهواه
    وما تكره من شيء ... فإني لست أرضاه
    لك الله على ذاك ... لك الله لك الله
    وقال آخر:
    ومولى كأن الشمس بيني وبينه ... إذا ما التقينا لست ممن أعاتبه
    آخر:
    أكاشره وأعلم أن كلا ... على ما ساء صاحبه حريص
    وقال آخر:
    أكرم رفيقك واعلم حين تصحبه ... أن الرفيق أخ ما ضمه السفر
    آخر:
    الصدق أفضل ما حصرت به ... ولربما نفع الفتى كذبه
    ومن البلاء أخ جنايته ... علق بنا، ولغيرنا نشبه
    وقال عروة بن الورد:
    فدع ما لمت صاحبه عليه ... فشين أن يلومك من تلوم
    كتب المعتصم إلى ابن ظاهر عبد الله: إياك أن تريني وجهك، فإني لست آمن نفسي عليك، ولك من قلبي مكان، ما أوثر أن يؤثر فيه ما يحيله عن صورته، ولأن تكون بعيداً وأنا لك، خير من أن تكون قريباً وأنا عليك، ولأن لا تراني وأنا واثق بك، أنفع لك من أن أراك وأنا ظنين فيك، وإذا صدقتك عما حنيت عليه ضلوعي من أمرك، فقد قضيت حقك في كفايتك، واستدمت به صفاء ضميرك، ولة قرأت لي ألف كتاب بالورود، فلا تعمل عليه، ولا يرخصن عندك هذا القول فإن تحته وجداً بك، واستنامة إليك، وابتهاجاً بمكانك، وازدياناً بخبرك وعيانك، واكتم هذه الحروف عن كل عين رائية، ولا تدل على شيء منه مصرحاً، ولا معرضاً، والزم فناء عزك، واستنشق نسيم شوقي إليك، وتطعم حلاوة ثقتي بك، وشم بارقة عتب إذا مع نقع، وإذا أمسك أهلك، وإذا در بر، وإذا أقلع أجزع.
    كتب أبو بكر لرجل كتاباً في شيء جعله قطيعة له فحمله الرجل إلى عمر بن الخطاب ليمضيه: فلما نظر عمر فيه بزق عليه ومحاه، فعاد الرجل مستعراً إلى أبي بكر فقال: فعل عمر كذا وكذا، والله ما أدري أأنت الخليفة أو عمر، فقال أبو بكر: هو، إلا أنه أنا! وكان الزهري يرويه: إلا أنه أبلى، وعلى الوجهين المراد صحيح، والمرمى عال، والغاية بعيدة.
    قيل لأعرابي: أبا لصديق أنت آنس أم بالعشيق؟ فقال: يا هذا الصديق لكل شيء، للجد والهزل، وللقليل والكثير، ولا عاذل عليه، ولا قادح فيه، وهو روضة العقل، وغدير الروح.
    فأما العشيق فإنما هو للعين، وبعض الريبة، والعذل إليه من أجله سريع، وفي الولوع به إفراط مزجور عنه، وحد موقوف دونه، فأين هذا من ذاك؟ نهار بن توسعة:
    عتبت على سلم فلما فقدته ... وجربت أقواماً بكيت على سلم
    آخر:
    ونعتب أحياناً عليه ولو مضى ... لكنا على الباقي من الناس أعتبا
    قال أعرابي: تصف عقلك مع أخيك فالقه واستشره.
    شاعر:
    واحفظ صديق أبيك حين وجدته ... واحب الكرامة من بدا فحباكها
    آخر:
    قبح الإله عداوة لا تتقي ... وقرابة يدلى بها لا تنفع
    آخر:
    فتى لا يرزأ الخلان إلا ... مودتهم ويرزأه الخليل
    آخر:
    وكل إمارة عما قليل ... مغيرة الصديق على الصديق
    وقال النبي صلى الله عليه وسلم: المؤمن مألفة.
    قال أبو سعيد السيرافي: معناه أنه يؤلف ولا يجوز أن يؤلف حتى يألف، فذكر المثال الذي يقع الفعل فيه ومنه.
    وقال بعض السلف: خير الناس إلف الناس للناس.
    وقال الشاعر:
    أقلل زيارتك الصدي ... ق تكن كثوب تستجده
    إن الصديق يغمه ... أن لا يزال يراك عنده
    وقال أبو هريرة: لقد دارت كلمة العرب: زرغباً تزدد حباً إلى أن سمعت من الرسول صلى الله عليه وآله وأصحابه، ولقد قالها لي.
    قال العسجدي: ليست هذه الكلمة محمولة على العام، ولكن لها مواضع يجب أن تقال فيها، لأن الزائر يستحقها، ألا يرى أنه صلى الله عليه وآله وأصحابه لا يقول ذلك لأبي بكر، ولا لعلي بن أبي طالب وأشباههما، فأما أبو هريرة فأهل لذاك لبعض الهنات التي يلزمه أن يكون مجانباً لها، وحائداً عنها وقد قال الشاعر:
    إذا شئت أن تقلى فزر متواتراً ... وإن شئت أن تزداد حباً فزرغبا
    آخر:
    وعين الرضا عن كل عيب كليلة ... ولكن عين السخط تبدي المساويا
    آخر:
    زر قليلاً لمن يودك غباً ... فدوام الوصال داعي الملال
    للعتابي:
    ولقد أقول تصبراً وتكرماً ... لما تخرم ودك الأيام
    إن تجفني فلطالما قربتني ... هذا بذاك وما عليك ملام
    سعيد بن حميد:
    إذا كثرت ذنوب من خليل ... فقفه بين وصل واجتناب
    وأنظره فللأيام حكم ... بذلك كل ماضي العزم آب
    وعاتبه فكم أبدي عتاب ... جلية مشكل بعد ارتياب
    ورج النفع في الإعراض عنه ... إذا أخفقت من نفع العتاب
    وراجعه بعفوك حين يثني ... عناناً للرجوع أو الإياب
    فإن العفو عن ذي الحزم أولى ... إذا قدرت يداك على العتاب
    فإنك واجد للحي ذنباً ... وتعدم ذنب من تحت التراب
    آخر:
    تغير لي فيمن تغير حارث ... وكم من فتى قد غيرته الحوادث
    أحارث إن شوركت فيك فطالما ... عتبنا وما بيني وبينك ثالث
    سعيد بن حميد:
    جعلت لأهل الود ألا أريبهم ... بغدر، وإن مالوا إلى جانب الغدر
    وإن أجزي الود الجميل بمثله ... وأقبل عذراً جاء من جهة العذر
    واحملهم مني على حكم منصف ... تعلم حزم الرأي من عقب الدهر
    وإن يدعني وصل أجبه ملبياً ... وإن يدعني هجر أجب داعي الهجر
    وقال:
    وكنت إذا ما صاحب مل صحبتي ... صددت، وبعض الصد في الحب أمثل
    وقلت جميلاً حين أصرم حبله ... فإن كان لم يأت التي هي أجمل
    وقال:
    أشكو إلى الله جفاء امرىء ... ما كان بالجافي ولا بالملول
    كان وصولاً دائماً عهده ... خير الأخلاء الكريم الوصول
    ثم ثناه الدهر عن رأيه ... فحال والدهر بقوم يحول
    فإن يعد اشكر له فعله ... وإن يطل هجراً فصبر جميل
    آخر:
    أردت عتابكم فصفحت إني ... رأيت الهجر مبدأه العتاب
    آخر:
    من كان لا يرجى لرفع شان ... ودفع لأواء عن الإخوان
    وليس في الدين بمستعان ... فعيشه وموته سيان
    آخر:
    الناس من خادع ومختدع ... وكلهم مانع لما حازا
    تعاملوا بالخداع بينهم ... ما جوز الناس بينهم جازا
    آخر:
    وصاحب كان لي وكنت له ... أشفق من والد على ولد
    كنا كساق يمشي بها قدم ... أو كذراع نيطت إلى عضد
    وكان لي مؤنساً وكنت له ... ليست بنا وحشة إلى أحد
    حتى إذا استرفدت يدي يده ... كنت كمسترفد يد الأسد
    وروي عن الرسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: إذا أحب أحدكم أخاه فليعلمه حتى يحبه فإن القلوب تتجارى.
    وروي أيضاً أنه قال صلى الله عليه وسلم: الأرواح جنود مجندة تتلاقى في الهواء، فما تعارف منها ائتلف، وما تناكر منها اختلف.
    وقال رجل لشبيب بن شيبة: إني لأخلص لك الثقة، وأصفي لك المودة، قال شبيب: أشهد على صدقك وعلى صحة ودك، قال: وكيف تشهد على غيبتي وليس معي من الشاهد إلا قولي، قال: لأنك لست بجار قريب، ولا ابن عم نسيب، ولا مشاكل في صناعة فنسترهنك أسباب المحاسدة.
    قال عدي بن زيد:
    وظلم ذوي القربى أشد مضاضة ... على المرء من وقع الحسام المهند
    وقلت لأبي سليمان: لم صار التنافس والتعادي وما أشبههما في ذوي القربى أكثر وأشد، وهذا كالشيء المتعالم، وهو غني عن البرهان وإعادة القول والبيانن وليس ذلك كذلك مع الأجانب والأباعد، فإن كان كالشاذ، كما أن التصافي والتخالص أيضاً في ذوي الرحم كالشاذ؟ فقال: إن ذوي القرابة والرحم والنسب يرى كل واحد منهم أنه أولى وأحق بحيازة ما لأبيه وعمه، وأن غيره في ذاك كالمزاحم والدخيل والمتدلي، فتحفزه أعراض كثيرة من الحسد والغيرة والتنافس، على أن يكون هو وحده حاوياً لتلك المواريث من المال، والجاه، والقدر، والمنزلة، وهذه الأعراض لا تعتري الإنسان في البعيد والنسب، والبلد، واللغة، والصناعة والخلق. وكان كلامه أكثر من هذا لكني أوجزته، لأن الرسالة قد طالت، وأخاف أن تمل عند القراءة، وينسب واضعها إلى سوء الاختيار.
    كان من دعاء ابن هبيرة: اللهم إني أعوذ بك من بوائق الثقات، ومن الاغترار بظاهر المودات.
    وقال أيضاً: اللهم إني أعوذ بك من صديق مطر، وجليس مغر، وعدو يسر.
    وقال علي بن ثابت:
    إذا أديت حقاً لم أطأطىء ... برأسي عند لقيان الصديق
    وليس على مؤدي الحق لوم ... وما هو للملامة بالحقيق
    وإن ضيعت حقاً حدث عنه ... كأني قد زنيت على الطريق
    آخر:
    لعمرك ما أبقى لي الدهر من أخ ... حفي ولا ذي خلة أواصله
    ولا من خليل ليس فيه غوائل ... وشر الأخلاء الكثير غوائله
    النمر بن تولب العكلي:
    أحبب حبيبك هوناً رويداً ... إذا أنت حاولت أن تحكما
    آخر:
    إذا المرء لم يحببك إلا تكرهاً ... بدا لك من أخلاقه ما يغالبه
    ابن سحيم:
    إنما مولاك من ترمي به ... من ترامي حين يشتد الوهل
    وقال الفضل بن العباس بن عتبة بن أبي لهب:
    لقد عجبت وما بالدهر من عجب ... يد تشح وأخرى منك تأسوني
    وقال عبد الله بن معاوية بن جعفر بن أبي طالب:
    لا يزهدنك في أخ ... لك أن تراه زل زله
    ما من أخ لك لا يعيب ولو حرصت الحرص كله
    وله أيضاً:
    لا تركبن الصنيع الذي ... تلوم أخاك على مثله
    ولا يعجبنك قول امرىء ... يخالف ما قال في فعله
    شاعر:
    وأبيض قد نادمته فدعوته ... إلى بدوات الأمر حلو شمائله
    أخي ثقة إن ابتغ الجد عنده ... أجده ويلهيني إذا شئت باطله
    آخر:
    وجرب حتى لو يشاء إذا رأى ... أخا وجر أنباه بما ضمن الصدر
    آخر:
    دعاني أخي والخيل بيني وبينه ... فلما دعاني لم يجدني بقعدد
    أي بضعيف. قال أبو سعيد السيرافي هذا أحد موضعي قعدد.
    شاعر:
    فما أصب إلى إلف أفارقه ... وما تصدع أحشائي من الشفق
    آخر:
    أن المحب إذا تقادم عهده ... نسي الحبيب وسام صاحبه القلى
    العرب تقول: السؤال عن الصديق إحدى القرابتين.
    آخر:
    بأي جريرة أشكو الزمانا ... لأول من وثقت به فخانا
    آخر:
    تجنب صديق السوء واصرم حباله ... فإن لم تجد منه محيصاً فداره
    وصادق إذا صادقت حراً أو امرءاً ... كريماً من الفتيان يرعى لجاره
    وقال:
    هبوني امرءاً منكم أضل بعيره ... له ذمة إن الذمام كبير
    وللصاحب المتروك أعظم حرمة ... على صاحب من أن يضل بعير
    آخر:
    وفيت كل صديق ودني ثمناً ... إلا المؤمل دولاتي وأيامي
    فإنني ضامن ألا أكافئه ... إلا بتسويغه فضلي وإنعامي
    آخر:
    إذا كنت رباً للقلوص فلا يكن ... رفيقك يمشي خلفها غير راكب
    أنخها فاردفه فإن حملتكما ... فذاك، وإن كان العقاب فعاقب
    آخر:
    كنا نعاتبكم ليالي عودكم ... حلو المذاق وفيكم مستعتب
    فالآن إذ ظهر التعتب منكم ... ذهب العتاب فليس عنكم مذهب
    آخر:
    وما أنا بالنكس الدنيء ولا الذي ... إذا صد عني ذو المودة أحرب
    ولكنني إن دام دمت، وإن يكن ... له مذهب عني فلي عنه مذهب
    ولست إذا ذو الود ولى بوده ... بمنصرف آثو عليه وأكذب
    ألا إن خير الود ود تطوعت ... به النفس لا ود أتى وهو متعب
    يقال: أثا فلان بفلان إذا وشى به أثوا وإثاوة، سمعت ذلك من أبي سعيد السيرافي.
    وأنشد اليزيدي فيما رواه لنا ابن سيف:
    ألا إن إخوان الصفاء قليل ... فهل لي إلى ذاك القليل سبيل
    قس الناس تعرف غثهم من سمينهم ... فكل عليه شاهد ودليل
    آخر:
    دعني من المرء وأعراقه ... وماله الجم وأوراقه
    فما الفتى كل الفتى غير من ... يستعبد الناس بأخلاقه
    أخوك من إن خفت من حادث ... حللت منه بين آماقه
    ليس بغدار ولا خائن ... ولا كذوب الوعد مذاقه
    ولا الذي يخبر عن وده ... والفعل لا يأتي بمصداقه
    طوعك ما دامت له سوقة ... حتى إذا ارتاب بأسواقه
    وأبصر الشر بدا مقبلاً ... شمر للمكروه عن ساقه
    يذم عند الناس إخوانه ... ويمدح الذم بإشفاقه
    يا ليته أعفاك من لسعة ... ومن أياديه وأرقاقه
    لا خيره قام به شره ... ولا أفاعيه بدرياقه
    وقال آخر:
    وأغضي على أشياء لو شئت قلتها ... ولو قلتها لم أبق للصلح موضعا
    وإن يك عودي من نضار فإنني ... لأكره يوماً أن أحطم خروعا
    آخر:
    ويلقونني بالبشر ما دمت فيهم ... فإن غبت عنهم قطعوا الجلد بالسب
    وأغضي على أشياء منهم تريبني ... ولولا اصطباري فاض من عظمها قلبي
    آخر:
    إذا المرء لم يحببك إلا تكرها ... عراض العلوق لم يكن ذاك باقيا
    كلانا غني عن أخيه حياته ... ونحن إذا متنا أشد تغانيا
    ولست بهياب لمن لا يهابني ... ولست أرى للمرء مالا يرى ليا
    كان ابن كعب يقول: أنا أستجفي هذا القائل، ولم لا أرى لصديقي فوق ما يرى لي؟ ولم لا أعتبده بالإعضاء، والإحسان، والتفضل، والصبر؟ ولم لا أفارضه وأقايضه؟ ولم أرى أني مغبون إذا كان الربح له، ولم لا أظلم نفسي في مرضاته وإن وجب أن نتسوى أبداً في الفعل والقول، ونتكايس في الانقباض والانبساط، ونتحافظ على اختلاس الحظ والنصيب، فهل تركنا لأصحاب المذاب والتطفيف شيئاً من الدناءة إلا وأخذنا به، ورأيناه مرغوباً فيه، تالله! ما هذا من الصداقة في شيء، وإنه إلى الخساسة والنذالة أقرب.
    وقال بعض العلماء: التمس ود الرجل العاقل في كل حين، وود الرجل ذي النكر في بعض الأحايين، ولا تلتمس ود الرجل الجاهل في حين.
    قيل لديوجانيس: ألك صديق؟ قال: نعم، ولكني قليل الطاعة له، قيل: لعله غير ناصح فلذلك أنت على ذاك قال: لا بل هو غاية في النصح، نهاية في الشفقة، قيل: فلم أنت على دأبك هذا المذموم مع إقرارك بفضل صديقك؟ قال: لأن جهلي طباع، وعلمي مكسوب، والطباع سابق، والمكسوب تابع، قيل: فدلنا على صديقك هذا الناصح المشفق حتى نخطب إليه صداقته، ونجتهد في الطاعة له، والقبول منه، قال: صديقي هو العقل، وهو صديقكم أيضاً، ولو أطعتموه لسعدتم ورشدتم، ونلتم مناكم في أولاكم وأخراكم، فأما الصديق الذي هو إنسان مثلك فقلما تجده، فإن وجدته لم يف لك بما يفي به العقل، ولم يبلغ بك ما يبلغ بك العقل، وربما أتعبك، وربما حزبك، وربما أشقاك، فاكبحوا أعنتكم عن الصديق الذي يكون من لحم ودم وعظم، فإنه يغضب فيفرط، ويرضى فيسرف، ويحسن فيعدد، ويسيء فيحتج، ويشكك فيضل.
    قال الشاعر:
    أخي لن تستفيد، الدهر، مثلي ... شريكاً في الحياة وفي الممات
    أتتركني وأنت ترى مكاني ... وتطلبني إذا حانت وفاتي
    فليس بنافعي طلب بثأري ... وأخذك من بغاني بالترات
    فإن أهملتني وطرحت حقي ... عليك فلا تغافل عن وصاتي
    بني إذا هلكت فلا تضعهم ... وصن عمن يعاديني بناتي
    فلو كنت الأسير ولا تكنه ... عزمت على حياتك لي حياتي
    قال عيسى بن مريم عليه السلام فيما حدثنا ابن الجمل الكاتب النصراني لتلامذته: علامتكم التي تعرفون بها أنكم مني؛ أن يود بعضكم بعضاً.
    وقال عيسى أيضاً لأيشوع تلميذه: أما الرب فينبغي أن تحبه بكل قلبك، ثم تحب قرينك كما تحب نفسك، قيل له: بين لنا يا روح الله ما بين هاتين المحبتين حتى نستعد لهما بتبصرة وبيان، قال: إن الصديق تحبه لنفسك، والنفس تحبها لربك، فإذا صنت صديقك فلنفسك تصون، وإذا جدت بنفسك فلربك تجود.
    وقال الشاعر:
    ومن لم يكن منصفاً في الإخاء ... إن زرت زار وإن عدت عادا
    أبيت عليه أشد الإباء ... وإن كان أعلى قريش عمادا
    وقارضته الوصل كيلاً بكيل ... ووزناً بوزن علي لدادا
    فإن هو صحح في وده ... جعلت اللسان له والفؤادا
    وإن بدل القول دون الفعال ... بذلت اللسان وصنت الودادا
    قيل لعبد الله بن المبارك: إن قوما يلتقون بالبشر والسلام فإذا تفرقوا طعن بعضهم على بعض. فقال: أعداء غيب، إخوة تلاق، تباً لهذه الأخلاق، كأنما شقت من النفاق.
    وقال آخر:
    وإذا صفا لك من زمانك واحد ... فهو المراد، وأين ذاك الواحد
    آخر:
    وإن امرءاً يصلي الصديق بشره ... لأول من يبقى بغير صديق
    قال سعيد بن ميمون: لقيت عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود فصافحني ثم قال:
    إذا شئت أن تلقى خليلاً مصافياً ... لقيت، وإخوان الثقات قليل
    فقلت: أمثلك يقول الشعر؟ فقال: أو ما علمت أن المصدور إذا نفث برأ.
    وقال بزرجمهر: عاملوا أحرار الناس بمحض المودة، والعامة بالرغبة والرهبة، وسوسوا السفلة بالمحاور صراحاً.
    شاعر:
    إذا صديق نكرت جانبه ... لم تعيني في مرامه الحيل
    آخر:
    إذا المرء لم يبذل من الود مثل ما ... بذلت له فاعلم بأني مفارقه
    فإن شئت فارفضه فلا خير عنده ... وإن شئت فاجعله صديقاً تماذقه
    قلت للهائم أبي علي: من تحب أن يكون صديقك؟ قال: من يطعني إذا جعت، ويكسوني إذا عرين، ويحملني إذا كللت، ويغفر لي إذا زللت، فقال له علي بن الحسين العلوي: أنت إنما تريد إنساناً يكفيك مؤونتك، ويكفلك في حالك، كأنما تمنيت وكيلاً فسميته صديقاً، فما أحار جواباً.
    وقلت للبنوي ولقيته بالدسكرة سنة خمس وستين: من تحب أن يكون صديقك؟ قال: من يقيلني إذا عثرت، ويقومني إذا ازوررت ويهديني إذا ضللت، ويصبر علي إذا مللت، ويكفيني ما لا أعلم وما علمت.
    وسمعت أبا عامر النجدي يقول: الصديق من صدقك عن نفسه لتكون على نور من أمرك، ويصدقك أيضاً عنك لتكون على مثله، لأنكما تقتسمان أحوالكما بالأخذ والعطاء، في السراء والضراء، والشدة والرخاء، فليس لكما فرحة، ولا ترحة، إلا وأنتما تحتاجان فيهما إلى الصدق والانكماش، والمساعدة على اجتلاب الحظ في طلب المعاش.
    وقال أيضاً: قيل لأعرابي: ألك صديق؟ قال: لا ولكن أليف.
    شاعر:
    ويلقونني بالبشر ما دمت فيهم ... فإن غبت عنهم قطعوا الجلد بالسب
    وأغضي على أشياء منك تريبني ... ولولا اصطباري فاض عن عظمها قلبي
    وما ذاك من ضعف ولا سوء محتد ... ولكن تناسي الذنب أقطع للذنب
    آخر:
    لقد أسمع القول الذي كاد كلما ... تذكرنيه النفس قلبي يصدع
    فأبدي لمن أبداه مني بشاشة ... كأني مسرور بما منه أسمع
    وما ذاك من عجب به غير أنني ... أرى أن ترك الشر للشر أقطع
    آخر:
    نغيب إذا غبنا بنصح ونلتقي ... بأحسن ما إلفان ملتقيان
    ونخفي الهوى عمن أخاف وإننا ... إلى من أمناه لمشتكيان
    آخر:
    يحيي ويستحيي إذا ما لقيته ... وإن غبت أو وليت أرتع في عرضي
    ولو شئت قد عض الأنامل نادماً ... وأوطأته عن ذاك في منزل دحض
    ولكنه إحدى يدي فلم إجد ... سبيلاً إلى صول لبعضي على بعض
    عبد الله بن معاوية بن عبد الله بن جعفر:
    فأنت أخي ما لم يكن لي حاجة ... فإن عرضت أيقنت أن لا أخاليا
    فلا ازداد ما بيني وبينك بعدما ... بلوتك في الحاجات إلا تماديا
    وله:
    أصد صدود امرىء مجمل ... إذا حال ذو الود عن حاله
    ولست بمستعتب صاحباً ... إذا جعل الصرم من باله
    ولكنني صارم حبله ... وذلك فعلي بأمثاله
    وإني على كل حال له ... من إدبار ود وإقباله
    لراع لأحسن ما بيننا ... لحفظ الإخاء وإجماله
    وأنشد الأصمعي:
    إذا ما امرؤ ساءتك منه خليقة ... ففي الصفح طي للذنوب جميل
    وإني لأعطي المال من ليس سائلاً ... حفاظاً وإخوان الحفاظ قليل
    حدثني أبو حامد العلوي، وكان من الحجاز، سنة سبعين وثلاثمائة بمدينة السلام قال: رمى أعرابي من بني هلال عن حيه إلى أطراف الشام فقيل له: من خلفت وراءك؟ قال: خلفت والداً ووالدة، وأختاً، وابن عم، وبنت عم، وعشيقة، وصديقاً، قيل له: فكيف حنينك إليهم؟ قال: أشد حنين، قيل: فصفه لنا؟ قال: أما حنيني إلى والدي فللتعزز به، فإن الوالد عضد وركن يعاذ بهما، ويؤوى إليهما، وأما نزاعي إلى الوالدة فللشفقة المعهودة منها ولدعائها الذي لا يعرج إلى الله مثله، وأما شوقي إلى الأخت فللصيانة لها، والتروح إليها، وأما شوقي إلى ابن العمم فللمكانفة له والانتصار به، وأما ابنة العم فلأنها لحم على وضم أتمنى أن أشبل عليها بالرقة، أو أصلها ببعض من يكون لها كفؤاً، ويكون لنا إلفاً، وأما صبابتي بالعشيق فذاك شيء أجده بالفطرة والارتياح الذي قلما يخلو منه كريم له في الهوى عرق نابض، وفي المجون جواد راكض. وأما الصديق فوجدي به فوق شوقي إلى كل من نعته لك لأني أباثه بما أجل أبي عنه، وأجبأ من أمي فيه، وأطويه عن أختي خجلاً منها، وأداجي ابن عمي عليه خوفاً من حسد يفقأ ما بيني وبينه، وأكني عن بنت عمي بغيرها لأنها شقيقة ابن العم، ومعها نصف ما معه، وهي من الشجرة التي تلفنا عيصها، وتلتقي علينا أفنانها، ويجمعنا ظلها. فأما العشيقة فقصاري معها أن أشوب لها صدقاً بكذب، وغلظة بلين لأفوز منها بحظ من نظر، ونصيب من زيادة، وتحفة من حديث، وكل هؤلاء مع شرف موقعهم مني، وانتسابهم إلي دون الصديق الذي حريمي له مباح، وسارحي عنده مراح، أرى الدنيا بعينه إذا رنوت، وأجد فائتي عنده إذا دنوت، إذا عززت به ذل لي، وإذا ذللت له عز بي، وإذا تلاحظنا تساقينا كأس المودة، وإذا تصامتنا تناجينا بلسان الثقة، لا يتوارى عني إلا حافظاً للغيب، ولا يتراءى لي إلا ساتراً للعيب. قيل له: فهل نمى إليك خبره منذ بان عنك أثره؟ قال: نعم، لحقني بعض فتيان الحي أمس فسألته قرابتي وعشيرتي فنعت لي كلاً، وأطاب أخبارهم، حتى إذا سألته عن الصديق قال: ماله هجيري سواك، إن عبر فباسمك يستقل، وإن تنفس فبذكرك يقطع، وإذا أوى إلى ندوة الحي فبلسانك ينش وجودك يذكر، لا يمر بمعهد لك إلا حياه، ولا بمكان حله معك إلا تبواه، فقلت له: كف قليلاً فقد أججت في صدري ناراً كانت طافئة، وأبديت صبابة كانت خافية، وما أراني منتفعاً بالعيش دون أن أشخص إليه غير مبال بهذه الميرة والغيرة التي خرجت من جراهما.
    قال أبو حامد: فضرب والله كبد راحلته إلى حيه، وترك ما كان فيه مستعراً مستقتراً. قلت لأبي حامد: ما أفصح هذا اللفظ، وما أرق هذا الحديث، لكني أنكرت قوله: جواد راكض، قال: أراد ذو ركض، ومثل هذا يندر في كلامهم.
    شاعر:
    طوى الكشح عمرو للصديق على حقد ... وغنى له من شدة الكرب والوجد
    ألا يا صبا نجد متى هجت من نجد ... لقد زادني مسراك وجداً على وجد
    أما في صروف الدهر أن ترجع النوى ... بلى وبذاك القرب يوماً من البعد
    وسمعت أبا دلف الخزرجي يقول: أنا أستجفي الشاعر الذي يقول:
    والله لا كنت في حسابي ... إلا إذا كنت في حسابك
    فإن تزرني أزرك أو إن ... تقف ببابي أقف ببابك
    وكان يقول: ما هذه الغلظة والفظاظة، وما هذه المكايسة والمصادقة، أفليس لو قابلك صاحبك بمثل هذا الأمر وقف الأمر بينكما، وانتكث حبل المودة عنكما، ودبت الشحناء في طي حالكما.

    ضفحة رقم [ 3 ] من كتاب الصداقة والصديق Fasel10

    كتاب : الصداقة والصديق
    المؤلف : أبو حيان التوحيدي
    منتدى الرسالة الخاتمة - البوابة
    ضفحة رقم [ 3 ] من كتاب الصداقة والصديق E110


      الوقت/التاريخ الآن هو الأربعاء 27 نوفمبر 2024 - 21:30