من طرف حكماء الخميس 30 سبتمبر 2021 - 3:57
بّسم اللّه الرّحمن الرّحيم
مكتبة الثقافة الأدبية
جمهرة أشعار العرب
● [ المنتقيات ] ●
[ المسيب بن علس ]
الكامل
بَكَرَتْ لِتُحْزِنَ عَاشِقاً طَفْلُ ... وَتَبَاعَدَتْ، وَتَجَذّمَ الوَصْلُ
أَوَ كُلَّما اخْتَلَفَتْ نَوىً، وَتَفَرقوا ... لِفُؤادِهِ مِنْ أجْلِهِمْ تَبْلُ
وإذا تُكَلِّمُنَا تَرَى عَجَباً، ... بَرَداً تَرَقْرَقَ فَوْقَهُ طَحْلُ
وَلَقَدْ أَرَى ظُعُناً أُخَيَّلُها ... تُحْدَى، كَأَنّ زُهَاءَها نَخْلُ
في الآلِ يَرْفَعُها وَيَخْفِضُهَا ... رَيْعٌ كَأَنّ مُتُونَهُ سُحْلُ
عُقماً وَرُقْماً، ثُمّ أَرْدَفَهُ، ... كِلَلٌ على أَطرافِها الخَمْلُ
وَلَقَدْ رَأَيْتُ الفاعِلينَ وَفِعْلَهُمْ ... فَلِذي الرّقِيبَةِ مالكٍ فَضْلُ
كَفّاهُ مُتْلِفَةٌ، ومُخَلِفَةٌ، ... وَعَطاؤُهُ مُسْتَغْرِقٌ جَزْلُ
يَهَبُ الجِيَادَ كَأَنّها عُسُبٌ ... جُرْداً أَطَالَ نَسِيْلَهَا البَقْلُ
وَالضّامِراتُ كَأَنَّها بَقَرٌ، ... تَقْرُو دكادِكَ بَيْنَها الرّمْلُ
والدُّهْمُ كَالعِبْدَانِ آزَرَها ... وَسَطَ الآشاءِ مُكَمَّمٌ جَعْلُ
وَإذا الشَّمالُ حَدَتْ قَلاَئِصَها ... رَتْكاً، فَلَيْسَ لِمضالِكٍ مِثْلُ
للضّيْفِ والجارِ القَرِيبِ وللطّفْ ... لِ التّريكِ، كأنّهُ رَألُ
وَلَقَدْ تَنَاوَلَني بِنَائِلَةٍ، ... فَأصَابَني مِنْ مَالِهِ سَجْلُ
مُتَبَعِّجُ التَّيَّارِ ذو حَدَبٍ، ... مُغْرَوْرِبٌ، تَيّارُهُ يَعْلُو
فَلأَشْكُرَنّ فُضُولَ نِعْمَتِهِ، ... حَتّى أَمُوتَ وَفَضْلُهُ الفَضْلُ
[ المرقش الأشغر ]
الطويل
أَمِنْ رَسْمِ دَارٍ ماءُ عَيْنِكَ يَسْفَحُ،غَدَا، مِنْ مُقامٍ، أَهْلُهُ، وَتَرَوّحُوا
تُزَجِّي بِهِ خُنْسُ الظّبَاءِ سِخَالَها، ... جَآذِرُها بالجَوّ وَرْدٌ وأَصْبَحُ
أَمِنْ بِنْتِ عَجْلاَنَ الخَيَالُ المُطَوِّحُ، ... أَلمّ وَرَحْلي سَاقِطٌ مُتَزَحْزِحُ
فَلَمّا انْتَبَهنا للخَيالِ وَرَاعَني، ... إذا هُو رَحلي، والفَلاةُ تَوَضَّحُ
وَلَكِنّهُ زُورٌ يُوَقِّظُ نَائِماً، ... وَيُحَدِثُ أشجاناً لِقَلْبِكَ تَجْرَحُ
بِكُلّ مَبِيتٍ يَعْتَرِينا وَمَنْزِلٍ، ... فَلَو أَنّها إذْ تُدْلِجُ اللّيلَ تُصْبِحُ
فَوَلّتْ وَقَدْ بَثّتْ تَبَارِيحَ ما تَرَى،وَوَجدي بها، إذا تُحدِرُ الدَّمْعَ، أَبْرَحُ
وَمَا قَهْوَةٌ صَهْبَاءُ، كَالمِسْكِ رِيحُها، ... تُعَلُّ على النّاجُودِ طَوراً وَتُنزَحُ
ثَوَتْ في سَوَاءِ الدّنِّ عِشْرِينَ حِجّة ... يُطانُ عَلَيْهَا قَرْمَدٌ، وَتُرَوَّحُ
سَبَاهَا رِجَالٌ مُدْمِنُونَ، تَوَاعَدُوا ... بِجيلانَ يُدنيها إلى السوقِ مُرْبِحُ
بِأَطْيَبَ من فيها إذا جِئْتُ طَارِقاً، ... مِنَ اللّيلِ، بل فُوها ألَذّ وَأَنْضَحُ
غَدَوْنَا بِضَافٍ كَالعَسِيبِ مُجَلَّلٍ، ... طَوَيْنَاهُ حَتى عَادَ، وهُوَ مُلَوَّحُ
أَسِيلٌ نَبِيلٌ لَيْسَ فِيهِ مَعَابَةٌ، ... كُمَيْتٌ كَلَوْنِ الصِّرَفِ أَرْجَلُ أَقْرَحُ
عَلَى مِثْلِهِ تَأْتي النّديَّ مُخَايِلاً ... وَتَعْبُرُ سِرّاً أَيَّ أَمْرَيْكَ أَفْلَحُ
وَتَسْبِقُ مَطْرُوداً، وَتَلْحَقُ طَارِداً، ... وَتَخْرُجُ من فَمّ المَضِيقِ وَتَجْرَحُ
تَرَاهُ بِشِكّاتِ المُدَجَّجِ، بَعْدَما ... تَقَطّعث أَقْرَانُ المُغِيرَةِ، يَجْمَحُ
يَجِمُّ جُمومَ الحْسِيِ جاشَ مَضِيقُهُ ... وَجَرّدَهُ مِنْ تَحْتُ غِيْلٌ وَأَبْطُحُ
شَهِدْتُ بِهِ عَنْ غَارَةٍ مُسْبَطرّةٍ، ... يُطَاعِنُ بَعْضُ القَوْمِ والبِعْضُ طُوِّحوا
[ المتلمس ]
البسيط
كم دُونَ مَيّةَ مِنْ مُسْتَعْمَلٍ قَذِفٍ ... وَمِنْ فَلاَةٍ بِهَا تُسْتَودَعُ العِيسُ
وَمِنْ ذُرَى عَلَمٍ طَامٍ مَنَاهِلُهُ، ... كَأنّهُ في حَبَابِ الماءِ مَغْمُوسُ
جَاوَزْتُهُ بِأَمُونٍ ذَاتِ مُعْجَمَةٍ، ... تَهْوِي بِكَلْكَلِهَا، والرّأسُ مَعْكُوسُ
يا آلَ بَكْرٍ أَلاَ للَّهِ أُمّكُمُ، ... طالَ الثَّواءُ وثوبُ العَجْزِ مَلْبُوسُ
أَغْنَيْتُ شَاتي، فَأَغْنُوا اليَوْمَ تَيسَكُمُواسْتَحمقوا في مِراسِ الحَرْبِ أَوْ كِيسُوا
إنّ العِلاَفَ وَمَنْ باللّوذِ مِنْ حَضَنٍ، ... لَمّا رَأُوا أَنّهُ دِينٌ خَلاَبِيسُ
شَدّوا الجِمَالَ بِأَكْوَارٍ على عَجَلٍ، ... وَالظّلمُ يُنْكِرُهُ القَوْمُ المَكَاييسُ
كُونُوا كَسَامةَ، إذ شُعفٌ مَنَازِلُهُ ... ثُمّ اسْتَمَرّتْ بِهِ البُزلُ القَنَاعِيسُ
حَلَّتْ قُلُوصي بها، واللّيلُ مُطّرِقٌ ... بَعْدَ الهُدُوءِ، فَشَاقَتْها النّواقِيسُ
مَعْقُولَةٌ يَنْظِرُ التّشْرِيقَ رَاكِبُهَا، ... كَأَنّها، من هوىً للرّمْلِ، مَسْلُوسُ
وقد أَضَاءَ سُهَيْلٌ بَعْدَمَا هَجَعُوا، ... كَأَنّهُ ضَرَمٌ بِالكَفّ مَقْبُوسُ
إنّي طَرِبْتُ وَلمْ تَلْحَى على طَرَبٍ؟ ... وَدَوّنَ الفَرْءَ أَمْراتٌ أَمَالِيسُ
حَنَّتْ إلى النّخْلَةِ القُصْوَى، فقُلْتُ لها:حُجْرٌ، حَرَامٌ أَلاَ تِلْكَ الدّهَارِيسُ
أُمّي شَآميّةً، إذْ لا عِرَاقَ لَنَا، ... قَوماً نَوَدُّهُمُ، إذْ قَومُنا شُوسُ
لَنْ تُسْلَكي سُبُلَ البَوْبَاةِ مُنْجِدَةً ... ما عاشَ عَمْرٌو، وما عُمّرْتَ قَابُوسُ
لَوْ كَانَ مِنْ آلِ وَهْبٍ بَيْنَنَا عُصَبٌ، ... ومن نَذيرٍ، ومِن عَوفٍ مَحَامِيسُ
أَوْدَى بِهمْ مَنْ يُراديني، وأَعْلَمُهم ... جُودَ الأكُفّ إذا ما أشْعَرَ البُوسُ
يا حارِ! إنّي لَمِنْ قَوْمٍ أَولي حَسَبٍ ... لا يَجْهَلُونَ، إذا طاشَ الضّغابِيسُ
آلَيْتُ حَبَّ العِرَاقِ الدّهْرَ أَطْعَمُهُ، ... والحَبُّ يَأْكُلُهُ في القريةِ السُّوسُ
[ عروة بن الورد ]
الطويل
أَقِلّي عليّ اللّوْمَ يا ابنَةَ مُنْذِرِ ... ونامي، فإن لم تَشْتَهِي النّوْمَ فاسْهَرِي
ذَرِيني وَنَفْسي، أُمّ حَسّانَ، إنّني ... بها قبلُ أن لا أملِكَ الأمرَ مُشْتَرِي
ذَريِني أُطَوّفْ في البِلاَدِ لَعَلّني ... أُخَلّيكِ أو أُغنيكِ عن سوءِ محضرِي
فإنْ فَازَ سَهْمٌ للمَنِيّةِ لَمْ أَكُنْ ... جَزوعاً، وهل عن ذاكَ من مُتَأَخِّرِ
وَإنْ فَازَ سَهْمي كفَّكم عن مَقَاعِدٍ ... لَكُمْ خَلْفَ أَدْبَارِ البُيُوتِ وَمَنْظَرِ
تَقُولُ لَكَ الوَيْلاتُ هَلْ أَنْتَ تَارِكٌ ... ضُبُوءاً بِرَجْلٍ تَارَةً وَبِمُنْسِرِ
وَمُسْتَسبِتٌ في مالكَ العامَ، إنّني ... أَرَاكَ على أقتادِ صَرْمَاءَ مُذكِرِ
فَجُوعٌ بِهَا للصّالِحينَ، مَزِلَّةٌ، ... مَخُوْفٌ رَدَاهَا أَنْ تُصيبَكَ فاحْذَرِ
أَبَى الخَفْضَ مَنْ يَغْشَاكَ من ذِي قَرَابةٍ،وَمِنْ كُلّ سَوْداءِ المَحَاجِرِ تَعْتَرِي
لَحَا اللَّهُ صُعلوكاً إذا جَنّ لَيْلُهُ، ... مُصَافي المُشَاشِ آلِفاً كُلَّ مَجْزَرِ
يَعُدّ الغِنى، مِنْ نَفْسِهِ، كلَّ لَيْلَةٍ، ... أَصَابَ قِرَاها من صَديقٍ مُيَسَّرِ
يَنَامُ عِشَاءً، ثُمّ يُصْبِحُ نَاعِساً، ... يَحُثّ الحَصَا عن جَنْبِهِ المُتَعَفِّرِ
يُعِينُ نِسَاءَ الحَيّ ما يَسْتَعِنَّهُ، ... وَيُمْسي طَليحاً كَالبَعِيرِ المُحَسَّرِ
وَلَكِنّ صُعْلُوكاً، صَفِيحَةُ وَجْهِهِ ... كَضَوْءِ شِهَابِ القَابِسِ المُتَنَوِّرِ
مُطِلاً على أَعْدَائِهِ يَزْجُرُونَهُ ... بِساحَتِهِمْ، زَجْرَ المَنِيحِ المُشَهَّرِ
إذَا بَعُدُوا لا يَاْمَنُونَ اقْتِرابَهُ، ... تَشَوُّفَ أَهْلِ الغائِبِ المُتَنَظَّرِ
فَذَلِكَ إنْ يَلْقَ المَنِيّةَ يَلْقَهَا ... حَمِيداً، وإنْ يَسْتَغْنِ يَوْماً فَأَجْدِرِ
فَيَوْماً على نَجْدٍ وَغَارَاتِ أَهْلِهَا ... وَيَوْماً بِأَرْضٍ ذَاتِ شَثٍ وَعَرْعَرِ
[ المهلهل بن ربيعة ]
السريع
جَارَتْ بَنُو بَكْرٍ، وَلَمْ يَعْدِلُوا، ... وَالمَرْءُ قَدْ يَعْرِفُ قَصْدَ الطّريقْ
حَلّتْ رِكَابُ البَغْيِ في وائلٍ، ... في رَهْطِ جَسّاسٍ، ثِقالِ الوُسُوقْ
يَا أَيّها الجَاني على قَوْمِهِ ... جِنَايَةً لَيْسَ لَها بالمُطِيقْ
جِنَايَةً لم يَدْرِ ما كُنْهُهَا ... جَانٍ، وَلَمْ يُصْبِحْ لَهَا بالخَليِقْ
كَقَاذِفٍ يَوْماً بِأجْرَامِهِ ... في هُوَّةٍ، لَيْسَ لها من طَريْقْ
مَنْ شَاءَ وَلّى النّفْسَ فِي مَهْمَةٍ ... ضَنْكٍ، ولكن مَنْ لَهُ بِالمَضِيقْ
إنّ رُكُوبَ البَحْرِ، مَا لَمْ يَكُنْ ... ذا مَصْدَرٍ، مِنْ مُهْلِكَاتِ الغريقْ
لَيْسَ امرُءٌ لَمْ يَعْدُ في بَغْيِهِ، ... غَدَا بِهِ تَخْرِيقُ رِيحٍ خَرِيقْ
كَمَنْ تَعَدّى بَغْيُهُ قَوْمَهُ، ... طَارَ إلى رَبّ اللِّواءِ الخَفوق
إلى رَئِيسِ النّاسِ والمُرْتَجَى، ... لَعُقْدَةِ الشّدِّ، وَرَتْقِ الفُتُوقْ
مَنْ عَرَفَتْ يَوماً حَزازٌ لَهُ ... عَليا مَعَدٍ عند أَخْذِ الحُقوقْ
إذْ أَقْبَلَتْ حِمْيَرٌ، في جَمْعِها، ... وَمَذْحِجٌ كَالعَارِضِ المُسْتَحيقْ
وَجَمْعُ هَمَدَانَ لَهُ لَجْبَةٌ، ... وَرَايَةٌ تَهْوِي هُويّ الأنوقْ
تَلْمَعُ لَمْعَ الطّيْرِ رَايَاتُهُ ... على أَواذي لُجِّ بَحْرٍ عَميقْ
فَاحْتَلَّ أَوْزَارَهُمُ أَزْرُهُ ... بَرَأْيِ مَحْمُودٍ عَلَيْهِمْ شَفِيقْ
وَقَدْ عَلَتْهُمْ للِّقَا هَبْوَةٌ ... ذَاتُ هِياجٍ، كَلَهيبِ الحَرِيقْ
فَقَلّدَ الأمرَ بَنُو هَاجِرٍ ... مِنْهُمْ رَئيساً، كالحُسَامِ البريقْ
مُضطَلِعاً بالأمْرِ، يَسْمُو لَهُ ... في يَوْمِ لا يَنْسَاغُ حَلْقٌ بِرِيقْ
ذَاكَ، وَقَدْ عَنّ لَهُمْ عَارِضٌ ... كَجُنْحِ لَيْلٍ في سَماءٍ بَرُوقْ
فَانْفَرَجَتْ عَنْ وَجْهِهِ مُسْفِراً ... مُنْبَلِجاً مِثْلَ انْبِلاجِ الشّرُوقْ
فَذَأكَ لا يُوفي بِهش غَيْرُهُ، ... وَلَيْسَ يُلْقَى مِثْلُهُ في فَرِيقْ
قُلْ لِبَني ذُهْلٍ يَرُدّونَهُ، ... أَو يَصْبِرُوا للصّيْلَمِ الخَنفَقيقْ
فَقَدْ تَرَوَّوْا من دَمٍ مُحْرِمٍ، ... وانْتَهَكوا حُرْمَتَهُ من عُقُوقْ
واسْتَسعَرُوا مِنْ حَرْبِنَا مَأْتَماً ... أَثَابَهُمْ نَيرانَ حَرْبٍ عَقُوقْ
لاَ يَرْقَأُ الدّهْرَ لَهَا عَاتِكٌ ... إلاّ عَلَى أَنْفَاسِ نَجْلا تَفُوقْ
تَنْفَرِجُ الظّلماءُ عَنْ وَجْهِهِ ... كَاللّيلِ وَلّى عن صَدِيعٍ أَنيقْ
تُحمِّلُ الرّاكِبَ مِنْهَا على ... سِيساءَ حِدْبيرٍ مِنَ الشَّرِّ نُوقْ
إنَّ امرأً ضَرّجتُمُ ثَوْبَهُ، ... بِعاتِكٍ من دَمِهِ كَالخُلُوقْ
سَيّدُ ساداتٍ، إذا ضَمّهُمْ ... مُعْظَمُ أَمْرٍ يَوْمَ بُؤسٍ وَضِيقْ
لَمْ يَكُ كالسّيّدِ في قَوْمِهِ، ... بَلْ مَلِكٌ دينَ لَهُ بالحُقُوقْ
إنْ نَحْنُ لَمْ نَثْأَرُ بِهِ، فَاشْحَذُوا ... شِفَأرَكُمْ، مِنّا، لَ؛َزِّ الحُلُوق
ذَبحاً كَذَبْحِ الشّاةِ لا تَتّقي ... ذابِحَها، إلاّ بِشَخْبِ العُرُوقْ
أصْبَحَ مَا بَيْنَ بَني وائِلٍ، ... مُنْقَطِعَ الحَبْلِ بَعِيدَ الصّديقْ
غَداً نُساقي، فاعْلَموا، بَيْنَنا، ... رِمَاحَنا من قانيءٍ كَالرّحيقْ
بِكُلّ مِغْوارِ الضُّحَى، فَاتِكٍ ... شَمَرْدَلٍ مِنْ فَوْقِ طِرْفٍ عَتِيقْ
سَعَاليَ يَحْمِلْنَ مِنْ تَغْلِبٍ ... فِتْيَأنَ صِدْقٍ، كَلُيُوثِ الطّرِيقْ
لَيْسَ أَخُوكُمْ تَارِكاً وِتْرَهُ، ... وَلَيْسَ على تَطْلاَبِكُمْ بِالمُفيقْ
[ دريد بن الصمة ]
الطويل
أَرَثَّ جَدِيدُ الحَبْلِ مِنْ أُمِّ مَعْبَدِلِعَاقِبَةٍ، أَمْ أَخْلَفَتْ كُلَّ مَوْعِدِ
وَبَاتَتْ وَلَمْ أَحْمَدْ لِكُلّ نَوَالِها،وَلَم تَرْجُ فينا رِدّةَ الْيَوْمِ أَوْ غَدِ
كأَنّ حَمُولَ الْحَيّ، إذ مَتَعَ الضّحَى، ... بِنَاصِيَةِ الشَّحْنَاءِ، عُصْبَةُ مِذْوَدِ
أَوْ الأثَابُ العَمُّ المُحَرَّمُ سُوقُهُ، ... بِكَابَةَ لم يُخْبَطْ، وَلَمْ يُتَبَعَضَدِ
نَصَحْتُ لِعَارِضٍ وَأَصْحَابِ عَارِضٍ ... وَرَهْطِ بني السّوْدَاءِ، وَالقَوْمُ شُهّدِي
فَقُلْتُ لهم: ظُنّوا بِأَلْفَيْ مُدَجَّجٍ، ... سَرَاتُهُمُ في الفَارِسيّ المُسَرَّدِ
فَلَمّا عَصَوْني كُنْتُ مِنْهُم وَقَدْ أَرَى ... غَوَايَتَهُمْ؛ وأَنّني غيرُ مُهْتَدِي
أَمَرْتُهُمُ أَمْرِي بِمُنْعَرَجِ اللِّوَىفَلَمْ يَسْتَبينوا النّصْحَ إلاّ ضُحَى الغَدِ
وهَلْ أَنَا إلاّ مِنْ غَزِيّةِ إنْ غَوَتْ ... غَوَيْتُ وإنْ تَرْشُدْ غَزِيّةُ أَرْشُدِ
تَنَادُوا، فَقَالُوا: أَرْدَتِ الخَيْلُ فَارِساً،فَقُلْتُ: أَعَبْدُ اللَّهِ ذَلِكُمُ الرّدي؟
فَجِئْتُ إليهِ، والرّمَاحُ تَنُوشُهُ، ... كَوَقْعِ الصّيَاصي في النّسِيجِ المُمَدَّدِ
وَكُنْتُ كَذَاتِ البَوّ رِيْعَتْ، فَأَقْبَلَتْإلى جَلَدٍ مِنْ مَسْكِ سَقْبٍ مُقَدَّدِ
فَطَاعَنْتُ عَنْهُ الخَيْلَ، حَتَى تَنَفّسَتْوَحَتّى عَلاَنِي حَالِكُ اللّوْنِ أَسْوَدِي
قِتَالَ امْرِىءٍ آسىَ أَخَاهُ بِنَفْسِهِ، ... وَيَعْلَمُ أنّ المَرْءَ غَيْرُ مُخَلَّدِ
فَإنْ يَكُ عَبْدُ اللَّهِ خَلّى مَكَانَهُ، ... فَمَا كَانَ وَقّافاً، ولا طائِشَ اليَدِ
كَمِيشُ الإِزَارِ، خَارِجٌ نِصْفُ سَاقَهُ، ... بَعيدٌ مِنَ الآفاتِ طَلاّعُ أَنْجُدِ
قَلِيلُ التّشَكّي للمُصِيبَاتِ، حَافِظٌ، ... مِنَ اليَوْمِ، أَعْقَابَ الأحَادِيثِ في غَدِ
تَرَاهُ خَميصَ البَطْنِ والزّادُ حَاضرٌ، ... عَتِيدٌ، ويغدو في القميصِ المُقَدَّدِ
وَإنْ مَسّهُ الإقْوَاءُ والجَهْدُ زَادَهُ ... سَماحاً، وَإتلافاً لِمَا كَانَ في اليَدِ
صَبَا ما صَبَا، حتى عَلاَ الشّيبُ رَأْسَهُ، ... فَلَمّا عَلاَهُ قالَ للباطِلِ: ابْعُدِ
وَطَيّبَ نَفْسي أَنّني لم أَقُلْ لَهُ ... كَذَبْتَ، وَلَمْ أَبْخَلْ بِمَا مَلَكَتْ يَدي
[ المتنخل بن عويمر الهذلي ]
الوافر
عَرَفْتُ بِأَجْدَثٍِ فَنِعَافِ عِرْقٍ ... عَلاَمَاتٍ كَتَحْبِيرِ النِّمَاطِ
كَوَشْمِ المِعْصَمِ المُغْتَالِ عُلَّتْ ... رَوَاهِشُهُ بِوَشْمٍ مُسْتَشَاطِ
وَمَا أَنْتَ الغَدَاةَ وَذِكْرُ سَلْمَى، ... وَأَضْحَى الرّأْسُ مِنْكَ إلى اشْمِطاطِ
كَأَنّ على مَفَارِقِهِ نَسِيلاً ... مِنَ الكَتّانِ تُنْزَعُ بِالمِشَاطِ
فَإمّا تُعْرِضَنّ، سَلِيمُ، عَنّي، ... وَتَنْزَعْكَ الوُشَاةُ أُولو النِّياطِ
فَحُورٌ قَدْ لَهَوْتُ بِهِنّ حِيناً، ... نَوَاعِمُ في المُرُوطِ، وفي الرِّيَاطِ
لَهَوْتُ بِهنّ، إذْ مَلْقىً مَلِيحٌ، ... وإذ أنا في المَخْيَلَةِ والنّشَاطِ
يُقَالُ لَهُنّ، مِنْ كَرَمٍ وَعِتْقٍ: ... ظِبَاءُ تَبَالَةَ الأُدْمُ العَوَاطي
أَبِيتُ على مَعَارِيَ فاخِراتٍ، ... بِهِنّ مُلَوَّبٌ كَدَمِ العِبَاطِ
تَمَشّى بَيْنَنَا نَاجُودُ خَمْرٍ، ... مَعَ الحِرْضِ الضَّياطِرَةِ، القِطَاطِ
رَكُودٌ في الإِناءِ لَهَا حُمَيّاً، ... تَلَذّ لأخْذِهَا الأيْدِي السَّواطِي
مُشَعْشَعَةٌ كَعَيْنِ الدِّيكِ، فِيهَا ... حُمَيّاهَا مِنَ الصُّهُبِ الخِمَاطِ
وَوَجْهٍ قد جَلَوْتِ، أُمَيْمَ، صافٍ ... أَسِيلٍ، غَيْرِ جَهْمٍ ذي حِطَاطِ
فَلاَ وَأَبِيكِ يُؤْذِي الحَيَّ ضَيْفِي، ... هُدُوءاً بِالمَسَاءَةِ والذِّعاطِ
سَأَبْدَؤُهُمْ بِمَشْمَعَةٍ، وأَثني ... بِجُهْدِي من طَعَامٍ أَوْ بِسَاطِ
إذا مَا الحَرْجَفُ النَّكْبَاءُ تَرْمِي ... بُيُوتَ الحيِّ بِالوَرَقِ السِّقاطِ
فَأُعْطِيَ، غَيْرَ مُزْوَرٍ، تِلادي، ... إذا التَطَّتْ لِذِي بُخْلٍ لَطاطِ
وَأَحْفَظُ مَنْصِبي وَأَصُونُ عِرْضِي، ... وَبَعْضُ القَوْمِ لَيْسَ بِذِي احْتِياطِ
وَأَكْسُو الحُلّةَ الشَّوْكَاءَ خِدْني، ... وَبَعْضُ القَوْمِ في حُزْنٍ وَرَاطِ
فَهَذَا، ثُمّ قَدْ عَلِموا مَكَاني، ... إذا قَالَ الرّقِيبُ ألا يَعَاطِ
وَعَادِيَةٌ، وَزَعتُ، لَهَا حَفيفٌ، ... حَفِيفُ مُزَبِّدِ الأعْرَافِ عاطي
لَقَيْتُهُمُ بِمِثْلِهِمُ، فأَمْسَوا ... بِهِمْ شَيْنٌ مِنَ الضَّرْبِ الخِلاط
فَأُبْنَا والسيوفُ مُفَلَّلاتٌ، ... بِهنّ لَفَائِفُ الشَّعَرِ السِّباطِ
بِضَرْبٍ في الجَمَاجِمِ ذي فُرُوجٍ ... وَطَعنٍ مِثْلِ تَقْطَاطِ الرِّهاطِ
وَمَاءٍ، قد وَرَدْتُ، أُمَيْمَ، طَامٍ ... على أَرْجَائِهِ زَجَلُ القِطَاطِ
فَبِتُّ أُنَهْنِهُ السِّرْحَانَ عَنْهُ؛ ... كِلاَنَأ وَارِدٌ حَرّانُ قَاطِي
قَليلٌ وِرْدُهُ إلاّ سِباعاً، ... تُخَطّي المَشْيَ كَالنَّبْلِ المِراطِ
كَأَنّ وَغَى الخَمُوشِ بِجَانِبَيْهِ، ... وَغَى رَكْبٍ، أُمَيْمَ، أَولي زِيَاطِ
كَأَنّ مَزَاحِفَ الحَيّاتِ فِيهِ، ... قُبَيْلَ الصُّبْحِ، آثارُ السِّياطِ
شَرِبْتُ بِجَمّْهِ وَصَدَرْتُ عَنْهُ، ... وَأَبْيَضُ صَارِمٌ ذَكَرٌ إباطيّ
كَلَوْنِ المِلْحِ ضَرْبَتُهُ هَبِيرٌ، ... يُتِرُّ العَظْمَ، سَقَّاطٌ، سُراطي
بِهِ أَحْمَي المُضَافَ إذا دَعاني ... وَنَفْسي سَاعَةَ الفَزَعِ الفِلاطِ
وَصَفْراءُ البِرايةِ فَرَعُ قانٍ، ... كَوَقْفِ العاجِ عَاتِكَةُ اللِّياطِ
شَفَعْتُ بِهَا مَعَابِلَ مُرْهَفَاتٍ، ... مُسَالاتِ الأغِرّةِ، كَالقِراطِ
كَأَوْبِ النّحلِ غَامِضَةٍ، وَلَيْسَتْ ... بِمُرْهَفَةِ النِّصالِ، ولا سَلاطِ
وَمَرْقَبَةٍ نَمَيْتُ إلى ذُراها، ... تُزِلّ دَوَارِجَ الحَجَلِ القَواطي
وَخَرْقٍ تَعزِفُ الجِنّانُ فيه، ... بَعيدِ الجَوْفِ، أَغْبَرَ ذي انخراطِ
كَأَنّ على صحاصِحِهِ رِياطاً ... مُنَشَّرَةً، نُزِعْنَ عَنِ الخِياطِ
أَجَزْتُ بِفِتْيَةٍ بِيضٍ خِفافٍ، ... كَأَنّهُمُ تُمِلُّهُمُ سِماطي
فآبُوا بالسّيوفِ بِهَا فُلُولٌ، ... كَأَمْثَالِ العِصيّ من الحَمَاطِ
كتاب : جمهرة أشعار العرب
المؤلف : أبو زيد القرشي
منتديات الرسالة الخاتمة - البوابة