حكماء- Admin
- عدد المساهمات : 2700
تاريخ التسجيل : 30/12/2013
من طرف حكماء الإثنين 6 ديسمبر 2021 - 9:20
بّسم اللّه الرّحمن الرّحيم
مكتبة الثقافة الإسلامية
روض السائلين لفتاوى سيد المرسلين
● [ فصل عن بعض الأعمال وفضلها ] ●
260 - وفي الترمذي عنه أنه. سئل صلى الله عليه وسلم: أي الأعمال أحب إلى الله؟ قال: «الحالُّ المرتحل» وفهم بعضهم من هذا أنه إذا فرغ من ختم القرآن قرأ فاتحة الكتاب، وثلاث آيات من سورة البقرة؛ لأنه حلَّ بالفراغ وارتحل بالشروع، وهذا لم يفعله أحد من الصحابة ولا التابعين، ولا استحبه أحد من الأئمة، والمراد بالحديث الذي كلما حلَّ من غزاة ارتحل في أخرى، أو كلما حل من عمل ارتحل إلى غيره تكميلاً له كما كمل الأول، وأما هذا الذي يفعله بعض القراء فليس مراد الحديث قطعاً، وبالله التوفيق. وقد جاء تفسير الحديث متصلاً به أن يضرب من أول القرآن إلى آخره، كلما حل ارتحل، وهذا له معنيان، أحدهما: أنه كلما حلَّ من سورة أو جزء ارتحل في غيره، والثاني: أنه كلما حل من ختمة ارتحل في أخرى.
261 - وسئل عن أهل الله: من هم؟ فقال: «هم أهل القرآن أهل الله وخاصتُه» .
262 - وسأله صلى الله عليه وسلم عبدُ الله بن عمرو بن العاص، في كم أقرأ القرآن؟ فقال: «في شهر» ، فقال: أطيق أفضل من ذلك، فقال: «في عشرين» ، فقال: أطيق أفضل من ذلك، فقال: «في خمسة عشرة» ، فقال: أطيق أفضل من ذلك، قال: «في عشرة» ، فقال: أطيق أفضل من ذلك، قال: «في خمس» ، قال: أطيق أفضل من ذلك، قال: «لا يفقه القرآن من قرأه في أقل من ثلاث» .
263 - واختلف رجلان في آية كل منهما أخذها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألاه عنها، فقال لكل منهما: «هكذا أنزلت» ثم قال: «أُنزل القرآن على سبعة أحرف» .
264 - وسئل صلى الله عليه وسلم: أي المجاهدين أعظم أجراً؟ قال: «أكثرهم ذكراً لله» قيل: فأي الصائمين أعظم أجراً؟ قال: «أكثرهم لله ذكراً» ثم ذكر الصلاة والزكاة والحج والصدقة كل ذلك يقول: «أكثرهم لله ذكراً» ، فقال أبو بكر لعمر رضي الله عنهما: ذهب الذاكرون بكل خير، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أجل» .
265 - وسئل صلى الله عليه وسلم عن المفردين الذين هم أهل السَّبق، فقال: «الذاكرون لله كثيراً» وفي لفظ: «المشتهرون بذكر الله، يضع الذِّكرُ عنهم أثقالهم فيأتون يوم القيامة خفافاً» .
266 - وسئل صلى الله عليه وسلم عن رياض الجنة، فقال: «حِلَقُ الذكر» .
267 - وسئل صلى الله عليه وسلم عن أهل الكرم الذين يقال لهم يوم القيامة: سيعلم أهلُ الجمْع من أهل الكرم، فقال: «هم أهل الذكر في المساجد» .
268 - وسئل عن غنيمة مجالس الذكر، فقال: «غنيمة مجالس الذكر: الجنة» .
269 - وسئل صلى الله عليه وسلم عن قوم غزوْا فقال: ما رأينا أفضل غنيمةً، ولا أسرع رجعة منهم، فقال: «أدُلكم على قومٍ أفضل غنيمة منهم، وأسرع رجعة: قوم شهدوا صلاة الصبح، ثم جلسوا يذكرون الله، حتى طلعت الشمس، فأولئك أسرع رجعة وأفضل غنيمة» .
270 - وسئل صلى الله عليه وسلم عن خيار الناس، فقال: «الذين إذا رأوا ذكر الله ذكروا» .
271 - وسئل صلى الله عليه وسلم عن خير الأعمال وأزكاها عند الله وأرفعها في الدرجات، فقال: «ذكر الله» .
272 - وسئل صلى الله عليه وسلم: أي الدعاء أسمع؟ فقال: «جوف الليل الآخر، ودبر الصلوات المكتوبات» .
273 - وقال صلى الله عليه وسلم: «الدعاء بين الأذان والإقامة لا يُرَدُّ» ، قالوا: فماذا نقول يا رسول الله؟ قال: «سَلوا الله العافية في الدنيا والآخرة» .
274 - وسئل صلى الله عليه وسلم: بأي شيء نختم الدعاء؟ فقال: «بآمين» .
275 - وسئل صلى الله عليه وسلم عن تمام النعمة، فقال: «الفوْز بالجنة والنجاة من النار» فنسأل الله تمام نعمته بالفوز بالجنة والنجاة من النار.
276 - وسئل صلى الله عليه وسلم عن الاستعجال المانع من إجابة الدعاء، فقال: يقول: «قد دعوت، قد دعوت فلم يُستجَب لي، فيَسْتحسر عند ذلك، ويدَع الدعاء» وفي لفظ: يقول: «قد سألت، قد سألت فلم أُعْطَ شيئاً» .
277 - وسئل صلى الله عليه وسلم عن الباقيات الصالحات، فقال: «التكبيرُ والتهليل والتسبيح والتحميد، ولا حول ولا قوة إلا بالله» .
278 - وسأله صلى الله عليه وسلم الصديقُ رضي الله عنه أن يُعلِّمه دعاء يدعو به في صلاته، فقال: «قل: اللهم إني ظلمت نفسي ظلماً كثيراً، وإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت، فاغفر لي مغفرة من عندك وارحمني، إنك أنت الغفور الرحيم» .
279 - وسأله صلى الله عليه وسلم الأعرابي الذي علَّمه أن يقول: «لا إله إلا الله وحده لا شريك له، الله أكبر كبيراً، والحمد لله كثيراً، وسبحان الله رب العالمين، ولا حول ولا قوة إلا بالله العزيز الحكيم» . فقال: هذا لربي فما لي؟ فقال: «قل اللهم اغفر لي وارحمني واهدني وارزقني وعافني؛ فإن هؤلاء تجمع لك دنياك وآخرتك» .
280 - وسئل صلى الله عليه وسلم عن رياض الجنة، فقال: «المسجد» ، فسئل صلى الله عليه وسلم عن الرَّتْع فيها، فقال: «سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر» .
281 - واستفتاه صلى الله عليه وسلم رجل فقال: لا أستطيع أن آخذ من القرآن شيئاً فعلِّمني ما يجزيني، قال: «قل سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله» قال: يا رسول الله هذا لله، فما لي؟ قال: «قل: اللهم ارحمني وعافني واهدني وارزقني» ، فقال هكذا بيده وقبضها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أما هذا فقد مَلأ يده من الخير» .
282 - ومرَّ النبي صلى الله عليه وسلم بأبي هُريرة وهو يغرس غَرْساً، فقال: «ألا أدلك على غِراس خير لك من هذا؟ سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، يغرس لك بكل واحدة شجرة في الجنة» .
283 - وسئل صلى الله عليه وسلم: كيف يكسب أحدُنا كلَّ يوم ألف حسنة؟ قال: «يسبح مائة تسبيحة، يكتب له ألف حسنة أو يحطُّ عنه ألف خطيئة» .
284 - وأفتى صلى الله عليه وسلم مَن قال له: لدَغتني عقرب بأنه لو قال حين أمسى: «أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق، لم تضره» .
285 - وسأله صلى الله عليه وسلم رجل أن يعلمه تعوذاً يتعوذ به، فقال: «قل اللهم إني أعوذ بك من شر سمعي، وشر بصري، وشر لساني، وشر قلبي، وشر هَنِي» يعني: الفرجَ.
286 - وسئل صلى الله عليه وسلم عن كيفية الصلاة عليه، فقال: «قولوا: اللهم صلِّ على محمد، وعلى آل محمد، كما صليتَ على إبراهيم وعلى آل إبراهيم؛ إنك حميد مجيد، وبارك على محمد وعلى آل محمد، كما باركتَ على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد» .
287 - وقال له صلى الله عليه وسلم مُعاذٌ: يا رسول الله أخبرني بعمل يدخلني الجنة ويُباعدني من النار، قال: «لقد سألتَ عن عظيم، وإنه ليسير على مَنْ يَسَّره الله عليه، تعبد الله ولا تشرك به شيئاً، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج البيت» . ثم قال: «ألا أدلك على أبواب الخير» ؟ قلت: بلى يا رسول الله، قال: «الصوم جُنَّة، والصدقة تُطفىء الخطيئة، كما تطفىء الماء النار، وصلاة الرجل في جوف الليل» . ثم قال: «ألا أخبرك برأس الأمر وعموده وذِرْوة سنامه؟ رأس الأمر الإسلامُ، وعمودُه الصلاةُ، وذُرْوةُ سنامه: الجهاد في سبيل الله» . ثم قال: «ألا أخبرك بملاك ذلك كله» ؟ قلت: بلى يا رسول الله، قال: «كفَّ عليك هذا» وأشار إلى لسانه، قلت: يا نبي الله، وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به؟ فقال: «ثكلتك أمك يا معاذ، وهل يَكُبُّ الناسَ في النار على وجوههم إلا حصائد ألسنتهم» .
288 - وسأله صلى الله عليه وسلم أعرابي فقال: دُلني على عمل إذا عملته دخلت الجنة، فقال: «تعبد الله ولا تشرك به شيئاً، وتقيم الصلاة المكتوبة، وتؤدي الزكاة المفروضة، وتصوم رمضان» ، فقال والذي نفسي بيده لا أزيد على هذا، ولا أنقص منه، فلما ولَّى قال النبي صلى الله عليه وسلم: «من سرَّه أن ينظر إلى رجل من أهل الجنة فلينظر إلى هذا» .
289 - وسأله صلى الله عليه وسلم رجل آخر فقال: أخبرني بعمل يدخلني الجنة ويبعدني من النار، فقال: «تعبد الله ولا تشرك به شيئاً، وتقيم الصلاة وتؤدي الزكاة، وتصل الرحم» .
290 - وسأله أعرابي فقال: علَّمني عملاً يدخلني الجنة، فقال: «لئن كنت أقصَرْتَ الخطبة لقد أعرضت المسألة؛ أعتق النَّسَمة، وفُكَّ الرقبة» قال: أوليستا بواحدة؟ قال: «لا، عِتقُ النسمة أن تفرَّد بعتقها، وفك الرقبة أن تُعينَ في عتقها، والمنحة الوكُوفُ، والفيْء على ذي الرحم الظالم، فإن لم تطق ذلك، فأطعم الجائع، واسق الظمآن، وأمر بالمعروف، وانه عن المنكر، فإن لم تُطقْ ذلك، فكفَّ لسانَك إلا من الخير» .
291 - وسأله صلى الله عليه وسلم رجل: ما الإسلام؟ فقال: «أن يُسْلِمَ قَلبُكَ لله عزَّ وجلَّ وأن يسلم المسلمون من لسانك ويدنك» قال: فأي الإسلام أفضل؟ قال: «الإيمان» ، قال: وما الإيمان؟ قال: «تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله والبعث بعد الموت» ، قال: فأي الإيمان أفضل؟ قال: «الهجرة» ، قال: وما الهجرة؟ قال: «أن تهجر السوء» ، قال: فأي الهجرة أفضلُ؟ قال: «الجهاد» ، قال: وما الجهاد؟ قال: «أن تقاتل الكفار إذا لقيتهم» ، قال: فأي الجهاد أفضل؟ قال: «من عقر جواده، وأُهرِيق دمُه» . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ثم عملانِ هما أفضل الأعمال إلا من عمل بمثلهما، حجة مبرورةٌ أو عمرةٌ» .
292 - وسئل صلى الله عليه وسلم أي الأعمال أفضل؟ فقال: «الإيمان بالله وحده، ثم الجهاد، ثم حجة مبرورة تفضل سائر العمل كما بين مطلع الشمس ومغربها» .
293 - وسئل صلى الله عليه وسلم أيضاً: أي الأعمال أفضل؟ فقال: «أن تحب لله، وتبغض لله، وتعمل لسانك في ذكر الله» قال السائل: وماذا يا رسول الله؟ قال: «وأن تحب للناس ما تحب لنفسك، وأن تقول خيراً أو تصمت» .
294 - واختلف نفر من الصحابة في أفضل الأعمال؛ فقال بعضهم: سقاية الحاج، وقال بعضهم: عمارة المسجد الحرام، وقال بعضهم: الحج، وقال بعضهم الجهاد في سبيل الله، فاستفتى عمرُ في ذلك رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، فأنزل الله عز وجل: {أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ ءَامَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الاَْخِرِ وَجَاهَدَ فِى سَبِيلِ اللَّهِ لاَ يَسْتَوُونَ عِندَ اللَّهِ وَاللَّهُ لاَ يَهْدِى الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ * الَّذِينَ ءَامَنُواْ وَهَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ فِى سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِندَ اللَّهِ وَأُوْلَائِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ }(التوبة: 19، 20)
295 - وسأله صلى الله عليه وسلم رجل، فقال: يا رسول الله: شهدت أن لا إلَه إلا الله وأنك رسول الله، وصليت الخمس، وأديت زكاة مالي، وصمت شهر رمضان، فقال: «من مات على هذا كان مع النبيين والصديقين والشهداء يوم القيامة، هكذا» -ـ ونصب أصابعه -ـ «ما لم يعُقَّ والديه» .
296 - وسأله صلى الله عليه وسلم آخر، فقال: أرأيت إذا صليتُ المكتوبةَ وصمت رمضان وأحللت الحلال وحرمت الحرام ولم أزد على ذلك شيئاً، أدخل الجنة؟ قال: «نعم» ، قال: والله لا أزيد على ذلك شيئاً.
297 - وسئل صلى الله عليه وسلم: أي الأعمال خير؟ قال: «أن تطعم الطعام، وتقرأ السلام على من عرفت وعلى من لم تعرف» .
298 - وسأله صلى الله عليه وسلم أبو هريرة، فقال: إني إذا رأيتك طابت نفسي وقرَّت عيني، فأنبئني عن كل شيء، فقال: «كل شيء خلق من ماء» قال: أنبئني عن أمر إذا أخذت به دخلت الجنة، قال: «أفْشِ السلام، وأطعم الطعام، وصِل الأرحام، وقم بالليل والناس نيام، ثم ادْخُل الجنة بسلام» .
299 - وسأله صلى الله عليه وسلم آخر فشكا إليه قسوة قلبه، فقال: «إذا أردت أن يَلينَ قلبكَ، فأطعم المسكين، وامسح رأس اليتيم» .
300 - وسئل صلى الله عليه وسلم أي الأعمال أفضل؟ قال: «طول القيام» قيل: فأي الصدقة أفضل؟ قال: «جهدُ المقِل» قيل: فأي الهجرة أفضل؟ قال: «مَنْ هَجَرَ ما حرم الله عليه» ، قيل: فأي الجهاد أفضل؟ قيل: «من جاهد المشركين بماله ونفسه» ، قيل: فأي القتل أشرف؟ قال: «من أُهريقَ دمه وعُقر جوادهُ» .
301 - وسئل صلى الله عليه وسلم: أي الأعمال أفضل؟ قال: «إيمان لا شك فيه، وجهاد لا غلول فيه، وحج مبرور» .
302 - وسأله صلى الله عليه وسلم أبو ذر فقال: من أين أتصدَّق وليس لي مال؟ قال: «إن من أبواب الصدقة التكبير، وسبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، وأستغفر الله، وتأمر بالمعروف، وتنهى عن المنكر، وتعزل الشَّوْكة عن طريق الناس والعظمَ والحجرَ وتهدي الأعمى، وتسمع الأصم والأبكم، حتى يفقه، وتدل المستدل على حاجة له قد علمت مكانها، وتسعى بشدة ساقيك إلى اللهفان المستغيث، وترفع بشدة ذراعيك مع الضعيف، كل ذلك من أبواب الصدقة منك على نفسك، ولك من جماعك لزوجتك أجر» ، فقال أبو ذر: فكيف يكون لي أجر في شهوتي؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أرأيت لو كان لك ولد؛ ورجوت أجره فمات، أكنت تحتسب به؟» قلت: نعم، قال: «أنت خلقته» ؟ قلت: بل الله خلقه، قال: «فأنت هديته» ؟ قلت: بل الله هَداه، قال: «فأنت كنت رَزَقته» ؟ قلت: بل الله كان يرزقه، قال: «فكذلك، فَضعه في حلاله وجنِّبه حرامه، فإن الله أحياه وإن شاء الله أماته، فلك أجره» .
303 - وسأل صلى الله عليه وسلم أصحابه يوماً: «منْ أصبح منكم اليوم صائماً؟» قال أبو بكر: أنا، قال: «من اتبع منكم اليوم جنازة» ؟ قال أبو بكر: أنا، قال: «من أطعم منكم اليوم مسكيناً» ؟ قال أبو بكر: أنا، قال: «فمن عاد منكم اليوم مريضاً» ؟ قال أبو بكر: أنا، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما اجتمعن في رجل إلا دخل الجنة» .
304 - وسئل صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله الرجل يعمل العمل فيستره، فإذا اطَّلع عليه أعجبه، فقال: «له أجران: أجر السر، وأجر العلانية» . 304 م -ـ وسأله صلى الله عليه وسلم أبو ذر: يا رسول الله أرأيتَ الرجل يعمل العمل من الخير يَحمده الناسُ عليه؟ قال: «تلك عاجل بُشرى المؤمن» .
305 - وسأله صلى الله عليه وسلم رجل: أي العمل أفضل؟ فقال: «الإيمان بالله، وتصديق به، وجهاد في سبيله» قال: أريد أهْوَنَ من ذلك يا رسول الله، قال: «السماحة والصبر» ، قال: أريد أهون من ذلك، قال: «لا تتهم الله تعالى في شيء قضي لك» .
306 - وسأله صلى الله عليه وسلم عُقبة عن فواضل الأعمال، فقال: «يا عقبة صِلْ من قطعك، وأعطِ من حرمك، وأعرض عمن ظلمك» .
307 - وسأله صلى الله عليه وسلم رجل: كيف لي أن أعلم إذا أحسنت أني قد أحسنت، وإذا أسأت أني قد أسأت؟ فقال: «إذا قال جيرانك إنك قد أحسنت فقد أحسنت، وإذا قالوا: قد أسأت فقد أسأت» .
308 - وعند الإمام أحمد: «إذا سمعتهم يقولون: قد أحسنت فقد أحسنت، وإذا سمعتهم يقولون: قد أسأت فقد أسأت» .
● [ فتاوى عن الكسب وبعض الأعمال ] ●
309 - وسئل صلى الله عليه وسلم: أي الكسب أفضل؟ قال: «عمل الرجل بيده، وكل بيع مبرور» . 310 - وسأله صلى الله عليه وسلم رجلٌ، فقال: إن لي مالاً وولداً، وإن أبي يريد أن يجتاج مالي، قال: «أنت ومالكَ لأبيك، إن أطيب ما أكلتم من كسبكم، وإن أولادكم من كسبكم، فكلوه هنيئاً» .
310 - وسأله صلى الله عليه وسلم رجلٌ، فقال: إن لي مالاً وولداً، وإن أبي يريد أن يجتاج مالي، قال: «أنت ومالكَ لأبيك، إن أطيب ما أكلتم من كسبكم، وإن أولادكم من كسبكم، فكلوه هنيئاً» .
311 - وسألته صلى الله عليه وسلم امرأة، فقالت: إنَّا كَلٌّ على آبائنا وأبنائنا وأزواجنا، فما يحل لنا من أموالهم؟ قال: «الرَّطُب تأكلينه وتهدينه» . وقال عقبة: الرطب: يعني به: ما يفسد إذا بقي.
312 - وسئل صلى الله عليه وسلم: إنا نأخذ على كتاب الله أجراً، فقال: «إن أحق ما أخذتم عليه أجراً كتاب الله» . ذكره البخاري في قصة الرُّقية.
313 - وسئل صلى الله عليه وسلم عن أموال السلطان، فقال: «ما أتاك الله منها من غير مسألة ولا إشراف فكلهُ وتموله» .
314 - وسئل صلى الله عليه وسلم عن أجرة الحجَّام، فقال: «أعْلفه ناضِحك وأطعمه رقيقك» .
315 - وسأله صلى الله عليه وسلم رجل عن عَسْب الفَحْل، فنهاه، فقال: «إنا نطرق الفحل فنكرم، فرخص له في الكرامة» .
316 - ونهى عن القُسامة بضم القاف، فسئل عنها فقال: «الرجل يكون على الفئام من الناس، فيأخذ من حظ هذا وحظ هذا» .
317 - وسئل صلى الله عليه وسلم أي الصدقة أفضل؟ قال: «سَقيُ الماء» .
318 - وسألته صلى الله عليه وسلم امرأة فقالت: يا رسول الله إني أحب الصلاة مَعكَ، قال: «قد علمت أنك تحبين الصلاة معي، وصلاتُك في بيتك خير من صلاتك في حُجْرتك، وصلاتك في حُجْرَتك خير من صلاتك في دارك، وصلاتك في دارك خير من صلاتك في مسجد قَومك، وصلاتكِ في مسجد قومك خير من صلاتك في مسجدي» فأمرت فبني لها مسجد في أقصى شيء من بيتها وأظلم، فكانت تصلي فيه حتى لقيت الله عز وجل. 318 م -ـ وسئل صلى الله عليه وسلم: أي البقاع شر؟ قال: «لا أدري حتى أسأل جبريل» ، فسأل جبريل، فقال: لا أدري حتى أسأل ميكائيل، فجاء فقال: «خير البقاع المساجد، وشرها الأسواق» .
319 - وقال صلى الله عليه وسلم: «في الإنسان ستون وثلاثمائة مَفصل، عليه أن يتصدق عن كل مَفصل صدقة» ، فسألوه مَن يطيق ذلك؟ قال: «النخامة تَرَاهَا في المسجد فتدفنها، أو الشيء فتنحيه عن الطريق، فإن لم تجد فركعتا الضحى يُجزِيانك».
320 - وسئل صلى الله عليه وسلم عن الصلاة قاعداً، فقال: «من صلى قائماً فهو أفضل، ومن صلى قاعداً فله نصف أجر القائم، ومن صلى مضطجعاً فله نصف أجر القاعد» . قلت: وهذا له محملان: أحدهما : أن يكون في النافلة عند من يجوزها مضطجعاً. والثاني: على المعذور، فيكون له بالفعل النصف والتكميل بالنية.
321 - وسأله صلى الله عليه وسلم رجل، فقال: ما يمنعني أن أتعلم القرآن إلا خشية أن لا أقوم به، فقال: «تعلم القرآن واقرأه وارقد، فإن مَثلَ القرآن لمن تعلَّمه فقرأه وقال به كمثل جِراب مَحشُوَ مسكاً يفوح ريحهُ على كل مكان، ومن تعلمه ورقَدَ وهو في جوفه كمثل جراب وُكِيَ على مسك» .
322 - وقال عن رجل توفي من أصحابه: «ليته مات في غير مولده» ، فسئل، لم ذلك؟ فقال: «إن الرجل إذا مات في غير مولده قيس له من مولده إلى منقطع أثره في الجنة» . ذكر هذه الأحاديث أبو حاتم وابن حبان في صحيحه.
323 - وسئل صلى الله عليه وسلم: أيغني الدواء شيئاً؟ فقال: «سبحان الله وهل أنزل الله تبارك وتعالى من داء في الأرض إلا جَعلَ له شفاء» .
324 - وسئل صلى الله عليه وسلم عن الرُّقَى والأدوية؛ هل تردُّ من قدَر الله شيئاً؟ قال: «هي من قَدر الله» .
325 - وسئل صلى الله عليه وسلم عن رجل من المسلمين طَعنَ رجلاً من المشركين في الحرب، فقال خذها وأنا الغلام الفارسي، فقال: «لا بأس في ذلك، يحمد ويؤجر» .
326 - وسأله صلى الله عليه وسلم رجل أن يعلمه ما ينفعه، فقال: «لا تَحقِرنَّ من المعروف شيئاً، ولو أن تُفْرِغَ من دلوك في إناء المستسقي، ولو أن تُكلِّمَ أخاك ووجهك منبسط إليه، وإياك وإسبال الإزار، فإنها من المخيلة، ولا يحبها الله، وإن امرؤ شتمكَ بما يعلم فيك فلا تشتمه بما تعلم منه، فإن أجره لك، ووباله على مَن قاله» .
327-ـ وسئل صلى الله عليه وسلم عن لحوم الحمر الأهلية، فقال: «لا تحل لمن شهد أني رسول الله» .
328 - وسئل صلى الله عليه وسلم عن الأمراء الذين يؤخرون الصلاة عن وقتها، كيف يصنع معهم؟ فقال: «صلِّ الصلاة لوقتها، ثم صلِّ معهم، فإنها لك نافلة» .
329 - وسألته صلى الله عليه وسلم امرأة صَفْوان بن المُعطَّل السلمي، فقالت: إنه يضربني إذا صليت، ويفطرني إذا صمت، ولا يصلي صلاة الفجر حتى تطلع الشمس، فسأله عما قالت امرأته، فقال: أما قولها: يضربني إذا صليت، فإنها تقرأ بسورتين، وقد نهيتها عنهما، فقال صلى الله عليه وسلم: «لو كانت سورة واحدة لكفت الناس» ، وأما قولها: يفطرني إذا صمت، فإنها تنطلق فتصوم، وأنا رجلٌ شابٌّ ولا أصبر، فقال صلى الله عليه وسلم يومئذ: «لا تصومُ امرأة إلا بإذن زوجها» . قال: وأما قولها: لا أصلي حتى تطلعَ الشمس، فإنا أهل بيت لا نكاد أن نستيقظ حتى تطلع الشمس، فقال: «صلِّ إذا استيقظت» . قلت: ولهذا صادف أم المؤمنين في قصة الإفك، لأنه كان في آخر الناس، ولا ينافي هذا الحديث قوله في حديث الإفك، والله ما كشَفْتُ كِنْف أنثى قط، فإنه إلى ذلك الوقت لم يكشف كنف أنثى قط؛ ثم تزوج بعد ذلك.
330 - وسئل صلى الله عليه وسلم عن قتل الوزَغ، «فأمر بقتله» .
331 - وسئل صلى الله عليه وسلم عن رجل نذر أن يمشي إلى الكعبة، فجعل يهادَى بين رجلين، فقال: «إن الله لَغني عن تعذيب هذا نفسه». وأمره أن يركب.
332 - واستفتاه صلى الله عليه وسلم رجل في جار له يؤذيه، فأمره بالصبر، ثلاث مرات، فقال له في الرابعة: «اطرَحْ متاعَكَ في الطريق» ، ففعل، فجعل الناس يمرون به ويقولون: ما له؟ ويقول: آذاه جاره، فجعلوا يقولون: لعنه الله، فجاءه جاره فقال: رُدَّ متاعك، والله لا أوذيك أبداً.
333 - وسأله صلى الله عليه وسلم رجل فقال: إني أذنبت ذنباً كبيراً، فهل لي من تَوبة، فقال له: «ألك والدان» ؟ فقال: لا، قال: «فلك خالة» ؟ قال: نعم، قال: «فبرَّها».
334 - وسئل صلى الله عليه وسلم عن رجل قد أوجب، فقال: «اعْتِقُوا عنه رقبة يعتق الله بكل عضو منها عضواً منه من النار» . أوجب: أي استوجَبَ النار بذنب عظيم ارتكبه.
335 - وسأله رجل، فقال: إن أبويَّ قد هلكا، فهل بقي من بعد موتهما شيء؟ فقال: «نعم الصلاة عليهما، والاستغفار لهما، وإنفاذ عقودهما من بعدهما، وإكرام صديقهما، وصلة رحمهما التي لا رحم لك إلا من قبلهما» . قال الرجل: ما ألذَّ هذا وأطيبه قال: «فاعمل به» .
336 - وسئل صلى الله عليه وسلم عن رجل شَدَّ على رجل من المشركين ليقتله، فقال: إني مسلم، فقتله، فقال فيه قولاً شديداً، فقال: إنما قاله تَعوُّذاً من السيف، فقال: «إن الله حرَّمَ عليَّ أن أقتل مؤمناً» .
337 - وسأله صلى الله عليه وسلم رجل فقال: يا رسول الله أخْبِرْنا بخيرنا من شرنا، فقال: «خيركم من يُرْجى خيره ويؤمن شره، وشَرُّكم من لا يُرجى خيره، ولا يؤمن شره» .
338 - وسأله صلى الله عليه وسلم رجل: ما الذي بعثك الله به؟ فقال: «الإسلام» ؛ فقال: وما الإسلام؟ قال: «أن تُسلم قلبك لله، وأن توجِّه وجهك لله؛ وأن تصلي الصلاة المكتوبة؛ وتؤدي الزكاة المفروضة، أخوان نصيران، لا يقبل الله من عبد توبة أشرَكَ بعد إسلامه» .
339 - وسأله صلى الله عليه وسلم الأسود بن سريع؛ فقال: أرأيت إن لقيتُ رجلاً من المشركين فقاتلني، فضرَبَ إحدى يديّ بالسيف؛ فقطعها ثم لاذَ منِّي بشجرة؛ فقال: أسلمت لله؛ أفأقتله بعد أن قالها؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تقتله» ، فقلت: يا رسول الله إنه قَطع إحدى يدي؛ ثم قال ذلك بعد أن قطعها أفأقتله؟ قال: «لا تقتله، فإنك إن قتلته فإنه بمنزلتك قبل أن تقتله وأنت بمنزلته قبل أن يقول كلمته التي قال» .
340 - وسأله صلى الله عليه وسلم رجل، فقال: يا رسول الله مَررت برجل، فلم يضيفني ولم يقْرني؛ أفأحتكم؟ قال: «بل أقره» وقوله: أحتكم أي: أعامله إذا مر بي بمثل ما عاملني به.
341 - وسأله صلى الله عليه وسلم أبو ذر، فقال: الرجل يحب القوم، ولا يستطيع أن يعمل بعملهم. قال: «يا أبا ذر، أنت مع من أحببت» . قال: فإني أحب الله ورسوله، قال: «أنت يا أبا ذر مع من أحببت» .
342 - وسأله صلى الله عليه وسلم ناس من الأعراب، فقالوا: أفتنا في كذا، أفتنا في كذا، أفتنا في كذا، أفتنا في كذا، فقال: «أيها الناس؛ إن الله قد وضَعَ عنكم الحَرَجَ، إلا من اقترض من عِرْضِ أخيه؛ فذلك الذي حرج وهَلك» ، قالوا: أفنتداوى يا رسول الله؟ قال: «نعم إن الله لم ينزل داء إلا أنزل له دَوَاء، غير داء واحد» ، قالوا: يا رسول الله وما هو؟ قال: «الهرم» قالوا: فأي الناس أحبُّ إلى الله يا رسول الله؟ قال: «أحب الناس إلى الله أحسنهم خلقاً» .
343 - وسأله صلى الله عليه وسلم عدي بن حاتم، فقال: إن أبي كان يَصلُ الرحمَ وكان يفعل ويفعل، فقال: «إن أباك أراد أمراً فأدركه؛ يعني الذكر» ، قال: قلت: يا رسول الله، إني أسألك عن طعام لا أدَعُه إلا تحرجاً، قال: «لا تَدَع شيئاً ضارع النصرانية فيه» ، قال: قلت: إني أرسل كلبي المعلَّم، فيأخذ صيداً فلا أجد ما أذبح به إلا المرْوة والعصا قال: «أهرق الدَّمَ بما شئتَ، واذكر اسم الله» .
344 - وسألته صلى الله عليه وسلم عائشة عن ابن جُدْعان، وما كان يفعل في الجاهلية من صلة الرحم، وحسن الجوار وقِرى الضيف، هل ينفعه؟ فقال: «لا، لأنه لم يقل يوماً رب اغفر لي خطيئتي يوم الدين» .
345 - وسأله صلى الله عليه وسلم سفيان بن عبد الله الثقفي أن يقول له قولاً لا يسأل عنه أحداً بعده، فقال: «قل آمنت بالله ثم استقم» .
346 - وسئل صلى الله عليه وسلم: من أكرم الناس؟ فقال: «أتقاهم لله» ، قالوا: لسنا عن هذا نسألك، قال: «فعن مَعادن العرب تسألوني؟ خياركم في الجاهلية خياركم في الإسلام إذا فقهوا» .
347 - وسألته صلى الله عليه وسلم امرأة فقالت: إني نذرتُ إن ردَّك الله سالماً أن أضرب على رأسك بالدف، فقال: «إن كنت نذرت فافعلي، وإلا فلا» قالت: إني كنت نذرت، فقعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فضربت بالدف. وله وجهان: أحدهما: أن يكون أباح لها الوفاء بالنذر المباح تطييباً لقلبها وجَبراً وتأليفاً لها على زيادة الإيمان وقوته، وفرحها بسلامة رسول الله صلى الله عليه وسلم. والثاني: أن يكون هذا النذرُ قُربة لما تضمنه من السرور والفرح بقدوم رسول الله صلى الله عليه وسلم سالماً مؤيَّداً منصوراً على أعدائه قد أظهره الله وأظهر دينه، وهذا من أفضل القُرَب، فأمرت بالوفاء به.
348 - وسأله صلى الله عليه وسلم رجل؛ فقال: يا رسول الله، الرجلُ يريد الجهاد في سبيل الله وهو يبتغي من عرض الدنيا، فقال: «لا أجر له» ، فأعظم ذلك الناس فقالوا للرجل: أعِدْ لرسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فلعلك لم تفهمه، فقال الرجل: يا رسول الله؛ الرجل يريد الجهاد في سبيل الله وهو يبتغي من عرض الدنيا، فقال: «لا أجر له» فأعظم قلك الناس؛ فقالوا: أعد لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فأعاد، فقال: «لا أجرَ له» .
349 - وسأله صلى الله عليه وسلم رجل فقال: أقاتل أو أُسْلم؟ قال: «أسلِمْ ثم قاتل» فأسلمَ ثم قاتلَ فقتل، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «هذا عملَ قليلا وأُجِر كثيراً» .
350 - وسأله صلى الله عليه وسلم رجل: ما أكثر ما تخاف عليَّ؟ فأخذ بلسانه ثم قال: «هذا» .
351 - وسأله صلى الله عليه وسلم رجل فقال: قل لي قولاً ينفعني الله به، وأقلِلْ لعلي أفعله، فقال: «لا تغضب» ، فردد مراراً، كل ذلك يقول له: «لا تغضب» .
352 - وسألته صلى الله عليه وسلم امرأة، فقالت: إن لي ضَرَّة، فهل عليَّ جُناح إن استكثرت من زوجي بما لا يعطيني؟ فقال: «المتشبع بما لم يُعطَ كلابس ثوبي زورٍ» . وكل هذه الأحاديث في الصحيح.
353 - وسأله صلى الله عليه وسلم رجل فقال: إن شرائع الإسلام قد كثرت عليَّ فأوصني بشيء أتشبث به، فقال: «لا يزالُ لسانُكَ رطباً من ذكر الله» .
354 - وسأله صلى الله عليه وسلم رجلٌ فقال: يا رسول الله أرسل ناقتي وأتوكل على الله؟ فقال: «بل اعْقِلها وتوكل» .
355 - وقال له صلى الله عليه وسلم رجل: ليس عندي يا رسول الله ما أتزوج به، قال: «أوليس معك قل هو الله أحد» ؟ قال: بلى، قال: «ثلث القرآن» ، قال: «أليس معك: قل يا أيها الكافرون» ؟ قال: بلى، قال: «ربع القرآن» ، قال: «أليس معك إذا زلزلت الأرض» ؟ قال: بلى، قال: «ربع القرآن» . قال: «أليس معك إذا جاء نصر الله» ؟ قال: بلى، قال: «ربع القرآن» قال: «أليس معك آية الكرسي» ؟ قال: بلى، قال: «ربع القرآن» ، قال: «تزوج، تزوج، تزوج» ثلاث مرات.
356 - وسأله صلى الله عليه وسلم معاذ فقال: يا رسول الله أرأيت إن كان علينا أمراء لا يستنُّون بسنتك، ولا يأخذون بأمرك، فما تأمرني في أمرهم؟ قال: «لا طاعة لمن لم يطع الله» .
357 - وسأله صلى الله عليه وسلم أنس أن يشفع له، فقال: «إني فاعل» ، قال: فأين أطلبك يوم القيامة؟ قال: «اطلبني أول ما تطلبني على الصراط» ، قلت: فإذا لم ألْقَكَ على الصراط؟ قال: «فأنا على الميزان» ، قلت: فإن لم ألقك عند الميزان؟ قال: «فأنا عند الحوض، لا أخطىء هذه الثلاث المواطن يوم القيامة» .
358 - وسأله صلى الله عليه وسلم الحجاج بن عِلاَط، فقال: إن لي بمكة مالاً، وإن لي بها أهلاً، وإني أريد أن آتيهم. فأنا في حِلَ إن أنا نِلْتُ منك، أو قلت شيئاً؟ فأذِنَ له رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقول ما شاء. وفيه دليل على أن الكلام إذا لم يرد به قائله معناه، إما لعدم قصده له، أو لعدم علمه به، أو أنه أراد به غير معناه، لم يلزمه ما لم يرده بكلامه، وهذا هو دين الله الذي أرسل به رسوله، ولهذا لم يلزم المكرَهَ على التكلم بالكفر الكفر، ولم يلزم زائل العقل بجنون أو نوم أو سكر ما تكلم به، ولم يلزم الحجاج بن عِلاطٍ حكم ما تكلم به؛ لأنه أراد به غير معناه، ولم يعقد قلبه عليه. وقد قال تعالى:{لاَ يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِى? أَيْمَانِكُمْ وَلَاكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا عَقَّدتُّمُ الاَْيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ذالِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُو?اْ أَيْمَانَكُمْ كَذالِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ ءَايَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ } (المائدة: 89) وفي الآية الأخرى: {لاَّ يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِالَّلغْوِ فِى? أَيْمَانِكُمْ وَلَاكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ } (البقرة: 225)، فالأحكام في الدنيا والآخرة مُرتبة على ما كسبه القلب، وعقد عليه، وأراده من معنى كلامه.
359 - وسألته صلى الله عليه وسلم امرأةٌ، فقالت: يا رسول الله إن نساءً أسْعدنني في الجاهلية، يعني في النَّوْح، أفأساعدهن في الإسلام؟ فقال: «لا إسعاد في الإسلام، ولا شِغار في الإسلام، ولا عَقْر في الإسلام، ولا جَلَب في الإسلام، ومن انتهبَ فليس منا» . والإسعاد: إسعاد المرأة في مصيبتها بالنوح. والشِّغار: أن يزوج الرجل ابنته على أن يزوجه الآخر بنته. والعَقْر: الذبح على قبور الموتى. والجَلَب: الصياح على الفرس في السباق. والجَنَبُ: أن يُجْنِبَ فرساً إلى فرسه، فإذا أعيت فرسُه انتقل إلى تلك في المسابقة.
360 - وسأله صلى الله عليه وسلم بعضُ الأنصار، فقالوا: قد كان لنا جمل نسير عليه، وإنه قد استصعب علينا ومَنعنا ظهره، وقد عطش الزرع والنخل، فقال لأصحابه «قوموا» فقاموا، فدخل الحائط والجمل في ناحيته، فمشى النبي صلى الله عليه وسلم نحوه، فقالت الأنصار: يا نبي الله إنه قد صار مثل الكلْب الكَلِب، وإنا نخاف عليك صوْلته، فقال: «ليس عليَّ منه بأس» ، فلما نظر الجملُ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أقبل نحوه حتى خَرَّ ساجداً بين يديه، فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بناصيته أذلَّ ما كان قط حتى أدخله في العمل، فقال له الصحابة: يا نبي الله هذا بَهيمة لا تعقل، تسجدُ لك، ونحن نعقل، فنحن أحق أن نسجد لك، فقال: «لا يصلُحُ لبشر أن يسجد لبشر، ولو صلح لبشر أن يسجد لبشر، لأمرتُ المرأة أن تسجد لزوجها من عظم حقه عليها، والذي نفسي بيده لو كان من قدمه إلى مفرق رأسه يَتنجس بالقَيْح والصديد، ثم استقبلته تلحسه ما أدَّت حقه» . فأخذ المشركون مع مريديهم بسجود الجمل لرسول الله صلى الله عليه وسلم وتركوا قوله: لا يصلح لبشر أن يسجد لبشر، وهؤلاء شر من الذين يتبعون المتشابه ويدعون المحكم.
361 - وسئل صلى الله عليه وسلم، فقيل له: إن أهل الكتاب يحتفون، ولا ينتعلون في الصلاة، قال: «فاحتفوا وانتعلوا، وخالفوا أهل الكتاب» ، قالوا: فإن أهل الكتاب يقصون عثانينهم ويوفرون سِبالهم، فقال: «قُصُّوا سبالكم ووفروا عثانينكم وخالفوا أهل الكتاب» .
362 - وسأله صلى الله عليه وسلم رجل فقال: يا نبي الله مررت بغار فيه شيء من ماء، فحدثتُ نفسي بأن أقيم فيه، فيقوتني ما فيه من ماء وأصيب ما حوله من البقل وأتخلى عن الدنيا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «إني لم أُبعث باليهودية ولا بالنصرانية، ولكني بعثت بالحنيفية السمْحَة، والذي نفس محمد بيده لغَدْوةٌ أو رَوْحة في سبيل الله خير من الدنيا وما فيها، ولمقامُ أحدِكم في الصف خير من صلاته ستين سنة» .
● [ فصل في أنواع البيع ] ●
363 - وأخبرهم أن الله سبحانه وتعالى حرم عليهم بيع الخمر والميتة والخنزير وعبادة الأصنام، فسألوه وقالوا: أرأيت شحوم الميتة فإنه يُطلى بها السفنُ ويدهن بها الجلود ويَستصبح بها الناس، فقال: «هو حرام» ، ثم قال: «قاتل الله اليهودَ فإن الله لما حرَّم عليهم شحومَها جَملوه ثم باعوه وأكلوا ثمنه» . وفي قوله صلى الله عليه وسلم: «هو حرام» قولان: أحدهما: إن هذه الأفعال حرام. والثاني: إن البيع حرام، وإن كان المشتري يشتريه لذلك، والقولان مبنيان على أن السؤال منهم هل وقع عن البيع لهذا الانتفاع المذكور، أو وقع عن الانتفاع المذكور، والأول اختيار شيخنا وهو الأظهر؛ لأنه لم يخبرهم أولاً عن تحريم هذا الانتفاع حتى يذكروا له حاجتهم إليه، وإنما أخبرهم عن تحريم البيع، فأخبروه أنهم يبتاعونه لهذا الانتفاع، فلم يرخص لهم في البيع، ولم ينههم عن الانتفاع المذكور، ولا تلازم بين جواز البيع وحل المنفعة. والله أعلم.
364 - وسأله صلى الله عليه وسلم أبو طلحة عن أيتام ورثوا خمراً، فقال: «أهْرِقْها» قال: أفلا أجعلها خلاًّ؟ قال: «لا» .
365 - وفي لفظ: إن أبا طلحة قال: يا رسول الله إني اشتريتُ خمراً لأيتام في حِجْري، فقال: «أَهْرِق الخمر واكسر الدِّنان» .
366 - وسأله صلى الله عليه وسلم حكيم بن حزام فقال: الرجل يأتيني، ويريد مني البيع، وليس عندي ما يطلب، أفأبيع منه، ثم أبتاع من السوق؟ قال: «لا تَبع ما ليس عندك» .
367 - وسأله صلى الله عليه وسلم أيضاً فقال: إني أبتاع هذه البيوع، فما يحل لي منها وما يحرم عليَّ منها؟ قال: «يا ابن أخي لا تَبيعَنَّ شيئاً حتى تقبضه» وعند النسائي: ابتعتُ طعاماً من طعام الصدقة فربحت فيه قبل أن أقبضه، فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرت له ذلك، فقال: «لا تبعه حتى تقبضه» .
368 - وسئل صلى الله عليه وسلم عن الصلاح الذي إذا وُجِدَ جاز بيع الثمار، فقال: «تَحْمارُّ وتصْفَارُّ ويؤكل منها» .
369 - وسأله صلى الله عليه وسلم رجل فقال: ما الشيء الذي لا يحل منعه؟ قال: «الماء» قال: ما الشيء الذي لا يحل منعه؟ قال: «الملح» قال: ثم ماذا؟ قال: «النار» ، ثم سأله صلى الله عليه وسلم: ما الشيء الذي لا يحل منعه؟ قال: «أن تفعل الخير خير لك» . 370- وسئل أن يحجر على رجل يُغْبَن في البيع لضعف في عقدته، فنهاه عن البيع، فقال: لا أصبر عنه، فقال: «إذا بايعت فقل لا خِلاَبَةَ، وأنت في كل سلعة ابتعتها بالخيار ثلاثاً» .
371 - وسئل صلى الله عليه وسلم عن رجل ابتاع غلاماً فأقام عنده ما شاء أن يقيم، ثم وجد به عيباً فرده عليه، فقال البائع: يا رسول الله قد استغلَّ غلامي، فقال: «الخَرَاجُ بالضمان» .
372 - وسألته صلى الله عليه وسلم امرأة، فقالت: إني امرأة أبيع وأشتري، فإذا أردت أن أبتاع الشيء سُمْت به أقلَّ مما أريد، ثم زدت حتى أبلغ الذي أريد، وإذا أردت أن أبيع الشيء سُمت به أكثر من الذي أريد، ثم وضعت حتى أبلغ الذي أريد، فقال: «لا تفعلي، إذا أردتِ أن تبتاعي شيئاً فاسْتَامِي به الذي تريدين أعطيت أو منعت، وإذا أردتِ أن تبيعي شيئاً، فاستامي به الذي تريدين أعطيت أو منعت» .
373 - وسأله صلى الله عليه وسلم بلال عن تمر رديء باع منه صاعين بصاع جيد، فقال: «أوْه، عين الربا، لا تفعل، ولكن إذا أردت أن تشتري فبع التمر بيعاً آخر ثم اشتر بالثمن» .
374 - وسأله صلى الله عليه وسلم البَرَاءُ بن عازب فقال: اشتريت أنا وشريكي شيئاً يداً بيد ونسيئة، فسألنا النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: «أما ما كان يداً بيد فخذوه وما كان نسيئة فذَرُوه» . وهو صريح في تفريق الصفقة. وعند النسائي عن البَراءَ قال: كنت أنا وزيد بن أرقم تاجرين على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسألناه عن الصَّرف، فقال: «إن كان يَداً بيَدٍ فلا بأس، وإن كان نسيئة فلا يصلح» .
375 - وسأله صلى الله عليه وسلم فضالة بن عُبيْد عن قلادة اشتراها يوم خيبر باثني عشر ديناراً فيها ذَهَبٌ وخرز، ففصلها، فوجد فيها أكثر من اثني عشر ديناراً، فقال: «لا تُباعُ حَتَّى تُفَصَّل» وهو يدل على أن مسأله مُدَّ عَجْوةٍ لا تجوز إذا كان أحد العوضين فيه ما في الآخر وزيادة؛ فإنه صريح الربا، والصواب: أن المنع مختص بهذه الصورة التي جاء فيها الحديث وما شابهها من الصور.
376 - وسئل صلى الله عليه وسلم عن بيع الفرس بالأفراس والنجيبة بالإبل، فقال: «لا بأس إذا كان يداً بيد» .
377 - وسأله صلى الله عليه وسلم ابن عمر فقال: أشتري الذهبَ بالفضة؟ فقال: «إذا أخذت واحداً منهما، فلا يفارقك صاحبُكَ وبينك وبينه لبس» . وفي لفظ: كنت أبيع الإبل، وكنت آخذ الذهب من الفضة والفضة من الذهب. والدنانير من الدراهم، والدراهم من الدنانير، فسألت النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: «إذا أخذت أحدهما وأعطيت الآخر فلا يفارقك صاحبك وبينك وبينه لبس» .
378 - وتفسير هذا ما في اللفظ الذي عند أبي داود عنه، قلت: يا رسول الله إني أبيع الإبل بالنقيع، فأبيع بالدنانير، وآخذ الدراهم، وأبيع بالدراهم، وآخذ الدنانير، آخذ هذه من هذه وأعطي هذه من هذه، فقال: «لا بأس أن تأخذها بسعر يومها ما لم تفترقا وبينكما شيء».
379 - وسئل صلى الله عليه وسلم عن اشتراء التمر بالرطب، فقال: «أينقص الرطب إذا يبس؟» ، قالوا: نعم، فنهى عن ذلك.
380 - وسئل صلى الله عليه وسلم عن رجل أسْلَفَ في نخل، فلم يخرج تلك السنة، فقال: «اردُد عليه ماله» ، ثم قال: «لا تُسْلفُوا في النخل حتى يبْدوَ صلاحه» .
381 - وفي لفظ: إن رجلاً أسلم في حديقة نخل قبل أن يطلع النخل، فلم يطلع النخل شيئاً ذلك العام. فقال المشتري: هو لي حتى يطلع، وقال البائع: إنما بعتك النخل هذه السنة، فاختصما إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال للبائع: «أخذ من نخلك شيئاً» ؟ قال: لا، قال: «فبم تستحلُّ ماله؟ اردد عليه ماله» ، ثم قال: «لا تسْلِفوا في النخل حتى يبدو صلاحه» . وهو حجة لمن لم يجوز السلم إلا في موجود الجنس حال العقد، كما يقوله الأوزاعي والثوري وأصحاب الرأي.
382 - وسأله صلى الله عليه وسلم رجل فقال: إن بني فلان قد أسْلمُوا، لقوم من اليهود، وإنهم قد جاعوا، فأخاف أن يرتدوا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «من عنده» ؟ قال رجل من اليهود: عندي كذا وكذا، لشيء سماه، أراه قال: ثلاثمائة دينار بسعر كذا وكذا من حائط بني فلان، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «بسعر كذا وكذا، وليس من حائط بني فلان».
● [ فصل عن فضل بعض الأعمال ] ●
383 - وسأله صلى الله عليه وسلم حمزةُ بن عبد المطلب فقال: اجعلني على شيء أعيش به، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يا حمزةُ نفسٌ تحييها أحبُّ إليك أم نفس تميتها» ؟ فقال: نفس أحييها، قال: «عليك نفسك» .
384 - وسئل صلى الله عليه وسلم: ما عمل الجنة؟ قال: «الصدق، فإذا صدق العبد برَّ، وإذا برَّ آمن، وإذا آمن دخل الجنة» . وسئل صلى الله عليه وسلم: ما عمل أهل النار؟ قال: «الكذب، إذا كذب العبد فَجَر، وإذا فجر كفر، وإذا كفر دخل النار» .
385 - وسئل صلى الله عليه وسلم عن أفضل الأعمال، فقال: «الصلاة» ، قيل ثم مه؟ قال: «الصلاة» ، ثلاث مرات، فلما غلب عليه قال: «الجهاد في سبيل الله» ، قال الرجل: فإن لي والدين، قال: «آمرك بالوالدين خيراً» قال: والذي بعثك بالحق نبياً لأجاهدنَّ ولأتركهما، فقال: «أنت أعلم» .
386 -ـ وسئل صلى الله عليه وسلم عن الغُرَفِ التي في الجنة يُرى ظاهرها من باطنها وباطنها من ظاهرها، لمن هي؟ قال: «لمن أَلاَنَ الكلام، وأطعم الطعام، وبات لله قائماً والناس نيام» .
387 - وسأله صلى الله عليه وسلم رجل: أرأيت إن جاهدتُ بنفسي ومالي فقتلت صابراً محتسباً مقبلاً غير مدبر، أدخل الجنة؟ قال: «نعم» ، فقال ذلك مرتين أو ثلاثاً قال: «إلاَّ إن متَّ وعليك دَين وليس عندك وفاؤه» ، وأخبرهم بتشديد أنزل، فسألوه عنه، فقال: «الدَّين، والذي نفسي بيده لو أن رجلاً قتل في سبيل الله، ثم عاش، ثم قتل في سبيل الله، ثم عاش، ثم قتل في سبيل الله ما دخل الجنة حتى يُقضى دينه» .
388 - وسأله صلى الله عليه وسلم رجل عن أخيه مات وعليه دَين، فقال: «هو محبوس بدَينة، فاقض عنه» ، فقال: يا رسول الله قد أديتُ عنه إلا دينارين ادَّعَتْهما امرأة وليس لها بينة، فقال: «أعْطها فإنها مُحِقة» . وفيه دليل على أن الوصي إذا علم بثبوت الدَّين على الميت جاز له وفاؤه وإن لم تقم به بينة.
389 - وسألوه صلى الله عليه وسلم أن يُسَعر لهم، فقال: «إن الله هو الخالق القابض الباسط الرازق، وإني لأرجو أن ألقى الله، ولا يطلبني أحد بمظلمة ظلمتها إياه في دم أو مال» .
390 - وسأله صلى الله عليه وسلم رجل فقال: أرْضِي ليس لأحد فيها شركة ولا قسمة إلا الجار، فقال: «الجارَ أحقّ بصقبه» . والصوابُ العمل بهذه الفتوى إذا اشتركا في طريق أو حق من حقوق الملك.
391 - وسئل صلى الله عليه وسلم: أي الظلم أعظم؟ قال: «ذراع من الأرض ينتقصه من حق أخيه، وليس حصاة من الأرض أخذها إلا طوِّقها يوم القيامة إلى قعر الأرض، ولا يعلم قعرَها إلا الذي خلقها» .
392 - وأفتى صلى الله عليه وسلم في شاة ذُبحت بغير إذن صاحبها وقدِّمت إليه أن تطعمَ الأسارى.
كتاب : روض السائلين لفتاوى سيد المرسلين
المؤلف : محمد بن أبي بكر بن قيم الجوزية
منتدى ميراث الرسول - البوابة