بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله المنعم على خلقه بجميل آلائه ، المحسن إليهم بلطيف رفده وجزيل عطائه ، المحقق لمن أمله حسن ظنه ورجائه ، الذي من على عباده بأن فتح لهم بابه وأمرهم بالدعاء ووعدهم بالإجابة ، ووفق منهم من شاء بلطفه وحكمته ؛ للتعرض لنفحات فضله ورحمته ، وهداه السبيل إليه ، وألهمه الطلب تكرما منه عليه ، أحمده والحمد من نعمه ، وأسأله المزيد من فضله وكرمه ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له مجيب الدعاء ، وكاشف الأسواء ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ، خاتم الأنبياء ومبلغ الأنباء ، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه البررة الأتقياء ، صلاة دائمة بدوام الأرض والسماء ، وسلم تسليما كثيرا . أما بعد : فمن أولى ما انصرفت إلى حفظه عناية ذوي الهمم ، وأحق ما اهتدي بأنواره في غياهب الظلم ، وأنفع ما استدرت به صنوف النعم ؛ وأمنع ما استدرئت به صروف النقم ، ما كان بفضل الله تعالى لأبواب الخير مفتاحا ، وبنص رسول الله صلى الله عليه وسلم للمؤمنين سلاحا ، وذلك التحميد والثناء ، والتمجيد والدعاء ، أمر الله تعالى به في كتابه العظيم ، وفيه رغب رسوله الكريم ، وإليه جنح المرسلون والأنبياء ، وعليه عول الصالحون والأولياء ، وإن أحسن ما توخاه المرء لدعائه في كل مهم ، وتحراه لكل خطب مدلهم ، ما تحصل به مقصود الدعاء مع بركة التأسي والاقتداء ، ويكون لفظه وسيلة لقبوله ، وهو ما جاء في كتاب الله أو سنة رسوله ، وقد أنكر الأئمة - رضي الله عنهم - الإعراض عن الأدعية السنية ، والعدول عن اقتفاء آثارها السنية ، فقال الحافظ أبو القاسم بن أحمد بن أيوب الطبراني رحمه الله في كتاب ' الدعاء ' : هذا كتاب ألفته جامع لأدعية رسول الله صلى الله عليه وسلم حداني على ذلك أني رأيت كثيرا من الناس قد تمسكوا بأدعية سجع ، وأدعية وضعت على عدد الأيام مما ألفها الوراقون ، لا تروى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا عن أحد من أصحابه ، ولا عن أحد من التابعين بإحسان مع ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم من الكراهية للسجع في الدعاء والتعدي فيه . وقال الإمام أبو سليمان حمد بن محمد الخطابي - رحمه الله - في كتاب ' شأن الدعاء ' : وقد أولع كثير من العامة بأدعية منكرة اخترعوها ، وأسماء سموها ما أنزل الله بها من سلطان ، وقد يوجد في أيديهم دستور في الأسماء والأدعية يسمونه ' الألف اسم ' صنفها لهم بعض المتكلمين من أهل الجهعل والجرأة على الله تبارك وتعالى ، أكثرها زور وافتراء على الله - سبحانه وتعالى - فليجتنبها الداعي إلا ما وافق منه الصواب . وقال الإمام أبو بكر بن الوليد الطرطوشي - رحمه الله - في كتاب ' الأدعية ' له : ومن العجب العجاب أن يعرض عن الدعوات التي ذكرها الله - تعالى - في كتابه عن الأنبياء والأولياء والأصفياء مقرونة بالإجابة ، ثم تنتقي ألفاظ الشعراء والكتاب ، كأنك قد دعوت في زعمك بجميع دعواتهم ، ثم استعنت بدعوات من سواهم . وقال القاضي عياض - رحمه الله - إن الله أذن في دعائه ، وعلم الدعاء في كتابه الخليقته ، وعلم النبي صلى الله عليه وسلم الدعاء لأمته ، واجتمعت فيه ثلاثة أشياء العلم بالتوحيد ، والعلم باللغة ، والنصيحة للأمة ، فلا ينبغي لأحد أن يعدل عن دعائه صلى الله عليه وسلم وقد احتال الشيطان للناس في هذا المقام فقيض لهم قوم سوء ، يخترعون لهم أدعية يشتغلون بها عن الاقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم وأشد ما في الحال أنهم ينسبونها إلى الأنبياء والصالحين ، فيقولون : دعاء آدم ، دعاء نوح ، دعاء يونس ، دعاء أبي بكر الصديق رضي الله عنه . فاتقوا الله في أنفسكم ولا تشتغلوا من الحديث إلا بالصحيح منه . . . هذا آخر كلامه .
وإني قد جمعت في هذا الكتاب جملة من الأدعية والأذكار المرفوعة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم دائرة بين الصحيح والحسن ، أخرجتها من الكتب الستة ، والمستدرك على الصحيحين للحاكم أبي عبد الله الحافظ ، والمسند المخرج على صحيح مسلم لأبي عوانة الإسفرايين ي ، وصحيح أبي حاتم بن حبان ، فاستوعبت جميع ما في كتابي البخاري ومسلم ، لمكانهما من الصحة ، وانتخبت من سنن أبي داود ما لم ينص على ضعفه ، لأنه عنده لا ينزل عن رتبة الحسن ، وجردت من جامع الترمذي ما حكم عليه بأنه صحيح أو حسن ، وأما كتاب النسائي فقد أطلق الخطيب عليه اسم الصحيح ، وقال أبو القاسم الزنجاني : إن لأبي عبد الرحمن في الرؤيا شرطا أشد من شرط البخاري ومسلم ، على أني لم أخرج مما انفرد به إلا نحو عشرة أحاديث جيدة الأسانيد نبهت إلى مواضعها ، وأما سنن ابن ماجة فلم أخرج منها شيئا تفرد به ، وعزوت كل حديث إلى من أخرجه من الأئمة ، فما كان في الكتب الستة سلكت في نسبته إليها الجادة ، فأقول فيما أخرجه الستة : رواه الجماعة ، وفيما أخرجه الشيخان : متفق عليه ، وفيما أخرجه البقية دون الشيخين : رواه الأربعة ، وما عدا ذلك أعين من أخرجه من الأئمة ، وإذا كان الحديث من رواية البخاري لم أعدل من لفظه سوى في حديثين بينتهما في موضعيهما ، وإن لم يكن من روايته ، فإن كان من رواية مسلم اعتمدت لفظه ، وإن لم يكن من رواية واحد منهما عزوت اللفظ لصاحبه ، وإن اتفق على اللفظ اثنان فأكثر نبهت على ذلك ، وجردت أحاديث هذا الكتاب من الأسانيد ، واقتصرت على نسبتها إلى المسانيد تخفيفا على حافظيه ، وتسهيلا لراغب فيه ، وذكرت في بعض أبوابه من القرآن العظيم ما يناسب ذلك الباب ، وأخرجت في أثنائه طرقا من آثار الصحاية ومن بعدهم من بعض الكتب المذكورة وكتاب ' الموطأ ' ومن ' المصنف ' لابن أبي شيبة ، ما كان رجال سنده رجال الصحيح ، ومن ' السنن الكبير ' للبيهقي ما جزم بصحته ، وضممت إلى بعض الأحاديث زيادة ، وردت في بعض الطرق من كتب أخر ، وكل مصنف عزوت إليه حديثا ، فمن ذلك الكتاب نقلته ، ومن أصوله المعروفة اأخذته . وما عولت في ذلك على نوع من التقليد ، ، ولم أتكل على نقل مصنف قريب عن مصنف بعيد . وسميته ' سلاح المؤمن ' وبوبته أحدا وعشرين بابا.
الباب الأول : في فضل الدعاء والأمر به والحكمة منه ، وفيه : ' فصل ' في فضل الصلاة والتسليم على النبي صلى الله عليه وسلم ، والأمر بهما .
الباب الثاني : في فضل الذكر والأمر به ، وفيه فصلان : أحدهما : في فضل جملة من الأذكار . والثاني : في فضل سور وآيات .
الباب الثالث : في آداب الدعاء .
الباب الرابع : في الأوقات والأحوال والأماكن التي يمتاز الدعاء فيها على غيرها .
الباب الخامس : في من يمتاز دعاؤه على دعاء غيره .
الباب السادس : في طلب الدعاء .
الباب السابع : في التخصيص بالدعاء وتسمية المدعو له .
الباب الثامن : في من دعي عليه أو أمر بالدعاء عليه .
الباب التاسع : في من نهي عن الدعاء عليه ، وما نهي عن الدعاء به .
الباب العاشر : في اسم الله الأعظم وأسمائه الحسنى .
الباب الحادي عشر : في الأدعية المتعلقة بالصباح والمساء والنوم والاستيقاظ .
الباب الثاني عشر : في الأدعية المتعلقة بالطهارة والصلاة والأذان والمساجد .
الباب الثالث عشر : في الأدعية المتعلقة بالصيام .
الباب الرابع عشر : في الأدعية المتعلقة بالحج .
الباب الخامس عشر : في الأدعية المتعلقة بالجهاد .
الباب السادس عشر : في الأدعية المتعلقة بالسفر .
الباب السابع عشر : في الأدعية المتعلقة بالأكل والشرب واللباس .
الباب الثامن عشر : في الأدعية المتعلقة بالنكاح .
الباب التاسع عشر : في الأدعية المتعلقة بالمرض والموت .
الباب العشرون : في الأدعية المقرونة بالأسباب والحوادث .
الباب الحادي والعشرون : في جامع الدعوات التي لا تختص بوقت ولا سبب ، وفيه فصلان : أحدهما : في التعوذ ، والثاني في الاستغفار .
● [ الباب الأول ] ●
في فضل الدعاء والأمر به والحكمة منهقال الله سبحانه وتعالى : { وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان } البقرة 186
وقال تعالى { واسألوا الله من فضله } النساء 32
وقال تعالى { وقل رب أدخلني مدخل صدق وأخرجني مخرج صدق واجعل لي من لدنك سلطانا نصيرا } الإسراء 80
وقال تعالى { وقل رب زدني علما } طه 114
وقال تعالى { وقال ربكم ادعوني أستجب لكم } غافر 60
1 وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ( ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى سماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر فيقول من يدعوني فاستجيب له من يسألني فأعطيه من يستغفرني فأغفر له )
رواه الجماعة.
واسم أبي هريرة عبد الرحمن بن صخر على المشهور ورجح شيخنا الحافظ أبو محمد الدمياطي رحمه الله فيه عمير بن عامر
2 وعنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( إن الله تعالى يقول أنا عند ظن عبدي بي وأنا معه إذا دعاني )
رواه الجماعة إلا أبا داود واللفظ لمسلم
3 وعن أبي ذر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما روى عن الله تبارك وتعالى أنه قال ( يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا يا عبادي كلكم ضال إلا من هديته فاستهدوني أهدكم يا عبادي كلكم جائع إلا من أطعمته فاستطعموني أطعمكم يا عبادي كلكم عار إلا من كسوته فاستكسوني أكسكم يا عبادي إنكم تخطئون بالليل والنهار وأنا أغفر الذنوب جميعا فاستغفروني أغفر لكم يا عبادي إنكم لن تبلغوا ضري فتضروني ولن تبلغوا نفعي فتنفعوني يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أتقى رجل واحد منكم ما زاد ذلك في ملكي شيئا يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أفجر قلب رجل واحد ما نقص ذلك من ملكي شيئا يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم قاموا في صعيد واحد فسألوني فأعطيت كل إنسان منهم مسألته ما نقص ذلك مما عندي إلا كما ينقص المخيط إذا أدخل البحر يا عبادي إنما هي أعمالكم أحصيها لكم ثم أوفيكم إياها فمن وجد خيرا فليحمد الله عز وجل ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه ).
قال سعيد كان أبو إدريس الخولاني إذا حدث بهذا الحديث جثا على ركبتيه
رواه مسلم والترمذي وابن ماجه
أبو ذر اسمه جندب بن جنادة وقيل غير ذلك وسعيد هو ابن عبد العزيز التنوخي وأبو إدريس اسمه عايذ الله بن عبد الله
4 وعن أبي موسى رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( إن الله عز وجل يبسط يده بالليل ليتوب مسيئ النهار ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل حتى تطلع الشمس من مغربها )
رواه مسلم والنسائي
واسم أبي موسى عبد الله بن قيس
5 وعن النعمان بن بشير رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( الدعاء هو العبادة ) ثم قرأ { وقال ربكم ادعوني أستجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين } غافر 60
رواه الأربعة والحاكم وابن حبان في صحيحيهما وقال الترمذي حديث حسن صحيح
6 وعن أبي جري الهجيمي رضي الله عنه قال رأيت رجلا يصدر الناس عن رأيه لا يقول شيئا إلا صدروا عنه قلت من هذا قالوا رسول الله صلى الله عليه وسلم قلت عليك السلام يا رسول الله مرتين قال ( لا تقل عليك السلام عليك السلام تحية الموتى ) قلت أنت رسول الله قال ( أنا رسول الله الذي إذا أصابك ضر فدعوته كشفه عنك وإن أصابك عام سنة فدعوته أنبتها لك وإذا كنت بأرض قفر أو فلاة فضلت راحلتك فدعوته ردها عليك ) وذكر الحديث
رواه أبو داود واللفظ له والترمذي والنسائي وقال الترمذي حسن صحيح
وأبو جري بضم الجيم وفتح الراء المهملة واسمه جابر بن سليم وقيل سليم ابن جابر وصحح البخاري جابر بن سليم وقال ابن عبد البر إنه الأكثر والقفر بفتح القاف وسكون الفاء الأرض الخالية.
والضمير فى قوله " فدعوته " عائد على الله وحده لا شريك له.
7 وعن سلمان رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( إن ربكم حيي كريم يستحي من عبده إذا رفع يديه إلى السماء أن يردهما صفرا )
رواه أبو داود واللفظ له والترمذي وابن ماجه والحاكم في المستدرك وابن حبان في صحيحه وقال الحاكم صحيح على شرط الشيخين ولفظ الترمذي أن يردهما خائبتين
والصفر بكسر الصاد وسكون الفاء الشيء الفارغ يقال صفر الشيء بكسر الفاء إذا خلا.
8 وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( من نزلت به فاقة فأنزلها بالناس لم تسد فاقته ومن نزلت به فاقة فأنزلها بالله فيوشك الله له برزق عاجل أو آجل )
رواه أبو داود والترمذي والحاكم في المستدرك وقال الترمذي واللفظ له حسن صحيح غريب
معنى فيوشك يسرع ويقرب
9 وعن سلمان رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( لا يرد القضاء إلا الدعاء ولا يزيد في العمر إلا البر )
رواه الترمذي وقال حسن غريب لا نعرفه إلا من حديث يحيى ورواه ابن ماجه والحاكم وابن حبان في صحيحهما من حديث ثوبان وقال الحاكم صحيح الإسناد
10 وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( ليس شيء أكرم على الله من الدعاء )
رواه الترمذي وابن ماجه والحاكم في المستدرك وابن حبان في صحيحه بلفظ واحد وقال الحاكم صحيح الإسناد
11 وعنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( من لم يسأل الله يغضب عليه )
رواه الترمذي والحاكم في المستدرك بلفظ واحد
12 وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ( قال الله سبحانه وتعالى يا بن آدم إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك على ما كان فيك ولا أبالي يا بن آدم لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني غفرت لك ولا أبالي يا بن آدم لو أتيتني بقراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئا لأتيتك بقرابها مغفرة )
رواه الترمذي وهذا لفظه وقال حسن غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه ورواه أبو عوانة في مسنده الصحيح من حديث أبي ذر
العنان بفتح العين السحاب الواحدة عنانة وأعنان السماء صفايحها وما اعترض من أقطارها وقراب الأرض بضم القاف ما يقرب من ملئها وحكى فيه صاحب المطالع الكسر
13 وعن عبادة بن الصامت رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ( ما على الأرض مسلم يدعو الله بدعوة إلا آتاه الله إياها أو صرف عنه من السوء مثلها ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم ) فقال رجل من القوم إذا نكثر قال الله أكبر
رواه الترمذي واللفظ له وقال حسن صحيح غريب من هذا الوجه ورواه الحاكم في المستدرك وقال صحيح الإسناد
وفي رواية للترمذي من حديث أبي هريرة فإما أن يعجل له في الدنيا وإما أن يدخر له في الآخرة وإما أن يكفر عنه من ذنوبه بقدر ما دعا
14 وعن حذيفة رضي الله عنه رفعه قال يأتي عليكم زمان لا ينجو فيه إلا من دعا دعاء الغريق
رواه الحاكم في المستدرك وقال صحيح على شرط الشيخين
15 وعن أنس رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( لا تعجزوا في الدعاء فإنه لن يهلك مع الدعاء أحد )
رواه الحاكم في المستدرك وابن حبان في صحيحه واللفظ له وقال الحاكم صحيح الإسناد
16 وعن علي رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( الدعاء سلاح المؤمن وعماد الدين ونور السماوات والأرض )
رواه الحاكم وقال صحيح الإسناد
17 وعن ثوبان رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( لا يرد القدر إلا الدعاء )
رواه الحاكم وابن حبان في صحيحيهما واللفظ للحاكم وقال صحيح الإسناد
18 وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( من فتح له في الدعاء منكم فتحت له أبواب الجنة )
19 وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( من سره أن يستجاب له عند الكرب والشدائد فليكثر الدعاء في الرخاء )
20 وعن عائشة رضي الله عنها قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( لا يغني حذر من قدر والدعاء ينفع مما قد نزل ومما لم ينزل وإن البلاء لينزل فيتلقاه الدعاء فيعتلجان إلى يوم القيامة )
روى الثلاثة الحاكم في المستدرك وقال في كل منها صحيح الإسناد
قوله فيعتلجان أي يتصارعان
21 وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( يدعو الله بالمؤمن يوم القيامة حتى يوقفه بين يديه فيقول عبدي إني أمرتك أن تدعوني ووعدتك أن أستجيب لك فهل كنت تدعوني فيقول نعم يا رب فيقول أما إنك لم تدعني بدعوة إلا استجبت لك أليس دعوتني يوم كذا وكذا لغم نزل بك أن أفرج عنك ففرجت عنك فيقول نعم يا رب فيقول فإني عجلتها لك في الدنيا ودعوتني يوم كذا وكذا لغم نزل بك أن أفرج عنك فلم تر فرجا قال نعم يا رب فيقول إني ادخرت لك بها في الجنة كذا وكذا ودعوتني في حاجة أقضيها لك يوم كذا وكذا فقضيتها لك فيقول نعم يا رب فيقول فإني عجلتها لك في الدنيا ودعوتني يوم كذا وكذا في حاجة أقضيها لك فلم تر قضاءها فيقول نعم يا رب فيقول إني ادخرت لك في الجنة كذا وكذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا يقول الله عز وجل دعوة دعا به عبده المؤمن إلا بين له إما أن يكون عجل له في الدنيا وإما أن يكون ادخر له في الآخرة وإما أن يكون كفر عنه من ذنوبه قال فيقول المؤمن في ذلك المقام يا ليته لم يكن عجل له شيء من دعائه )
رواه الحاكم في المستدرك
22 وعن أبي الدرداء واسمه عويمر رضي الله عنه أنه كان يقول جدوا في الدعاء فإنه من يكثر قرع الباب يوشك أن يفتح له
رواه ابن أبي شيبة في مصنفه
وقال الواحدي رحمه الله أنشدنا الأستاذ أبو إسحاق الثعلبي رحمه الله
( وإني لأدعو الله والأمر ضيق . علي فما ينفك أن يتفرجا )
( ورب فتى سدت عليه وجوهه . أصاب له في دعوة الله مخرجا )
وأنشدوا
( لو لم ترد نيل ما أرجو وأطلبه . من فضل جودك ما علمتني الطلبا )
ولبعضهم
أيها السائل العباد ليعطى . إن لله ما بأيدي العباد )
( فاسأل الله ما طلبت إليهم . وارج فضل المقسم العواد )
وقال الغزالي رحمه الله في كتاب الإحياء فإن قلت فما فائدة الدعاء والقضاء لا مرد له
فاعلم أن من القضاء رد البلاء بالدعاء والدعاء سبب لرد البلاء واستجلاب الرحمة كما أن الترس سبب لرد السهم والماء سبب لخروج النبات من الأرض وكما أن الترس يدفع السهم فيتدافعان فكذلك الدعاء والبلاء يتعالجان وليس من شرط الاعتراف بقضاء الله عز وجل أن لا يحمل السلاح قال عز وجل { خذوا حذركم } النساء 71 وأن لا تسقى الأرض بعد نبت البذر فيقال إن سبق القضاء بالنبات نبت البذر وإن لم يسبق لم ينبت بل ربط الأسباب بالمسببات هو القضاء الأول الذي هو كلمح البصر أو هو أقرب وترتيب تفصيل المسببات على تفاصيل الأسباب على التدريج والتقدير هو القدر
والذي قدر الخير قدره بسبب وكذلك الشر قدر لرفعه سببا فلا تناقض بين هذه الأمور عند من انفتحت بصيرته ثم في الدعاء من الفائدة أنه يستدعي حضور القلب مع الله عز وجل وذلك منتهى العبادات فالدعاء يرد القلب إلى الله عز وجل بالتضرع والاستكانة
ولذلك كان البلاء موكلا بالأنبياء صلى الله عليهم وسلم ثم الأولياء لأنه يرد القلب بالافتقار إلى الله عز وجل ويمنع نسيانه
فصل في فضل الصلاة والتسليم على النبي صلى الله عليه وسلم والأمر بهما
قال الله تعالى { إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما } الأحزاب 56
23 وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من صلى علي واحدة صلى الله عليه عشرا )
رواه مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي
24 وعنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( ما جلس قوم مجلسا لم يذكروا الله فيه ولم يصلوا على نبيهم إلا كان عليهم ترة فإن شاء عذبهم وإن شاء غفر لهم )
رواه أبو داود والترمذي والنسائي والحاكم وابن حبان في صحيحيهما وهذا لفظ الترمذي وقال حسن وقال الحاكم صحيح على شرط مسلم ولفظ ابن حبان إلا كان عليهم حسرة يوم القيامة وإن دخلوا الجنة للثواب
( الترة ) بكسر التاء المثناة من فوق وتخفيف الراء النقص وقيل التبعة
25 وعن أوس بن أوس رضي الله عنه قال قال النبي صلى الله عليه وسلم ( إن من أفضل أيامكم يوم الجمعة فأكثروا علي من الصلاة فيه فإن صلاتكم معروضة علي ) قال فقالوا يا رسول الله وكيف تعرض صلاتنا عليك وقد أرمت قال يقولون بليت قال ( إن الله حرم على الأرض أجساد الأنبياء )
رواه أبو داود والنسائي وابن ماجه وابن حبان في صحيحه واللفظ بأبي داود
ورواه الحاكم في المستدرك من حديث أبي مسعود الأنصاري رضي الله عنه ولفظه فإنه ليس يصلي علي أحد يوم الجمعة إلا عرضت علي صلاته وقال صحيح الإسناد
وليس لأوس هذا في الكتب الستة سوى هذا الحديث وحديث من غسل يوم الجمعة واغتسل.
رواه الأربعة
وأرمت هو بفتح الراء وسكون الميم وأصله أرممت رميما ويروى أرمت بضم الهمزة وكسر الراء وحكى فيه ابن دحية فتح الهمزة وكسر الراء من قولهم أرمت الإبل تأرم إذا تناولت العلف
26 وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ( ما من أحد يسلم علي إلا رد الله علي روحي حتى أرد عليه السلام )
27 وعنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( لا تجعلوا بيوتكم قبورا ولا تجعلوا قبري عيدا وصلوا علي فإن صلاتكم تبلغني حيث كنتم )
رواهما أبو داود
قوله صلى الله عليه وسلم ( ولا تجعلوا قبري عيدا وصلوا علي فإن صلاتكم . . ) قيل يحتمل أن يكون المراد الحث على كثرة زيارته ولا يجعل قبره كالعيد الذي لا يأتي في العام إلا مرتين ويؤيد هذا قوله صلى الله عليه وسلم ( لا تجعلوا بيوتكم قبورا ) أي لا تتركوها بدون صلاة فيها حتى تجعلوها كالقبور التي لا يصلى فيها
28 وعن علي رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( البخيل الذي من ذكرت عنده فلم يصل علي )
رواه الترمذي والنسائي وقال الترمذي واللفظ له حسن صحيح ورواه الحاكم في المستدرك وابن حبان في صحيحه من حديث الحسين رضي الله عنه
29 وعن ابن مسعود رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ( أولى الناس بي يوم القيامة أكثرهم علي صلاة )
رواه الترمذي وابن حبان في صحيحه ولفظهما سواء وقال الترمذي حسن غريب
30 وعن أبي كعب رضي الله عنه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ذهب ثلثا الليل قام فقال ( يا أيها الناس اذكروا الله اذكروا الله جاءت الراجفة تتبعها الرادفة جاء الموت بما فيه جاء الموت بما فيه ) قال أبي قلت يا رسول الله إني أكثر الصلاة عليك فكم أجعل لك من صلاتي قال ما شئت قلت الربع قال ما شئت فإن زدت فهو خير قلت فالنصف قال ما شئت فإن زدت فهو خير قال قلت فالثلثان قال ما شئت فإن زدت فهو خير قلت أجعل لك صلاتي كلها قال إذا تكفى همك ويغفر لك ذنبك )
رواه الترمذي والحاكم في المستدرك وقال الترمذي واللفظ له هذا حديث حسن وقال الحاكم صحيح الإسناد
الراجفة قيل هي النفخة الأولى التي يموت فيها الخلق والثانية هي الرادفة
31 وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( رغم أنف رجل ذكرت عنده فلم يصل علي ) مختصر
رواه الترمذي وابن حبان في صحيحه واللفظ للترمذي وقال حسن غريب من هذا الوجه قال ويروى عن بعض أهل العلم قال إذا صلى الرجل على النبي صلى الله عليه وسلم مرة في المجلس أجزأ عنه ما كان في ذلك المجلس
رغم بكسر الغين التصق بالرغام وهو التراب وقال الهروي رواه ابن الأعرابي بفتح الغين وقال معناه ذل.
32 وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( من صلى علي صلاة واحدة صلى الله عليه عشر صلوات وحطت عنه عشر خطيئات ورفعت له عشر درجات )
رواه النسائي واللفظ له والحاكم في المستدرك وابن حبان في صحيحه وقال الحاكم صحيح الإسناد ورواه النسائي أيضا من حديث عمير الأنصاري بمعناه وزاد فيه وكتب له بها عشر حسنات وله من طريق آخر عن أنس أيضا من ذكرت عنده فليصل علي
33 وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( إن لله ملائكة سياحين في الأرض يبلغوني من أمتي السلام )
34 وعن أبي طلحة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جاء ذات يوم والبشر في وجهه فقلنا إنا لنرى البشر في وجهك فقال ( إنه أتاني الملك فقال يا محمد إن ربك يقول لك أيرضيك أنه لا يصلي عليك أحد مرة إلا صليت عليه عشرا ولا يسلم عليك أحد إلا سلمت عليه عشرا
رواهما النسائي واللفظ له وابن حبان في صحيحه والحاكم في المستدرك وقال في كل منهما صحيح الإسناد وروى الثاني ابن أبي شيبة في مصنفه وزاد في آخره قال بلى وفي رواية لابن حبان قلت بلى أي رب
واسم أبي طلحة زيد بن سهيل
35 وعن عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ( إني لقيت جبريل فبشرني وقال إن ربك يقول إن من صلى عليك صليت عليه ومن سلم عليك سلمت عليه فسجدت لله شكرا )
رواه الحاكم في المستدرك وقال صحيح الإسناد
في فضل الدعاء والأمر به والحكمة منه