من طرف حكماء الإثنين 6 يناير 2014 - 5:47
بّسم اللّه الرّحمن الرّحيم
من فتاوى دار الإفتاء لمدة مائة عام
الباب: من أحكام الصلاة وما يتعلق بها
رقم الفتوى: ( 16 )
الموضوع:
صلاة العيد والجمعة.
المفتى:
فضيلة الشيخ عبد المجيد سليم. ذى القعدة 1358هجرية
المبادئ :
1 - مذهب الحنفية أنه إذا اجتمع يوم العيد ويوم الجمعة فلا تجزئ إحدى الصلاتين عن الأخرى بل يسن للشخص أو يجب عليه صلاة العيد والجمعة لأن الأولى سنة والثانية فرض وهذا هو مذهب الشافعى غير أنه يرخص لأهل القرى الذين بلغهم النداء وشهدوا صلاة العيد ألا يشهدوا صلاة الجمعة.
2- مذهب الإمام أحمد أن من صلى العيد سقطت عنه الجمعة إلا الإمام فلا تسقط عنه إلا إذا لم يجتمع معه من يصلى به الجمعة، وفى رواية عنه إذا صليت الجمعة فى وقت العيد اجزأت صلاة الجمعة عن صلاة العيد، بناء
على جواز تقديم صلاة الجمعة عنده قبل الزوال. ويرى الإمام مالك أن من صلى العيد تجب عليه صلاة الجمعة ولا تسقط.
3- الصحيح فى ذلك ما ذهب إليه الإمام أحمد من أنه لا تجب صلاة الجمعة على من صلى العيد وأن الجمعة إذا أديت قبل الزوال أجزأت عن صلاة العيد.
سُئل :
إذا كان العيد يوم الجمعة هل تكون باقية على سنيتها أو وجوبها على الخلاف بين المذاهب أو تسقط لموافقتها ليوم الجمعة نرجو الإجابة.
أجاب :
اطلعنا على هذا السؤال ونفيد أن مذهب الحنفية أنه إذا اجتمع يوم العيد ويوم الجمعة فإن إحدى الصلاتين لا تجزىء عن الأخرى بل يسن للشخص أو يجب عليه صلاة العيد على حسب الخلاف فى ذلك فى المذهب وعليه أيضا صلاة الجمعة. ففى الجامع الصغير لمحمد رحمه اللّه عيدان اجتمعا فى يوم واحد فالأول سنة والثانى فريضة ولا يترك واحد منهما. وقد ذكر صاحب الدر عن القهستانى نقلا عن التمرتاشى أنهما لو اجتمعا أى يوم العيد ويوم الجمعة لم يلزم إلا صلاة أحدهما وقيل الأولى صلاة الجمعة وقيل صلاة العيد قال صاحب الدر قد اجعت التمرتاشى فرايته حكاه عن مذهب الغير و يصورة التمرض ثبتتة قال ابن عابدين : أى أن هذا مذهب غيرنا أما مذهبنا فلزوم كل منها. هذا والمذكور فى شرح المهذب للإمام النووى أن مذهب الإمام الشافعى أنه إذا اجتمع يوم العيد ويوم الجمعة فلا كلام فى أنه لا تسقط إحدى الصلاتين بالأخرى عن البلد الذى أقيمت فيه الصلاة ولكن يرخص لأهل القرى الذين بلغهم النداء وشهدوا صلاة العيد ألا يشهدوا صلاة الجمعة أخذا بما صح عن عثمان رضى اللّه عنه ورواه البخارى فى صحيحه مع أنه قال فى خطبة أيها الناس إنه قد اجتمع عيدان فى يومكم فمن أراد من أهل العالية قال النووى وهى قرية بالمدينة من جهة الشرق أن يصلى معنا الجمعة ليصل ومن أراد أن فالينصرف وجاء فى المغنى لابن قدامة الحنبلى أن مذهب الإمام أحمد أن من شهد العيد سقطت عنه الجمعة إلا الإمام لا تسقط عنه إلا ألا يجتمع معه من يصلى به الجمعة وقيل فى وجوبها على الإمام روايتان وروى عنه أيضا أنه إذا صليت الجمعة فى وقت العيد أجزأت صلاة الجمعة عن صلاة العيد وذلك مبنى على رأيه فى جواز تقديم الجمعة قبل الزوال. وفى الجزء الأول من فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية صفحة 145 فى جواب سؤال ما نصه إذا اجتمع يوم الجمعة ويوم العيد ففيها ثلاثة أقوال للفقهاء إحداها أن الجمعة على من صلى العيد ومن لم يصله كقول مالك وغيره والثانى أن الجمعة سقطت عن السواد الخارج عن المصر كما روى ذلك عن عثمان بن عفان رضى اللّه عنه إنه صلى العيد ثم أذن لأهل القرى فى ترك الجمعة واتبع ذلك الشافعى والثالث أن من صلى العيد سقطت عنه الجمعة لكن ينبغى للإمام أن يقيم الجمعة ليشهدها من أحب كما فى السنن عن النبى صلى اللّه عليه وسلم أنه اجتمع فى عهده عيدان فصلى العيد ثم رخص فى الجمعة وفى لفظ أنه صلى العيد وخطب الناس فقال أيها الناس إنكم قد أصبتم خيرا فمن شاء منكم أن يشهد الجمعة فليشهد فإنا مجمعون. وهذا الحديث روى فى السنن من وجهين أنه صلى العيد ثم خير الناس فى شهود الجمعة. وفى السنن حديث ثالث فى ذلك أن ابن الزبير كان على عهده عيدان فجمعهما أول النهار ثم لم يصل إلا العصر وذكر أن عمر بن الخطاب رضى اللّه عنه فعل ذلك وذكر ذلك لابن عباس رضى اللّه عنه فقال قد أصاب السنة. وهذا المنقول هو الثابت عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وأصحابه وهو قول من بلغه من الأئمة كأحمد وغيره والذين خالفوه لم يبلغهم ما فى ذلك من السنن والآثار واللّه أعلم. والذى يظهر لنا أن الصحيح فى هذا موضوع هو ما ذهب إليه الإمام أحمد من أنه لا تجب صلاة الجمعة على من شهد صلاة العيد وأنه إذا أديت صلاة الجمعة قبل الزوال أجزأت عن صلاة العيد فلا تكون صلاة العيد فى هذه الحالة واجبة ولا سنة. وذلك لقوة ما استند إليه الإمام أحمد من الأحاديث والأثار فى المسألتين أعنى جواز تقديم صلاة الجمعة عن الزوال والمسألة التى نحن بصددها ومن شاء الوقوف على ما استند إليه فى المسألة الأولى فليرجع إلى كتاب متنفس
الأخبار وشرحه نيل الأوطار. وبما ذكرنا علم الجواب عن السؤال على مذاهب الأئمة الأربعة واللّه أعلم.