من طرف حكماء الجمعة 30 مارس 2018 - 7:38
بّسم الله الرّحمن الرّحيم
مكتبة التاريخ
عجائب الآثار
الجزء الأول
{ الفصل الثاني }
في ذكر حوادث مصر وولاتها واعيانها ووفيات
فى سني الملاحم العظيمة والحوادث الجسيمة
{ أحداث شهر ذي الحجة سنة 1214 }
واستهل شهر ذي الحجة بيوم الجمعة
فيه خرج العثمانية وعساكره وابراهيم بك وامراؤه ومماليكه والالفي واجناده ومعهم السيد عمر مكرم النقيب والسيد احمد المحروقي الشاه بندر وكثيرون من اهل مصر ركبانا ومشاة الى الصالحية وكذلك حسن بك الجداوي واجناده واما عثمان بك حسن ومن معه فرجعوا صحبة الوزير فلم يسع ابراهيم بك وحسن بك ترك جماعتهما خلفهما وذهابهم بأنفسهم الى قبلي بل رجعا بجماعتهما على اثرهما وذاقوا وبال أمرهم وانكشف الغبار عن تعسة المسلمين وخيبة امل الذاهبين والمتخلفين وما استفاد الناس من هذه العمارة وما جرى من الغارة الا الخراب والسخام والهباب فكانت مدة الحرب والحصر بما فيها من الثلاثة ايام الهدنة سبعة وثلاثين يوما وقع بها من الحروب والكروب والانزعاج والشتات والهياج وخراب الدور وعظائم الامور وقتل الرجال ونهب الاموال وتسلط الاشرار وهتك الاحرار وخصوصا ما أوقع الفرنساوية بالناس بعد ذلك مما سيتلى عليك بعضه وخرب في هذه الواقعة عدة جهات من أخطاط مصر الجليلة مثل جهة الازبكية الشرقية من حد جامع عثمان والفوالة وحارة كتخدا رصيف الخشاب وخطة الساكت الى بيت سارى عسكر بالقرب من قنطرة الدكة وكذلك جهة باب الهواء الى حارة النصارى من الجهة القبلية وأما بركة الرطلي وما حولها من الدور والمنتزهات والبساتين فانها صارت كلها تلالا وخرائب وكيمان اتربة وقد كانت هذه البركة من اجل منتزهات مصر قديما وحديثا وبالقرب منها المقصف المعروف بدهليز الملك والبرنج والجسر وكانت تعرف ببركة الطوابين ثم عرفت ببركة الحاجب منسوبة للامير بكتمر الحاجب من امراء الملك الناصر محمد بن قلاوون لانه هو الذي احتفرها واجرى اليها الماء من الخليج الناصري وبنى القنطرة المنسوبة اليه وعمر عليها الدور والمناظر وبنى على الجسر الفاصل بينها وبين الخليج دورا بهية وكان هذا الجسر من أجل المنتزهات وقد خربت منازله في القرن العاشر في واقعة السلطان سليم خان مع الغوري وصار محله بستانا عظيما قطع اشجاره وغالب نخيلة الفرنساوية
ومما تخرب ايضا حارة المقس من قبل سوق الخشب الى باب الحديد وجميع مافي ضمن ذلك من الحارات والدور صارت كلها خرائب متهدمة محترقة تسكب عند مشاهدتها العبرات ويتذكر بها ما يتلى في حق الظالمين من الآيات فتلك بيوتهم خاوية بما ظلموا ان في ذلك لاية لقوم يعقلون وقال تعالى وكم أهلكنا من قرية بطرت معيشتها فتلك مساكنهم لم تسكن من بعدهم الا قليلا وكنا نحن الوارثين وما كان ربك مهلك القرى حتى يبعث في أمها رسولا يتلو عليهم آياتنا وما كنا مهلكي القرى الا واهلها ظالمون
وقال تعالى واذا اردنا ان نهلك قرية امرنا مترفيها ففسقوا فيها فحق عليها القول فدمرناها تدميرا
ودخل الفرنساوية الى المدينة يسعون والى الناس بعين الحقد ينظرون واستولوا على ما كان اصطنعه واعده العثمانية من المدافع والقنابر والبارود وآلات الحرب جميعها وقيل انهم حاسبوهم على كلفته ومصاريفه وقبضوا ذلك من الفرنساوية
وركب المشايخ والاعيان عصر ذلك اليوم وذهبوا الى كبير الفرنسيس فلما وصلوا الى داره ودخلوا عليه وجلسوا ساعة ابرز اليهم ورقة مكتوب فيها النصرة لله الذي يريد ان المنصور يعمل بالشفقة والرحمة مع الناس وبناء على ذلك سارى عسكر العام يريد ان ينعم بالعفو العام والخاص على أهل مصر وعلى اهل بر مصر ولو كانوا يخالطون العثملي في الحروب وانهم يشتغلون بمعايشهم وصنائعهم ثم نبه عليه بحضورهم الى قبة النصر بكرة تاريخه
ثم قاموا من عنده وشقوا المدينة وطافوا بالاسواق وبين ايديهم المناداة للرعية بالاطمئنان والامان فلما اصبح ذلك اليوم ركبت المشايخ والوجاقلية وذهبوا الى خارج باب النصر وخرج ايضا القلقات والنصارى القبط والشوام وغيرهم فلما تكامل حضور الجميع رتبوا موكبا وسادوا ودخلوا من باب النصر وقدامهم جماعة من القواسة يأمرون الناس بالقيام وبعض فرنساوية راكبين خيلا وبأيديهم سيوف مسلولة ينهرون الناس ويأمرونهم بالوقوف على اقدامهم ومن تباطأ في القيام أهانوه فاستمرت الناس وقوفا من ابتداء سير الموكب الى انتهائه ثم تلا الطائفة الآمرة للناس بالوقوف جمع كثير من الخيالة الفرنساوية بأيديهم سيوف مسلولة وكلهم لابسون جوخا أحمر وعلى رؤوسهم طراطير من الفراوي على غير هيئة خيالتهم ومشاتهم ثم تتالى بعد هؤلاء طوائف العساكر ببوقاتهم وطبولهم وزمورهم واختلاف اشكالهم واجناسهم وملابسهم من خيالة ورجالة ثم الاعيان والمشايخ والوجاقلية واتباعهم الى ان قدم سارى عسكر الفرنساوية وخلف ظهره عثمان بك البرديسي وعثمان بك الاشقر وخلفهم طوائف من خيالة الفرنسيس
ولما انقضى امر الموكب نادوا بالزينة فزينت البلد ثلاثة ايام آخرها يوم الثلاثاء مع السهر ووقود القناديل ليلا ثم دعاهم في يوم الاربعاء وعمل لهم سماطا عظيما على طريقة المصرلية
وقلدوا في ذلك اليوم محمد اغا الطناني اغات مستحفظان وركب ونادى بالامان واعطواالبكري بيت عثمان كاشف كتخدا الحج وهو بيت البارودي الثاني فسكن به وشرع في تنظيمه وفرشه ولبسوه في ذلك اليوم فروة سمور فقاموا من عنده فرحين مطمئنين مستبشرين
فلما كان يوم الخميس سابعه ذهب الى مراد بك بجزيرة الذهب باستدعاء فمد لهم اسمطة عظيمة وانبسط معنم وافتخر افتخارا زائدا واهدى الى بعضهم هدايا جليلة وتقادم عظيمة واعطاه ما كان ارسله درويش باشا معونة للباشا والامراء من الاغنام وغيرها وكانت نحو الاربعة آلاف رأس وولوه امارة الصعيد من جرجا الى اسنا ورجع عائدا الى داره بالازبكية
فلما كان في صبحها يوم الجمعة ثامنه بكروا بالذهاب الى بيت سارى عسكر ولبسوا افخر ثيابهم واحسن هيآتهم وطمع كل واحد منهم وظن ان سارى عسكر يقلده في هذا اليوم اجل المناصب او ربما حصل التغيير والتبديل في أهل الديوان فيكون في الديوان الخصوصي فلما استقر بهم الجلوس في الديوان الخارج اهملوا حصة طويلة لم يؤذن لهم ولم يخاطبهم أحد ثم فتح باب المجلس الداخل وطلبوا الى الدخول فيه فدخلوا وجلسوا حصة مثل الاولى ثم خرج اليهم سارى عسكر وصحبته الترجمان وجماعة من اعيانهم فوضع له كرسي في وسط المجلس وجلس عليه ووقف الترجمان واصحابه حواليه واصطف الوجاقلية والحكام من ناحية واعيان النصارى والتجار من ناحية وعثمان بك الاشقر والبرديسي ايضا حاضران وكلم سارى عسكر الترجمان كلاما طويلا بلغتهم حتى فرغ فالتفت الترجمان الى الجماعة وشرع يفسر لهم مقالة سارى عسكر ويترجم عنها بالعربي والجماعة يسمعون فكان ملخص ذلك القول ان سارى عسكر يطلب منكم عشرة آلاف الف الى اخر العبارة الاتية واما هذه العبارة فانه قالها المهدي فقط اننا لما حضرنا الى بلدكم هذه نظرنا ان اهل العلم هم اعقل الناس والناس بهم يقتدون ولامرهم يمتثلون ثم انكم اظهرتم لنا المحبة والمودة وصدقنا ظاهر حالكم فاصطفيناكم وميزناكم على غيركم واخترناكم لتدبير الامور وصلاح الجمهور فرتبنا لكم الديوان وغمرناكم بالاحسان وخفضنا لكم جناح الطاعة وجعلناكم مسموعين القول مقبولين الشفاعة وأوهمتونا أن الرعية لكم ينقادون ولامركم ونهيكم يرجعون فلما حضر العثملي فرحتم لقدومهم وقمتم لنصرتهم وثبت عند ذلك نفاقكم لنا فقالوا له نحن ما قمنا مع العثملي الا عن أمركم لانكم عرفتمونا اننا صرنا في حكم العثملي من ثاني شهر رمضان وان البلاد والاموال صارت له وخصوصا وهو سلطاننا القديم وسلطان المسلمين وما شعرنا الا بحدوث هذا الحادث بينكم وبينهم على حين غفلة ووجدنا انفسنا في وسطهم فلم يمكننا التخلف عنهم فرد عليهم الترجمان ذلك الجواب ثم اجابهم بقوله ولاي شيء لم تمنعوا الرعية عما فعلوه من قيامهم ومحاربتهم بنا فقالو لا يمكننا ذلك خصوصا وقد تقووا علينا بغيرنا وسمعتم ما فعلوه معنا من ضربنا وبهدلتنا عندما أشرنا عليهم بالصلح وترك القتال فقال لهم واذا كان الامر كما ذكرتم ولا يخرج من يدكم تسكين الفتنة ولا غير ذلك فما فائدة رياستكم وايش يكون نفعكم الا الضرر لانكم اذا حضر اخصامنا قمتم معهم وكنتم واياهم علينا واذا ذهبوا رجعتم الينا معتذرين فكان جزاؤكم ان نفعل معكم كما فعلنا مع أهل بولاق من قتلكم عن آخركم وحرق بلدكم وسبي حريمكم وأولادكم ولكن حيث اننا أعطيناكم الامان فلا تنقض اماننا ولا نقتلكم وانما نأخذ منكم الاموال فالمطلوب منكم عشرة آلاف الف فرنك عن كل فرنك ثماينة وعشرون فضة يكون فيها ألف ألف فرانسة عنها خمس عشرة خزنة رومي بثلاث عشرة خزنة مصري منها خمسمائة الف فرانسة على مائتين على الشيخ السادات خاصة من ذلك خمسمائة وخمسة وثلاثون الفا والشيخ محمد بن الجوهري خمسون ألفا وأخيه الشيخ فتوح خمسون الفا والشيخ مصطفى الصاوي خمسون ألفا والشيخ العناني مائتان وخمسون الفا تقتطعها من ذلك نظير نهب دور الفارين مع العثملي مثل المحروقي والسيد عمر مكرم وحسين أغا شتن وما بقى تدبرون رايكم فيه وتوزعونه على أهل البلد وتتركون عندنا منكم خمسة عشر شخصا انظروا من يكون فيكم رهينة عندنا حتى تغلقوا ذلك المبلغ وقام من فوره ودخل مع اصحابه الى داخل وأغلق بينه وبينهم الباب
ووقف الحرس على الباب الاخر يمنعون من يخرج من الجالسين فبهت الجماعة وامتقعت وجوههم ونظروا الى بعضهم البعض وتحيرت أفكارهم ولم يخرج عن هذا الامر الا البكري والمهدي لكون البكري حصل له ما حصل في صحائفهم والمهدي حرق بيته بمرأى منهم وكان قبل ذلك نقل جميع ما فيه بداره بالخرنفش ولم يترك به الا بعض الحصر ولم يكن به غير بعض الخدم وكان يستعمل المداهنة وينافق الطرفين بصناعته وعادته ولم تزل الجماعة في حيرتهم وسكرتهم وتمنى كل منهم انه لم يكن شيئا مذكورا ولم يزالوا على ذلك الحال الى قرب العصر حتى بال اكثرهم على ثيابه وبعضهم شرشر ببوله من شباك المكان وصاروا يدخلون على نصارى القبط ويقعون في عرضهم فالذي انحشر فيهم ولم يكن معدودا من الرؤساء أخرجوه بحجة او سبب وبعضهم ترك مداسه وخرج حافيا وما صدق بخلاص نفسه
هذا والنصارى والمهدي يتشاورون في تقسيم ذلك وتوزيعه وتدبيره وترتيبه في قوائم حتى وزعوها على الملتزمين وأصحاب الحرف حتى على الحواة والقردتية والمخمظين والتجار وأهل الغورية وخان الخليلي والصاغة والنحاسين والدلالين والقبانية وقضاة المحاكم وغيرهم كل طائفة مبلغ له صورة مثل ثلاثين ألف فرانسا واربعين ألفا وكذلك بياعون التنباك والدخان والصابون والخردجية والعطارون والزياتون والشواؤن والجزارون والمزينون وجميع الصنائع والحرف وعملوا على اجرة الاملاك والعقار والدور اجرة سنة كاملة ثم انهم استأذنوا للمشايخ الخالص يتوجه حيث اراد والمشبوك يلزمون به جماعة من العسكر حتى يغلق المطلوب منه فأما الصاوي وفتوح بن الجوهري فحبسوهما ببيت قائممقام والعناني هرب فلم يجدوه وداره احترقت فاضافوا غرامته على غرامة الشيخ السادات كملت بها مائة وخمسون الف فراسنة وانفض المجلس على ذلك وركب سارى عسكر من يومه ذلك وذهب الى الجيزة ووكل يعقوب القبطي يفعل في المسلمين ما يشاء وقائممقام والخازندار لرد الجوابات وقبض ما يتحصل وتدبير الامور والرهونات ونزل الشيخ السادات وركب الى داره فذهب معه عشرة من العسكر وجلسوا على باب داره فلما مضت حصة من الليل حضر اليه مقدار عشرة من العسكر ايضا فأركبوه وطلعوا به الى القلعة وحبسوه في مكان فارسل الى عثمان بك البرديسي وتداخل عليه فشفع فيه فقالوا له اما القتل فلا نقتله لشفاعتك واما المال فلا بد من دفعه ولا بد من حبسه وعقوبته حتى يدفعه وقبضوا على فراشه ومقدمه وحبسوهما ثم انزلوه الى بيت قائممقام فمكث به يومين ثم اصعدوه الى القلعة ثانيا وحبسوه في حاصل ينام على التراب ويتوسد بحجر وضربوه تلك الليلة فاقام كذلك يومين ثم طلب زين الفقار كتخدا فطلع اليه هو وبرطلمان فقال لهم انزلوني الى داري حتى اسعى وابيع متاعي واشهل حالي فاستأذنوا له وانزلوه الى داره فأحضر ما وجده من الدراهم فكانت تسعة آلاف ريال معاملة عنها ستة الاف ريال فرانسة ثم قوموا ما وجدوه من المصاغ والفضيات والفراوي والملابس وغير ذلك بأبخس الثمن فبلغ ذلك خمسة عشر الف فرانسة فبلغ المدفوع بالنقدية والمقومات احدا وعشرين الف فرانسة والمحافظون عليه من العسكر ملازمونه ولا يتركونه يطلع الى حريمه ولا الى غيره وكان وزع حريمه وابنه الى مكان آخر وبعد ان فرغوا من الموجودات جاسوا خلال الدار يفتشون ويحفرون الارض على الخبايا حتى فتحوا الكنيفات ونزلوا فيها فلم يجدوا شيئا ثم نقلوه الى بيت قائممقام ماشيا وصاروا يضربونه خمسة عشر عصا في الصباح ومثلها في الليل وطلبوا زوجته وابنه فلم يجدوهما فأحضروا محمد السندوبي تابعه وقرروه حتى عاين الموت حتى عرفهم بمكانهما فاحضروهما واودعوا ابنه عند اغات الانكشارية وحبسوا زوجته معه فكانوا يضربونه بحضرتها وهي تبكي وتصيح وذلك زيادة في الانكاء ثم ان المشايخ وهم الشرقاوي والفيومي والمهدي والشيخ محمد الامير وزين الفقار كتخدا تشفعوا في نقلها من عنده فنقلوها الى بيت الفيومي وبقي الشيخ على حاله واخذوا مقدمه وفراشه وحبسوهما وتغيب اكثر اتباعه واختفوا ثم وقعت المراجعة والشفاعة في غرامة الشيخ فتوح الجوهري والصاوي فاضعفوها وجعلوها على كل واحد منها خمسة عشر الف فرانسة ورد الباقي على القردة العامة
واما الشيخ محمد ابن الجوهري فانه اختفى فلم يجدوه فنهبوا داره ودار نسيبه المعروف بالشويخ ثم انه توسل بالست نفيسة زوجة مراد بك فأرسلت الى مراد بك وهو بالقرب من الفشن فأرسل من عنده كاشفا وتشفع فيه فقبلوا شفاعته ورفعوها عنه وردوها ايضا على الفردة العامة ثم انهم وكلوا بالفردة العامة وجميع المال يعقوب القبطي وتكفل بذلك وعمل الديوان لذلك ببيت البارودي والزموا الاغا بعدة طوائف كتبوها في قائمة بأسماء اربابها واعطوه عسكرا وامره بتحصيلها من اربابها وكذلك علي اغا الوالي الشعراوي وحسن اغا المحتسب وعلي كتخدا سليمان بك فنهبوا على الناس بذلك وبثوا الاعوان بطلب الناس وحبسهم وضربهم فدهى الناس بهذه النازلة التي لم يصابوا بمثلها ولا ما يقاربها
ومضى عيد النحر ولم يلتفت اليه أحد بل ولم يشعروا به ونزل بهم من البلاء والذل ما لا يوصف فان احد الناس غنيا كان او فقيرا لا بد وان يكون من ذوي الصنائع أو الحرف فيلزمه دفع ما وزع عليه في حرفته أو في حرفتين وأجرة داره أيضا سنة كاملة فكان يأتي على الشخص غرامتان أو ثلاثة ونحو ذلك وفرغت الدراهم من عند الناس واحتاج كل الى القرض فلم يجد الدائن من يدينه لشغل كل فرد بشأنه ومصيبته فلزمهم بيع المتاع فلم يوجد من يشتري واذا أعطوهم ذلك لا يقبلونه فضاق خناق الناس وتمنوا الموت فلم يجدوه ثم وقع الترجي في قبول المصاغات والفضيات فأحضر الناس ما عندهم فيقوم بأبخس الاثمان واما اثاثات البيوت من فرش ونحاس وملبوس فلا يوجد من يأخذه وامروا بجمع البغال ومنعوا المسلمين من ركوبها مطلقا سوى خمسة انفار من المسلمين وهم الشرقاوي والمهدي والفيومي والامير وابن محرم والنصارى المترجمين وخلافهم لا حرج عليهم وفي كل وقت وحين يشتد الطلب وتنبث المعينون والعسكر في طلب الناس وهجم الدور وجرجرة الناس حتى النساء من أكابر وأصاغر وبهدلتهم وحبسهم وضربهم والذي لم يجدوه لكونه فر وهرب يقبضون على قريبة او حريمه او ينهبون داره فان لم يجدوا شيئا ردوا غرامته على ابناء جنسه واهل حرفته
وتطاولت النصارى من القبط والنصارى الشوام على المسلمين بالسب والضرب ونالوا منهم اغراضهم واظهروا حقدهم ولم يبقوا للصلح مكانا وصرحوا بانقضاء ملة المسلمين وايام الموحدين هذا والكتبة والمهندسون والبناؤن يطوفون ويحررون اجر الاماكن والعقارات والوكائل والحمامات ويكتبون اسماء اربابها وقيمتها
وخرجت الناس من المدينة وجلوا عنها وهربوا الى القرى والارياف وكان ممن خرج من مصر صاحبنا النبيه العلامة الشيخ حسن المشار اليه فيما تقدم فتوجه لجهة الصعيد واقام باسيوط فاقام بها نحو ثمانية عشر شهرا
ثم ان اكثر الفارين رجع الى مصر لضيق القرى وعدم ما يتعيشون به فيها وانزعاج الريف بقطاع الطريق والعرب والمناسر بالليل والنهار والقتل فيما بينهم وتعدى القوى على الضعيف واستمرت الطرق محفرة والاسواق معفرة والحوانيت مقفولة والعقول مخبولة والنفوس مطبوقة والغرامات نازلة والارزاق عاطلة والمطالب عظيمة والمصائب عميمة والعكوسات مقصودة والشفاعات مردودة واذا أراد الانسان ان يفر الى ابعد مكان وينجو بنفسه ويرضى بغير أبناء جنسه لا يجد طريقا للذهاب وخصوصا من الملاعين الاعراب الذين هم أقبح الاجناس وأعظم بلاء محيط بالناس وبالجملة فالامر عظيم والخطب جسيم ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم وكذلك أخذ ربك اذا أخذ القرى وهي ظالمة ان اخذه أليم شديد
وفي عشرينه انتقلوا بديوان الفردة من بيت البارودي الى بيت القيسرلي بالميدان ووقع التشديد في الطلب والانتقام بأدنى سبب وانقضى هذا العام وما جرى فيه من الحوادث العظام بأقليم مصر والشام والروم والبيت الحرام
فمنها وهو أعظمها تعطيل الثغور ومنع المسافرين برا وبحرا ووقوف الانكليز بثغر الاسكندرية ودمياط يمنعون الصادر والوارد وتخطوا ايضا بمراكبهم الى بحر القلزم
ومنها انقطاع الحج المصري في هذا العام ايضا حتى لم يرجع المحمل بل كان مودوعا بالقدس فلما حضر العساكر الاسلامية احضروه صحبتهم الى بلبيس
فيقال ان السيد بذرا ورجع به الى جبل الخليل
ومنها وقوف العرب وقطاع الطريق بجميع الجهات القبلية والبحرية والشرقية والغربية والمنوفية والقليوبية والدقهلية وسائر النواحي فمنعوا السبيل ولو بالخفارة وقطعوا طريق السفار ونهبوا المارين من ابناء السبيل والتجار وتسلطوا على القرى والفلاحين وأهالي البلاد والحرف بالعري والخطف للمتاع والمواشي من البقر والغنم والجمال والحمير وافساد المزارع ورعيها حتى كان اهل البلاد لايمكنهم الخروج ببهائمهم الى خارج القرية للرعي أو للسقي لترصد العرب لذلك ووثب اهل القرى على بعضهم بالعرب فداخلوهم وتطاولوا عليهم وضربوا عليهم الضرائب وتلبسوا بانواع الشرور واستعان بعضهم على بعض وقوى القوى على الضعيف وطمعت العرب في أهل البلاد وطلبوهم بالثارات والعوائد القديمة الكاذبة وآن وقت الحصاد فاضطروا لمسالمتهم لقلة الضم فلما انقضت حروب الفرنسيس نزلوا الى البلاد واحتجوا عليهم بمصادقتهم العرب فضربوهم ونهبوهم وسبوهم وطالبوهم بالمغارم والكلف الشاقة فاذا انقضوا وانتقلوا عنهم رجعت العرب على اثرهم وهكذا كان حالهم وما ان ربك ليهلك القرى بظلم واهلها مصلحون
ومنها ان النيل قصر مدة في هذه السنة فشرقت البلاد وارتحل اهل البحيرة الى المنوفية والغربية فاستحسن رحيل عربان البحيرة لانه بقي لهم في الحي نخيل
ومنها انه لما حضرت العثمانية وشاع امر الصلح وخضوع الفرنساوية لهم نزل طائفة من الفرنسيس الىالموفية وطلبوا من اهلها كلفة لرحيلهم فلما مروا بالمحلة الكبيرة تعصب اهلها واجتمعوا الى قاضيها وخرجوا لحربهم فاكمن الفرنسيس لهم وضربوا عليهم طلقا بالمدافع والبنادق فقتلوا منهم نيفا وستمائة انسان ومنهم القاضي وغيره ولم ينج منهم الا من فر وكان طويل العمر وكذلك اهل طنتداء عند حضورهم اليهم وصل اليهم رجل من الجزارين المنتسبين للعثمانية من جهة الشرق لزيارة سيدي احمد البدوي وهو راكب على فرس وحوله نحو الخمسة انفار وكان بعض الفرنسيس بداخل البلدة يقضون بعض اشغالهم فصاحت السوقة والبياعون عند رؤية ذلك الرجل بقولهم نصر الله دين الاسلام وهاجوا وماجوا ولقلقت النساء بالسنتهن وصاحت الصبيان وسخروا بالفرنسيس وتراموا بما على رؤوسهم وضربوهم وجرحوهم وطردوهم فتسحبوا من عندهم فغابوا ثلاثة أيام ورجعوا بجميع عسكرهم ومعهم الآلات من المدافع فاحتاطوا بالبلدة وضربوا عليهم مدفعا ارتحوا له ثم هجموا عليهم ودخلوا اليهم وبايديهم السيوف المسلولة ويقدمهم طبلهم وطلبوا خدمة الضريح الذين يقال لهم أولاد الخادم وهم ملتزموا البلدة واكابرها ومتهمون بكثرة الاموال من قديم الزمان وكانوا قبل ذلك بنحو ثلاثة أشهر قبضوا عليهم باغراء القبط وأخذوا منهم خمسة عشر الف ريال فرانسة بحجة مسالمتهم للعرب فلما وصلوا الى دورهم طلبوهم فلم يمكنهم التغيب خوفا على نهب الدور وغير ذلك فظهروا لهم فأخذوهم الى خارج البلد وقيدوهم وأقاموا نحو خمسة ايام خارجها يأخذون في كل يوم ستمائة ريال سوى الاغنام والكلف ثم ارتحلوا وأخذوا المذكورين صحبتهم الى منوف وحبسوهم اياما ثم نقلوهم الى الجيزة أيام الحرابة بمصر
فلما انقضت تلك الايام وسرحوا في البلاد نزلت طائفة الى طنتداء وهم بصحبتهم وقرروا عليهم أحدا وخمسين الف ريال فرانسة وعلى اهل البلدة كذلك بل أزيد واقاموا حول البلد محافظين عليهم واطلقوا بعضهم وحجزوا المسمى بمصطفى الخادم لانه صاحب الاكثر في الوظيفة والالتزام وطالبوه بالمال وفي كل وقت ينوعون عليه العقاب والعذاب والضرب حتى على كفوف يديه ورجليه ويربطونه في الشمس في قوة الحر والوقت مصيف وهو رجل جسيم كبير الكرش فخرجت له نفاخات في جسده ثم اخذوا خليفة المقام ايضا وذهبوا به الى منوف ثم ردوه وولوه رئاسة جمع الدراهم المطلوبة من البلد فوزعت على الدور والحوانيت والمعاصر وغير ذلك واستمروا على ذلك الى انقضاء العام حتى اخذوا عساكر المقام وكانت من ذهب خالص زنتها نحو خمسة الاف مثقال واما المحلة الكبرى فانهم رجعوا عليها وقرروا عليها نيفا ومائة الف ريال فرانسة واخذوا في تحصيلها وتوزيعها وهجموا دورها وتتبع المياسير من اهلها كل ذلك مع استمرار طلب الكلف الشاقة في كل يوم منها ومن طنتدا والتعنت عليهم وتسلط طوائف الكشوفية التابعين لهم الذين هم اقبح في الظلم من الفرنسيس بل ومن العرب فانهم معظم البلاد ايضا فانهم هم الذين يعرفون دسائس اهل البلاد ويشيعون احولهم ويتجسسون على عوراتهم ويغرون بهم
واستمروا على ذلك ايضا ولو ان اهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والارض ولكن كذبوا فأخذناهم بما كانوا يكسبون
ومنها انه لما وقع الصلح بين العثمانية والفرنساوية ارسل الوزير فرمانات للثغور باطلاق الاسافيل وحضور المراكب والتجار بالبضائع وغيرها الى ثغر الاسكندرية وصحبتها ثلاثة غلايين سلطانية وسفن مشحونة بالذخيرة لحضرة الوزير ولوازم العسكر العثماني فلما قربوا من الثغر أقاموا البنديرات وضربوا مدافع للشنك فطمعهم الفرنساوية وأظهروا لهم المسالمة وأظهروا لهم بنديرة العثماني فدخلوا الى المينا ورموا مراسيم ووقعوا في فخ الفرنسيس فأستولوا على الجميع وأخذوا مدافعهم وسلاحهم وحبسوا القبابطين وأعيان التجار وأخذوا الملاحين والمتسببين من البحرية والنصارى الاروام وهم عدة وافرة أعطوهم سلاحا وزيوهم بزيهم واضافوهم الى عسكرهم وارسلوهم الى مصر فكانوا اقبح مذكور في تسلطهم على ايذاء المسلمين ثم اخرجوا شحنة المراكب من بضائع ويميش وحازوه بأجمعه لانفسهم وبقى الامر على ذلك وكان ذلك في اواسط شهر القعدة
ومنها انه بعد نقض الصلح ارسل الفرنسيس عسكرا الى متسلم السويس الذي كان تولاها من طرف العثمانية فتعصب معه اهل البندر فحاربوهم فغلبهم الفرنسيس وقتلوهم عن آخرهم ونهبوا البندر وما فيه من البن والبهار بحواصل التجار وغير ذلك
ومنها ان مراد بك عند توجهه للصعيد بعد انقضاء الصلح اخذ ما جمعه درويس باشا من الصعيد من اغنام وخيول وميرة وكان شيئا كثيرا فتسلم الجميع منه وعدى درويش باشا الى الجهة الشرقية متوجها الى الشام وارسل مراد بك جميع ذلك للفرنساوية بمصر
ومنها ايضا انه بعد انقضاء المحاربة واستيلاء الفرنسيس على المخازن والغلال التي كان جمعها العثمانية من البلاد الشرقية وبعض البلا الغربية والقليوبية وكذلك الشعير والاتبان طلب الفرنساوية مثل ذلك من البلاد وقرروا على النواحي غلالا وشعيرا وفولا وتبنا وزادوا خيلا وجمالا فوقع على كل اقليم زيادة عن الف فرس والف جمل سوى ما يدفع مصالحة على قبولها للوسائط وهو ونحو ثمنا او ازيد وكذلك التعنت في نقض الغلال وغربلتها وغير ذلك وكل ذلك بارشاد القبطة وطوائف البلاد لانهم هم الذين تقلدوا المناصب الجليلة وتقاسموا الاقاليم والتزموا لهم بجمع الاموال ونزل كل كبير منهم الى أقليم واقام بسر الاقليم مثل الامير والعساكر والفرنساوية وهو في أبهة عظيمة وصحبته الكتبة والصيارف والاتباع والاجناد من الغز البطالة وغيرهم والخيام والخدم والفراشون والطباخون والحجاب وتقاد بين يديه الجنائب والبغال والرهونات والخيول المسومة والقواسة والمقدمون وبأيديهم الحراب المفضضة والمذهبة والاسلحة الكاملة والجمال الحاملة ويرسل الى ولايات الاقليم من جهته المستوفين من القبط ايضا بمنزلة الكشاف ومعهم العسكر من الفرنساوية والطوائف الجاويشية والصارفين والمقدمين على الشرح المذكور فينزلون على البلاد والقرى ويطلبون المال والكلف الشاقة بالعسف ويؤجلونهم بالساعات فان مضت ولم يوفوهم المطلوب حل بهم ما حل من الحرق والنهب والسلب والسبي وخصوصا اذا فر مشايخ البلدة من خوفهم وعدم قدرتهم والا قبضوا عليهم وضربوهم بالمقارع والكسارات على مفاصلم وركبهم وسحبوهم معهم في الحبال واذاقوهم انواع النكال وخاف من بقي فصانعوهم واتباعهم بالبراطيل والرشوات وانضم اليهم الاسافل من القبط والاراطل من المنافقين وتقربوا اليهم بما يستميلون قلوبهم به وما يستجلبونه لهم من المنافع والمظالم وأجهدوا انفسهم في التشفي من بعضهم وما يوجب الحقد والتحاسد الكامن في قلوبهم الى غير ذلك مما يتعذر ضبطه وما كنا مهلكي القرى الا واهلها ظالمون
{ من مات في هذه السنة }
ممن له ذكر مات الامام الفاضل الصالح العلامة الشيخ عبد العليم ابن محمد بن محمد بن عثمان المالكي الأزهري الضرير حضر دروس الشيخ علي الصعيدي رواية ودراية فسمع عليه جملة من الصحيح والموطأ والشمائل والجامع الصغير ومسلسلات بن عقيلة وروى عن كل من الملوى والجوهري والبلدي والسقاط والمنير والدردير والتاودي بن سودة حين حج ودرس وأفاد وكل من البكائين عند ذكر الله سريع الدمعة كثير الخشية وكان يعرف أشياء في الرقي والخواص وفوائد القرينة وام الصبيان ثم ترك ذلك لرؤيا منامية رآها واخبرني بها توفي في هذه السنة ودفن ببستان المجاورين
ومات العمدة الفاضل والنبيه الكامل صاحبنا العلامة الوجيه الشيخ شامل احمد بن رمضان بن مسعود الطرابلسي المقرى الازهري حضر من بلده طرابلس الغرب الى مصر في سنة احدى وتسعين وجاور بالازهر وكان فيه استعداد وحضر دروس الشيخ أحمد الدردير والبيلي والشيخ ابي الحسن الغلقي وسمع على شيخنا السيد مرتضى المسلسل بالاولية وغير المسلسل ايضا واخذ منه الاجازة في سنة اثنتين وتسعين ولما مات الخواجا حسن البناني من تجار المغاربة فتوصل الى ان تزوج بزوجته بنت الغرياني وسكن بدارها الواسعة بالكعكبين وتجمل بالملابس وتودد للناس بحسن المعاشرة ومكارم الاخلاق وكان سموح النفس جدا دمت الطباع والاخلاق جميل العشرة ولما عزل السيد عبد الرحمن السفاقسي الضرير من مشيخة رواقهم كان المترجم هو المتعين لذلك دون غيره فتولى مشيخة الرواق بشهامة وكرم ونوه بذكره وزادت شهرته وكان وجيها طويل القامة بهى الطلعة بشوشا ولما حصلت واقعة الفرنسيس خرج تلك الليلة مع الفارين وذهب الى بيت المقدس وتوفي هناك في هذه السنة
ومات السيد الافضل والسند الاكمل المقرى بن المقرى والفهامة الذي بكل فن على التحقيق يدري بدر أضاء في سماء العرفان وعارف وضح دقائق المشكلات باتقان فلله دره من فاضل أبرز درر اللطائف من كنوزها وكشف عن مخدرات الفهوم لثامها فأظهر الانفس من نفيسها والاعز من عزيزها فلا غرو فانه بذلك حقيق كيف لا وما ذكر من بعض صفاته التي به تليق العلامة الشريف الحسن بن علي البدري العوضي ربي في حجر ابيه وحفظ القرآن والمتون وأخذ عن أبيه علم القراءات واتقن القراءات الاربعة عشر بعد ان اتقن العربية والفقه وباقي العلوم وحضر أشياخ الوقت وتمهر وأنجب وقرأ الدروس ونظم الشعر الجيد وشهد له الفضلاء وله ديوان مشهور بأيدي الناس وامتدح الاعيان وبينه بين الصلاحي وقاسم ابن عطاء الله مطارحات ذكرنا منها طرفا في ترجمتهما وله ايضا تآليف وتقييدات وتحقيقات ورسائل في فنون شتى ورسالة بليغة في قوله تعالى استكبرت أم كنت من العالين وكان الباعث له على تأليفها مناقشة حصلت بينه وبين الشيخ احمد يونس الخليفي في تفسير الآية بمجلس علي بك الدفتردار فظهر بها على الشيخ المذكور واجاره الامير المذكور بان رتب له تدريسا بالمشهد الحسيني ورتب له معلوما بوقته وقدره كل يوم عشرة انصاف فضة يستغلها من جانب الوقف في كل شهر واستمر بقبضها حتى مات في شعبان من هذه السنة رحمه الله ولم يخلف بعده مثله في الفضائل والمعارف
عجائب الآثار في التراجم والأخبار
المؤلف : عبد الرحمن بن حسن الجبرتي
مجلة نافذة ثقافية ـ البوابة