من طرف حكماء الخميس 14 يونيو 2018 - 14:49
بّسم الله الرّحمن الرّحيم
مكتبة العلوم الشرعية
فقه العبادات
سؤال وجواب
{ أسئلة من كتاب الصلاة }
وقد يتناول غيرها من بقية العبادات
● السؤال السابع والثلاثون
مَا الَّذي يُعْتَبَرُ في اقتِدَاءِ اَلْمَأْمُوم بإمَامِهِ ؟
● الجواب
الشَّرْط الَّذِي لا يختَلِفُ العُلَمَاءُ فِيهِ : أَنَّهُ إِذَا أَمْكَنَ اَلْمَأْمُوم مُتَابَعَةَ إِمَامِهِ ، فَلابِد مِن هَذَا الشَّرطِ وإِمْكَانُ مُتَابَعتِهِ بِرُؤيَةٍ للإِمَامِ أَو لمن خَلفَهُ أَو سَمَاعِ صَوتِهِ أَو صَوتِ المبلِّغِ عَنهُ.
فمتَى فُقِدَ هَذَا الشَّرط : لم يَصِحّ الافتِدَاءُ .
ومتَى وُجِدَ والإِمَامُ والمأْمومُ في المسجِدِ : لم يُشتَرَطُ غَيرُه .
فإِن كَانَ أَحدُهُما خَارِجَ المسجِدِ : فَلابِد مِن رُؤيَةِ المأمُومِ لِلإِمَامِ أو لمن خَلفَهُ وَلَو في بَعضِ الصَّلاةِ .
وَلا بُدَّ أَيضًا : أَن لا يَكُونَ بينهُمَا طَرِيقٌ مَسلُوك ، أو نَهرٌ تَجرِي فيهِ السُّفُنُ عَلَى المذهَبِ .
والصّحِيحُ : عَدَمُ اعتِبَارِ اَلأَمِرِينَ .
وَهُوَ أَحَدُ القَولَينِ فِي المذهَبِ ؛ لِعَدَمِ الدَّلِيلِ على إِيجَابِ ذَلكَ مَعَ إِمكانِ الاقتِدَاءِ ، ولعَدَمِ المانِع في مَوضِعِ صَلاتِهِمَا ، فَلا يَضُرُّ الحائِلُ المانِعُ هَذَا مَعَ قَولِنَا : إِنَّ اَلصَّلاة لا تَصِحُّ في الطَّريقِ .
وإِن قُلنَا بصحَّتِها ، وهُوَ الصَّحِيحُ . فالأمرُ وَاضِحٌ .
● السؤال الثامن والثلاثون
في مَوقِفِ المأمُومِ مَعَ إمَامِهِ في الصَّلاةِ ؟
● الجواب
الموقِفُ أربعة : وَاجِبٌ ، ومندُوبٌ ، وجَائزٌ ، وممنُوعٌ .
أَمَّا المندُوبُ :
- فَهُو وقُوفُ المأمُومِينَ إذا كَانُوا اثنين فأكثَرَ خَلفَ الإمَامِ .
- ووُقُوفُ المرأَةِ الوَاحِدَةِ خَلفَ اَلرَّجْلِ .
والجَائِزُ :
- وُقُوفُ اَلْمَأْمُومِينَ جَانِبِيّ الإِمَامِ أو عَن يَمينه .
- ووقُوف المرأةِ عَن يَمينِ الرجُلِ .
واختُلِفَ فِي : الوُقُوفِ عَن يَسَارِ الإمَامِ مَع خُلُوِّ يمينِه .
والمذهَبُ : أنَّه مَمْنُوع .
والصَّحِيحُ : أنَّه مِنَ الجَائِزِ .
وإِدَارَةُ النَّبِي - صلى الله عليه وسلم - ابن عَباسٍ لما وَقَفَ عَن يَسَارِه إلَى يَمينِه يَدُلُّ على استِحبَابِ ذَلِكَ ، واستِحبَابِ اَلْإِدَارَة لا وُجُوبهَا ؛ لأنَّ فعله - صلى الله عليه وسلم - يدلُّ على النَّدبِ .
والموقِفُ الوَاجِبُ :
- وُقُوفُ الرجُلِ الوَاحِدِ عَن يَمينِ إمَامِه .
والموقِفُ اَلْمَمْتُوعُ :
- وُقُوفُ الرجُلِ وَحدَهُ خَلفَ الإمَامِ أو خَلفَ الصَّفِّ مُطلَقًا ، عَلَى المذهَبِ .
وعلى اَلقَوْلِ اَلثَّانِي : في حَالِ إِمكَانِ اصطِفَافه .
فَإن لم يمكنه بأن لم يجدْ في الصَّفِّ مَكَاناً : سقَطَ عَنهُ وجُوبُ الاصطِفَافِ، ووقَفَ وَحدَهُ .
وإمَامُ العُرَاةِ : يَقِفُ بينهُم وجُوبًا .
والمرأَةُ إذا أَمّتِ النِّساءَ : تَقِفَ وَسطهن اِسْتِحْبَابًا .
فَإِن وقَفَ مَعَهُ من يَعلَمُ عَدَم صحَّةِ صَلاتِه : فَهُوَ منفَرِدٌ .
وإنْ وَقفَ مَعَهُ محدثٌ أو نَجِسٌ لا يَعلَمُ مِنهُ ذَلك : فالاصطِفَافُ صحيحٌ .
وإن وَقَفَ مَعَهُ صبي وَهُوَ رَجلٌ : لم يَصِحّ عَلَى المذهَبِ .
وعَلَى القَولَ الصحِيحِ : يَصِحُّ . والله أعلم .
● السؤال التاسع والثلاثون
عن رُخَصِ السفر مَا هِيَ ؟
● الجواب
من قَوَاعِدِ الشَّريعةِ : (المشقة تَجلِبُ اليُسرَ).
ولما كَانَ السَّفَرُ قِطْعَة مِنَ العَذَابِ - يمنع العَبدَ نَومَهُ ورَاحتَهُ وقَرَارَهُ - رتب الشَّارِعُ عَلَيهِ مَا رتبَ مِنَ الرُّخَصِ حتَّى وَلَو فُرِضَ خُلوُّهُ عن المشقاتِ ؛ لأَنَّ الأَحْكَامَ تُعلَّقُ بعللها العَامةِ ، وإِن تخلَّفت في بَعضِ الصُّورِ والأَفرَادِ .
فالحكمُ الفَردُ يُلحَقُ بالأَعَمِّ ، ولا يُفْرَدُ بالحكمِ ، وهَذَا معنى قَولِ الفُقَهَاءِ : (النَّادِرِ لا حُكمَ لَهُ) .
يعني : لا يُنقِصُ القَاعِدَةَ ، ولا يُخَالِفُ حُكمُهُ حُكمَهَا .
فهذَا أَصلٌ يَجِبُ اعتِبَارُه .
فأعظَمُ رُخَصِ السفر وأَكْثرُهَا حَاجَةً :
القَصرُ ، وَلذَلِكَ لَيسَ لِلقَصرِ مِنَ الأَسبَابِ غَيرُ السَّفَرِ ، وَلِهَذَا أضِيفَ السَّفَرُ إِلَى القَصرِ لاختِصَاصِه به ، فتُقْصَرُ الرُّباعِيَّةُ مِن أَربِع إِلَى رَكعَتين .
وَمِن مَعَانِي القَصرِ : قَصرُ أَرْكَانِ الصَّلاةِ وهَيئَاتِهَا .
وَلِذَلِكَ قَالَ الفُقَهَاءُ فِي قِرَاءَةِ قصارِ اَلْمُفَصَّل (الفجر) : لا ينبَغِي إلا في السَّقَرِ .
وَمِنْ رُخَصِه :
الجَمْعُ بين الظُّهرِ والعَصرِ ، والمغرِبِ والعِشَاءِ في وقتِ إحدَاهُمَا .
والجمعُ أَوسَعُ مِنَ القَصْرِ ، وَلِهَذَا له أَسبَابٌ أُخرُ غَيرُ السَّفَرِ كَالْمَرَضِ والاستِحَاضَةِ ، ونَحوهَا مِنَ الحاجَاتِ ، والقصر أَفضل من الإِتمام بل يُكْرَه الإتمام لغير سَبَب .
وأَمَّا الجمعُ في السَّفَرِ : فالأَفضَلُ تَركُه إِلا عِندَ الحاجَةِ إلَيهِ أَو إِدرَاكِ الجَماعَةِ به ، فإِذَا اقترنَ بِه مَصلَحَةٌ جَازَ .
ومَن رُخَصِ السّفَرِ :
الفِطرُ في رَمَضَانَ .
وَالصَّلاةُ النَّافِلَةُ عَلَى الرّاحِلَةِ إِلَى جِهَةِ مَميرِهِ .
وَكَذَلِكَ المتنفِّل الماشِي .
ومِنهَا:
المسْحُ عَلَى الخفين ، والعِمَامَةِ ، والخمارِ ، ونَحوِهَا ، ثَلاثَةُ أيَّامٍ بِلَيَالِيهَا.
وأَمَّا اَلتَّيَمُّم فَلَيسَ سَببه السَّفَر ، وإنْ كَانَ الغَالِبُ أَنَّ الحاجَةَ إِلَيهِ في السَّفَرِ أكثر مِنهُ في الحَضَر . وَلَعَلِّ هَذَا السَّببَ في ذكر السَّفر في آية التَّيمُّم : ( وَإِن كُنتُمْ مَرْضَى أَوْ على سَفَرٍ ) [ المائدة : 6] الآية.
وإنما سَبَبُ التَّيَمُّم : العَدَم للمَاءِ أو الضرر باستِعمَالِه .
قَالَ تَعَالَى ( فَلَم تجدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا ) [ المائدة : 6 ] .
وكَذَلِكَ أَكلُ الميتَةِ للمضطَرّ عَامّ في السَّفَرِ والحَضَرِ ، ولَكن الغَالِب وُجُود الضرُورَة في السَّفَر .
ومِن رُخَصِ السَّفَرِ أَيْضًا :
أنه موسع لِلإِنسَانِ أن يَترُكَ اَلرَّوَاتِب في سَفَرِهِ ، وَلا يُكرَهُ لَهُ ذَلِكَ مَعَ أَنَّه يُكرَهُ تركُهَا في الحَضَرِ .
ومِن رُخَصِ السَّفَرِ :
مَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ عَنِ اَلنَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - : « مَنْ مَرِضَ أَوْ سَافَرَ كُتِبَ لَهُ مَا كَانَ يَعْمَلُ صَحِيحاً مُقِيمًا ».
فالأعمَالُ الَّتِي يعمَلُهَا في حَضَرِهِ مِنَ الأَعمَالِ القَاصِرَةِ والمتعدِّيةِ يجري لَهُ أجرُهَا إِذَا سَافَرَ ، وكذَلِكَ إذَا مَرِضَ .
فيَالَهَا نعمَةٌ ما أجلَّهَا ؟ وأَعظَمَهَا ؟.
وأَمَّا صلاة الخوف : فليس سببه اَلسّفَر، ولكنَّه فيه أَكْثَر .
كتاب: إرشاد أولى البصائر والألباب
لنيل الفقة بأيسر الطرق والاسباب
تأليف: عبد الرحمن بن ناصر بن عبد الله السعدي
منتدى ميراث الرسول ـ البوابة