بّسم الله الرّحمن الرّحيم
مكتبة الثقافة الإسلامية
فص الخواتم فيما قيل في الولائم
● [ التنبيه الثالث ] ●
فوائد لغوية
قال ابن الجوزي والصقلي: يقولون: وأكلت فلاناً بمعنى أكلت معه والصواب وأكلته. وقال الزبيدي: ويقولون لطمت الخبزة إذا صنعها بيده والصواب طَلَمْتَها. والطُّلْمة الخبزة بعينها والجمع طُلْم. وفي الحديث: " أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم مرّ برجل يعالج طلمة لأصحابه في سفر " .
وقال الصلاح الصفدي في الضاد المعجمة: قال الصقلي في تثقيف اللسان: يقولون قدم الأمير في ضَفَفٍ يعنون في كثرة وإنما الضفف قلة الطعام وكثرة الآكلين. والحفف أن يكون الطعام على قدر آكليه. قلت ابن السكيت: الضفف كثرة العيال، وأنشد لبُشَيْر بن النِّكت:
قد احتذى من الدماء وأنتعل ● و كبّر الله وسمّى ونزل
بمنزل ينزله بنو عمل ● لا ضفف يشغله ولا ثقل
وقال مالك بن دينار: حدثنا الحسن قال: " ما شبع رسول الله صلى الله عليه وسلم من خبز ولحم قط إلا على ضفف " قال مالك: فسألت بدوياً عنها فقال: تناولاً مع الناس. وقال الخليل: الضفف كثرة الأيدي على الطعام. وقال أبو زيد: الضفف الضيق والشدة. وقال الأصمعي: أن يكون المال قليلاً ومن يأكله كثيراً. وقال الفراء: الضفف الحاجة، ويقال أيضاً: لقيته على ضفف أي عجلة. والضفف ازدحام الناس على الماء انتهى.
وقال ابن الجوزي: تقول العامة: لَحَسْتُ الإناء بفتح الحاء، والصواب كسرها. وقال: العامة تقول: لَعَقْت العسل بفتح العين، والصواب كسرها. وقال: العلوق بفتح اللام وهي تضمُّها انتهى.
وقال خلف الأحمر: المشُّ مسح اليد بشيء يقشر الدسم، ويقال للمنديل مَشُوش انتهى. وقال سفيان الثوري: ما وضع أحد يده في قصعة غيره إلاّ ذلّ له.
● [ التنبيه الرابع ] ●
الختان في الشهور الحرم
الختان في الشهور الحرم
قال التقي ابن قاضي شهبة في تاريخه في رجب سنة عشرين وثمانمائة: في يوم السبت ثامن عشريه ختن الشيخ شهاب الدين الغزِّي ولده، وذكر لي أن المحب الطبري روى حديثاً: " من اختتن في شهر حرام، حرم الله فرجه على الزنا " فيحرر ذلك من الأحكام من باب السواك. انتهى التنبيهُ الرابعُ.
منظومات في أنواع الولائم
قد نظم هذه الولائم جماعةٌ غير من قدمناه، فقال بعضهم:
إنّ الولائمَ عَشْرَةٌ مَعْ واحدٍ ● مَنْ عَدَّهَا قدْ عَزَّ في أقرانِهِ
فالخُرْسُ إن نُفِسَتْ، كذاكَ عقيقةٌ ● للطفلِ، والأعذارُ عندَ خِتَانِهِ
و لحفظِ قرآنٍ وآدابٍ لقدْ ● فالَ الحِذاقُ، لحَذْقِهِ وبيانِهِ
ثم المِلاَكُ لعقدِهِ، وَ وَليمةٌ ● في عُرْسِهِ، فاحرص على إعلانِهِ
و كذاكَ مأدُبةٌ بلا سببٍ يُرى ● وَ وَكِيْرَةٌ لبنائِهِ لمكانِهِ
و نقيعةٌ لقدومِهِ، وَ وَضيمةٌ ● من أقرباءِ الميتِ أو جيرانِهِ
و لأوّلِ الشهرِ الأَصَمِّ عتيرةٌ ● جاءَتْ هُدِيْتَ كذا لِرِفْعَةِ شانِهِ
وقال بعضهم:
وليمة عرس، شُنْدُخِيُّ مملَّكٍ ● عقيقةُ طفلٍ يومَ سَبْعٍ كما اشتهرْ
وكيرةُ من يبني، وخُرْسُ سلامةٍ ● مِنَ الطَّلْقِِ في الأولى، نقيعةُ ذي سفرْ
خِتانٌ كذا الأعذارُ، موت وضيمةٍ ● و مأدُبةٌ من غْير ما سَبَبٍ حضرْ
حِذَاقٌ لختمِ الذِكْر، وهو خِتَامُها ● و جُمْلَتُها عَشْرٌ فطوبى لِمَنْ ذَكَرْ
وقال بعضهم:
إذا شِئْتَ تعدادَ الولائمِ كلِّها ● فَخُذْهَا على التَّحريرِ يا أيُّها القاري
وليمةُ عُرْسٍ، ثَّم خُرصُ ولادَةٍ ● وَعَقٌّ لِسَبْعٍ، والخِتانُ بأعذَارِ
و مأدُبةٌ أطلقْ، نقيعةُ غائبٍ ● وَضِيْمَةُ موتٍ، والوكيرةُ للدَّارِ
و زِيْدَ لإملاكِ المزوَّجِ شُنْدُخٌ ● و محذاقٌ المأكولُ في خَتمةِ الدَّاري
وقال بعضهم:
و للضيافَةِ أسماءٌ ثمانِيَةٌ ● وليمةُ العُرْسِ، ثم الخُرْسُ للولدِ
كذا العقيقةُ للمولودِ سابعَهُ ● ثم الوكيرةُ للبنيانِ إنْ تَجِدِ
ثم النَّقيعَةُ عِنْدَ العَوْدِ من سَفَرٍ ● و في الخِتانِ هو الأعذارُ، فاجتهِدِ
وضيمةٌ لمصابٍ، ثَّم مأدُبةٌ ● من غيرِ ما سببٍ، جاءتْكَ للعَدَدِ
و الشُّنْدخيُّ لإملاكٍ، فقد كُملَتْ ● تسعاً، وقل للذي يَدْريه فاعتمِدِ
وقد حصرها الشيخ صدر الدين العثماني الصّفدي في ثمانية فقط فقال:
ضيافةُ النَّاسِ أقسامٌ ثمانيةٌ ● منها الوليمةُ يومَ العُرْسِ تَكْميلا
و الحُرصُ بالحاءِ للمولودِ شاعَ، كذا ● أعذارُ للختنِ بينَ النَّاسِ مَفْعولا
ثم الوكيرةُ فاعلمْ للبناءِ غَدَتْ ● و للقدومِ مِنَ الأسفارِ قدْ قِيْلا
نقيعةُ بعد نون قاف، واتفقوا ● أنَّ العقيقةَ للمولودِ تَعجيْلا
في سابع اليومِ. أمَّا للمصائبِ قُلْ ● وَضيمَةٌ مُعْجماً للضَّادِ تَسْهيْلا
أمّا الذيْ قَدْ خَلاَ عنْ كُلِّ ذي سَبَبٍ ● يُقَالُ مأدُبةٌ فادْرِ الأَقَاوِيْلا
وقد اختصر ذلك بعضهم في بيتين فقال:
وليمةُ عرسٍ، ثَّم خُرسُ ولادَةٍ ● وَضيمةُ مفقودٍ، وكيرةُ مَنْ بني
و إعلانُ ختنٍ مع نقيعةِ قادمٍ ● عقيقةُ حَلْقٍ، ثم مأدبةٌ لنا
وقد تفنَّنَ البُرهانُ إبراهيمُ بن أحمد الباعوني في نظمها، فقال مرة:
وليمةُ العرسِ، وكيرةُ البِنا ● و الخرسُ للمولودِ في يومِ الهنا
و يومَ سبعٍ سَمّها عقيقهُ ● و تلكَ سُنَّةٌ على الحقيقةْ
نقيعةٌ عند قدوم وسَفَرْ ● وضيمةٌ عند مصابٍ قدْ ظهرْ
مأدُبةٌ تعد للضيفانِ ● و جعلوا الأعذارَ للخِتانِ
وقال مرة:
وليمةُ عرسٍ، والوكيرةُ للبنا
وفي سابعِ المولودِ فهي عقيقةٌ
وضيمتُهمْ عند المصابِ لحادثٍ
وقد جعلوا الأعذارَ يومَ خِتانِهمِ
[ تم كتاب فص الخواتم فيما قيل في الولائم ]
لابن طولون
لابن طولون