بسم الله الرحمن الرحيم
قال أبو بكر محمد بن السري النحوي : النحو إنما أريد به أن ينحو المتكلم إذا تعلمه كلام العرب وهو علم استخرجه المتقدمون فيه من إستقراء كلام العرب حتى وقفوا منه على الغرض الذي قصده المبتدئون بهذه اللغة فبإستقراء كلام العرب فاعلم : أن الفاعل رفع والمفعول به نصب وأن فعل مما عينه : ياء أو واو تقلب عينُه من قولهم : قام وباع
واعتلالات النحويين على ضربين : ضرب منها هو المؤدي إلى كلام العرب كقولنا : كل فاعل مرفوع وضرب آخر يسمى علة العلة مثل أن يقولوا : لِمَ صار الفاعل مرفوعاً والمفعول به منصوباً ولم إذا تحركت الياء والواو وكان ما قبلهما مفتوحاً قلبتا ألفاً وهذا ليس يكسبنا أن نتكلم كما تكلمت العرب وإنما تستخرج منه حكمتها في الأصول التي وضعتها وتبين بها فضل هذه اللغة على غيرها من اللغات وقد وفر الله تعالى من الحكمة بحفظها وجعل فضلها غير مدفوع وغرضي في هذا الكتاب ذكر العلة التي إذا اطردت وصل بها إلى كلامهم فقط وذكر الأصول والشائع لأنه كتاب إيجاز
● [ الكلام : يأتلف من ثلاثة أشياء ] ●
( إسم ) ( وفعل ) ( وحرف )
● [ شرح الإسم ] ●
( إسم ) ( وفعل ) ( وحرف )
● [ شرح الإسم ] ●
الإسم : ما دل على معنى مفرد وذلك المعنى يكون شخصاً وغير شخص فالشخص نحو : رجل وفرس وحجر وبلد وعمر وبكر
وأما ما كان غير شخص فنحو : الضرب والأكل والظن والعلم واليوم والليلة والساعة
وإنما قلت : ( ما دل ) على معنى مفرد لا فرق بينه وبين الفعل إذا كان الفعل يدل على معنى وزمان وذلك الزمان إما ماض وإما حاضر وإما مستقبل
فإن قلت : إن في الأسماء مثل اليوم والليلة والساعة وهذه أزمنة فما الفرق بينها وبين الفعل قلنا : الفرق أن الفعل ليس هو زماناً فقط كما أن اليوم زمان فقط فاليوم معنى مفرد للزمان ولم يوضع مع ذلك لمعنى آخر ومع ذلك أن الفعل قد قسم بأقسام الزمان الثلاثة : الماضي والحاضر والمستقبل فإذا كانت اللفظة تدل على زمان فقط فهي اسم وإذا دلت على معنى وزمان محصل فهي فعل وأعني بالمحصل الماضي والحاضر والمستقبل
ولما كنت لم أعمل هذا الكتاب للعالم دون المتعلم احتجت إلى أن أذكر ما يقرب على المتعلم
فالإسم تخصه أشياء يعتبر بها منها أن يقال : أن الإسم ما جاز أن يخبر عنه نحو قولك : عمرو منطلق وقام بكر
والفعل : ما كان خبراً ولا يجوز أن يُخبر عنه نحو قولك : أخوك يقوم
وقام أخوك فيكون حديثاً عن الأخ ولا يجوز أن تقول : ذهب يقوم ولا يقوم يجلس
الحروف : ما لا يجوز أن يخبر عنها ولا يجوز أن تكون خبراً نحو : من وإلى
والإسم قد يعرف أيضاً بأشياء كثيرة منها دخول الألف واللام اللتين للتعريف عليه نحو : الرجل والحمار والضرب والحمد فهذا لا يكون في الفعل ولا تقول : اليقوم ولا اليذهب
ويعرف أيضاً بدخول حرف الخفض عليه نحو مررت بزيد وبأخيك وبالرجل ولا يجوز أن تقول : مررت بيقوم ولا ذهبت إلى قام
ويعرف أيضاً بإمتناع قد وسوف من الدخول عليه ألا ترى أنك لا تقول : قد الرجل ولا سوف الغلام إلا أن هذا ليس خاصاً بالإسم فقط ولكن قد يمتنع سوف وقد من الدخول على الحروف ومن الدخول على فعل الأمر والنهي إذا كان بغير لام نحو : اضرب واقتل لا يجوز أن تقول : قد اضرب الرجل ولا سوف اقتل الأسد
والإسم أيضا ينعت والفعل لا ينعت
وكذلك الحرف لا ينعت تقول : مررت برجل عاقل ولا تقول : يضرب عاقل فيكون ( العاقل ) صفة ليضرب
والإسم يضمر ويُكنى عنه تقول : زيد ضربته والرجل لقيته والفعل لا يكنى عنه فتضمره لا تقول : ( يقوم ضربته ) ولا ( أقوم تركته ) إلا أن هذه الأشياء ليس يعرف بها كل اسم وإنما يعرف بها الأكثر ألا ترى أن المضمرات والمكنيات أسماء ومن الأسماء ما لا يكنى عنه وهذا يبين في موضعه إن شاء الله
ومما يقرب على المتعلم أن يقال له : كل ما صلح أن يكون معه ( يضر وينفع ) فهو اسم وكل ما لا يصلح معه ( يضر وينفع ) فليس باسم تقول : ( الرجل ينفعني والضرب يضرني ) ولا تقول ( يضرب ينفعني ) ولا ( يقوم يضرني )
● [ شرح الفعل ] ●
الفعل : ما دل على معنى وزمان وذلك الزمان إما ماض وإما حاضر وإما مستقبل
وقلنا : ( وزمان ) لنفرق بينه وبين الإسم الذي يدل على معنى فقط
فالماضي كقولك : ( صلى زيد ) يدل على أن الصلاة كانت فيما مضى من الزمان والحاضر نحو قولك : ( يصلي ) يدل على الصلاة وعلى الوقت الحاضر
والمستقبل نحو ( سيصلي ) يدل على الصلاة وعلى أن ذلك يكون فيما يستقبل
والإسم إنما هو لمعنى مجرد من هذا الأوقات أو لوقت مجرد من هذه الأحداث والأفعال وأعني بالأحداث التي يسميها النحويون المصادر نحو : الأكل والضرب والظن والعلم والشكر
والأفعال التي يسميها النحويون ( المضارعة ) : هي التي في أوائلها الزوائد الأربع : الألف والتاء والياء والنون تصلح لما أنت فيه من الزمان ولما يستقبل نحو أكل وتأكل ويأكل ونأكل فجميع هذا يصلح لما أنت فيه من الزمان ولما يستقبل ولا دليل في لفظه على أي الزمانين تريد كما أنه لا دليل في قولك : رجل فعل كذا وكذا أي الرجال تريد حتى تبينه بشيء آخر فإذا قلت : سيفعل أو سوف يفعل دل على أنك تريد المستقبل وترك الحاضر على لفظه لأنه أولى به إذ كانت الحقيقة إنما هي للحاضر الموجود لا لما يتوقع أو قد مضى ولهذا ما ضارع عندهم الأسماء ومعنى ضارع : شابه ولما وجدوا هذا الفعل الذي في أوائله الزوائد الأربع يعم شيئين : المستقبل والحاضر كما يعم قولك : ( رجل ) زيداً وعمراً فإذا قلت : سيفعل أو سوف يفعل خص المستقبل دون الحاضر فأشبه الرجل إذا أدخلت الألف واللام عليه فخصصت به واحداً ممن له هذا الإسم فحينئذ يعلم المخاطب من تريد لأنك لا تقول : ( الرجل ) إلا وقد علم من تريد منهم أو كما أن الأسماء قد خصت بالخفض فلا يكون في غيرها كذلك خصت الأفعال بالجزم فلا يكون في غيرها
وجميع الأفعال مشتقة من الأسماء التي تسمى مصادر كالضرب والقتل والحمد ألا ترى أن حمدت مأخوذ من الحمد و ( ضربت ) مأخوذ من الضرب وإنما لقب النحويون هذه الأحداث مصادر لأن الأفعال كأنها صدرت عنها
وجميع ما ذكرت لك أنه يخص الإسم فهو يمتنع من الدخول على الفعل والحرف
وما تنفرد به الأفعال دون الأسماء والأسماء دون الأفعال كثير يبين في سائر العربية إن شاء الله
● [ شرح الحرف ] ●
الحرف : ما لا يجوز أن يخبر عنه كما يخبر عن الإسم ألا ترى أنك لا نقول : إلى منطلق كما تقول : ( الرجل منطلق ) ولا عن ذاهب كما تقول : ( زيد ذاهب ) ولا يجوز أن يكون خبراً لا تقول : ( عمرو إلى ) و ( لا بكر عن ) فقد بان أن الحرف من الكلم الثلاثة هو الذي لا يجوز أن تخبر عنه ولا يكون خبراً . والحرف لا يأتلف منه مع الحرف كلام لو قلت ( أمن ) تريد ألف الإستفهام ( ومن ) التي يجر بها لم يكن كلاماً وكذلك لو قلت : ثم قد تريد ( ثم ) التي للعطف وقد التي تدخل على الفعل لم يكن كلاماً ولا يأتلف من الحرف مع الفعل كلام لو قلت : أيقوم ولم تجد ذكر أحد ولم يعلم المخاطب أنك تشير إلى إنسان لم يكن كلاماً ولا يأتلف أيضاً منه مع الإسم كلام لو قلت : ( أزيد ) كان كلاماً غير تام فأما ( يا زيد ) وجميع حروف النداء فتبين استغناء المنادي بحرف النداء وما يقوله النحويون : من أن ثم فعلاً يراد تراه في باب النداء إن شاء الله
والذي يأتلف منه الكلام الثلاثة الإسم والفعل والحرف فالإسم قد يأتلف مع الإسم نحو قولك : ( الله إلهنا ) ويأتلف الإسم والفعل نحو : قام عمرو ولا يأتلف الفعل مع الفعل والحرف لا يأتلف مع الحرف فقد بان فروق ما بينهما
[ باب مواقع الحروف ]
واعلم : أن الحرف لا يخلو من ثمانية مواضع إما أن يدخل على الإسم وحده مثل الرجل أو الفعل وحده مثل سوف أو ليربط اسماً بإسم : جاءني زيد وعمرو أو فعلاً بفعل أو مفعل باسم أو على كلام تام أو ليربط جملة بجملة أو يكون زائداً
أما دخوله على الإسم وحده فنحو لام التعريف إذا قلت : الرجل
والغلام فاللام أحدث معنى التعريف وقد كان رجل وغلام نكرتين
أما دخوله على الفعل فنحو سوف والسين إذا قلت : سيفعل أو سوف يفعل فالسين وسوف بهما صار الفعل لما يستقبل دون الحاضر وقد بينا هذا
وأما ربطه الإسم بالإسم فنحو قولك : جاء زيد وعمرو فالواو ربطت عمراً بزيد
وأما ربطه الفعل بالفعل نحو قولك : قام وقعد وأكل وشرب
وأما ربطه الإسم بالفعل فنحو : مررت بزيد ومضيت إلى عمرو
وأما دخولُه على الكلام التام والجمل فنحو قولك : أعمرو أخوك وما قام زيد ألا ترى أن الألف دخلت على قولك ( عمرو أخوك ) وكان خبراً فصيرته استخباراً وما دخلت على : قام زيد وهو كلام تام موجب فصار بدخولها نفياً
وأما ربطه جملة بجملة فنحو قولك : إن يقم زيد يقعد عمرو وكان أصل الكلام يقوم زيد يقعد عمرو فيقوم زيد ليس متصلا بيقعد عمرو ولا منه في شيء فلما دخلت ( إن ) جعلت إحدى الجملتين شرطاً والأخرى جواباً
وأما دخوله زائداً فنحو قوله تعالى : ( فبما رحمة من الله ) والزيادة تكون لضروب سنبينها في موضعها إن شاء الله
● [ ذكر ما يدخله التغيير من هذه الثلاثة ] ●
وما لا يتغير منها
وما لا يتغير منها
اعلم : أنه إنما وقع التغيير من هذه الثلاثة في الإسم والفعل دون الحرف لأن الحروف أدوات تغير ولا تتغير فالتغيير الواقع فيهما على ضربين : أحدهما تغيير الإسم والفعل في ذاتهما وبنائهما فيلحقهما من التصاريف ما يُزيل الإسم والفعل ونضد حروف الهجاء التي فيهما عن حاله
وأما ما يلحق الإسم من ذلك فنحو التصغير وجمع التكسير تقول في تصغير حجر : حجير فتضم الحاء وكانت مفتوحة وتحدث ياء ثالثة فقد غيرته وأزالته من وزن فعل إلى وزن ( فعيل ) وتجمعه فتقول : أحجار فتزيد في أوله همزة ولم تكن في الواحد وتسكن الحاء وكانت متحركة وتزيد ألفاً ثالثة فتنقله من وزن فعل إلى وزن أفعال وأما ما يلحق الفعل فنحو : قام ويقوم وتقوم واستقام وجميع أنواع التصريف لإختلاف المعاني
والضرب الثاني من التغيير : هو الذي يسمى الإعراب وهو ما يلحق الإسم والفعل بعد تسليم بنائهما ونضد حروفهما نحو قولك : هذا حكم وأحمر ورأيت حكما وأحمر ومررت بحكم وأحمر وهذان حكمان ورأيت حكمين وهؤلاء حكمون ورأيت حكمين ومررت بحكمين وهو يضرب ولن يضرب ولم يضرب وهما يضربان ولن يضربا ولم يضربا وهم يضربون ولن يضربوا ولم يضربوا ألا ترى أن ( حكماً ويضرب ) لم يَزُلْ مِن حركاتهما وحروفهما شيء فسموا هذا الصنف الثاني من التغيير الذي يقع لفروق ومعانٍ تحدث ( إعراباً ) وبدأوا بذكره في كتبهم لأن حاجة الناس إليه أكثر وسموا ما عدا هذا مما لا يتعاقب آخره بهذه الحركات والحروف ( مبنياً )
● [ باب الإِعراب والمعرب والبناء والمبني ] ●
الإِعراب الذي يلحق الإسم المفرد السالم المتمكن وأعني بالتمكن ما لم يشبه الحرف قبل التثنية والجمع الذي على حد التثنية ويكون بحركات ثلاث : ضم وفتح وكسر فإِذا كانت الضمة إعراباً تدخل في أواخر الأسماء والأفعال وتزول عنها سميت رفعاً ن فإذا كان الفتحة كذلك سميت نصباً وإذا كانت الكسرة كذلك سميت خفضاً وجراً هذا إذا كنَّ بهذه الصفة نحو قولك : هذا زيد يا رجل ورأيت زيداً يا هذا ومررت بزيد فاعلم ألا ترى تغيير الدال واختلاف الحركات التي تلحقها
فإن كانت الحركات ملازمة سمي الإسم مبنياً فإن كان مفهوماً نحو : ( منذُ ) قيلَ : مضموم ولم يُقل : مرفوع ليفرق بينه وبين المعرب وإن كان مفتوحاً نحو : ( أين ) قيل : مفتوح ولم يقل : منصوب وإن كان مكسوراً نحو : ( أمس ) و ( حذام ) قيل : مكسور ولم يقل : مجرور
وإذا كان الإسم متصرفاً سالماً غير معتل لحقه مع هذه الحركات التي ذكرنا التنوين نحو قولك : هذا مسلم ورأيت مسلماً ومررت بمسلم وإنما قلت ( سالم ) لأن في الأسماء معتلاً لا تدخله الحركة نحو : قفا ورحى تقول في الرفع : هذا قفا وفي النصب : رأيت قفاً يا هذا ونظرت إلى قفاً وإنما يدخله التنوين إذا كان منصرفاً
وقلت : منصرف لأن ما لا ينصرف من الأسماء لا يدخله التنوين ولا الخفض ويكون خفضه كنصبه نحو : هذا أحمر ورأيت أحمر ومررت بأحمر والتنوين نون صحيحة ساكنة وإنما خصها النحويون بهذا اللقب وسموها تنويناً ليفرقوا بينها وبين النون الزائدة المتحركة التي تكون في التثنية والجمع
فإذا ثنيت الإسم المرفوع لحقه ألف ونون فقلت : المسلمان والصالحان وتلحقه في النصب والخفض ياء ونون وما قبل الياء مفتوح ليستوي النصب والجر ونون الإثنين مكسورة أبداً تقول : رأيت المسلمين والصالحين ومررت بالمسلمين والصالحين فيستوي المذكر والمؤنث في التثنية ويختلف في الجمع المسلم الذي على حد التثنية
وإنما قلت في الجمع المسلم الذي على حد التثنية لأن الجمع جمعان جمع يقال له جمع السلامة وجمع يقال له : جمع التكسير فجمع السلامة هو الذي يسلم فيه بناء الواحد وتزيد عليه واواً ونوناً أو ياءً ونوناً نحو مسلمين ومسلمون ألا ترى أنك سلمت فيه بناء مسلم فلم تغير شيئاً من نضده وألحقته واواً ونوناً أو ياءً ونوناً كما فعلت في التثنية وجمع التكسير هو الذي يغير فيه بناء الواحد مثل جمل وأجمال ودرهم ودراهم
فإذا جمعت الإسم المذكر على التثنية لحقته واو ونون في الرفع نحو قولك : هؤلاء المسلمون وتلحقه الياء والنون في النصب والخفض نحو : رأيت المسلمين ومررت بالمسلمين ونون هذا الجمع مفتوحة أبداً والواو مضموم ما قبلها والياء مكسورة ما قبلها
وهذا الجمع مخصوص به من يعقل ولا يجوز أن تقول في جمل جملون ولا في جبل جبلون ومتى جاء ذلك فيما لا يعقل فهو شاذ فلشذوذه عن القياس علة سنذكرها في موضعها ولكن التثنية يستوي فيها ما يعقل وما لا يعقل
والمذكر والمؤنث في التثنية سواء وفي الجمع مختلف فإذا جمعت المؤنث على حد التثنية زدت ألفاً وتاءً وحذفت الهاء إن كانت في الإسم وضممت التاء في الرفع وألحقت الضمة نوناً ساكنة فقلت في جمع مسلمة ( هؤلاء مسلمات )
والضمة في جمع المؤنث نظيرة الواو في جمع المذكر والتنوين نظير النون وتكسر التاء وتنون في الخفض والنصب جميعاً تقول : رأيت مسلمات ومررت بمسلمات والكسرة نظيرة الياء في المذكرين والتنوين نظير النون
وأما الإِعراب الذي يكون في فعل الواحد من الأفعال المضارعة فالضمة فيه تسمى رفعاً والفتحة نصباً والإِسكان جزماً وقد كنت بينت لك أن المعرب من الأفعال التي في أوائلها الحروف الزوائد التاء والنون والياء والألف فالألف للمتكلم مذكراً كان أو مؤنثاً نحو : أنا أفعل لأن الخطاب يبينه والتاء للمخاطب المذكر والمؤنث نحو : أنت تفعل وأنت تفعلين وكذلك للمؤنث إذا كان لغائبة قلت : هي تفعل وإن كان الفعل للمتكلم ولأخر معه أو جماعة قلت : نحن نفعل والمذكر والمؤنث في ذا أيضاً سواء لأنه يبين أيضاً بالخطاب والياء للمذكر الغائب فجميعُ ما جعل لفظ المذكر والمؤنث فيه سواء على لفظ واحد فإنما كان ذلك لأنه غير ملبس فالمرفوع من هذه الأفعال نحو قولك : زيد يقوم وأنا أقوم وأنت تقوم وهي تقوم والمنصوب : لن يقوم ولن يقعدوا والمجزوم لم يقعدوا ولم يقم هذا في الفعل الصحيح اللام خاصة فأما المعتل فهو الذي آخره ياء أو واو أو ألف فإن الإعراب يمتنع من الدخول عليه إلا النصب فإنه يدخل على ما لامه واو أو ياء خاصة دون الألف لأن الألف لا يمكن تحركها تقول فيما كان معتلاً من ذوات الواو في الرفع : هو يغزو ويغدو يا هذا فتسكن الواو وتقول في النصب : لن يغزو فتحرك الواو وتسقط في الجزم فتقول : لم يغز ولم يغد وكذلك ما لامه ياء نحو : يقضي ويرمي تكون في الرفع ياؤه ساكنة فتقول : هو يقضي ويرمي وتفتحها في النصب فتقول : لن يقضي ولن يرمي وتسقط في الجزم وأما ما لامه ألف فنحو : يخشى ويخفى تقول في الرفع : هو يخشى ويخفى وفي النصب : لن يخشى ولن يخفى وتسقط في الجزم فتقول فيه لم يخشَ ولم يخف فإذا صار الفعل المضارع لإثنين مذكرين مخاطبين أو غائبين زدته ألفاً ونوناً وكسرت النون فقلت : يقومان فالألف ضمير الإثنين الفاعلين والنون علامة الرفع واعلم : أن الفعل لا يثنى ولا يجمع في الحقيقة وإنما يثنى ويجمع الفاعل الذي تضمنه الفعل فإذا قلت : يقومان فالألف ضمير الفاعلين اللذين ذكرتهما والنون علامة الرفع فإذا نصبت أو جزمت حذفتها فقلت : لن يقوما ولن يعقدا ولم يقوما ولم يقعدا فاستوى النصب والجزم فيه كما استوى النصب والخفض في تثنية الاسم وتبع النصب الجزم لأن الجزم يخص الأفعال ولا يكون إلا فيها كما تبع النصب الخفض في تثنية الأسماء وجمعها السالم إذ كان الخفض يخص الأسماء فإن كان الفعل المضارع لجمع مذكرين زدت في الرفع واواً مضموماً ما قبلها ونوناً مفتوحة كقولك : أنتم تقومون وتقعدون ونحو ذلك فالواو ضمير لجمع الفاعلين والنون علامة الرفع
فإذا دخل عليها جازم أو ناصب حذفت فقيل : لم يفعلوا كما فعلت في التثنية فإن كان الفعل المضارع لفاعل واحد مؤنث مخاطب زدت فيه ياءً مكسوراً ما قبلها ونوناً مفتوحة نحو قولك : أنتِ تضربين وتقومين فالياء دخلت من أجل المؤنث والنون علامة الرفع وإذا دخل عليها ما يجزم أو ينصب سقطت نحو قولك : لم تضربي ولن تضربي
فإن صار الفعل لجمع مؤنث زدته نوناً وحدها مفتوحة وأسكنت ما قبلها نحو : هن يضربن ويقعدن فالنون عندهم ضمير الجماعة وليست علامة الرفع فلا تسقط في النصب والجزم لأنها ضمير الفاعلات فهي اسم ها هنا خاصة فأما الفعل الماضي فإذا ثنّيت المذكر أو جمعته قلت : فعلاً وفعلوا ولم تأت بنون لأنه غير معرب والنون في ( فعلن ) إنما هي ضمير وهي لجماعة المؤنث وأسكنت اللام فيها كما أسكنتها في ( فعلت ) حتى لا تجتمع أربع حركات وليس ذا في أصول كلامهم والفعل عندهم مبني مع التاء في ( فعلت ) ومع النون في ( فعلن ) كأنه منه لأن الفعل لا يخلو من الفاعل وأما لام ( يفعلن ) فإنما أسكنت تشبيهاً بلام ( فعلن ) وإن لم يجتمع فيه أربع حركات ولكن من شأنهم إذا أعلوا أحد الفعلين لعلة أعلوا الفعل الآخر وإن لم تكن فيه تلك العلة وسترى ذلك في مواضع كثيرة إن شاء الله
واعلم : أن الإعراب عندهم إنما حقه أن يكون للأسماء دون الأفعال والحروف وأن السكون والبناء حقهما أن يكونا لكل فعل أو حرف وأن البناء الذي وقع في الأسماء عارض فيها لعلة وأن الإِعراب الذي دخل على الأفعال المستقبلة إنما دخل فيها العلة فالعلة التي بنيت لها الأسماء هي وقوعها موقع الحروف ومضارعتها لها وسنشرح ذلك في باب الأسماء المبينة إن شاء الله
وأما الإِعراب الذي وقع في الأفعال فقد ذكرنا أنه وقع في المضارع منها للأسماء وما عدا ذلك فهو مبني
● فالأسماء تنقسم قسمين : أحدهما معرب والآخر مبني فالمعرب يقال له : متمكن وهو ينقسم أيضاً على ضربين : فقسم : لا يشبه الفعل وقسم : يشبه الفعل فالذي لا يشبه الفعل هو متمكن منصرف يرفع في موضع الرفع ويجر في موضع الجر وينصب في موضع النصب وينون وقسم يضارع الفعل غير متصرف لا يدخله الجر ولا التنوين وسنبين من أين يشبه بالفعل فيما يجري وفي ما لا يجري إن شاء الله
والمبني من الأسماء ينقسم على ضربين : فضرب مبني على السكون نحو : كم ومن وإذ وذلك حق البناء وأصله وضرب مبني على الحركة فالمبني على الحركة ينقسم على ضربين : ضرب حركته لإلتقاء الساكنين نحو أين وكيف وضرب حركته لمقاربته التمكن ومضارعته للأسماء المتمكنة نحو ( يا حكم ) في النداء وجئتك من علُ وجميع هذا يبين في أبوابه إن شاء الله
فأما الإِعراب الذي وقع في الأفعال فقد بينا أنه إنما وقع في المضارع منها للأسماء وما عدا المضارعة فمبني والمبني من الأفعال ينقسم على ضربين : فضرب مبني على السكون والسكون أصل كل مبني وذلك نحو : اضرب واقتل ودحرج وانطلق وكل فعل تأمر به إذا كان بغير لام ولم يكن فيه حرف من حروف المضارعة نحو : الياء والتاء والنون والألف فهذا حكمه
وأما الأفعال التي فيها حروف المضارعة فيدخل عليها اللام في الأمر وتكون معربة مجزومة بها نحو : ليقم زيد وليفتح بكر ولتفرح يا رجل وأما ما كان على لفظ الأمر مما يستعمل في التعجب
فحكمه حكمه نحو قولك : أكرم بزيد و ( أسمع بهم وأبصر ) وزيد ما أكرمه وما أسمعهم وما أبصرهم
والضرب الثاني مبني على الفتح وهو كل فعل ماض كثرت حروفه أو قلت نحو : ضرب واستخرج وانطلق وما أشبه ذلك
● [ ذكر العوامل من الكلم الثلاثة ] ●
الإسم والفعل والحرف وما لا يعمل منها
● [ تفسير الأول وهو الإسم ] ●
الإسم والفعل والحرف وما لا يعمل منها
● [ تفسير الأول وهو الإسم ] ●