بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الرقيب المولي الإنعام، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله الكرام.
وبعد، فهذا تعليق سميته " فص الخواتم فيما قيل في الولائم " وقد نظمها قاضي القضاة صدر الدين بن العز الحنفي فقال:
أسامي الطَّعامِ اثنانِ منْ بعدِ عَشْرةٍ ● سَأسْرِدُها مقرُونةً ببيانِ
وليمةُ عُرْسٍ ثمَّ خُرسُ وِلادَةٍ ● عقيقةُ مَوْلُودٍ، وَكيرةُ بانِ
وَضيمةُ ذيْ مَوْتٍ نَقيعةُ قادِمٍ ● عَذيرٌ أو أعذارٌ ليومِ خِتانِ
و مأدُبةُ الخِلاّنِ لا سببٌ لها ● حِذَاقُ صَبيًّ يومَ ختمِ قُرانِ
و عَاشِرُها في النَّظمِ تُحفةُ زائرٍ ● قِرى الضَّيفِ مَعْ نُزْلٍ لَهُ بأمانِ
● [ معنى الوليمة ] ●
اعلم إن الولائم جمع وليمة، وهي: قال صاحب العين في اللغة: الطعام المتخذ للعرس. قاله ثعلب. وقال أبن عبد البر: قال أهل اللغة: الوليمة هي طعام العرس والإمْلاَك. قال الأزدري: واشتقاقها من الوَلْم، وهو الجمع، وأصلها من اجتماع البنية. يقال: ولم الغلام، إذا اجتمع عقله وخلقه. وسُمي القيد في الرجل ولما، لأنه يجمع الرجلين. وقال القاضي أبو الطيب: والأشهر استعمالها عند الإطلاق في النكاح، وتقييد في غيره. وقال السّراج البلقيني: سميت بذلك لاجتماع الزوجين، ثم أطلقت على غيرها بقرينة تشبيهاً بها. وإذا لمح مطلق الجمع فأسم الوليمة يتناول الكل على السواء. وقال الجوهري وغيره: الوليمة طعام العرس، وفيه تجوز لما سبق، ويقال طعام الوليمة. وفسره بعضهم بإصلاح الطعام واستدعاء الناس إليه. وهو بعيد. وفي الشرع، الاجتماع على طعام مدعو إليه، لحادث سرور، بشروط معتبرة، على وجه مخصوص. انتهى كلام البلقيني.
وهي كما في النظم أثنتا عشرة
● [ الولائم أثنتا عشرة ] ●
الأولى : وليمة العرس
الأولى : وليمة العرس
وهو الدخول وهي سُنة لثبوتها عن النبي صلى الله عليه وسلم قولاً وفعلاً؛ ففي السنن الأربع، عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم أولم على صفية بسويق وتمر، وفي الصحيحين عنه، أنه عليه الصلاة والسلام جعل وليمتها التمر والسمن والأقط. وفي قول عند الشافعية: هي واجبة. حكاه الماوردي، وصححه الجرجاني في الشافي. وقال الشيخ أبو إسحاق إنه المنصوص لظاهر الأمر في قوله صلى الله عليه وسلم لعبد الرحمن بن عوف وقد تزوج: " أَوْلِمْ ولوْ بشَاةٍ " متفق عليه. ولأنه عليه السلام ما تركها سفراً ولا حضراً لكن الأظهر عندهم الأول ويصرف ذلك عن الوجوب، قوله صلى الله عليه وسلم لمن قال: هل على غيرها يعني أركان الإسلام الخمسة؟ قال: " لا، إلاّ أن تطوع " . متفق عليه. وأما قوله صلى الله عليه وسلم: " ليس في المال حق سوى الزكاة " رواه أبن الحل قال النووي: ضعيف جداً، لا يعرف. انتهى. ولأنها طعام لا يختص بالمحتاجين فأشبهت الأضحية عند من قال بسنيتها وهو الشافعي ومحمد بن الحسن وأحمد بن حنبل وأبو يوسف. ولأنها طعام لحادث سرور، فلا تجب كسائر الولائم، ولأنه أمره بالشاه، ولو كان الأمر للوجوب لوجبت الشاة، وقد أجمعوا على عدم وجوبها، لأنه عليه الصلاة والسلام أولم على صفية بنت حُيَي سيدة قريظة والنضير مع جمالها ونسبها، إلى ما روي بحيس وهو تمر وأقط وسمن، وفي رواية بحيس من تمر وسويق، وأولم على بعض نسائه بُمدَّيْن من شعير، رواه البخاري. ومواظبته عليه الصلاة والسلام على فعلها سفراً وحضراً محمول على تأكد السُّنية، ولأجل ذلك أئمتنا الحنفية: وينبغي للرجل أن يجيب في وليمة العرس، وإن لم يفعل أثم، إن لم يكن عليها لهو. وقيل: وليمة العرس فرض كفاية، إذا أظهرها الواحد في عشيرته ظهوراً منتشراً سقط فرضها عمن سواه، وإلا جرحوا بتركها أجمعين.
وقال شيخنا المحيوي النعيمي الشافعي: وأما سائر الولائم غير وليمة العرس، فالمذهب الذي قطع به الجمهور أنها مستحبة ولا يتأكد تأكد وليمة العرس، وطرد المتولي فيها الوجوب. وقال أحمد بن حمبل: لا، تستحب ودليلنا قوله صلى الله عليه وسلم: " لو دعيت إلى كراع لأجبت، ولو أهدى إليّ ذراع لقبلت " ولأن فيه إظهار نعم الله تعالى والشكر عليها، واكتساب الأجر والمحبة، فكان مستحباً. واحتج بما روي أن عثمان بن أبي العاص دعي إلى ختان فلم يجب إليه، فقيل له في ذلك، فقال: إنا كنا في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم لا ندعى إلى ختان، ولا نجيب إليه، قلنا: هذا لا حجة فيه، حتى ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم قولاً. والله أعلم. ولا يجب ذلك، لأن الإيجاب بالشرع، ولم يرد الشرع بإيجابه، لأنه لم ينقل أنه أولم على غير عرس، ولا أنه أمر به. قاله أبن درباس في الاستقصاء. انتهى.
● أقلها شاة واحدة
ثم اقل المستحب في الوليمة للقادر شاة، لأنه عليه الصلاة والسلام أولم على زينب بنت جحش رضي الله عنها بشاة. كما في البخاري وفي شرح مسلم للنووي في قوله صلى الله عليه وسلم: " أولم ولو بشاة " دليل عليه أنه يستحب، إذ لا ينقص عن الشاة. انتهى. وقال في الاستقصاء: وكل من أولم فالمستحب له أن لا ينقص عن شاة، لقوله عليه الصلاة والسلام لعبد الرحمن بن عوف: " أولم ولو بشاة " . فأن أقصر على أقل منها جاز، لما روي عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم أولم على صفية بسويق وتمر. وقال أبن الصباغ والمتولي: أقل الوليمة للمتمكن شاة لقوله صلى الله عليه وسلم لعبد الرحمن بن عوف: " أولم ولو بشاة " . فإن لم يتمكن من ذلك، أقتصر على ما يقدر عليه، لفعل النبي صلى الله عليه وسلم الذي فعله على صفية، لأنه فعله وكان على سفر في حرب حنين. والأول أظهر. انتهى. وقال البلقيني: وأقلها للمتمكن شاة، ولغيره الاقتصار على ما يقدر عليه. انتهى.
فروع :
● وليمة التسري
الأول - قال الأذرعي قد يخرج بالعرس التسري، ولم يتعد منواله، والظاهر استحبابه. ففي الصحيح: " أولم على صفية، وتردد الصحابة مع ذلك في إنها زوجته أم لا، حيث قالوا لما اصطفاها واختلى بها وهم يأكلون: هل هي من أمهات المؤمنين، وإن لم يحجبها فهي منهن " . قدر على الوليمة كانت لكل منهما. لكن لم ينقل أنه أولم على مارية القبطية أم إبراهيم رضي الله عنها.
● وقت الوليمة
الثاني - لم يتعرضوا لوقت الوليمة، هل هو قبل الدخول أو بعده؟ قال النووي في شرح مسلم: وأختلف العلماء في وقت فعلها. فحكى القاضي. يعني عياضاً: أن الأصح عند مالك وغيره أنه يستحب فعلها بعد الدخول. وعن جماعة من المالكية استحبابها عند العقد. وعن أبن حبيب المالكي استجابها عند العقد، وعند الدخول. هكذا قال في الكلام على الوليمة. ثم قال بعد ذلك في قضية صفية: وأنها أهديت له بالليل، فأصبح عروساً وأنه قال: " من كان عنده شيء فليجئ به " . وفيه دليل لوليمة العرس على أنها بعد الدخول وقد سبق أنها تجوز قبله، وبعده. انتهى.
وقال السراج في الملقن: وفي سنن ما تقضي أن وقتها بعد الإملاك، وهو ما روي من طريق إسماعيل بن عمرو، أن النجاشي لما زوج أم حبيبة رسول الله صلى الله عليه وسلم: ثم أرادوا أن يقوموا قال: " فإن من سُنة الأنبياء إذا تزوجوا أن يؤكل طعام على التزويج " فدعا بطعام فأكلوا ثم تفرقوا. انتهى. وقال السبكي: لم يتعرضوا لوقتها، والمنقول عن فعل النبي صلى الله عليه وسلم أنها بعد الدخول، يعني ما في صحيح البخاري والترمذي والنسائي قال أنس: بنى النبي صلى الله عليه وسلم بامرأة فأرسلني فدعوت رجالاً إلى الطعام ".
وفي هذا الزمان يفعلها الناس قبله. وأخذت أنا مما نقلته عن البغوي في الدُّف، حيث قال: إنه يجوز الضرب به في العقد قبل، وللزفاف بعد، أنها تجوز قبله وبعده، ويكون وقتها موسعاً من حين العقد. وفي الإقناع للماوردي أن وليمة العرس عند الدخول. وقال الأذرعي: ويتجه أن يقال لا تؤخر عن ثلاث للثيب، وعن مدة الزفاف للبكر، والأقرب الرجوع إلى العرف. وما رواه البيهقي في سُننه ظاهرة أنها تكون بعد الدخول، حيث قال: باب وقت الوليمة، ثم أسند عن أنس أنه قال: " بني النبي صلى الله عليه وسلم بامرأة، فأرسلني، فدعوت ناساً إلى الطعام " لأن البناء عبارة عنه، وعليه يحمل كلام الإقناع. وقال الزركشي: والصواب أنها بعد الدخول، كما دل عليه الحديث؛ ففي الصحيحين: " أصبح النبي صلى الله عليه وسلم عروساً فدعا الناس للطعام بعد ارتفاع النهار " . وفي ثلاثيات مسند أحمد عن أنس قال: " لما دخل النبي صلى الله عليه وسلم بزينب أولم فأطعمنا خبزاً ولحماً " . وفي قصة عبد الرحمن بن عوف لما رأى عليه بشاشة العرس قال له: " أولم ولو بشاة " . وفي بعض طرق البخاري: " أقام بنا النبي صلى الله عليه وسلم ثلاثاً يبني على صفية وأن أنسا دعا الناس إلى وليمته صلى الله عليه وسلم " .
● فائدة : معنى البناء
إنما سمي الدخول على المرأة بناء، لأن العرب كان عادتهم أنهم إذا أرادوا الدخول على المرأة بنوا لها بيتاً جديداً يدخلون عليها فيه. فقولهم بني بها، أي بسببها. قاله بعض الحفاظ. وقال الجوهري في البناء المذكور هنا: وكان الأصل فيه أن الداخل بأهله، كان يضرب عليها قبة ليلة دخوله بها، فقيل لكل داخل بأهله بان، انتهى. وقال الصلاح الصفدي في كتابه " تصحيح التصحيف " عن أبن الجوزي والحريري: ويقولون بني بأهله، ووجه الكلام أن يقول: بني على أهله، والأصل فيه أن الرجل إذا أراد أن يدخل على عرسه بني عليه قبة، فقيل لكل من أعرس بان. وعليه فسر أكثرهم قول الشاعر:
ألا يا مَنْ يَرى البَرقَ اليَماني ● يَلوحُ كأنهُ مِصباحَ بانِ
انتهى.
● عروس وليس عروسة
ثم قال عن أبن الجوزي: والعامة تقول: أهديت العروس إلى زوجها، والصواب هديت، انتهى.
ثم قال عن الجواليقي والزبيدي وأبن الجوزي والصقلي: ويقولون عروسة، والصواب عروس وكذلك يقال للرجل أيضاً قال الشاعر:
أترضى بأنهُ لم تَجِفَ دِماؤنا ● وهذا عَروساً باليَمامةِ خالدُ
انتهى.
● ما يصنع في الوليمة
الثالث - لم يتعرضوا لما يصنع فيها، وسبق أنه لا تتعين الشاة. وفي البحر للجرجاني: أن شاة وليمة كشاة العقيقة في الأوصاف حين ينزع لحمها من العظم ولا يكسر، وتغدق على الفقراء، ويطبخ منه، ويطعم. وهو غريب. وقال البلقيني: ولم يعتبروا هنا اعتبار صفة الأضحية في المذبوح، وأعتبر في العقيقة على الأشهر، واعتباره هنا على الوجوب أولى. انتهى.
ولا يتعين في الضيافة وغيرها من الولائم طعام، بل الخيرة إلى المضيف أو المولم، وينبغي أن يعمل ما يليق بمضيفه وحاله.
● لو نكح أربعاً معاً
الرابع - لو نكح أربعاً في عقد أو عقود، فهل يجب أو يستحب على رأي أن يعمل لكل واحدة وليمة، أو يكفيه وليمة واحدة للكل؟ وقع فيه بحث، ويفترق الحال بين العقود المتحدة، أو العقد الواحد، أنه إن قصد بما أتخذه من الطعام الوليمة عن الكل كفى، وإن كان ما صنع لو قسم لحل به الوليمة عن واحدة. وكذا إن كان لا يكفي لو قسم، فالأشبه أنه يكفي أيضاً نظراً إلى أنها وليمة واحدة. وعلى ما أشرنا إليه ينبني فيما لو أفرد واحد بالوليمة من وجوب الإجابة ثانياً وثالثاً، قاله الأذرعي. وقال البلقيني: فيما لو أعرس على أربع نسوة، وكفى لهن وليمة واحدة. هذا هو الظاهر تفريعاً على الوجوب. انتهى.
● الوليمة ليلاً أم نهاراً
الخامس - قول أبن الصلاح عن فقيه الحرم النداوي: أن وليمة العرس ليلاً أصوب؛ لأنها مقابلة نعمة ليلية قال الله تعالى: (فَإذا طَعِمْتُمْ فأنْتَشِرُوْا) وكان ذلك ليلاً. قاله الزركشي وغيره. ولكن قال بعض الحفاظ المعتبرين: إن الآية إنما نزلت نهاراً، وأحتج بما في الصحيحين وغيرهما انتهى. أما البخاري فقال كتاب النكاح: باب البناء بالنهار، ثم ساق بسنده عن عائشة قالت: " تزوجني رسول الله صلى الله عليه وسلم ضحى " الحديث. وقال في كتاب الأطعمة: باب قول الله عز وجل: (فإذا طَعِمْتُم فاِنَتشِروْا) ثم ساق بسنده عن أنس قال: " أنا أعلم الناس بالحجاب، أصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم عروساً بزينب بنة جحش، وكان تزوجها بالمدينة، فدعا الناس للطعام بعد ارتفاع النهار " الحديث. ولم يذكر في تفسير سورة الأعراف أنه كان نهاراً، وقال النووي في شرح مسلم، عقب قول عائشة: فلم يرعني إلى آخره: جواز الدخول والزفاف للعروس نهاراً وهو جائز ليلاً ونهاراً، وأحتج به البخاري في الدخول نهاراً، وترجم عليه باباً. انتهى. وقيل: كانوا يختارون النكاح آخر النهار، قال أبن الشريشي: قال بعض العلماء: ذهبوا في ذلك إلى أتباع السُنة في الفأل، فآثر الناس استقبال الليل بعقد النكاح تيمناً، لما فيه من الهدوء والاجتماع، على صدر النهار لما فيه من التفرق والانتشار،و ذهبوا إلى تأويل القرآن، لأن الله تعالى سمى الليل في كتابه سكناً، وجعل النهار نشوراً. كما كانوا يستحبون النكاح يوم الجمعة للاجتماع. قال الشاعر:
و يوم الجُمْعة التنعيم فيه ... و تزويج الرجال من النساء
انتهى.
ولهذا نقل عن أبن رشد المالكي أنه قال: واستحب جماعة النكاح في يوم الجمعة، وفيه حديث من رواية أبي سعيد مرفوعاً: " يوم الجمعة خطبة ونكاح " لكنه ضعيف.
● فائدة : النقوط المعتاد من الناس في الأفراح هل يجب رده أم لا؟
أجاب النجم البالسي: أنه كالدين، لدافعه أن يطالب به القابض، ولا أثر للعرف في ذلك لأنه مضطرب فكم من امرئ يدفع النقوط ثم يستحي أن يطالب به انتهى. وعابه إيجاب وقبول، كان أولى، وقوله العرف مضطرب: لم أعرف معناه، فإن عرف بلادنا متفق على القابض لا يطالب، بل صاحب الوليمة إذا وقع لمن نقط عنده لهم كافأه، وهو إلى الهدية أقرب من كل شيء انتهى. وقال الزركشي: وقياس ما قاله الرافعي في اختلافهما في أداء المهر، أن القول قول الدافع بيمينه أنه نوى الرجوع وقيل بلا يمين، ومثله ما لو خطب امرأة وأهدى إليها شيئاً، ثم بدا له فلم يتزوجها أنه يرجع، وعجب من حكايته ذلك عن فتاوى أبن زريق مع أن الرافعي قد صرح به فقال: وسواء كان المدفوع من جنس الصداق أم من غيره، طعام أم غيره انتهى. وفي فتاوي البغوي: رجل أراد أن يتزوج أبنه امرأة فخطبها لأبنه، وتوافقا على العقد، فقبل أن يعقد، أهدى لها أبو الزوج شيئاً، ثم مات المهدي قبل العقد، ثم نكحها أبنه، ثم طلقها قبل الزفاف وأسترجع الهدايا. قال: يكون ميراثاً بين الجميع: لأن الأب إنما أهدى لأجل العقد ولم يعقد في حياته،فيكون ميراثاً لورثة الأب. وفي استرجاع الهدايا نظر كما قاله الدميري. وفي فتاوى أهل سمرقند الحنفية: رجل تزوج امرأة وبعث إليها بهدايا، وعوضته المرأة عن ذلك عوضاً، ثم زفت إليه، ثم فارقها وقال: إنما بعثت إليك عارية، وأراد أن يسترد ذلك، وأرادت المرأة أن تسترد العوض، فالقول له لأنه أنكر القليل، فإذا أسترد ذلك منها كان لها أن تسترد ما عوضته انتهى. وقال العيني: ومن بعث إلى امرأته شيئاً فقالت: هو هدية، وقال: هو من المهر، فالقول له في غير المهيأ للأكل، وأما نحو الشواء فالقول قولها فيه استحسان انتهى ملخصاً.
● [ الولائم أثنتا عشرة ] ●
الثانية : وليمة الخُرس
الثانية : وليمة الخُرس
بضم الخاء المعجمة والسين المهملة ويقال أيضاً بالصاد المهملة ويقال الخرسة: وهي الطعام الذي يصنع لسلامة المرأة من الطلق في النفاس، وهو الولادة.
يقال: نفست المرأة بضم النون إذا ولدت، وفي الحيض بفتحها. وقال الهروي: يقال في الولادة بضم النون، وفي الحيض بالفتح لا غير. والفاء مكسورة فيهما ذكره النووي في شرح مسلم. وقال الصفدي في تثقيف اللسان: يقولون امرأة نافسة، والصواب نُفَساء بضم النون وفتح الفاء وبعد السين الممدودة المهملة ألف ممدودة انتهى.
● فائدة : كيف يهنأ بالمولود
وقال في الاستقصاء ويستحب أن يُهَنَّأ الوالد بولده؛ روي أن رجلاً جاء إلى الحسن وعنده رجل قد رزق مولوداً فقال: يُهْنِك الفارس. فقال له الحسن: وما يدريك أفارس هو أم حمار فقال:كيف نقول؟ فقال: قل بورك لك في الموهوب، وشكرت الواهب، وبلغ أشده ورزقت بعده انتهى.
● [ الولائم أثنتا عشرة ] ●
الثالثة : العَقِيْقَة
الثالثة : العَقِيْقَة
والعقيقة في اللغة قال الأصمعي أصلها الشعر الذي يكون على رأس الصبي حين يولد، قال: وإنما سميت الشاة التي تذبح عنه عقيقة، لأنه يحلق عنه ذلك الشعر عند الذبح، وأنكر الإمام أحمد ذلك وقال: إنما العقيقة الذبح نفسه. وجعلها الجوهري للأمرين. وفي الاصطلاح: أسم للشاة المذبوحة عن المولود يوم السابع من ولادته.
● حكم العقيقة
وأنكرها أبو حنيفة وأصحابه وقالوا ليست بسُنة، لما روى عمر بن شعيب عن أبيه عن جده " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن العقيقة فقال: لا أحب العقوق " قالوا: ولأنها فعل أهل الكتاب، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم " إن اليهود تعق عن الغلام ولا تعق عن الجارية " ذكره البيهقي، فأبطلها الإسلام كالعتيرة. وذهبت طائفة إلى وجوبها، منهم دادو الظاهري وقالوا: لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بها، وأمره الفرض. وذهب مالك إلى أنها سُنة واجب يجب العمل بها، وهو قول الشافعي وأحمد. والسنة الواجبة هي ما تأكد استحبابه، وكره تركه، فيسمونه واجباً وجوب السنن. واحتجوا بما رأوه أصحاب السنن، عن سمرة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " كل غلام رهينة بعقيقه، يذبح عنه يوم سابعه ويحلق رأسه " ، قال الترمذي: حديث حسين صحيح، وبقول عائشة: " عق رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الحسن والحسين يوم السابع، وسماهما، وأمر أن يماط عن رؤوسهما الأذى " رواه الحاكم وأبن حبان في صحيحهما. وأستنبط الإمام أحمد من هذين الحديثين أنها إن لم تذبح يوم السابع ففي رابع عشرة وواحد وعشرين، وذهب جمهور العلماء إلى أنها سنّة عن الجارية، كما هي سنة عن الغلام. وحكى أبن المنذر عن الحسن وقتادة أنهما كانا يريان عن الجارية عقيقة، ولعلهما تمسكا بقوله صلى الله عليه وسلم " كل غلام رهينة بعقيقته " ، وهذا الحديث من روايتهما من حديث سمرة، والغلام أسم للذكر دون الأنثى، ويرده الحديث أم كُرْز أنها سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن العقيقة، فقال: " عن الغلام شاتان، وعن الجارية شاة، لا يضركم أذكراناً كن أم إناثاً " ، صححه الترمذي وغيره.
● كيفية أكلها وتوزيعها
وكره الإمام أحمد كسر عظامها، ولكن يقطع كل عضو من مفصله، لما روى أبو داود في كتاب المراسيل عن جعفر بن محمد عن أبيه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في العقيقة التي عقتها فاطمة عن الحسن والحسين " أن يبعثوا إلى القابلة منها برجل، ويأكلوا ويطعموا، ولا يكسروا منها عظماً " . وقال أبو عمرو: قول مالك مثل قول الشافعي، إلا أنه قال تكسر عظامها ولا يدعى الرجال كما يفعل بالوليمة، لأنه لم يصلح في المنع ولا في كراهته سنة، وقال مالك: الضأن في العقيقة أحب إلي من البقر والماعز. وقال الرافعي في مجموع الصيدلاني: أنه إذا طبخ فلا يتخذ له دعوة، يل الأفضل أن يبعث به مطبوخاً إلى القراء، نص عليه الشافعي، فلو دعاهم إليه فلا بأس.
وإذا بلغ سقطت عن غيره، وهو مخير في العق عن نفسه في الكبر؛ لأنه عليه الصلاة والسلام عقّ عن نفسه بعد النبوة انتهى. وهذا رواه جماعة بسند منكر منهم عبد الرزاق في مسنده قال: أخبرنا عبد الله بن محرز، عن قتادة، عن أنس " أن النبي صلى الله عليه وسلم عق عن نفسه بعد النبوة " قال عبد الرزاق إنما تركوا أبن محرز لهذا الحديث.
● هل يجوز بيعها
وقال أبن حمدان في الرعاية: ويجوز بيع جلودها وسواقطها ورأسها، والصدقة بثمن ذلك، نص عليه أحمد. وقيل: يحرم البيع ولا يصح، وقيل ينقل حكم الأضحية إلى العقيقة وعكسه،فيكون فيهما روايتان بالنقل والتخريج، والتفرقة أظهر انتهى.
● اذبحوها على أسمه
وروى بن المنذر من حديث عائشة قالت: " قال النبي صلى الله عليه وسلم: اذبحوا على أسمه، فقولوا بسم الله اللهم لك وإليك، هذه عقيقة فلان " قال أبن المنذر: وهذا حسن. وإن نوى العقيقة ولم يتكلم به أجزأه انتهى.
● [ الولائم أثنتا عشرة ] ●
الرابعة : وليمة الوَكِيرة
الرابعة : وليمة الوَكِيرة
بفتح الواو وكسر الكاف وبعدها ياء مثناة من تحت، وهي لإحداث بناء السكن، مأخوذة من الوكر وهو المأوى والمستقر.
● [ الولائم أثنتا عشرة ] ●
الخامسة : وليمة الوَضِيمة
الخامسة : وليمة الوَضِيمة
بفتح الواو وكسر الضاد المعجمة، وهي لحدوث مصيبة.
● من يصنعها
قال النووي: ولجيران أهله وأقاربهم الذين لم يشتغلوا بالمصيبة، سواء كان الميت بذلك البلد أو بغيره، تهيئة كعام يشبعهم يومهم وليلتهم، لقوله صلى الله عليه وسلم لما جاء قتل جعفر: " اصنعوا لآل جعفر طعاماً فقد جاءهم ما يشغلهم " حسنة الترمذي وصححه الحاكم.
ويلح عليهم في الأكل إن احتيج إليه، فربما يكرهونه استحياء، أو لفرط الجزع، ولا بأس بالقَسَمِ إذا علم الحالف أنهم يبرون قسمه.
● النياح على الميت
ويحرم تهيئة النائحات، لأنه إعانة على معصية. وقال الكمال الدميري في باب التعزية من شرحه: ويكره الأكل من طعام المآتم انتهى. وقال في حياة الحيوان في باب الطاووس، في كلامه على ترجمة الإمام طاوس بن كيسان فقيه اليمن ما صورته: وروى أحمد عنه في كتاب الزهد أنه قال: إن الموتى يفتنون في قبورهم سبعة أيام، وكانوا يستحبون أن يطعم عنهم تلك الأيام انتهى. وأما إصلاح أهل البيت طعاماً وجمع الناس عليه، فلم ينقل فيه شيء، بل هو بدعة مستقبحة، وغيره مستحب قاله أبن الصباغ، وقد روى الإمام أحمد وأبن ماجه بإسناد صحيح عن جرير بن عبد الله رضي الله عنه قال: كنا نعد الاجتماع إلى أهل الميت وصنعهم الطعام بعد دفنه من النياحة. قال الأذرعي: ولا خفاء في تحريم ذلك إذا كان على الميت دين أو في الورثة محجوز أو غائب وصنع ذلك من التركة انتهى.
● مدعو التصوف
وهذه القضية يقع فيها كثير من فقراء الزوايا، ومجاوري الترب والمدارس ونحوهم، فإن كثيراً من الناس يأتي إليهم فيتبرك بهم ويدعوهم إلى منزله ليقرأوا للميت ختماً، ويكون الميت قد ترك في الورثة محجوزاً كطفل ومجنون، أو غائباً كما تقدم. وفي البيت آلة الأكل كطحين ودبس وأرز ونحو ذلك، فيصنعون لهم من ذلك ما يأكلون، فيأتون يسعون أفواجاً، ويجلسون على أشياء محرمة كجلود النمور عند الشافعية وغيرها، فيبتدئ بهم المشار إليه معهم، فيزعمون أنهم يقرأون ختماً ويهدونه وما يكونون قرأوا نحو ثُمُن. وبلغني أن بعضهم يقرأ سورة الإخلاص ثلاث مرات ويقول أو يحلف أنه قرأ للميت فلان ختماً تاماً، ثم يدعوا، فمنهم من يذكر في دعائه ما يهيج أهل الميت على البكاء، ومنهم من يحسن صوته ويرفعه بلا خشوع ولا خضوع، ومنهم من يظهر الصلاح في هيئته ونطقه، ثم يقول في دعائه وإهدائه: وأجعل اللهم ثواب هذه الختمة المعظمة المبجلة المشرفة الميمونة إلى صحائف سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ،و إلى أو زيادة في شرفه. فيتجرأ على الجناب الرفيع، وذلك أدبه معه، وقد أفتى بترك ذلك على سبيل الأحترام غير واحد من العلماء المتأخرين، فإنه لم يأذن في ذلك ولم يشرعه وجميع المشروعات الصادرة منه أجرها وأجر من عمل بها إلى الأبد. ثم بعد فراغهم من دعائهم يؤتى بالسماط، فينظرون إلى مكان يخرج منه ذلك الطعام السُّحت، وإلى النوع الفاخر منه، ثم يأكلون كأكل الأطفال الجائعين، وبعضهم يحمل معه في وعاء إن قدر، وإلا في كمه بعد أكله وشبعه. حتى إن بعضهم يكون صائماً فيفطر على ذلك عند إفطاره.
وقد قال حجة الإسلام الغزالي: زلة الصوفي حرام. هذا مع اتصافه بذلك، فإن كان ذلك، ليس بصوفي، ولا يشتغل في المدرسة. كما شرط الواقف، فهو أبلغ ولهذا قال العالم الرباني تقي الدين الحسني: وكثيراً ما يسكن المدارس من لا يتأتى منه التحصيل، بل هو يعطل نفسه، فهذا لا يعطي بلا خلاف، ولو كان مقبلاً على العبادة، لأن نفعه قاصر على نفسه، بخلاف المشتغل بالعلم الشرعي، فإنه متعد إلى غيره، وكُلاًّ لا تحل له الزكاة، انتهى ملخصاً.
والحاصل أن الأكل من هذه الوضيمة والحالة ما ذكر حرام بلا خلاف . وفي مسند الفردوسي للديلمي من حديث أبن مسعود: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " من أكل لقمة من حرام - أي وهو عارف - لم تقبل له صلاة أربعين ليلة " . وفيه من حديث أبن عمر: " من لم يسأل من أين أكتسب المال، لم يسأل الله تعالى من أين أدخله النار " . وقال أبن عباس: لا يقبل الله صلاة امرئ في جوفه حرام. وقد أكل أبو بكر الصديق طعاماً، ثم ظهر فيه شبهة فقذفه وقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " لحم بنت من حرام النار أولى به " . وكذا ورد عن عمر. فما بالك بهذا الحرام المحقق قال تعالى: (الّذِيْنَ يَأْكُلُوْنَ أمْوَالَ اليَتَامى ظُلْما إنّما يَأْكُلُونَ في بُطُوْنِهِم نَاْراً وسَيَصْلوْنَ سَعِيْراً).
● [ الولائم أثنتا عشرة ] ●
السادسة : وليمة النقيعة
السادسة : وليمة النقيعة
بفتح النون، وهي الدعوة لقدوم المسافر.
مأخوذة من النَّقْع، وهو الغبار. قال الله تعالى: (فَأثَرْنَ بِهِ نَقْعَاً).
وفي الاستقصاء لأبن درباس:و يقال لكل جزور نحرت للضيافة: نقيعة. انتهى.
● من يصنعها
وقال النووي: وقول الأصحاب النقيعة لقدوم المسافر مستحبة، ليس فيه بيان من يتخذها، أهو القادم أو المقدوم عليه. وفيه خلاف لأهل اللغة؛ فنقل الأزهري عن الفراء أنه القادم، وقال صاحب المحكم: هو طعام يصنع للقادم. وهو الأظهر، انتهى.
● هدية المسافر
وأما ما رواه البيهقي من حديث عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إذا قدم أحدكم على أهله من سفر، فليهد لهم، وليطرفهم، ولو كان حجارة " ؛ فهو حديث ضعيف، لكنه أصل لما يفعله بعض الحجاج، أن يستصحب معه من مكان يعرف بفرش الرز حجارة بيضاً. وأما ما يفعله بعضهم من استصحاب أكف من تراب الحرم أو أحجاره ونحو ذلك فهو حرام، وكما يحرم أخذ شيء من طيب الكعبة لا للتبرك ولا لغيره والله أعلم. قال الأذرعي: والصواب الأول. قال الحليمي في منهاجه: ويستحب للمسافر إذا رجع وأستقر في منزله أن يطعمه الناس، وعليه الصالحون من سلف هذه الأمة. ثم ذكره عن أبن عمر وجماعة من التابعين، ويشهد له ما في البخاري عن جابر " أنه صلى الله عليه وسلم لما قدم المدينة نحر جزوراً أو بقرة " . ثم قال البخاري: وكان أبن عمر يذبح لمن يغشاه.
● [ الولائم أثنتا عشرة ] ●
السابعة : وليمة العَذِير
السابعة : وليمة العَذِير
بالعين المهملة والذال المعجمة. ويقال العذيرة كذا في الاستقصاء، والإعذار بكسرة الهمزة مصدر أعذره، وهي الدعوة للختان.
قال أبن الأثير: وفي الحديث: " الوليمة في الإعذار حق "
الإعذار الختان، يقال: عذرته وأعذرته فهو معذور، ثم قيل للطعام الذي يطعم في الختان إعذار. ففي حديث سعد: " كنا أعذار عام واحد " أي ختنا في عام واحد. وكانوا يختنون لِسِنّ معلومة، فيما بين عشر سنين وخمس عشرة سنة انتهى.
● حكمها
قال شيخنا المحيوي النعيمي الشافعي: وهي مستحبة لما روينا في جزء أخبار الصبيان، وما يستدل به على رشد الغلام عن أبن عمر أنه كا يطعم على ختان الصبيان، وعن أبي حَسين بفتح الحاء أن وصياً أنفق على ختان صبي مائة دينار، فلما كبر خاصمه إلى شريح قال: فقضى شريح فقال: جزور وما يصلحها ويضمن سائر المال. وعن بشر بن الحارث قال أتى سفيان فقيل له: يا أبا عبد الله غلام يتيم نريد نختنه قال: أنحر عنه جزوراً. وعن أشعث بن عبد الرحمن بن زبيد قال: شهدت جدي زبيداً في ختاني ضحى بنعاج كثيرة فأنتهبه الغلمان فقال: لا تنتهبوا. وأعطاهم هو بيده وقال هذا خير. وعن هشام بن عروة قال: ما صنعت أمي يوم ختنت إلا عصيدة.
● أهي للذكر فقط
وعن الحسن أن عفان بن أبي العاصي دعي إلى وليمة فأجاب، فلما أتي بالطعام قيل: هذا في ختان جارية فأخذ ثوبه ونهض وقال: هذا طعام ما أكلته على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم. وأخرجه أحمد في مسنده. وفعل ذلك لكونه صنع لختن جارية، ولهذا قال أبن الحاج المالكي في المدخل: إن السُنة في الختان للذكور إظهاره، وفي ختان النساء إخفاؤه.
● وجوب الختان
وقال بعضهم: وأحسن ما يستدل به على وجوبه قوله تعالى: (ثُمَ أوْحَيْنَا إلَيْكَ ظان أتّبِعْ مِلّةَ إبْرَاهيْمَ حَنيْفاً) وكان من ملته الختان، لأنه أختتن وهو أبن ثمانين سَنة، كما رواه البخاري ومسلم، أو مائة وعشرين كما رواه أبن حبان، أو سبعين كما قاله الماوردي. وفي رواية لأبي داود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لرجل أسلم: " ألق عنك شعر الكفر واختتن " . ولأنه قطع عضو عَذِيْر والعورة تكشف له فدل ذلك على وجوبه. قال أبن شريح وغيره وقيل هو سُنة في حق الرجل والمرأة: لقول الحسن: قد اسلم الناس ولم يختتنوا. وروى أحمد والبيهقي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " الختان سنة للرجال، مكرمة للنساء " . ولكنه ضعيف. وقيل: واجب للذكور، سُنة للإناث. قال المحب الطبري: وهو قول أكثر أهل العلم. وإلى قول الحسن أنه سنةٌ ذهب أبو حنيفة.
● وقت الختان
أما قبل البلوغ فلا خلاف في عدم وجوبه. وللوجوب بعد البلوغ شرطان أحدهما: عدم الخوف عليه؛ فإن خيف من اختتانه امتنع الثاني: العقل فلو بلغ مجنوناً لم يجب ختانه، وقيل يلزم الولي ختانه في الصغر، ويعفى الأب بتركه حين يبلغ، ويندب تعجله في سابعه لما في الحاكم عن عائشة " أن النبي صلى الله عليه وسلم ختن الحسن والحسين يوم السابع من ولادتهما " وروى الدوري عن علي بن يوسف قال: سمعت مكحولاً يقول: ختن إبراهيم إسحاق صلى الله عليهما وسلم لسبعة أيام. وعن وهب بن منبه قال: إذا ولد المولود كان جسده خدراً سبعة أيام فلو قطع منه بضعه لم يجد له ألماً. وفي شرح التلخيص عن الشيخ أبي علي، أنه يجوز في السابع لأن الصبي لا يطيقه، ولأن اليهود يفعلونه، والأولى مخالفتهم. وتبعه الغزالي في الأحياء. وجزم النووي في التحقيق وغيره فقال: فإذا أخره عن السابع أستحب في الأربعين، فإن أخره استحب في السنة الثالثة عشرة، لما روى الدوري عن مكحول قال: ختن إبراهيم إسماعيل صلوات الله وسلامه عليهما لثلاث عشرة سَنة. والمشهور أنه على الفور، ولا يؤخر إلا لعذر أو حر أو برد. وقد روى الدوري أيضاً عن شرحبيل قال: لما ختنت دخل علي خالد بن عبد الله، قال: أبشر يا أبن أخي فقد طهرك الله عز وجل، فقد بلغني أن الحجر ينجسه بول الأقلف إذا أصابه، أربعين صباحاً.
● الضرب بالدف في الختان
وقال البلقيني: ويجوز ضرب الدف في الختان بل يستحب قياساً على العرس لأن عمر رضي الله عنه كان إذا سمع صوتاً أو دفاً أنكره، فإن كان عرساً أو ختاناً أقره، انتهى.
● [ الولائم أثنتا عشرة ] ●
الثامنة : وليمة المأدُبَة
الثامنة : وليمة المأدُبَة