بّسم الله الرّحمن الرّحيم
مكتبة الأسرة
الحكمة المأثورة والأمثال المضروبة
● [ الباب السادس ] ●
فيما جاء من الأمثال في أوله الحاء
المثل المضروب
حسبك من شر سماعه
تفسير هذا المثل
معناه كفاك يالقول عارا وان كان باطلا
والمثل لفاطمة بنت الخرشب الأنماريه
ومن حديثه ان الربيع بن زياد ساوم قيس بن زهير بدرع فأخذها منه ووضعها بين يديه وهو راكب ثم ركض بها ولم يردها على قيس فعرض قيس لفاطمة بنت الخرشب الأنمارية ام الربيع وهي تسير في ظعائن من بني عبس فاقتاد جملها ليرتهنها بالدرع فقالت له ما رأيت كاليوم قط فعل رجل اين ضل حلمك أترجو ان تصطلح انت وبنو زياد وقد أخذت امهم فذهبت بها يمينا وشمالا فقال الناس ماشاءوا وإن حسبك من شر سماعه فأرسلتها مثلا فعرف قيس صواب قولها وخلى سبيلها وطرد إبلا لبني زياد فقدم بها مكة وباعها من عبد الله بن جدعان القرشي وقال قيس بن زهير
( ألم يأتيك والأنباء تنمى . بما لاقت لبون بني زياد )
( ومحبسها على القرشي تشرى . بأدراع وأسياف حداد )
( كما لا قيت من حمل بن بدر . وإخوته على ذات الإصاد )
( هم فخروا على بغير فخر . وردوا دون غايته جوادي )
( وكنت إذا منيت بخصم سوء . دلفت له بداهية نآد )
( بداهية تدق الصلب منه . وتقصم او تجوب عن الفؤاد )
( وكنت إذا أتاني الدهر يوما . بداهية شددت لها نجادى )
( أطوف ما اطوف ثم آوى . الى جار كجار أبى دواد )
وجار ابى دواد الحارث بن همام الشيباني وكان ابو دواد في جواره فخرج صبيان الحي يلعبون في غدير فغمسوا ابن ابى دواد فيه فقتلوه فخرج الحارث فقال لا يبقى في الحي صبي الا غرق في الغدير فأخذ أبو داود ديات كثيرة
المثل المضروب
الحديد بالحديد يفلح
تفسير هذا المثل
يقول إن الصعب لا يلينه الا الصعب والفلح الشق فلحت الشيء شققته
ويقال لزارع الفلاح لأنه يشق الأرض والأفلح المشقوق الشفة العليا وكان عنترة يسمى الفلحاء لشق كان في شفته والاسم الفلح والفلح ايضا الفلاح وهو البقاء والفوز بالخير أفلح الرجل فهو مفلح
وفي القرآن ( قد أفلح المؤمنون )
ومثل هذا المثل قول زياد
( النبع يقرع بعضه بعضا )
قال الأصمعي ومثل هذا امثل قولهم ( إن على اختك تطردين )
قال الشاعر
( قوما بعضهم يقتل بعضا . لا يفل الحديد الا الحديد )
المثل المضروب
حلب الدهر أشطره
تفسير هذا المثل
يضرب مثلا للرجل العالم بالدهر والأشطر جمع شطر وأصله في حلب الناقة لأنك تحلب شطرا ثم تحلب الشطر الآخر
والمعنى انه جرب الدهر في جميع احواله
ومن قال حلب الدهر شطريه فإنه أراد الخير والشر والنفع والضر قال لقيط بن يعمر
( ما زال يحلب هذا الدهر أشطره . يكون متبعا طورا ومتبعا )
ومن هذا البيت أخذ زياد قوله إنا سسنا وساسنا السائسون وجربنا وجربنا المجربون وألنا إيل علينا فما وجدنا خيرا من لين في غير ضعف وشدة في غير عنف وفي ها المعنى قول الشاعر
( لن يدرك المجد اقوام وإن كرموا . حتى يذلوا وإن عزوا لأقوام )
( ويشتموا فترى الألوان سافرة . لاصفح ذل ولكن صفح أحلام )
المثل المضروب
حلبتها بالساعد الأشد
تفسير هذا المثل
يضرب مثلا للرجل يأخذ حقه بالغلبة
والساعد مذكر والذراع
مؤنث وهما شيء واحد
ومن الأمثال في التقوى والتشدد وركوب الهول قول الأول
( لم يبق من طلب العلا . الا التعرض للحتوف )
( فلأقذفن بمهجتي . بين الأسنة والسيوف )
( ولأطلبن ولو رأيت . الموت يلمع في الصفوف )
( ولربما نفع الفتى . نوش الاسنة والسيوف )
المثل المضروب
حور في محاره
تفسير هذا المثل
قال العلماء معناه محير في موضع يتحير فيه وقيل حور رجل في محاره أي هو كل يوم في نقصان يقال حار الشيء إذا نقص وإذا رجع وقال النبي ( نعوذ بالله من الحور بعد الكور ) قال أراد النقصان بعد الزبادة
وقيل الانتقاض بعد الاستواء ومن قولهم كار العمامة إذا سواها على رأسه فحارت أي انقضت وقيل ( حور في محارة ) هالك في موضع يهلك فيه والحور الهلاك قال العجاج
( في بئر لا حور سرى وما شعر ... )
ويقال رجل حور أي هالك كما يقال رجل بور والجمع والواحد فيه سواء وفي القرآن ( قوما بورا ) فجمع وقال ابن الزبعرى
( يا رسول الإله إن لساني . رانق ما فتقت إذا أنابور )
فوحد والحور أيضا جمع احور وحوراء وروى ( نعوذ بالله من الحور بعد الكون ) من قول العرب حار بعد ما كان أي كان على حاله جميلة فحار عنها معناه رجع ويقال للعود الذي تدور عليه البكرة محور لأنه يرجع الى حالته الأولى بعد الدوران
وقيل الكور الاجتماع ومعناه نعوذ بالله من الخروج عن الجماعة بعد الحصول فيها
المثل المضروب
حمار استأتن
تفسير هذا المثل
يضرب مثلا للرجل العزيز يصير ذليلا أي كان حمارا فصار اتانا ونحوه قول الشاعر
( ولقد اراني والأسيود تخافني . فأخافني من بعد ذاك الثعلب )
المثل المضروب
الحمى أضرعتني لك
تفسير هذا المثل
يضرب مثلا للأمر يضطر صاحبه الى الخضوع
والمثل لعمرو بن معد يكرب قاله لعمر بن الخطاب رضي الله عنه أخبرني أبو احمد عن ابن عرفة عن احمد بن يحيى عن ابن الأعرابي قال حدثني رجل من ولد سرحة الغفاري ان عمرو بن معد يكرب قدم على عمر بن الخطاب فسأله عن سعد
ابن أبي وقاص فقال أعرابي في نمرته عاتق في حجلته أسد في تامورته نبطي في جبايته قال كيف علمك بالسلاح قال بصير قال فاخبرني عن النبل قال منايا تخطىء وتصيب قال فأخبرني عن الرمح قال أخوك وربما خانك قال فأخبرني عن الترس قال هو المجن وعليه تدور الدوائر قال فأخبرني عن السيف قال عنده قارعت امك الثكل قال بل امك قال بل امي والحمى أضرعتني لك
قال ابو هلال رحمه الله أي الاسلام أذلني لك ولو كان في جاهلية لم تجسر ان ترد علي
والنمرة كساء اسود تلبسه الأعراب والعاتق الجارية الشابة وصفه بالحياء والتأمورة هاهنا الأجمة وقوله نبطي في جبايته وصفه بالاستقصاء في جباية الخراج
المثل المضروب
الحفائظ تحلل الأحقاد
تفسير هذا المثل
يضرب مثلا للرجل يغضب لحميمه وقريبه وإن كان مشاحنا له وقيل لبعضهم ما تقول في ابن العم قال عدوك وعدو عدوك
والحفيظة الغضب قال القطامي
( أخوك الذي لا تملك الحس نفسه . وترفض عند المحفظات الكتائف )
يقول العدوات تتفرق فتذهب عند الحفائظ والارفضاض التفرق
والكتائف العدوات الواحدة كتيفة والمحفظات الأمور التى تحفظ
الناس أي تغضبهم والحس الرقة يقال حسست له أحس حسا
وقال عويف القوافي
( تخلت له نفسي النصيحة إنه . عند الشدائد تذهب الأحقاد )
ومن ذلك قولهم ( آكل لحمي ولا ادعه لآكل ) وقد مره ذكره
المثل المضروب
حميم الرجل أصله
تفسير هذا المثل
يضرب مثلا للرجل يعجب بأهله وللقوم يمدحون اخاهم ويعجبون به ومثله قول العامة من يمدح العروس الا أهلها ومنه أيضا قولهم ( زين في عين والد ولده )
وقولهم ( كل فتاة بأبيها معجبة ) وقيل لعمر بن عبد العزيز لو بايعت لابنك عبد الملك وكان فاضلا فقال لولا اني اخاف ان يقال زين في عين والد ولده لفعلت وقال الشاعر
( زين في عين حاسديه كما . زين في عين والد ولده )
ومن هاهنا اخذ ابو تمام قوله
( ويسيء بالإحسان ظنا لا كمن . هو بابنه وبشعره مفتون )
والحميم القريب يقال فلان أحم الي من فلان أي أقرب ومجاز الكلام حميم الرجل من هو من أصله يعني أقاربه
المثل المضروب
الحليم مطية الجهول
تفسير هذا المثل
معناه ان الحليم يحتمل جهل الجهول ولا ينتصف منه ومما يجرى مع ذلك وإن لم يكن منه قول النابغة
( فإن مطية الجهل الشباب ... )
واخذه ابو نواس فقال
( كان الشباب مطية الجهل ... )
ونحو المثل قول الشاعر
( وإنما الحلم ذل أنت عارفه . والحلم عن قدرة ضرب من الكرم )
وقيل لبعضهم ما الحلم قال الذل تصبر عليه
المثل المضروب
الحمد مغنم
تفسير هذا المثل
يقولون الحمد مغنم والمذمة مغرم معناه انك إذا أفدت فحمدت فقد استفدت وغنمت وإذا نلت فذممت فقد غرمت وخسرت ولم يذهب من مالك ما كسبك حمدا وجنبك ذما وقال زهير في تعظيم شأن الحمد
( فلو ان حمد الناس يخلد لم تمت . ولكن حمد الناس ليس بمخلد )
( ولكن فيه باقيات وراثة . فزود بنيك بعضها وتزود )
وقال غيره
( لولا الثناء كأنه لم يولد ... )
وقال آخر
( وإن قليل الذم غير قليل ... )
وقال ابن دريد
( وإنما المرء حديث دهره . فكن حديثا حسنا لمن وعى )
وقيل ذكر الفتى عمره الثاني
وقال آخر
( فأثنوا علينا لا ابا لأبيكم . بأفعالنا إن الثناء هو الخلد )
وقال سعية اليهودي
( ارفع ضعيفك لا يحربك ضعفه . يوما فتدركه العواقب قد نمى )
( يجزيك او يثني عليك وإن من . أثنى عليك بما فعلت فقد جزى )
المثل المضروب
حيلة من لا حيلة له الصبر
تفسير هذا المثل
معناه ان من لم يقدر ان ينفع نفسه بدفع المكروه عنها قدر ان يصبر
فيكسبها المنفعة في ثواب الصبر وحسن الأحدوثة في ملك النفس
وقال بعض الحكماء المصيبة للصابر واحدة وللجازع اثنتان وإن شرا من المصيبة سوء الخلف عليها يعني الجزع وقال غيره
( وهل جزع يجدي علي فأجزع ... )
وقال آخر
( صبرنا لها حتى تبوخ وإنما . تفرج أيام الكريهة بالصبر )
قال الشيخ أبو هلال رحمه الله قال عم ابى الصبر شرية تثمر أرية والأرية العسل والشرية الحنظل
وقال آخر الصبر مطية لا تكبو وإن عنف عليه الزمان
وفي هذا المعنى قيل
( أرى الصبر محمودا عنه مذاهب . فكيف إذاما لم يكن عنه مذهب )
( هو المهرب المنجى لمن أحدقت به . نوائب دهر ليس عنهن مهرب )
وقيل
( فالوا صبرت وما صبرت جلادة . لكن لقلة حيلتي أتصبر )
( لا تنهني عنهم فتغريني بهم . فلربما ينهى العذول فيأمر )
المثل المضروب
الحزم حفظ ما وليت وترك ما كفيت
تفسير هذا المثل
المثل لأكم بن صيفي يحث به على ترك مالا يعني مع المحافظة على ما يعني
قال ابو هلال رحمه الله ولا اعرف شيئا أشد على الأحمق من تركه مالا يعنيه واشتغاله بما يعنيه على ان فيما يعنى شغلا عما لا يعنى
قال الشيخ أبو هلال رحمه الله اخبرنا ابو احمد قال حدثنا ابو بكر بن دريد قال حدثنا الرياشي قال حدثنا عمر بن بكير قال حدثنا الهيثم بن عدي عن ابن عباس عن الشعبي قال قدم علينا الأحنف بن قيس مع مصعب بن الزبير فما رأيت شيئا يستقبح الا وقد رأيت في وجه الأحنف منه شبها كان أصعل الرأس أحجن الأنف أغضف الأذن باخق العين ناتىء الوجنة مائل الشدق متراكب الأسنان خفيف العارضين احنف الرجل ولكنه اذا تكلم جلى عن نفسه
فأقبل يفاخرنا ذات يوم بالبصرة ونفاخره بالكوفة فقلنا الكوفة أعلى وأفسح فقال له رجل والله ما اشبه الكوفة الا بشابة صبيحة الوجه كريمة النسب لا مال لها فإذا ذكرت أذكر حاجتها كف عنها وما اشبه البصرة الا بعجوز ذات عوارض مؤشرة موسرة فإذا ذكرت فذكر يسارها رغب فيها فقال الأحنف اما البصرة فأسفلها قصب واوسطها خشب واعلاها رطب نحن أكثرعاجا وساجا وديباجا
وبرذونا هملاجا وجارية مغناجا والله ما اتى البصرة احد الا طائعا ولا خرج منها الا كارها يجر جرا
فقام شاب من بكر بن وائل فقال للأحنف يا ابا بحر بم بلغت في الناس ما بلغت فوالله ما انت بأجملهم ولا بأشرفهم ولا بأشجعهم قال يا بن أخي بخلاف ما انت فيه قال وما ( ما انا فيه ) قال بتركي ما لا يعنيني من امرك اذا شغلت بما لا يعنيك من امري
وقال الشاعر
( ولا نعترض للأمر تكفى شئونه . ولا تنصحن الا لمن هو قابله )
المثل المضروب
حلأت حالئة عن كوعها
تفسير هذا المثل
يضرب مثلا في حذر الإنسان على نفسه ومدافعته عنها اي اتقى متق على نفسه
وأصله في التي تحلا الأديم فتضعه على كوعها ثم تسحاه بالسكين فإن أخطأت قطعت كوعها
والكوع طرف الزند الذي يلي الابهام والكرسوع طرفه الذي يلي الخنصر والحل قلع اللحم عن الأديم
المثل المضروب
حرة تحت قرة
تفسير هذا المثل
يضرب مثلا للأمر يظهر وتحته امر خفي والحرة العطش والقرة البرد
ويقولون في الدعاء رماه الله بالحرة تحت القرة يعنون العطش مع البرد
ونحو المثل قول الشاعر
( أرى خلل الرماد وميض جمر . خليق ان يكون له ضرام )
المثل المضروب
حبك الشيء يعمي ويصم
تفسير هذا المثل
قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم
أخبرنا ابو احمد قال اخبرنا ابن أبى دواد قال حدثنا كثير بن عبيد قال حدثنا بقية وأبو حيوة ومحمد بن حرب عن ابي بكر بن ابي مريم عن خلف بن محمد بن محمد الثقفي عن بلال ابن أبي الدرداء عن ابيه قال قال رسول الله ( حبك الشيء يعمى ويصم ) أراد ان حبك للشيء يعميك عن مساويه ويصمك عن استماع العذل فيه فأخذه الشاعر فقال
( وعين الرضا عن كل عيب كليلة . ولكن عين السخط تبدي المساويا )
وقال آخر
( خرجت غداة النحر اعترض الدمى . فلم أر أحلى منك في العين والقلب )
( فوالله ما ادرى احسن رزقته . أم الحب يعمى مثلما قيل في الحب )
وقال عمر بن ابي ربيعة
( زعموها سألت جاراتها . وتعرت يوم حر تبترد )
( أكما ينعتني تبصرنني . عمركن الله ام لا يقتصد )
( فتضاحكن وقد قلن لها . حسن في كل عين من تود )
( حسد حملنه من حسنها . وقديما كان في الناس الحسد )
وقال غيره
( يا من يلوم عليه . انظر بعيني اليه )
( فلست تبرح حتى . تصير ملك يديه )
المثل المضروب
الحريص يصيدك لا الجواد
تفسير هذا المثل
يقول إن الذي له هوى وحرص في حاجتك هو الذي يقوم بها لك لا القوي عليها من غير ان يكون له حرص على قضائها وهوى لنجح السعي فيها وقريب منه قولهم لا يرحل رحلك من ليس معك أي ليس معك هواه ولا له بك عناية ونحوه قولهم ( أساء كاره ما عمل ) وقد مر في الباب الأول ونحو المثل
( ولا يبلغ الحاجات الا المثابر ... )
ويصيدك أي يصيد لك مثل كا ووزنه اي كال له ووزن له
المثل المضروب
الحرب غشوم
تفسير هذا المثل
وذلك انها تنال بالمكروه من لم يكن له فيها جناية ومثله قول الشاعر
( فإن الحرب يجنبها اناس . ويصلى حرها قوم براء )
وقريب من هذا المعنى قول النابغة الجعدي وهو اجود ما وصفت به الحرب
( ألم تعلموا ما ترزأ الحرب أهلها . وعند ذوي الأحلام منها التجارب )
( لها السادة الأشراف تأتى عليهم . فتهلكهم والسابحات النجائب )
( ونستلب المال الذي كان ربه . ضنينا به والحرب فيها الحرائب )
فأخذه ابو تمام فقال
( والحرب مشتقة المعنى من الحرب ... )
وقال معن بن اوس
( دعاني يشب الحرب بيني وبينه . فقلت له لا بل هلم الى السلم )
( وإباك والحرب التى لا اديمها . صحيح ولا تنفعك تاتي على وغم )
( فلما أبى خليت فضل عنانه . اليه فلم يرجع بحزم ولا عزم )
( فكان صريع الخيل اول وهلة . فبعدا له مختار جهل على علم )
المثل المضروب
الحر يعطي والعبد يألم قلبه
تفسير هذا المثل
ويروي ( والعبد بيجع استه ) ومعناه ان العبد لا يجود ويشق عليه جود الحر وهذا أبعد غايات البخل
المثل المضروب
حال الجريض دون القريض
تفسير هذا المثل
يضرب مثلا للمعضلة تعرض فتشغل عن غيرها
والمثل لعبيد بن الأبرص وكان المنذر بن ماء السماء جعل لنفسه يوم بؤس في كل سنة فكان يركب فيه فيقتل كل من لقيه فاستقبله عبيد بن الأبرص مرة فيه فقال له ما ترى يا عبيد فقال ( المنايا على الحوايا ) فذهبت مثلا فقال له أنشدنا من قريضك فقال ( حال الجريض دون القريض ) ثم قال
( أقفر من اهله عبيد . فاليوم لا يبدي ولا يعيد )
ثم قال
( فأبلغ بني وأعمامهم . بان المنايا هي الواردة )
( فأقسم ان مت ماضرني . وإن عشت ما كنت بي واجدة )
قال له المنذر ويلك أنشدنا فقال
( هي الخمر تكنى الطلا . كما الذئب يكنى أبا جعدة )
يقول ان الذئب وان كانت كنيته حسنة فإن فعله قبيح يضرب مثلا للرجل يظهر لك اكراما هو يريد غائلتك
ثم امر به فذبح
ويروى هذا الحديث له مع ابى كرب الغساني وكان له في كل سنة يوم بؤس فعرض له عبيد في يوم بؤسه فقال له ما تقول يا عبيد فقال ( أتتك بحائن رجلاه ) قال ثم ماذا قال ( من عز بز ) قال ثم ماذا قال ( لا يرحل رحلك من ليس معك ) قال ثم ماذا قال ( بلغ الحزام الطبيين ) فذهبت كلماته أمثلا
وامر به فذبح
المثل المضروب
حتى يجتمع معزى الفزر
تفسير هذا المثل
يضرب مثلا للشيء الذاهب الذي لا يقدر على تلافيه ورده
وأصله ان سعد بن زيد بن مناة بن تميم وهو الفزر قال لابنه هبيرة بن سعد سرح معزال وارعها قال ( والله لا ارعاها سن الحسل ) قال يا صعصعة اسرح فيها قال ( لا اسرح فيها الوة الفتى هبيرة ) فذهبت كلمتاهما مثلين فغضب سعد فلما اصبح غدا بالمعزى الى عكاظ وقال ان هذه معزاي لا يحل لرجل ان يدع أخذ واحدة منها ولا يحل له ان يجمع بين اثنتين فانتهبها الناس وذهبوا بها فقيل لما لا يرجى ارتجاعه ( حتى يجتمع معزي الفزر )
وقوله ( ألوة الفتى هبيرة ) أي على يمين هبيرة لا أسرح فيها
والألوة والألية اليمين وآلى الرجل يولى إذا حلف
وفي القرآن ( للذين يؤلون من نسائهم ) وسنذكر سن الحسل في الباب الثامن ان شاء الله تعالى وحده وقال شبيب بن البرصاء
( ومرة ليسوا نافعيك ولن ترى . لهم مجمعا حتى ترى غنم الفزر )
المثل المضروب
حتى يؤوب المنخل
تفسير هذا المثل
يتمثل به في اليأس عن الشيء
وقيل المنخل هو القارظ العنزي وقد مر ذكره
والمثل مأخوذ من قول النمر بن تولب
( وقولي إذا ما اطلقوه عن بعيرهم . تلاقونه حتى يؤوب المنخل )
يريد انه قد كبر وعجز عن طلب الأشياء فإذا غاب عن عينه شيء خشى عليه الفوت لما يرى من عجزه عن الطلب به
وكان اهل البصرة يقولون ( حتى يرجع نشيط من مرو ) ونشيط مولى لعبيد الله بن زياد بنى له دارا فلم يرضها وامر بهدمها فهرب نشيط الى مرو وامر عبيد الله ببناء دار اخرى فلما فرغ منها أمر فصور في دهليزه كلب وأسد وكبش وقال اسد كالح وكلب نابح وكبش ناطح
وصور على بابها رءوس أسد مقطعة فمر بها أعرابي فقال إن صاحبها لايتم له سكناها ليلة فأخذ وحمل الى عبيد الله
فقال احبسوه حتى ننزلها ونقلته فيها ونقل اليها متاعه
فهر كلب فضحك الأعرابي وقال والله لا يسكنها أبدا فما امسى الناس حتى قدم رسول ابن الزبير الى قيس بن السكن ووجوه أهل البصرة ودعاهم الى طاعته فأجابوه وهرب عبيد الله ثم دعا الأعرابي وقال له من اين قلت ما قلت قال رأيت رءوس أسد قد قطعت فقلت قوى ملك قد ذهبت وسلطان قد انقطع ورأيت الكلب يهر على من يدخلها فأطلقه
واهل الكوفة يقولون ( حتى يرجع مصقله من طبرستان ) وهو مصقلة بن هبيرة وكان سبب هربه من الكوفة انه كان اردشير خرة من قبل علي رضي الله عنه فجاء معقل بن قيس بسبى بني ناجية وكانوا قد ارتدوا عن الاسلام فصاحوا الى مصقلة يا ابا الفضل امنن علينا فاشتراهم بثلاثمائة ألف درهم وأعتقهم وخرج الى على رضي الله عنه فدفع إليه مائتي ألف درهم وهرب إلى معاوية رضي الله عنه فقال على رضي الله عنه قبح الله مصقلة فعل فعل السيد وفر فرار العبد ولو أقام ورأيناه قد عجز لم نأخذه بشيء
واجاز عتق من اعتق ففتش على دار مصقلة فوجد فيها سلاحا فقال
( أرى حربا مفرقة وسلما . وعهدا ليس بالعهد الوثيق )
ثم هدمها فقال يحيى بن منصور
( قضى وطرا منها على فأصبحت . إمارته فينا أحاديث كاذب )
فبناها له معاوية بعد
وقال مصقلة حين لحق بمعاوية
( تركت نساء الحي بكر بن وائل . وأعتقت سبيا من لؤي بن غالب )
( وفارقت خير الناس بعد محمد . لمال قليل لا محالة ذاهب )
ويقولون ( حتى يزول عوارض ) وهو جبل عليه قبر حاتم الطائي و ( حتى يشيب الغراب )
وفي القرآن ( حتى يلج الجمل في سم الخياط )
المثل المضروب
حبقة حبقة ترق عين بقه
تفسير هذا المثل
يقال ذلك للرجل إذا تكبر وأعجبته نفسه
والمثل لعلي رضي الله عنه قاله وهو يصعد المنبر يأمر نفسه بالتواضع
وترق تفعل من الرقي أي ترق يا عين بقه يعني نفسه يريد تصغيرها إليها
مُختصر كتاب جمهرة الأمثال
تأليف : أبو هلال العسكري
منتدى نافذة ثقافية . البوابة